أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم محمد الحلو - هواجس روائيّة














المزيد.....

هواجس روائيّة


ميثم محمد الحلو

الحوار المتمدن-العدد: 4837 - 2015 / 6 / 14 - 23:10
المحور: الادب والفن
    


- كتابة الرواية تجربة صوفيّة مقلوبة.. تُتبادلُ فيها الأدوار.. يحاول فيها الإلهُ وهو (الراوي العليم) هنا.. البحث عن حقيقة ويبتدأ رحلته من الأعلى نزولاً.. فهو المراقب للأحداث وصانعها في المقام الأول.. لكنّه لا يكتفي بذلك بل يحاول مقاربة شخصيّاته.. يمارس الحلول فيها من خلال إسقاطاته الذاتيّة التي لن تفلح إلا بمغادرة مقام الإلوهية المتعالي ومحاولة التجسّد فيها. يفترض الجميع أنّ ممارسة الإلوهيّة يسيرة كيف لا وأنت مبسوط اليد في خلق الشخصيّات وصفاتها زمانها ومكانها.. ورسم الأحداث لها.. ليس عليك أن تنتهز فرصة ما فأنت تخلق ما تشاء من الفرص. لا تنتظر الوقت المناسب والمكان المناسب فكلّ الزمان والمكان ملكك.. مع ذلك تبقى المعقوليّة في القصة والحقيقة المفترضة تحكم الراوي العليم حتى في أقصى الروايات الخيالية جموحاً.. هنا ينزل الراوي من عليائه ويتنازل عن مطلقيّة إمكانياته فيحدّها بحدودٍ تسوّر الفوضى.. أو قد يتنازل عن حقّه في الرواية عن الجميع فيسمح للشخصيّات أن تروي القصّة فتكون روايةً متعدّدة الأصوات.. تبقى هذه المحاولة الشائكة للوصول الى حقيقة أو ما هو أقرب شَيْءٍ للحقيقة محكومة بالخذلان. محاولة التصوّف المعكوس تنتهي كما في التصوّف العادي بعد الإفاقة من الهلاوس وتوهّم الحلول والتوحّد بخيبة أمل.. فليست هناك حقيقة.. لم تكن يوماً ولن تكون.. لكن سينتج من هذه الرحلة (كتابة الرواية) في النهاية إنتاج لمعنى.. أو مجموعة قراءات لمعنى.. أو ربما معانٍ.. وأحياناً فقط أحياناً ستكون رواية رائعة.

- عند كتابة الرواية نظنّ دائماً أننا نفهمُ الآخرين.. ربما لأنّ عجرفتنا توحي لنا أنّ إسقاطاتنا على الآخرين حقيقةٌ لا يرقى إليها الشك.. أحياناً نقترب من الشخصيّات لنقنع أنفسنا أننا سنعرفها أكثر.. وفي أحيانٍ أخرى نقترب أكثر فنتقمّصها ونعايش ظروفها فنظنّ أننا أدركنا حقيقتها. في كلّ مرّة نحن نغفل عن حقيقة أنّ الإنسان كائنٌ متفرّد لا تدرك حقيقته.. كلّ ما يمكننا هو مقاربة حواسّنا المزوّرة وإدراكنا الخادع لحقيقته.. تؤمن الفلسفة منذ (عمانوئيل كانت) وما تلاه أنّ حقائق الأشياء عموماً لا تدرك.. فكيف بالإنسان الذي يحتفل بالفردانية؟!
تبقى الرواية محاولة اقتراب من الآخرين بصبغة الكاتب وبصمته.. هي في الآخر رؤيته هو وأفكاره هو وأحلامه هو وهواجسه هو.. لكنه يسوّقها للآخرين من خلال قصّة يحاول أن يجعل في مقاربته لشخوصها ما يشبه مقاربة الآخرين بالقدر الذي يجعلها معقولة لديهم وممكنة.

- في الحياة الواقعية لن تجد خريطة تدلك على كنزٍ مدفونٍ منذ عقود أو قرون.. وإذا وجدت هكذا خريطة وتتبعت الخطوات بدقة فلن تجد مكاناً على الأرض مرسوماً عليه حرف (x) للإشارة الى مكان الكنز.. وإذا وجدت مثل هذه العلامة وقررت أن تحفر حتى تصل الى الكنز تأكّد أن تحفر حتى تخرج من الجهة الأخرى للكرة الأرضية.. لأنّه وببساطة لا يوجد كنزٌ هناك.. وإذا حصل ووجدت الكنز وتملكتك رغبةٌ قاهرةٌ بالقفز فرحاً.. حاول أن تقمع هذه الرغبة لأنّك قبل قليلٍ وبدوافع أنانية صرف شطرت الكرة الأرضية الى فصّين.. حاول أن تبكي قليلاً ثم تكتب هذا العالم الذي يكاد أن يتداعى من أجلك.
في الرواية فقط يمكنك أن تكتب عن خريطةٍ غير موجودة دلّتك بغرابةٍ الى طريقٍ غير موجودةٍ وأوصلتك الى علامةٍ غير موجودةٍ هي الأخرى.. فحفرت من هناك بحثاً عن كنزٍ غير موجود.. لا يكمن المغزى في النهاية فقط.. أحياناً الرحلة نفسها مغزى.



#ميثم_محمد_الحلو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم الاعتدال الإسلامي
- خطاب الأزمة وخطاب النهضة


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم محمد الحلو - هواجس روائيّة