|
اكتب يا حسين
داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 4839 - 2015 / 6 / 16 - 13:24
المحور:
كتابات ساخرة
من منا لم يشاهد مسرحية (شاهد ماشفش حاجة) للفنان الكبير عادل امام . صحيح ان المسرحية كوميدية ، لكن فيها ابعاد سياسية كبيرة . هناك جريمة قتل ، وقاتل مختفي عن الانظار، والجهات الامنية تبحث عن خيوط الجريمة ، وعن الفاعل الحقيقي ، فتأتي بشخص بسيط لتستجوبه ، والسبب انه جار للضحية ، لانه يسكن في نفس العمارة التي تسكنها ، ومهنته ممثل يعمل كومبارس ، وهو من باب ساذج وغر ، ومن باب آخر متلون ومراوغ . ويطلب منه المحقق ان يفضي بكل ما يمتلك من معلومة عن الضحية ، وعن صلته بها ، بأعتبارتها جارته وقريبة منه ، وتعمل في ملهى ليلي ، وبتعبير المحقق ( تفتح للزبائن ) وبتعبير بطل المسرحية ( ماشية على حل شعرها ) . المحقق يستجوب الشاهد ، الذي لم ير المحادثة بأم عينه ، وكان في عمله ساعة حدوث الجريمة ، ويحاول ان يستفز الشاهد ، فيسأله اسألة استفزازية ، يريد بذلك زلة لسانه ، لكن الشاهد ، يبدو انه اكثر ذكاء من المحقق ، فيتهرب من الاسئلة ويعطيه جوابا مخالفا لسؤاله . والبعد السياسي في هذه المسرحية . ان المحقق يخاطب الشرطي الذي يدون اقوال الشاهد ، والذي اسمه حسين ، بقوله : (اكتب يا حسين ) ويضيف اكتب كل كلمة يقولها ، وكل كلمة لم يقلها !. وهذا هو مربط الفرس . المحقق يجب ان يمتلك ضمير حي وحس انساني ، لا ان يتهم المدان ويلبسه القضية زورا وبهتانا . وهذا ما يحصل عندنا اليوم في العراق ، وللاسف الشديد . يأتون بالمتهم الى احدى الوحدات العسكرية ويقوم احد الضباط ، الذي هو ليس واجبه التحقيق ، ولم يكن ضليعا في مجال في هذا المضمار ، ولا هو من اختصاصه ، فيلبس المتهم جريمة لم يرتكبها ، وفعل لم يقم به ، وذلك بالاكراه والتهديد . وهذه ما اكده مرارا واتكرارا رئيس اتحاد الحقوقيين العراقيين علي نعيمه الشمري ، من خلال تصريحاته المتكررة في وسائل الاعلام ، وفي العديد من المؤتمرات ، سواء المقامة في مقر الاتحاد او المقامة في خارجه . تتحرك بعض القطعات العسكرية الى منطقة ما ، فتلقى القبض على بعض المشتبه بهم ، فتقوم بأستجوابهم ، والتحقيق معهم ، والذي يقوم بالاستجواب شخصيا لا يمتلك ادوات التحقيق ، ولا هو من اختصاصه ، كما قلنا ، فينتزع بالاكراه معلومات خاطئه ، فتذهب به في ستين داهية ، كما يقول المثل المصري ، والآن ترقد في السجون مئات الابرياء من الذين وقعوا في اتون هذه التحقيقات الباطلة ، فضلا عن الذين نالتهم ترهات المخبر السري ، وما ادراك ما المخبر السري ، وهم ايضا بالمئات ، وهذه قضية اخرى .السيد رئيس اتحاد الحقوقيين العراقيين يعتبر هذه التحقيقات خلط في الاوراق ، ويعد ذلك مخالفة صريحة للدستور العراقي النافذ ، وكذلك هي مخالفة لمبادئ حقوق الانسان ، وان ديننا الحنيف لا يرضا بها . ويرى ان التحقيقي يجب ان ينحصر بالمحققين العدليين ، لان ذلك عملهم واختصاصهم . ويتأسف ان العديد من المتهمين ، حينما ذهبت اوراقهم الى المحاكم المختصة ، فأن تلك المحاكم حكمت ببرائتهم ، لكن بعد ان قضوا عدة اشهر في الحجز . يقول ما ذنب هؤلاء ومن يعيد لهم حقهم وكرامتهم . عادل امام في هذه المسرحية ، كأنه يعني قضيتنا المشار اليها في هذا المقال . المتهمون ليسوا سذج ولا جهلة ، حينما اعطوا تلك الاعترافات ، لكن ذلك وقع تحت الضرب والتهديد ، الامر الذي تلافته المحاكم العراقية المختصة ، فترى كثير من القضايا المشابهة لقضيتنا قد حلت لغزها ، وخيرا فعلت . لكن تبقى قضية حسين ، الذي يكتب الاعترافات ، فهو لا حول له ولا قوة ، تأتيه الاوامر من الجهة العليا ، فيكتب كلاما قد يرفضه في مكنون نفسه ، لكنه لا يستطيع مخالفة الاوامر . واننا قد نكون جميعنا حسين في مواقف عديدة . واكتب ياحسين .16/ 6 / 2015
#داود_السلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفلسفية الفارابية (1)
-
طه حسين .. ووعاظ السلاطين
-
الصوم شعيرة جاهلية
-
الارستقراطية في الاسلام
-
اطالة اللحية – الذقن شعار بدوي
-
في إبطال الفلسفة وفساد منتحلها
-
العراق في ظل حكم الشيعة
-
ختان النساء عادة جاهلية
-
الذبح في الدين والشريعة
-
ناظم الثرثار وناظم الغزالي
-
المجون في الاسلام(1)
-
الحدود في الاسلام (1)
-
إبن خلدون ... واقراره بالسحر
-
لماذا الغزالي يكفّر الفلاسفة ؟!
-
هل كان ابن كثير تكفيري؟
-
السحر في فكر الرازي المفسر
-
لبيد يسحر النبي !
-
تعدد الزوجات نظام جاهلي
-
الشذوذ الجنسي في الجاهلية والاسلام
-
ما حقيقة وأد البنت التي اشار لها القرآن ؟
المزيد.....
-
فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي
...
-
سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
-
وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي
...
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق
...
-
رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة
...
-
الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
-
صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
-
بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء
...
-
-كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|