أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبري هاشم - البكاء على وطنٍ خذلناه















المزيد.....

البكاء على وطنٍ خذلناه


صبري هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 4838 - 2015 / 6 / 15 - 16:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


***
البكاء على وطنٍ خذلناه
***
لم يَتغنَّ بعضُ العراقيين بحدثٍ تأريخيٍّ ـ إبّان فترةِ الإحتلالِ الإنجليزي وما بعده ـ مثلما تغنّوا بعشقِ الضابطِ الإنجليزي ، هذا الذي أُغرمَ بالفتاةِ المُعيديةِ والتي هامَ بها عشقاً حتى أَخَذَها في نهايةِ المطافِ معه إلى انجلترا ثم ألبسَها لباساً مَلَكياً وأرسلَ صورَها إلى العراق .. أعادها صورةً ربما مُتخيّلة.. هذا الحدثُ ـ الذي صار أثراً مقبولاً والذي غذّتْهُ المُخيلةُ الشعبيةُ مِن حنانِها حتى أدخَلَهُ الخلفُ للفنِّ فيما بعد تحت مسمياتٍ مُختلفةٍ كِـ " بنت المعيدي " على سبيل المثال ـ يُعدُّ أهمَّ منقبة ظلَّ يَفتخرُ بها " أخواتُ .... المُعيدية " .. فصاروا يَتَباهونَ بعظَمةِ فرجِ مُعيديتِهم التي سفحَ مِن أجلِها الضابط الإنجليزي ماءَ وجهِهِ وماءَ وجوهِهم . كنتُ أخجلُ مِن انتمائي العراقي وأنا أرى صدام حسين ـ في عزِّ الحصارِ على شعبهِ والذي فُرضَ بسببِهِ وبسببِ أفكارِه الخرقاء ـ وهو يُطلقُ العياراتِ الناريةِ مِن مسدسهِ في عيد ميلادِهِ فيما شعبٌ كاملٌ يتضوّرُ جوعاً . قال لي صديقٌ أفغانيٌّ ـ والأفغانُ ليسوا بأفضلِ حالٍ مِنّا ـ في معهدِ اللغة الألمانية عام 1991 : هذا رئيسٌ لا يستحقُّ الحياةَ .. هذا بِلا حياء .. كيف لرجلٍ جلبَ كلَّ هذا الدّمارِ لشعبِهِ وهو يحتفلُ بعيدِ ميلادٍ مزعومٍ . خجِلتُ والله .. تمنيتُ ألّا أكونَ . ولكن ما ذنبيَ أنا المُعارض منذُ أكثر مِن عشرين عاماً .. خجلتُ مثلما كنتُ أخجلُ مِن انتمائيِّ العربيِّ حين أرى الرئيسَ القذافي مِن على شاشةِ التلفازِ وهو يتبخترُ مثل طاووسٍ بعباءتِهِ ونظّارتِهِ الشمسيةِ السوداء ونحن في عزِّ الليلِ ومِن خلفهِ الحارسات العذراوات وهو يتكلّم بطريقةٍ مُضحكةٍ كأنَّ الحروفَ تَخرجُ مِن جوفِهِ ومع هذا اعترضتُ على الثورةِ التي قامت ضدَّهُ وعلى طريقةِ قتلهِ وعلى تحويلِ ليبيا إلى دولةٍ هشّةٍ بلا سيادة .
أعودُ وأقولُ ما الذي قدمناهُ نحن العراقيين إلى العالمِ ولشعبِنا أولاً غير الخرابِ والدّمارِ الذي جلبناهُ على أنفسِنا وغير الحروبِ التي لن تنتهيَ وغيرَ الإحتلالاتِ والمفخخاتِ والمشاحناتِ الطائفيةِ التي أخذتْ منّا الآلافَ مِن أبنائنا وأجمل زهورِنا .. وها هو بلدُنا يضمحلُ أمامنا ويتقسّمُ حين جعلناهُ عرضةً لكلِّ مَن هبَّ ودبَّ وحين أسلمْنا قيادَهُ لهواةِ في السياسةِ والدينِ والطوائفِ وشؤون القومياتِ. واليومَ يتحدّثُ هؤلاء عن تحريرِ الموصل والرمادي ووحدةِ الوطنِ . مَن يُحرر مَن ؟ أبهذهِ الفرقةِ والتشرذُم والكراهيةِ والتناحُر نُحررُ الأوطانَ ؟ أنا أشكُّ في ذلك .. وأشك أكثرَ حين أعلمُ أنَّ العراقيَّ لا يُدافعُ عن أرضِهِ ضد مُحتلٍّ أو غازٍ .. ولكي لا أُطلقَ الأحكامَ جُزافاً أتساءلُ : مَن يدُلني على مفصلٍ تأريخيٍّ ـ منذُ سقوطِ بابل على يدِ قورش 539 ق.م حتى سقوط الموصل والرمادي بيدِ داعش ـ يقولُ فيه إنَّ العراقيين هاهنا دافعوا ؟ ثم الآن نتباكى على وطنٍ نحن مَن فرّطَ به وبسيادتِهِ . أرجوكم لا تذكروا لي مهازلَكم في ما يُسمّى بثورةِ العشرين والشيخ شعلان والشيخ ضاري ( الذي طك لندن وبجاها ) وكلِّ هذا التاريخِ المُزيّف والسريالي .. فأنا أتحدثُ عن حياضِ وطنٍ وليس عن " هَبّاتٍ " عشائريةٍ ، أَضفتْ عليها المُخيلةُ الشعبيةُ " بالهوسات " بُعداً ثورياً.
قبل أيامٍ وصلني بريدٌ إلكترونيٌّ مِن جماعةٍ تنعتُ نفسَها بالديمقراطية ، يدعو إلى وقفةٍ مِن أجلِ تحريرِ الموصل ـ مِمَن ؟ ـ كما أدعتْ الجماعةُ أنها ضدّ تقسيم العراق .. وحين أنظرُ في أسماءِ أعضائها أجدُ مُعظمَها كانت قَدْ خرجتْ مِن معطفِ حزبٍ شموليٍّ ـ أو مازالت في الحزبِ ـ وهي بالتالي مِن الأسماء المؤيدةِ لإحتلالِ العراق حسب مُتابعتي لها منذ سنوات . أسألُ هؤلاء : إنّ الديمقراطيةَ تحتاجُ لأناسٍ ديمقراطيين لكي تُبتَنى فمَن منكم ديمقراطيٌّ ؟ دلّوني على واحدٍ منكم .. وكيف يكونُ ـ مَن انتمى إلى حزبٍ شموليٍّ ودعا إلى دكتاتوريةِ الأكثريةِ ـ ديمقراطياً ، هذا في المقامِ الأول وفي المقامِ الثاني والأهمّ هو أَلا يؤمِن هذا الحزبُ بحقِّ الشعوبِ في تقريرِ مصيرِها بما في ذلك حقّ الانفصال عن البلد الأم وهو ما يعني تقسيماً صريحاً للبلدان ؟ فعلامَ تُسوّقون بضاعةً فاسدةً علماً أنّ هناك مِن أعضائكم مَن يستميتُ في الدفاعِ عن حقوقِ الأقلياتِ ويتجاوز هذا إلى مُحاربةِ القومية الأكبر والنيلِ منها ومن تأريخِها ؟ . بالمناسبة ، هذا الحزبُ منذ تأسيسهِ رفع شعار حق ( الأقليات ) في تقريرِ مصيرها وهو مبدأ لينيني : حق الشعوب في تقرير مصيرِها الذي لم نرَ له تطبيقاً في الاتحاد السوفيتي إلاّ بعد انهيارهِ ، ولو طبقناهُ على بقيةِ بلدان العالم لما ظلَّ بلدٌ على سطحِ الكوكبِ موحداً فكلّ البلدانِ متكونة مِن قومياتٍ وإثنياتٍ ومذاهبَ وأديان وطوائفَ .. مع العلم أنا لستُ ضدَّ تقريرِ المصير بشرطِ أنْ لا يُفرضَ قسراً بعد التهامِ نصفِ الوطنِ الأم وهو في حالةِ ضعفٍ .. فما يُفرضُ على الأرضِ بالقوةِ سيزول بالقوة أيضاً ، وبالتالي سندخلُ في حروبٍ لها أول وليس لها آخر.
***
الخائنُ كالعاهرةِ صلفٌ على الدوامِ وصوتُهُ عالٍ .
***
* لماذا تتباكون على وحدةِ العراقِ إذاً ؟ ألم يكن مُنقسماً قبلَ الإحتلال ومنذ العام 1991 إلى خطوطِ طولٍ وعرضٍ ؟ لنترك هذا الأمرَ ونرجع إلى ما قبل الغزوِ بعامين أو أكثر ولنقُل إلى صدورِ جريدةِ المؤتمر في لندن والتي ترأس تحريرها فيما بعد حسن العلوي والتي كانت تصلُ إلى كلِّ بقاعِ الدنيا في صباحِ كلِّ يومِ ثلاثاء ـ مجاناً ـ مُغلفة بالنايلون بشكلٍ أنيقٍ . أكتبُ مع ملاحظةِ أنني أضعُ عراقيي الداخل خارج المشهد ، لأنهم لم يكونوا على درايةٍ بما يدورُ في العالمِ فهم في قبضةِ الغيبِ . جريدة المؤتمر استقطبتْ أعداداً كبيرةً من مثقفي العراق وسياسيهِ وأغدقت عليهم وعلى مشاركاتِهم إنْ هم نشروا فيها .. أنني لا أبالغ إذا قلتُ إنَّ جريدةَ المؤتمر ـ التي صدرت في لندن قبل الاحتلال ـ كانت وعاءً احتوى كلَّ مثقفي وسياسيي الطوائفِ والقومياتِ ورجالِ الأحزابِ اليسارية واليمينية ، الوطنية وغير الوطنية وكلّ المُطعونين بسيّرِهم السياسيةِ والأخلاقيةِ .. كانت مكاناً " للردح " .. فَهَزَّ وركَهُ على صفحاتِها كلُّ مَن أرادَ أنْ يُجرّبَ الرّقصَ ( وأكثرهم أفلحَ في ذلك ) .. عودوا إلى "المؤتمر" وتأكدوا مِن الأسماء!
* لماذا نتباكى على وحدةِ العراق ؟ ونحن نعلمُ أنّ مَن وافقَ في مؤتمر لندن مِن الأحزاب العراقية على احتلالِ العراق ؟ هي الأحزاب الستة : حزب البارزاني ، حزب الطالباني ، حزب الحكيم ، حزب علاوي ، الحركة الملكية الدستورية لهذا " الشريف" ، حزب المؤتمر لأحمد الجلبي . وهؤلاء الآن في قمةِ الهرمِ .
وأتساءلُ هل الدكتاتور ـ أي دكتاتور ـ يساوي الوطنَ ، أيّ وطنٍ؟ فإذا كانت إزاحةُ الطغيانِ تُقابل خرابَ الأوطانِ ثم ضياعها ، فاقرأْ على البدائل السلامَ .

* لماذا نتباكى على وحدةِ العراق وقد التحقَ بهذه الأحزابِ كلُّ أحزابِ العراق التي تجاوزَ عددُها أثناء الاحتلال ألــ ( 300) حزب مِن الذين لم يلحقوا بالدباباتِ القادمة للعراق ، ثم دخلت هذه الأحزاب العملية السياسية بدون استثناء ؟
* لماذا تتباكون على وحدة العراق وقد وضعتم دستوراً يُفتتُ وحدةَ الوطن ؟
* لماذا تتباكون على وحدةِ العراق وأنتم لم تدافعوا عنه وسلمتم بغداد بدبابتين وقفتا على الجسرِ ، ثم خلعتم ملابسَكُم العسكرية وذهبتم إلى أحضانِ نسائكم ؟
* لماذا تتباكون على وحدةِ العراق وأنتم أججتم الطائفيةَ التي راح ضحيتَها مئاتُ الآلاف مِن البشر ؟
* لماذا تتباكون على العراق وولاؤكم ليس له وإنما لطوائفِكم وقومياتِكم ومذاهبِكم ودياناتِكم وللدولِ الممولةِ؟
* لماذا تتباكون على العراق وأنتم مَن فرّط بسيادتهِ أمامَ كلِّ غازٍ ومحتلٍّ ومتدخلٍ وفاجرٍ ؟
* لماذا تتباكون على العراق وقد نهبتم خيراتِه وأفقرتُم فقراءَهُ ويَتَمْتُم أطفالَهُ وأثكلتم فيه الأُمهاتِ ورملتم نساءَهُ ؟
* لماذا تتباكون على العراق وأنتم تتبادلون أدوارَ الضحيةِ والجلّادِ فأنتم الضحية وأنتم الجلّاد ؟
* ليس هنالك بريءٌ مِن بينكم فأنتم جميعاً مَن يستحقُّ القصاص العادل .



#صبري_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصوص لم تقل شيئاً
- الأُمنيّةُ الأخيرةُ للنورسِ وقصائد أخرى
- الرحيل الأبدي / لستُ في ضلال
- غادرتْني البراري
- عدن ما بعد الضياع
- القطار المُشاكِس
- صَيْحَةُ المُتَشَرِّد
- كوثرُ الحنينِ وصمتُ التواريخِ
- كأسُ الأَرَق
- الرّحلة المُثيرة
- الرحلة الأخيرة في جسد الحكايا
- ستأتي العواصفُ تباعاً
- جسدٌ صحراويٌّ
- صخب الخاتمة
- زرقاء في عشقها الأبدي
- سفر أخير في الهذيان
- في كلِّ ليل
- عربة الجنون
- عنِ التَهْميْشِ والبَصْريّ الطيِّب
- أبحثُ عنكِ في جسدِ الياسمين


المزيد.....




- بآلاف الدولارات.. شاهد لصوصًا يقتحمون متجرًا ويسرقون دراجات ...
- الكشف عن صورة معدلة للملكة البريطانية الراحلة مع أحفادها.. م ...
- -أكسيوس-: أطراف مفاوضات هدنة غزة عرضوا بعض التنازلات
- عاصفة رعدية قوية تضرب محافظة المثنى في العراق (فيديو)
- هل للعلكة الخالية من السكر فوائد؟
- لحظات مرعبة.. تمساح يقبض بفكيه على خبير زواحف في جنوب إفريقي ...
- اشتيه: لا نقبل أي وجود أجنبي على أرض غزة
- ماسك يكشف عن مخدّر يتعاطاه لـ-تعزيز الصحة العقلية والتخلص من ...
- Lenovo تطلق حاسبا مميزا للمصممين ومحبي الألعاب الإلكترونية
- -غلوبال تايمز-: تهنئة شي لبوتين تؤكد ثقة الصين بروسيا ونهجها ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبري هاشم - البكاء على وطنٍ خذلناه