أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مفيد ديوب - النداء الأخير للرئيس السوري .. تحذيرا من الخطأ الأخير















المزيد.....

النداء الأخير للرئيس السوري .. تحذيرا من الخطأ الأخير


مفيد ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1339 - 2005 / 10 / 6 - 12:15
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


إن الرّهاب الذي صنعته الأجهزة الأمنية في الشعب السوري طيلة العقود الماضية, أوصله إلى حالة من الشلل والعجز لم يسبق لها مثيل ,و إلى حالة من اليأس المطلق في إمكانية الخروج من الأزمة بفعل قوى وعوامل داخلية سواء من قبل السلطة أو من قبل المجتمع 00

إلى أن جاء حادث اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري ,ومن ثم توجيه أصبع الاتهام إلى الأجهزة الأمنية المشتركة السورية اللبنانية ,وتداعيات ذلك الحدث الكبير, وصولا إلى تشكيل لجنة التحقيق الدولية , ومن ثم إيداع قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية الأربع في السجن ,ومن ثم أيضا تمدد عمل اللجنة إلى سورية واستجوابها لقادة الأجهزة الأمنية السورية ,وتحديد /25/ تشرين الأول موعدا لتقديم تقرير اللجنة إلى الأمم المتحدة 00

والاتجاه العام يؤكد بأن التقرير سيجّرم النظام السوري بالمسؤولية السياسية كحد أدنى بصفته المسئول عن الأمن هناك ,أما الأكثر من ذلك فذلك ما يخبؤه التقرير المحاط بسرّية تامة , وبكل الأحوال سيصار إلى استصدار قرار من الأمم المتحدة يدين السلطة ويعاقبها بعقوبات تبدأ من العقوبات السياسية وتصل إلى الحدود التي تتوافق وتتزامن مع ما هو مرسوم للمنطقة من مخططات

وتكون تلك القرارات بمثابة السيف المسّلط على رقبة السلطة بعد أن تكون الهيئة الدولية قد حللت دمها 0وأمام هذا المشهد تمر سورية في أخطر مرحلة ,و يشمل الخطر السلطة والمجتمع على السواء 00 وتتوافر أمام النظام الذي احتكر وقبض على كل شيء, ووحده يدير الأزمة خيارين أحلاهما مرّ :

الأول : خيار التحول على الطريقة الليبية , أي أن يقطع النظام رأسه ويركب رأسا جديدا ,بمعنى أن يتحّول عبر زمن قصير محدد دون مواربة أو تحايل ,من نظام أمني مركّب ومبني على المؤسسات الأمنية ,إلى نظام سياسي يقوم على مؤسسات سياسية يمارس السياسة عوضا عن الأمن, ويتكيّف مع الوضع الدولي الجديد الناشئ بعد احتلال العراق, ويساهم بالدور المطلوب منه في إنجاح العملية السياسية الجارية في العراق أولا وفي لبنان ثانيا وفي فلسطين ثالثا 0

واعتقدت السلطة أن تقديم التنازلات في تفاصيل الأوراق الإقليمية الثلاث سيكون كافيا لخروجها من الأزمة, إلا أنها اليوم بدأت تشكك باعتقادها هذا ,ولا ندري إن توصلت إلى نسفه ,ومعرفة ماذا تريد منها الإدارات الأمريكية والأوروبية 0

والثاني : الخيار على الطريقة العراقية واستمرار الممانعة والرفض والدخول في مغامرة ( علي وعلى أعدائي ) وبالتالي ستكون النتائج مشابهة لما جرى للنظام العراقي , وليس بالضرورة أن يتكرر المشهد العراقي بعد سقوط النظام ,خاصة بعد أن اكتوى الأمريكان بنار الأخطاء الفادحة التي ارتكبوها , وبات من غير المسموح به تكرارها في سورية وانفلات الوضع الأمني والاجتماعي بما يسمح بانتقال العنف إلى ساحة أخرى مجاورة واتساع دوائرها واستحالة السيطرة عليها 0

وما يشجع الرئيس على هذا الخيار هو اقتناعه ـ حتى هذه اللحظة ـ وإصرار الأجهزة الأمنية عليه أيضا , أن الأمريكان عاجزون عن فتح حرب جديدة وجبهة جديدة طالما هم الآن غاطسون في المغطس العراقي الساخن والمعقد , لذا يتم الرهان على مرور وتقادم الزمن وعلى سخونة الوضع العراقي أكثر مما هو عليه 0 لذا أنبنى اعتقاد بأن (الأمريكان لا بد أن يطرقوا أبوابنا طلبا للنجدة )0

وهنا تكمن خطورة الأمر وهي القراءة الخاطئة للوحة الصراع العالمية التي كانت أثناء الحرب الباردة أو كما كانت عليه قبل أحداث 11/ أيلول ,وقراءة الأحداث ومعالجتها بما يشابهها من أحدث مماثلة حصلت في الأعوام السابقة 0 وهذا ما يظهر في ثغرات وعيوب هذه الفرضيات التي تبني عليها السياسية السورية استراتيجيتها0 وأهم تلك العيوب :

1 ) اعتقاد السلطة السورية بأن الإدارة الأمريكية غير جادة بتغيير الأنظمة الأمنية الشمولية بما يتوافق مع مشروعها للمنطقة ومصالحها, واعتقاد السلطة بأن الأمر مقتصر على الأوراق الإقليمية

( كما كان في السابق ), وعليه فسوف يتم تسوية الخلاف مجرد تقديم تنازلات على هذا الصعيد 000

إلا أن الواقع الفعلي يقول غير ذلك , فالديمقراطية تعني للإدارة الأمريكية في خارج حدودها مجرد وظيفة لخدمة مصالحها القومية ( مصالح الطبقة المالكة للثروة ) أولا , فهي تنسف النظم الديمقراطية في بلدان وتستبدلها بنظم عسكرية أو بالعكس إذا كان ذلك يخدم مصالحها القومية بالذات 0 إلا أنها اليوم تتأكد أكثر من أي يوم مضى ,سواء عبر ما تقدمه مراكز الأبحاث أو عبر مسار الأحداث في صراعها مع الموجة الإسلامية ( التي ساهمت بصنعها ومن ثم حصل الانقلاب المتبادل بعد انتهاء وظيفتها في أفغانستان ) والتي باتت تشكل تهديدا جديا للاستقرار الذي يتطلبه مصالحها في هذه المنطقة الحاضنة للنفط عصب الحياة , وباتت تعتقد بأن سبب تنامي هذه الموجة الإسلامية هو استبداد هذه الأنظمة وتهميش شعوبها وإفقارها , وبالتالي تقرر العمل على إنهاء عمر هذه الأنظمة لانتهاء وظيفتها وتحولها إلى سبب رئيس في اضطراب البلدان والمنطقة , ولا بد من تغيير بنيتها الأمنية وتحولها إلى بنية سياسية وإتاحة المجال لصعود التيارات المعتدلة الإسلامية أو العلمانية 00هذا من جانب , ومن جانب آخر فإن النظم الأمنية والشمولية القابضة على السياسة والمجتمع والاقتصاد باتت تعيق و تتعارض أيضا مع منطوق العولمة الاقتصادية التي تتزعمها أمريكا وتشكل (طلائعها المقاتلة ) والقاضي بإزاحة كل المعيقات أمام انتقال السلع والمواد والرساميل والاستثمارات واليد العاملة 0

2 ) ـ لا يدرك النظام في سورية مدى أهمية أن تقدم الإدارة الأمريكية رأسه هدية للشعب الأمريكي بعد رأس صدام حسين مقابل استمرار تحشده وراء قيادته وتأييده لها في استكمال مشروعها التي ربما تتطلب أعمالا عسكرية أخرى, وإقناعه بتقديم وتحمل مزيدا من الأعباء المادية والقتلى 0 وضرورة تطويق أصوات النخب المعارضة للحرب بالقطعان المخدوعة بأيديولوجينا الإدارة التضليلية 00

3 ) ـ إن فرضية السلطة السورية بعجز الإدارة الأمريكية على شن حرب جديدة ثانية بعد التي شنتها في العراق وعلى نفس الشاكلة هي صحيحة بالعام أي غير قادرة على اجتياح عسكري ,لكنها لن تكون عاجزة عن القيام بضربات جوية (على الطريقة اليوغسلافية) ,تكون جزءا من خطة لزعزعة النظام وتحطيم هيبته وانفراط ترابطا ته ومن ثم إيجاد الثغرات من داخله بغية الإطاحة به0 أو إجراء حظر جوي وبري على قواته ومنع دخولها إلى مقاطعات من سورية(على غرار ما جرى في العراق),واعتبارها مناطق محررة لاستتباع مناطق أخرى 0 أو القيام بحصار عسكري يمنع دخول وخروج أي شيء ويجمد الأرصدة , وعليه فإن هذه الفرضية خاطئة ومضللة 0

4 ) ـ كما أن فرضية السلطة السورية المرتكزة على قناعة بأنها مرتكزة على قاعدة اجتماعية كبيرة وعلى حزبها ـ حزب البعث وأحزاب الجبهة التقدمية الذين يعدون بالملايين ,وعلى ضباط الجيش الموثوقين بولائهم لها ,قد اختبرت في عراق صدام حسين الذي كان لدى حزبه ملايين أكثر ,وضباطه كانوا أكثر ولاء وصراخا بافتدائه بأرواحهم 0 وفي لحظة الصفر بان كل شيء من هذا خداع ورياء 0 وبقي رأس السلطة وحده عاريا 00

إن من يدفع بهذه الأوهام جميعها وهذه الفرضيات الضعيفة والعمومية على أنها حقائق وثوابت راسخة لا تقبل الشك وبالتالي يدفع باتجاه خيار ( التنازلات أمام الخارج ,والتشدد أمام الداخل ) هم قادة الأجهزة الأمنية التي هي للمرة الأولى بحالة هلع جراء خوفه ا ورعبها من محاسبة "الداخل" أو "الخارج" لأنهم يعلموا ما فعلت أيديهم في الداخل والخارج ,وما أوصلوا البلاد والعباد إليه ,وهم الذين وضعوا الشعب السوري والوطن رهينة يفاوضون ويقايضون "الخارج" بها وصولا إلى التهديد بذبح رهينتهم 0 وهم يمارسون ضغوطهم ونفوذهم وثقل مراكزهم على الرئيس لإرغامه على هذا الخيار ودفعه هو والوطن إلى الهاوية 00

لقد بات على الرئيس أن يسقط كل هذه الأوهام التي زرعتها الأجهزة ,ويدرك بأنه سيكون الضحية الأولى التي سيضحون بها مقابل الأمل بالنجاة 0 وعلى الرئيس أن يأخذ خيارا آخر يقوم على التضحية بهم قبل أن يضحوا به ,وهذا الخيار هو التوجه والانفتاح على الشعب ويتقدم بمشروع إنقاذي عاجل يشيع مناخ الثقة عبر إجراءات سريعة في مجال الحريات المصادرة

1 ـ إطلاق سراح المعتقلين والعفو عن المنفيين 0

2 ـ إلغاء القانون /49/0

3 ـ إلغاء المادة الثامنة من الدستور 0

4 ـ السماح الفوري لجميع الأحزاب بالعمل وإصدار قانون أحزاب 0

5 ـ إصدار قانون صحافة ومطبوعات 0

6 ـ كف يد الأجهزة الأمنية وتقويض حجمها ونشاطها 0

7 ـ تقديم جدول زمني للانتخابات النقابية والبرلمانية والبلدية 0

8 ـ الدعوة لمؤتمر وطني لا يستثني أحدا 0

هذا الخيار وحده الكفيل بإنقاذ البلد وأهله , وهو الذي سيحول الأوراق التي تراهن عليها الإدارة الأمريكية ,وهي حيادية الشعب أو تأييد قطاعات منه الراغبة بالتغيير (على يد الشيطان) , ستتحول عبر هذا الخيار إلى أوراق ممانعة للخيارات الأمريكية ومدافعة بالوقت ذاته عن مشروع الإصلاح من الداخل , وهذه الأوراق هي الحاسمة في اللحظات الحاسمة ,وهي التي تحسب لها الإدارة الأمريكية أف حساب سواء بموقفها السلبي أو الإيجابي ,وهي التي ستكون بيضة ألقبان في لعبة الصراع العنيف القادم 0000

وفي حال تغافل الرئيس عن هذا الخيار وعدم إعطاءه الأهمية التي يستحقها ولم يعتمده خيارا وحيدا وفي منتهى الجدية, فإنه سيكون قد أخطأ الخطأ الأخير الذي يقع فيه من يسير في حقل الألغام 0



#مفيد_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغتيال الكلمة فارزة عصر ــ سمير القصير شهيدا
- خطر الاقتتال الأهلي في سورية , والمهمة الإنقاذية
- الجيل القومي الثالث .. وإعادة إنتاج الهزائم
- انشطا ر العقل العربي, وفشل المشروع القومي, ولعنة الثنائيات
- الأخوان المسلمون.. والديمقراطية,والحوار الدائر
- ما بين العقدة من الغرب ومن الشرق .. ضاعت حدود الأوطان
- المعركة ليست في الفلوّجة الفلسطينية.. بل في القاهرة
- إعاقات العمل الوطني الديمقراطي المشترك
- مانديلا سوري .. يحكم عليه بالسجن عاما جديدا
- العودة إلى السياسة.. مهمة وطنية بامتياز
- الخوف من الديموقراطية.. الخوف من المستقبل
- المدنية العربية .. بين الموجات الرعوية والموجات الريفية
- الديموقراطية.. العصية على العقل العربي
- المعّوقات والإعاقات .. المتجددة
- المعّوقات والإعاقات .. المتجددة
- الديموقراطية.. العصية على العقل العربي
- حول ورقة الموضوعات المقدمة إلى المؤتمر السادس للحزب الشيوعي ...
- متى يرزقنا الله بأفضلهم...؟ مفارقات صادمة .. وجلد الذات
- ثورة الحجاب
- حلب ... يا مجمع الأحرار


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مفيد ديوب - النداء الأخير للرئيس السوري .. تحذيرا من الخطأ الأخير