أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء الصفار - هل نظام العلمانية أفضل من الدين الإسلامي وغيره















المزيد.....


هل نظام العلمانية أفضل من الدين الإسلامي وغيره


علاء الصفار

الحوار المتمدن-العدد: 4850 - 2015 / 6 / 27 - 14:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


و ما هو البديل و الخيار الحقيقي للعرب و المسلمين

بمقالي الأخير الذي جاء بعنوان "هل الإسلام محرك العنف أم أمريكا دولة إرهاب عالمي"!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=472953

استعرضت أمر الأديان في حياة البشر وشكل إرساء قانون السلطة الدينية التي رعت الطقوس و الحروب و التي هي في أعمق حذافيرها توكيد سلطة الرجل و أخيراً تدعيم سلطة الطبقة و فئة دينية مسيطرة تمثلت بالإقطاع و النبلاء, ثم انطلقت على أن الدين قام على أساس فكرة الحط من المرأة و هي حجر أساس في الامتهان للبشر, حيث المرأة مولدة الحياة على الأرض, ثم كيف تفرعت الفوارق الطبقية و أبيح استغلال الإنسان للإنسان.

أنا أقر أن النظام العلماني خطى خطوة ثورية للإطاحة بسلطة رجال الدين, فقامت عبر نضال الثوار و جر كل المهانين ضد سلطة النبلاء. فالتاريخ الغربي يحدثنا عن جرائم سلطة القياصرة بالحط الطبقي للبشر الذي أخذ شكله الشرعي في الحق المقدس من سلطة رجل الدين الممثلة لإرادة السماء, أي لتعكس أرادة الله في الحق فالقساوسة هم ممثلي الله في الأرض, فالبابا ( بطرس ) هو من يملك حتى مفاتيح الجنة. و بهذا تم تبرير و إبراز جلال سلطة الملك وعظمتها التي جاءت هي أيضا من مقدس و خرافة, أن الله من خلق الملوك من اجل سوق الرعية.

جميع الأحرار في العالم ينظر إلى الثورة الفرنسية كعلامة فارقة في تاريخ البشرية بتأثيراتها الحاسمة في هز أوربا واقتلاعها من قيم الإقطاع و قيم الخرافة الدينية للكنيسة البابوية لتمريغ أنف سلطة الإقطاع و رجل الدين في وحل نضال الشعوب و دمائها عبر تاريخ من الصراعات الطبقية تجلت في قهر الفقراء في أوربا و قتل البشر على أساس التمييز الديني و العرقي و الطبقي و الانحياز الفكري الثوري.

فتم أكبر الجرائم الخرافية تمثلت في قتل العلماء الذين جاءوا بآراء مناقضة لمعلومات الكنيسة الخرافية و الرجعية,من مثل حرق النساء ذوات الشعر الأحمر تحت ظن أنهن ساحرات إضافة إلى حرب الطائفتين الكاثوليكية و البروتستانية التي أخذت أبعاد السيطرة على المركز الديني ليكون البشر في أوربا في حرب لمدة قرون راح ضحيتها نصف سكان أوربا, فجرائم الكنيسة خلدها الأدب الغربي بكثير من الروايات و كان أعظمها, رواية أحدب نوتردام, وهي رواية رومانسية فرنسية من تأليف فيكتور هوغو.

بالدماء و الدموع تم اقتلاع سلطة النبلاء و رجال الكنيسة المتخلفين و الخرافيين, فهكذا أرسيت أسس نظام جديد على كل مساحة أوربا, وتم القيام بعزل الدين عن الكنيسة الذي صار حديث البشر لقرون و لتتم عملية بناء مؤسسات دولة عصرية حديثة.

من هنا نرى جرائم الكنيسة و الملكية كانت مدمرة للبشر في بلدان أوربا ثم لتكون جائرة بجرائم الغزو الصليبي ليتم ارتكاب أكبر الجرائم و أفظعها بدءً في أمريكا, بإبادة مدمرة للهنود الحمر وانتهاءً بغزو أفريقيا وجلب السود لأمريكا كعبيد و لتنتج أعظم الجرائم ضدهم في أمريكا التي دعيت بالتمييز العنصري, فخلدت جرائم أمريكا ضد السود بفلم كوخ العم توم, كتبتها الكاتبة الأمريكية هيريت ستو نشرت في عام 1852, ثم بالحرب و الغزو الصليبي للعراق و إيران و فلسطين حيث تم اكبر عمليات حربية بربرية مدمرة للبشر و الحضارة الإنسانية.

هذا التاريخ بكل صفحات الجرائم الدينية و الطبقية و بكل صفحات الثورة ضد الظلم و الحكم اللاهوتي و هو تاريخ البشرية و صراعها و طموحها بالمساواة و الإخاء بين البشر في نزعة جوهرية من اجل إزالة الفوارق الطبقية.

هل حقق نظام العلمانية طموح كل البشر و حقق لكل المعذبين الحرية و الكرامة الإنسانية؟

هذا هو ما أحاول طرحه للنقاش و لتحديد و كشف الانحراف و ما إلى ما آلت أليه الأمور, و لِمَ أخفقت حركة الحرية في أوربا و تحولت أوربا إلى بلدان غازية و مدمرة للبشر, تتوجت بحربين عالميتين و صراعات جرت الكثير من الأحيان إلى التهديد بالحرب الذرية. فهل تخلت أوربا العلمانية عن المقدس و الكنيسة.

أني أقر أن الدين أساسا في ماهيته هو سلطة طبقية, و أنتاج الدين من نصوص و آيات هو أنتاج بشري صيغ بشكل و لغة مقدسة ذات بعد تاريخي يغور في التاريخ الإنساني ليتشابك فيه بعد روحي مع بعد سلطوي, أي انطلاق فكر البشر في الثقافة و الاجتماع و الاقتصاد و الأدب و المعرفة العلمية و الإنسانية, فنرى في كل الأديان التوحيدية بموروث قصة الخلق و بداية تواجد الإنسان على الأرض, ثم نرى من خلال أفكار الطرد من الجنة أمر التمرد ليتم تصدير أمر العقاب و الثواب, وهو أول محاولة للبشر في بناء مفهوم القانون و الحق و الرضوخ لقيم المجتمع المنبعث من قفزة الإنسان بترك الغابة وبناء حياة الجماعة المفكرة لتتمايز عن قطيع الحيوانات. تميز مجتمع المشاعية البدائية بالحرية الحق لجميع أفراد القبيلة, و كان للمرأة دور كبير حيث هي من كان يدير الاقتصاد, حيث النساء مَنْ كان يجمع الجذور و البذور و الفواكه و الثمار, و هُنَ من يقسم ذلك على أفراد القبيلة, بهذا كان حتى الحب خالي من أي تسلط طبقي. بسلطة مالك العبيد, ظهر شكل أولي للفوارق بين أفراد الجماعة.

هنا يحضرني كلمات لأنجلس في أصل العائلة و الملكية الخاصة. فبعد سيطرة الرجل في بداية قيام نظام العبودية, و استسلام المرأة للرجل قالت له: ها أني أضع التاج على رأسك معلنتاً كل شيء ملكك, إلا أنك أبداً لا تستطيع امتلاك قلبي ومشاعري.

هكذا أن البشر حين خرج من حالة المشاعية بدء يؤسس لقيم و قوانين حدت لتكون بداية لسلطة للرجل التي بدأت بعملية تفرقة جنسية حادة في المجتمع فتم تشييد سلطة قسر للرجل بعد أن كان البشر يعيش في حالة تعاون طوعي كما خلية النحل, فصار الرجل هو من يحدد المهام و القوانين الجائرة على أفراد الجماعة و مع تحول في انتساب النسل للرجل.

لأرجع لقصة الخلق و كيف خلق الله المرأة من ضلع رجل و صورت عبر تلك القصة إنها تتبع هواها في الرذيلة, فمرة أخرى يوجه لها الرجل ضربة قاسية في مجتمع العبودية و يحرمها من الحب و الحياة الحرة المتساوية بالرجل و على أساس النشاط في قيادة الحياة للجماعة, ليتجلى أن الله,الرب , هو سطوة المجتمع أو بكلمة أخرى سطوة السلطة الطبقية لزمن العبودية التي ناصبت العداء للمرأة التي كانت لها دور كبير في المجتمع.

فهكذا نرى بذرة الصراع الطبقي البدائية في مجتمع العبودية و كيف تم بناء السلطة و تشييد القانون الذي طبع تحت ختم السماء و توقيع الله على قصة خلق آدم وطرده من الجنة بعد انصياعه لنزوة حواء, ليتبناها كل الأديان من قساوسة و شيوخ و أئمة, ومع تكوين جيش لتحقيق سطوة القوانين بدأً في سن قانون الزواج و إحضار الشهود على الحب و مع إجبار طبقة الأقنان العبيد على العمل و تقديم الضريبة للملك و ليكون كل هؤلاء البشر تحت رحمة الملوك ودجل رجال الدين في ترويض الجماعة و فرض القانون المنزل من بيت السلطة ليضفى عليه كنه القداسة و سطوة الآلهة.

تضرر المرأة في زمن العبودية كان ليس ضربة قاسية لجنس المرأة بل ضربة لأعراف الحرية البدائية للقبيلة, فحالة العمل والاختيار في العلاقة بين أفراد القبيلة كانت حرة, فتختار المرأة بحرية الرجل الذي تحبه و تعيش مع الرجل أجمل حياة الحب و العطاء لتنطق كل تفاصيل الود على كل مفاصل حياة الجماعة فبسيطرة الملوك و سن قوانين السماء, تم ضرب الرجل العامل في قلب قبيلة المشاعية, فصار أول صور هضم حق البشر في الحياة و الحب و العمل, و منها بدء طوفان الزيف ليصبح الزواج خاضع لقانون و موافقة رجل دين و السلطة ليتحول الزواج أول مؤسسة للعهر الشرعي في تاريخ البشرية, حيث يتم بمباركة السماء و القس و ليس بحرية اختيار الرجل و المرأة.

ماذا حصل بعد هزيمة سلطة الإقطاع و الملوك و الكنيسة في أوربا, أن رجال الدولة الحديثة و المنحازين لفكر السلطة العلمانية المعادين لقمع الدولة الملكية و رجال الدين. برز سريعاً سوس الانحراف و كما ذكرت في المقال السابق, لأؤكد أن رجل العلمانية الأول قام بأبشع الأعمال الإجرامية ليدخل تاريخ الدكتاتورية بعد أن نصب المشانق في الشوارع لرفاقه الأحرار الذين ثاروا على نظام الملكية و رجال الدين, ألا وهو ماكسيميليان دو روبسبير سفاح الثورة الفرنسية.

من هنا أريد أن أوضح أن كل الأعراف و القوانين هي بشرية تخط عبر الصراع الطبقي الذي يأخذ أبعاد دينية أم مسحة قيم علمانية لتركيع البشر العامل و الطاعة لرجل الدولة, التي تجلت في حكاية خرافة الجنة حيث تمرد حواء على أول تحذير خرافي يحمل في طياته التفرقة بين الرجل و المرأة. لنرى صفة التعاطف الإيحائي مع آدم الذي ساير حواء الطائشة, فهنا أول محاولة لتأسيس منطق احترام السلطة الطبقية لا بل لتكون مقدسة غاشمة, لتقود نحو التمايز الطبقي لتتبلور كل صور التفرقة من جنسية و عرقية و دينية طائفية و لتتم أبشع الحروب تحت مسميات الدين و المقدس والقيم العلمانية.

لقد تم إزاحة سلطة النبيل و الكهنوت, فجاءت شعارات جديدة ( حرية _أخاء _مساواة ) ألهمت جموع البشر في أنطلاق حركة جماهيرية عملاقة جاءت بقيم و مفاهيم عصرية أطلق عليها مرحلة التنوير فتم أحلال لغة و قوانين جديدة فكانت خطوة صريحة أدعت أنها ستكون قوانينها من الأرض و ليس من السماء, فشرعت القوانين العصرية و تم الكثير من المنجزات, لصالح الثقافة و الفن و شكل الحياة للبشر, و خاصة في ميدان تشريعات حقوق الإنسان و الانجازات للشعب العامل, الذي أندفع بكل قواه ومقدما حياته لصد ضربات السلطة الملكية المدعومة من رجل الكنيسة.

نستخلص أمر مهم من إسقاط سلطة الملك و رجال الكنيسة, أن التغيير حدث على أساس إزالة طبقة و أحلال طبقة أخرى لكن لم يتم تحويل الشعب ليكون بعيد عن الدين و الكنيسة. أي أن الثورة كانت ضد نظام العبودية و القياصرة الجبابرة, و ليبقى رجل الكنيسة يعمل على التكيف في الظرف الجديد.

فالسلطة البرجوازية ما لبثت أن بدأت جورها على الشعب العامل كسلطة طبقية جديدة تربعت على جهود كل الشعب الثائر فسرقت حركت الجماهير الغاضبة لتكريس سلطتها, فبدأت بسن القوانين التي تصب في صالح الأغنياء, فبعد سقوط سلطة الملك ظهرت سلطة المؤسسات و الأحزاب البرجوازية. فبدء شكل جديد في ترتيب المجتمع, ليظهر عدد كبير من الملوك الغير متوجين لينهشوا في جسد الشعب العامل الذي شارك بالثورة بكل عزيمة و ثبات, ليخرج خالي الوفاض.

هكذا نرى أن الشعوب لم تتجاوز الدين طالما أن السلطة بقت على مفاهيم تسلط طبقة على أخرى, فهكذا أن البشر بانقسامهم الطبقي, ظلوا أوفياء للدين وخاصة الفقراء الجدد الذين تغيرت هويتهم من أقنان يباعون مع الأرض إلى عمال كادحين يكسبون بالعمل المأجور.

ليبدأ فصل جديد في النضال للجماعة البشرية التي عرفت النضال و البؤس و الحروب الطبقية و الثورات ضد الظلم و الحروب الاستعمارية و حروب التحرير, و كان رجال الدين يختفون تحت أجنحة السلطة الجديدة و يدعون للسلام الطبقي, لكن أبداً لَمْ ينحازوا لنضال الشعوب إلا بصراخ الدعوة لقيم الدين و الفضيلة المزيفة التي ساقوا بها البشر قرون مظلمة في التخلف و بربرية الحرب الدينية مع إقرار سلطة القياصرة ودعوة العبيد و العمال لتقدين الضرائب و الفضيلة.

بكلمات معسولة مداعبة لجوع العمال و بمداهنة لسلطة البرجوازية التي عملت على توفير الضرائب للكنيسة و مع إعطاء منزلة لرجل الدين في المجتمع بدءً في التعميد و عقد القران و السكوت عن استغلال الإنسان للإنسان وبلا أي حول و قوة للوقوف ضد جرائم الغزو للشعوب و القتل للبشر في الحروب العالمية, سوى قرع أجراس الكنيسة و رفع الأيادي للسماء وذرف دموع التماسيح و إشعال الشموع في حالة شعوذة عصرية.

اليوم تنطلق القوى السياسية للكنيسة العصرية حيث أنجبت حركة شهود يهوا لتنشر الزيف و الخرافة و تنظر حرية الذوبان في ذات المسيح و كلمات معسولة عن الصفح و محبة المسيح للبشر, و ما غيره من مخدرات الدين المسمومة حيث تكرس دعم سلطة الدولة الرأسمالية سواء في أمريكا أم ألمانيا و من منطلق عنصري إذ أن السلطة من جذور مسيحية و من صلب الحروب الصليبية.

فالله يخلق و يعاد أنتاجه باستمرار حسب شكل مراحل التاريخ ليكون موافق لشكل السلطة و وعي البشر, فالله المشاعية من ديانات طبيعية و طوطمية كانت أكثر خرافية و اقل انتهاك للجماعة البشرية لعدم ظهور طبقات الاستعباد, فبظهور سلطة مالك العبيد نرى تكون أديان التوحيد فصار تشريع صارخ ضد العبيد و الأقنان مع تكاتف للحط من المرأة و بعد الثورة البرجوازية أخذ الدين دور منحط في الانتهازية فنرى أن الله يخلقه الإنسان بأنواع عديدة في كل منعطفات الحياة و الثورة.

من ما تقدم نرى أن تشريعات لأديان هي بشرية الهوى و المحتوى تخدم السلطة الطبقية, و نرى تشابك عريق قد تم دمجه عبر التاريخ بين الخرافة و الدين و السلطة و الزيف و القهر, لذا أستطيع القول أن الدولة العلمانية قد تهرأت و من زمن بعيد فهي جاءت بالتغيير لشكل السلطة الطبقية, لكن ارتدت سريعاً إلى العنف الطبقي و على يد بطل الثورة و التنوير مكسيميليان دو روبسبير.

أن حلقة الشيطان التي تدور بها البشرية اليوم هو نظام الرأسمالية و حروبها التي تدعى بحرب العولمة, فالتعفن للدولة الرأسمالية يحوي بجوفه الحروب البربرية الاستعمارية إضافة إلى نظام استغلال الإنسان للإنسان عبر نظام العمل المأجور, الذي أنتج قوانين هي من صلب الواقع الطبقي و من واقع هضم حقوق العمال, وسرقة البشر عبر الغزو, مع تشريع منحاز لسلطة الدول الرأسمالية التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية.

فكم من الحروب باسم الحرية و القوانين البشرية ارتكبت, لأذكر الحربين العالميتين فهي حروب على الأسواق أدت إلى استعمار كل آسيا و أفريقيا ففي زمن الغزو مات ملايين البشر و بعد ظهور الأحزاب الثورية تم قتل ملايين الثوار في الهند و آسيا وأفريقيا و الهند الصينية في حروب التحرير, و كانت حرب الفيتنام أقوى حدث عالمي يلطخ وجه الدولة العلمانية بالوحل و الدماء و هي كانت على يد أمريكا حيث تم هزيمة الاستعمار القديم.

اليوم شعوب العالم تعيش حالة إرهاص الانهيار التام لقيم نظام الدولة الرأسمالية سواء في توفير العمل للعمال في البلدان الرأسمالية حيث الأزمة الشاملة و بدن أي بصيص أمل في الشفاء منها, أم في الحروب على الشعوب الفقيرة كما يجري في المنطقة العربية و خاصة في العراق و ليبيا و سوريا و تصعيد لغة الحرب على إيران و روسيا.

عمل الاستعمار القديم على نهب الشعوب الغنية بكل الثروات المادية. تم هزيمة الاستعمار القديم على يد الأحرار وتضحياتهم الدامية, ليتم سيطرة الدكتاتور, و تسميت الأنظمة للدكتاتور بالاستعمار الحديث حيث عنى انسحاب أساطيل المستعمرين مع بقاء التبعية الاقتصادية للغرب العلماني المتطفل على الشعوب الفقيرة, و بعد هزيمة الحكومة الدكتاتورية سارعت أمريكا و معها الدول الغربية و الناتو إلى احتواء قوى الانتفاض و دعم قوى الثورة المضادة.

فالحالة للشعوب الغربية كانت خروج الشعب العامل ضد الظلم الطبقي ليتم تبديل الجلاد ( الملك ) لتكون الطبقة البرجوازية هي جلاد العمال الكادحين, وفي البلدان التي خاضت ثورة التحرير تم تغيير الجلاد ( الاستعمار ) ليكون الدكتاتور هو الممثل لسلطة طبقية عميلة للغرب.

وهنا يحضرني مقولة برجوازية قديمة" أن الثورة يخطط لها المفكرين و العباقرة و ينفذها الثوار ( المجانين ) ويستفاد منها الجبناء"! هذه المقولة تحمل شيء من الصحة لكن تبعث على اليأس.فهذا ما حدث في كثير من الثورات و منها الفرنسية.

ففي العراق تم تدمير انتفاضة الشعب في عام 1991 و ترك الشعب لضربات طائرات سلطة صدام حسين في أبشع عملية تآمر على الشعب العراقي المناضل و بعد غزو العراق تم ضرب العراق بقنابل اليورانيوم, و بعدها تم دعم فلول البعث الصدامي العميل للغرب العلماني و بقيادة أمريكا زعيمة الحرية و العلمانية.

ليتم تأسيس داعش بإشراف السفارة الأمريكية و بجهد سعودي و قطري و تركي, و في مصرتم دعم حكومة الأخوان بعد سقوط دولة الدكتاتور حسني مبارك على يد الجماهير الشعبية الجائعة و في ليبيا تم تسليم معمر القذافي عميل أمريكا إلى قوى الثورة المضادة لتكون طريق لتمزيق الشعب الكادح, فصار طريق العراق و سوريا معبداً نحو الجحيم الذي رسمته الدول العلمانية الغربية و قصف دول الناتو بزعامة أمريكا, بالتشريع للقانون العلماني مع شريعة الأمم المتحدة و حقوق الإنسان العتيدة على الورق لنشر الحرية في العالم وخاصة العراق.

نحن نبقى مع ثورة علمانية في البلدان العربية من اجل الخلاص من أشكال نظم التسلط العبودية فهي خطوة تقدمية إزاء سلطة الملك الوهابي و سلطة مشايخ الخليج ومع ثورة الشعوب العربية التي تسير في درب الانتفاض على الواقع البربري الذي هو ثمرة الحضارة العصرية التي تقودها الدول الرأسمالية و الامبريالية الأمريكية.

إلا أن الامبريالية الأمريكية رافعة قيم التشريع العلماني و شريعة حقوق البشر, هي من تقف ضد طموح البشر في العلمانية لتقف مع كل الجوقة الدكتاتوريات في العالم بدءً من نظام جنوب أفريقيا و نظام الوهابية البربري في السعودية و مع النظام العنصرية في إسرائيل انتهاءً بشرور حروب العولمة في العراق و سوريا و شكل القوى المتحالفة مع أمريكا ( داعش ) بعد سقوط جملة النظم الدول العربية الدكتاتورية و بتواطؤ مع دولة تركيا الناتو ذات الموروث البربري في إبادة ملايين الأرمن في العصر الحديث.

أزمة العراق و سوريا و ليبيا و غيرها من البلدان هي مرتبطة بأزمة الغرب الرأسمالي و مع أزمة أمريكا الاقتصادية وهي شكل نظام الليبرالية الحديثة و الرأسمالية المتوحشة متجسدة في غزو العولمة و التي جاءت على تداعيات هزيمة الاتحاد السوفيتي مع اندحار أحزاب اليسار و أفول دور الأحزاب الشيوعية.

فسمت العصر الحالي فهي أزمة تعفن الدولة الرأسمالية العلمانية غير المعلنة, لقد سقط الاتحاد السوفيتي بشكل مدوي و تم الاحتفال به في الغرب و أمريكا ليتم سقوط الكثير من الدكتاتوريات بشكل أكثر ضراوة و بربرية. لكن تعفن النظم الرأسمالية والامبريالية الأمريكية يجري بشكل مكتوم في دولها ليكون صارخاً في الدول الدائرة في فلكها.

الكثير من الشعوب سوف تطحن على يد الغرب الرأسمالي و الامبريالية الأمريكية, و لا يتم أي دعم لقيام أي دول حرة ديمقراطية لا في العراق و لا غيره. فهذه أكذوبة غربية و أمريكية إذ هي قوى استعمارية منافقة تعلن حقوق الإنسان لكن تعمل على قهر البشر و من قرون, ماضيها الاستعماري كان بشعار محررين لا فاتحين.

البشرية اليوم هي في مأزق الدولة الرأسمالية, ميزتها أزمة اقتصادية وفكرية و أخلاقية لا تسمح بأي حركة تغيير و لا تقدم أي دعم لتحرر الشعوب, إذ هي ستكون عملية انتحار لنظام الرأسمالية الذي يدعي الحرية و يقدم المظالم للعمال في بلدانه و حروب النهب للشعوب في كل أرجاء العالم و خاصة في البلدان العربية.

مسك الختام !

لا تتقدم البشرية أبداً ما لم يتم بناء أحزاب يسارية وطنية ثورية ونشاط حركة ثورية جديدة ذات فكر اشتراكي مع عودة قوية للأحزاب الشيوعية لتجمع شتات العمال و الكادحين في جيش من اجل ضرب سطوة أحزاب الدين الخرافية في العراق و غيره من البلدان العربية التي تتبجح بأنها تمثل ظل الله على الأرض و التي تحاول تطبيق الشريعة الإسلامية الرجعية البائدة, و التي هي في جوهرها أحزاب تمثل مصالح البرجوازية الطفيلية العربية التي تعيش على نتائج حرب العولمة الأمريكية و إفرازات الفوضى الخلابة التي تقود للجم المرأة و قهر العمال الكادحين الفقراء, بفراغ الساحة السياسية من قوة الأحزاب اليسارية و الشيوعية, التي هي القوة الوحيدة التي تستطيع أن تقود النضال ضد سلطة رجال الدين و معاداة الامبريالية الأمريكية. و من ثم هي القوة الوحيدة التي تستطيع إنقاذ الحضارة و الحياة و السلام على الكرة الأرضية.

روابط ذات صلة!

http://www.theguardian.com/commentisfree/2015/jun/03/us-isis-syria-iraq#comments
https://www.facebook.com/n55sym/videos/10152276677601401/
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=982163041796133&set=a.232101500135628.70291.100000073392094&type=1
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=470944
https://www.facebook.com/NooooooNameeeeee1/videos/1597900077135050/

على طبول الثورة العالمية في الحرية و السلام ألقاكم!



#علاء_الصفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الإسلام محرك العنف أم أمريكا دولة إرهاب عالمي
- لمساة تحريف الماركسية لفؤاد النمري
- الحرب الأمريكية على العراق لازالت مستمرة
- دين وهابي همجي يعانق بربرية أمريكا ( آل سعود لجلد الشعوب )
- المملكة الوهابية جلادة شعوب المنطقة الحضارية
- أمريكا و فضيحة تسليح داعش في العراق
- دعم البرجوازية الاسلامية بعد سقوط الدولة القومية
- نفاق العلمانية الغربية و جرائم الامبريالية الأمريكية
- اضواء على تفجيرات باريس
- الانحطاط الاخلاقي للفكر اللاهوتي و عظم الاخلاق للملحدين
- تدمير الإسلام و العرب, هو الحل!
- أمريكا و الزيف في الحرب على الإرهاب ( داعش )
- انهيار القيم الثورية و صعود الانتهازيين و قوى الشعوذة الوهاب ...
- دولة الإرهاب الدولي و العلاقة بالدول العميلة و المنظمات الإر ...
- الخليفة أبو بكر البغدادي عميل هيلاري كلنتون
- العولمة و تدمير البشر و نبش الحضارات القديمة
- من جرائم إسرائيل العنصرية إلى جرائم داعش في العراق
- أحداث الموصل تعري فكراً عنصرياً منافق لكتاب عرب و أكراد
- ما بعد الموصل؟
- الموصل إلى أين؟


المزيد.....




- ما هو مصير حماس في الأردن؟
- الناطق باسم اليونيفيل: القوة الأممية المؤقتة في لبنان محايدة ...
- ما هو تلقيح السحب وهل تسبب في فيضانات دبي؟
- وزير الخارجية الجزائري: ما تعيشه القضية الفلسطينية يدفعنا لل ...
- السفارة الروسية لدى برلين: الهوس بتوجيه تهم التجسس متفش في أ ...
- نائب ستولتنبرغ: لا جدوى من دعوة أوكرانيا للانضمام إلى -النا ...
- توقيف مواطن بولندي يتهم بمساعدة الاستخبارات الروسية في التخط ...
- تونس.. القبض على إرهابي مصنف بأنه -خطير جدا-
- اتفاق سوري عراقي إيراني لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرها ...
- نيبينزيا: كل فيتو أمريكي ضد وقف إطلاق النار في غزة يتسبب بمق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء الصفار - هل نظام العلمانية أفضل من الدين الإسلامي وغيره