المؤسسات الدينية والتجديد

علي رمضان فاضل

الحوار المتمدن-العدد: 4845 - 2015 / 6 / 22 - 19:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

المؤسسات الدينية والتجديد
التجديد يعني محاولة الاجتهاد والخروج من دائرة النصوصية إلي إعمال العقل في المستجدات الحياتية وجعل تلك النصوص تتواكب مع تلك المستجدات حتى لا يكون الدين عائقا أمام المدنية والتقدم والنهوض. ولو تأملنا دور المؤسسات الدينية علي مر العصور لسوف نكتشف بأن تلك المؤسسات وظيفتها الأولي والأخيرة هي المحافظة علي الموروث الديني، ومحاربة التجديد بكل صورة ممكنة وإضفاء صفات قبيحة وذميمة علي المجددين من أمثال (الهرطقة، والزندقة، والخروج علي الملة ، وغيرها من الصفات).
وعلي الرغم من وقوف المؤسسات الدينية في وجه المجددين في كل الأديان إلا أن هناك رجال ضحوا بحياتهم، من اجل التجديد ومحاولة الخروج من دائرة النصوصية واعملوا عقولهم وتدبروا في النصوص وجعلوها تتواكب مع مستجدات العصر، والنظر ليس إلي الماضي والغرق فيه بل النظر إلي المستقبل، والي كل ما يشغل الإنسان في حياته الدنيوية .
ويمكن أن نضرب المثل بالعديد من المجددين: في الصعيد الأوربي نجد مارتن لوثر الذي اعترض علي الكثير من الطقوس الدينية الموروثة والتي كانت تعوق إعمال العقل والفكر والتدبر ولم تقف المؤسسة الدينية (الكنيسة) في ذلك الوقت موقف المشجع علي التجديد وإعمال العقل بل حاربت مارتن لوثر وغيرة من المجددين وحرمتهم وأطلقت عليهم الصفات الذميمة ولكن في النهاية لم تتمكن الكنيسة من هزيمة الأفكار الجديدة ومحاصرتها ومنعها بل كلما زادت في الحصار كلما انتشرت الأفكار انتشار النار في الهشيم .
وعلي الصعيد العربي الإسلامي نجد الكثير من المجددين الذين أرادوا إعمال العقل والاجتهاد ومحاولة الخروج من النصوصية والتأويلات القديمة الغير مجدية في الوقت الراهن ومن المجددين العرب الذين كان لهم تأثيرهم الكبير: الشيخ علي عبد الرازق الذي رأي "بأن الإسلام لم يعرف نوع معين من نظم الحكم وان الخلافة اجتهاد بشري يمكن الاستغناء عنة بنظام حكم يتواكب مع مستجدات الحياة " ونجد المؤسسة الدينية (الأزهر) في تلك الحالة وقفت حائلا أمام تلك الأفكار وحاربت الشيخ علي عبد الرازق وأخرجته من زمرة العلماء واتهمته بأنة عميل بريطاني ، وان أفكاره هذه منتحلة من المستشرقين. وطه حسين الذي هرب من الأزهر ومن تعليمية النصوصي الجاف إلي الجامعة المصرية التي كانت تنتهج النهج العلمي المشجع علي التفكير وإعمال العقل . وعندما كتب كتابة في الشعر الجاهلي خرجت علية المؤسسة الدينية المتمثلة في الأزهر الشريف في ذلك الوقت ووصفته بالزندقة والكفر وحرضت علي رفته من العمل في الجامعة. وكانت جريمة فرج فوده من وجهة نظر أتباع المدرسة النصوصية: نشر الوعي، والتدبر والتفكير والخروج من دائرة النصوصية والانغلاق ومحاربة التكفير لذلك حكموا علية بالموت وأطلقوا علية الرصاص ولكن أفكاره مازالت حية وباقية رغم موت صاحبها. ونصر حامد أبوزيد صاحب وجهات النظر التجديدية لم يسلم من محاربة المؤسسة الدينية المتمسكة بالقديم والموروث .....
خلاصة القول:أن المؤسسات الدينية دائما هي العائق أمام الأفكار التجديدية فهي جزء من المشكلة وعلي مر العصور نجد أن المؤسسة الدينية هي عدو التجديد الأول ، لأنها هي المنتفع الأول من الموروث القديم. لذلك فلا نتوقع أن ينجح الأزهر الشريف في تجديد الخطاب الديني لأن التجديد دائما يأتي من خارج المؤسسات الدينية.

#علي_رمضان_فاضل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات