أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - القانون لا يحمي المغفلين، ولكنه يحمي النصابين














المزيد.....

القانون لا يحمي المغفلين، ولكنه يحمي النصابين


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 4838 - 2015 / 6 / 15 - 13:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




مثلما يحدث في فيلم البحث عن سيد مرزوق عندما يخرج يوسف في يوم اجازته فتنتقلب الدنياعلى رأسه. هكذا وقع لي عندما قررت أن أشتري شقة منذ أربع سنوات. فجأة انفتح صندوق باندورا لتندفع منه أشكال من الشرور والشرور.
في لمح البصر وجدت نفسي أغادر همومي العادية المتصلة بكتابة مقال أو تصحيح امتحان أو التفكير في شأن من شؤون بلادنا التعسة لأدخل عالماً غريباً من الأشخاص المتربصين بك لكي يفترسوا قطعة من جسدك، إن كان ضابطاً من ضباط الأمن المفترض فيهم بحسب هوبز أن يحموك من "اعتداء اخوانك المواطنين"، أو المقاول المفروض فيه أن يقدم خدمة يتلقى على اثرها اجراً، أو المحامي الذي يتخصص في بلادنا بخداع موكله بغرض ابتزاز أكبر مقدار من المال من جيبه.
اشتريت شقة من ضابط يعمل في جهاز المباحث، ولكنه بعد أن أخذ مني ما يزيد على ثلاثين الف دولار، اضافة الى عدد كبير من الشيكات قال انه لا يريد اتمام الصفقة، وعندما طالبته بإعادة ما دفعته له، رد بأنه سيعيدها عندما تتوافر معه النقود. لكن بالله عليكم كيف يمكن لضابط راتبه محدود، ويعيش فوق مستوى دخله بكثير أن يوفر نقوداً ليعيدها لي أو لغيري من الناس؟ ضابط يدرس أولاده في مدرسة خاصة أقساطها عالية، ولديه ابنة في الجامعة...الخ لا بد أن نية الإقلاع المالي عن طريق سرقة أموال مواطن آخر أو أكثر هي الخطة التي كانت تعشش في دماغه. ويبدو أن عمل الضابط في مكافحة الاحتيال والنصب والسرقة قد مكنه من اتقان اللعبة. أليست فرصة الطبيب في التقاط العدوى بمرض ما أعلى من فرصة الناس الاخرين؟ هكذا التقط الضابط الفكرة ونفذها بمهارة.
يجب أن لا نلوم هذا الضابط، اذ يبدو أنه مثل كثيرين غيره يرى إلى "الناس" تغنى وتسافر وتبني الفلل دون أن يكون لديها ميراث ولا فوز بجائزة من جوائز ال"لوتو" فيصاب بالحيرة والغيرة والحسد، ويقول في نفسه: "مثلما تمكن هذا وذاك من جمع هذه الثروة دون أساس واضح، يجب أن أستغل الوضع قبل فوات الأوان." ويبدو أن الصيغة الراهنة للاقتصاد السياسي للفساد الذي يسيطر في بلادنا تسمح بذلك بالفعل. ولكي أوضح ذلك في تجربتي الخاصة أسجل أنني ذهبت أشتكي الرجل لدى الجهاز الأمني المعني الذي يعمل فيه، وقد أبدى رؤساؤه وزولاؤه دهشتهم من الواقعة، وأكدوا لي أنه سيعيد المال في وقت قريب لن يتجاوز الأسبوع، لكن ما حصل أنهم بعد أشهر عديدة ومديدة قالوا لي تستطيع أن تذهب إلى المحكمة، لا حل لدينا. كأنهم قالوا لي فعليا: "اذهب إلى الشيطان، أو اضرب راسك في الحائط."
أنا رجل مثقف والعياذ بالله، وأطل على أشياء كثيرة في البلد بما فيها مؤسسات حقوق الإنسان الكثيرة الممولة من سادة الحق ومبادئ سيادة القانون والديمقراطية الأمريكية والأوروبية. ولذلك فقد لجأت إلى مؤسسات حقوقية كثيرة من بينها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، فسمعت كلاماً طيباً في الأحوال كلها. ولكنني لم أتلق أية مساعدة فعلية. ذهبت إلى جهاز في الشرطة اسمه "دائرة المظالم وحقوق الإنسان" فكان أن أحضروا الضابط وسالوه في الأمر فأقر بما أخذه، واقترح أن يعيد لي المال على دفعات، ولكنه لم يلتزم، فقال لي المقدم المسؤول بأنه لا يستطيع لي شيئاً. وأن علي أن أذهب إلى المحكمة. وعندما سألته عما يمكن أن تفعله المحكمة قال بأنها ستقسط المبلغ على دفعات صغيرة، وربما صغيرة جداً.
أسقط في يدي وأحسست أن نقودي القليلة التي جمعتها فلساً فلساً من دخلي المتواضع واستدنت فوقها أكثر منها قد تبخرت بالفعل. لكن شيئاً غريباً حدث: صدف أن الضابط الموكل بحماية أمني وأمن المواطنين عنده شقيق كان قد اعتقل بتهمة الانتماء للجهاد الإسلامي، وقد قام هذا الأخ الذي ينطلق على ما يبدو من ايمان بعدم جواز "أكل أموال الناس بغير حق" بإعادة جزء كبير من المبلغ على أقساط، ولم يتبق إلا القليل.
لكن هناك شيكات ظلت في حوزة الضابط، ودون أن أدري رفع طرف ما شكوى بحقي في المحكمة التي فشلت في إبلاغي عن جلساتها، ثم اعلنت في الصحف التي لا يقرؤها أحد، ثم قامت بإصدار حكم غيابي بحقي يتضمن السجن. وعندما وصلني الخبر عن طريق مواطن كان قد قرأ الإعلان منذ أكثر من شهر، كان الوقت قد فات.
اتصلت بمحام يمكن أن نعده صديقاً. فاقترح أن نتقدم بطعن في إجراءات التنفيذ مقابل ألف شيكل أدفعها له، فوافقت باعتبار أن صاحب الحاجة أرعن. وذهب المحامي للمحكمة وخلال دقائق حصل لي على رد من القاضي برفض الطلب. وعندها انبرى المحامي "الصديق" لتشجيعي أن نذهب إلى رفع قضيتين أخريين، وعندما سألته عن فرصي في الربح، كان رده: "هناك فرصة ما" فأدركت أن الرجل يلعب الآن لعبة ابتزازي إلى آخر فلس في جيبي لأصل في النهاية إلى دفع قيمة الشيكات وأتعاب محامي الخصم. هل يمكن لمحامي محترم في بلد رأسمالي متوحش مثل الولايات المتحدة أن يفعل ذلك؟ للأسف لا. هناك المحامي يضع موكله في الصورة الحقيقية للموقف، أما عندنا فالمحامي يشارك في لعبة الفساد، وليس أمامه فرصة لجمع المال إلا عن طريق خداع موكله بالذات.
تنتشر الجريمة هنا وهناك، ويقتل الناس بعضهم بعضاً. ولكن ما الغرابة في ذلك إذا كان الجهاز الوحيد المتضخم في البلد ونعني به جهاز الأمن وما لف لفه لا يستطيع أن يحميني، بل ربما يقوم بالاعتداء علي مستفيداً مما لديه من أدوات البطش. هل لدى القارئ شك في ذلك؟ أنا جربت ذلك لسوء حظي أكثر من مرة: في حادثة أخرى تعرضت لها، قام ضابط آخر هو صديق الضابط بطل حكايتنا باقتحام شقتي وهي قيد التجهيز ووضع أثاثه فيها، وهددني بأنه سوف يحطم رأسي إن اقتربت منها، وهذه حزيرة طويلة قد أرويها للقارئ في مقالة أخرى.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يهودية الدولة إلى التطهير الكامل: المقاومة هي الحاجز الأخ ...
- أيديولوجيا الديمقراطية في خدمة الاستعمار والدمار
- حزب الله، أنصار الله ويسار الأجزة
- داعش والصهيونية: لماذا تنشران الفظائع؟
- بؤس المثقفين
- إلى عزمي بشارة 1: المقاومة لا قطر هي العدو المؤرق لإسرائيل
- فلسطين: نحو بطولة العالم في الجريمة؟
- نساء اف.ام والفردية الليبرالية لتفسير الاقتصاد
- ثالوث التحالف التبعي: السلطة، والأنجزة، والقطاع الخاص
- البطالة الواسعة وأزمة الإنتاج التبعي الفلسطيني
- الناس لا يقرؤون؟! ولكنهم لا يتقنون لغة القراءة
- خولة الشخشير لن تستقيل؟
- أسطورة البحث في فلسطين: موظفو أبحاث؟!
- أنقذوا التعليم: أوقفوا تدريس اللغة الإنجليزية
- جامعة بيرزيت الليبرالية: التنافس والريادية والإبداع أساس الت ...
- الحجاب وتدمير التفكير واحتكار الحقيقة الأخلاقية
- بطش الاحتلال وبطش المدارس
- فشل الدول وسقوط البرجوازية الكولونيالية في الوطن العربي
- السويد لم تعترف بالدولة الفلسطينية
- اليسار ليس إلحاداً ولا لبرلة ولا علمنة


المزيد.....




- سلاف فواخرجي تدفع المشاهدين للترقب في -مال القبان- بـ -أداء ...
- الطيران الإسرائيلي يدمر منزلا في جنوب لبنان (فيديو + صور)
- رئيس الموساد غادر الدوحة ومعه أسماء الرهائن الـ50 الذين ينتظ ...
- مجلس الأمن السيبراني الإماراتي يحذّر من تقنيات -التزييف العم ...
- -متلازمة هافانا- تزداد غموضا بعد فحص أدمغة المصابين بها
- ناشط إفريقي يحرق جواز سفره الفرنسي (فيديو)
- -أجيد طهي البورش أيضا-... سيمونيان تسخر من تقرير لـ-انديبندت ...
- صورة جديدة لـ -مذنب الشيطان- قبل ظهوره في سماء الليل هذا الش ...
- السيسي يهنئ بوتين بفوزه في الانتخابات الرئاسية
- الفريق أول البحري ألكسندر مويسييف يتولى رسميا منصب قائد القو ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - القانون لا يحمي المغفلين، ولكنه يحمي النصابين