أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - فندق شارون الفصل السابع















المزيد.....

فندق شارون الفصل السابع


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4837 - 2015 / 6 / 14 - 21:51
المحور: الادب والفن
    


غني عن البيان أن الجو في قاعة المطعم كان من الأجواء الأكثر كآبة في ذلك الصباح، قامت نجا بالخدمة، وهي تغرق في الصمت، بينما وجد صموئيل خلف منصة الاستقبال ملجأ يستمع فيه إلى الأخبار من الراديو. كان الشارونان مصدومين بما حصل لهما، وقليلاً قليلاً انتقلا بكآبتهما إلى النزلاء، الذين كانوا لا يجرؤون على الهمس إلا ما ندر، وينظرون إلى بعضهم البعض من مُوْقِ العين.
- فستانك جميل، يا نجا! صاح القمندان إعجابًا، ليلطف قليلاً الجو.
نجا؟ فستان؟ اتجهت الأنظار إليها: بالفعل كانت ترتدي فستانًا أسود قصيرًا وبسيطًا، يعطيها هيئة الأرملة المحزونة. كانوا كلهم مشغولي البال إلى درجة أنهم لم يلاحظوا هذا "الحدث"، ومع ذلك استثنائي! خفضت نجا عينيها خجلاً، وشدت فستانها كما لو وجدته فجأة قصيرًا جدًا.
- هل رأيتم، واصل الضابط، أنا، خلعت لباسي العسكري!
هذا، لاحظه الكل. كان لهم كلهم رد الفعل نفسه، البارحة، عندما لمحوا اللباس الكاكي، التراجع مبعثه. لم يكن من المستحب أبدًا معاشرة جندي من جنود "تساهال"، وعند وصولهم إلى قاعة المطعم هذا الصباح، وجدوا في تبديل اللباس فألاً حسنًا، حتى أنهم كانوا شاكرين له عدم إخفاء وضعه. كان الضابط قد قرر الاختلاط بالسياح ليمضي من عطلته بعض الأيام، والجهود التي يبذلها لانبساط أسارير جيرانه كانت البرهان، لكن كان الانفراج الخجول من وراء تدخله قصيرًا. إذا ما كان الجو جليديًا حتى الآن، صار سيبيريًا عندما ظهر يوسف عند قدم الدرج.
قطع كل واحد حركته، ملعقة أمام الفم، فنجان في اليد، سكين على الخبز. كان يحمل حقيبته الضخمة، ويتمايل من قدم على قدم، لا يعرف أي سلوك يسلك. انتهى به الأمر إلى السعال، ضائقًا:
- صباح الخير جميعًا!
أجابته همهمة غامضة.
- شهية طيبة! حاول مرة أخرى. لا أظن أني سأتناول طعام فطوري، لا أدري لماذا، أشعر بالغثيان هذا الصباح.
وقفت نجا، وهي تقفز، مستاءة، ولجأت إلى المطبخ.
- آه! ربة البيت تهرب مني! خطير هذا! سأرى ما يجري.
نظر إلى سالومون، وهو يتظاهر بمن لا يرى أو يسمع، ولم يحاول الإمساك به عندما اتجه يوسف بقدم مترددة نحو عرين نجا، بعدما وضع حقيبته في مكتب الاستقبال.
- أوصيكَ بها، قال لصموئيل مشيرًا إلى حقيبته.
لو أَمَّلَ منه رد فعل من طرفه، لخاب سعيه: لم يتحرك صموئيل كالتماثيل.
طرق باب المطبخ. لا جواب. أخذ نفسًا عميقًا، وتجرأ في فتح الباب. كانت نجا واقفة، وهي تعتمد على حوض المطبخ. أشاحت بوجهها عنه لما رأته يدخل:
- اخرج من هنا! ألا ترى أنني في عز أشغالي!
- نجا، مدام شارون، انظري إليّ... رجاها. أؤكد لك أنني لم أكن سيء النية بالنسبة إليك، كنت أريد قضاء عطلة طيبة في تل أبيب. صدقيني، إيجاد غرفة فندق في هذه المدينة الشيء الأصعب في العالم لعربي!
بقيت لنجا هيئتها العنيدة دومًا.
- واعلمي أنني لا أحب إطلاقًا استغلال ثقة الناس، هذه الثقة قيمة مقدسة عندنا، لكني والله العظيم وراس يهوه لم أستطع فعل غير هذا. نجا! قولي لي ما تريدين لتسامحيني! إذا كان الأمر يسعدك، أنا على استعداد لاعتناق الدين اليهودي! هل يرضيك هذا؟
آه! رفعت كتفيها! هناك ما هو أفضل!
- بتعرفي إيش بكلفني اللي بقوللك اياه! من جهة تانية، وأنا أمعن النظر في هذا، لا يستطيع المسلمون إنكار عقيدتهم، بينما يمكن لليهود اعتناق الإسلام.
- أنت تضحك عليّ أم ماذا؟ انفجرت نجا أخيرًا. هل أنت في صدد أن تقول لي إن بإمكاني اعتناق الإسلام؟ أحلى الأحلى هذا!
- لا، لا! تنهد يوسف رافعًا يديه علامة الاستسلام. أنت تؤولين كل شيء غلط، لم أشأ أبدًا الاعتداء على مشاعرك. أعتقد أن من الأحسن أن أذهب. أشكرك على كل ما فعلت من أجلي، واعْذِريني مرة أخرى لهذا الحادث...
خرج من المطبخ مرتبكًا، ولو انتظر ثانية واحدة أكثر، لرأى نظرة نجا تنعم. عندما قامت بحركة باتجاهه، كان الوقت متأخرًا: كان قد أغلق باب المطبخ.
ولنفكر أن ما فعلت الأسهل في مراسم وداعي! قال يوسف لنفسه، وهو يتجه نحو صموئيل. بقيت له مواجهة رب البيت. رمى يوسف التمثال بنظرة: كان صموئيل ينتظره بنية الصمود والمقاومة. كلما تقدم يوسف منه، كان بإمكان يوسف أن يحس فيزيائيًا قوة حقده، كما لو كان يدخل في دائرة من النار. عَسْكَرَ أمامه، وفتح فمه. لم يترك صموئيل له الوقت للفظ أقل حرف و، دون أن ينظر إليه، وضع بشراسة فاتورته على المَبْسَط. نط يوسف كما لو لطمه أحدهم، ثم بحث في جيبه ليجد ما عليه دفعه من مبلغ. فحص صموئيل الأوراق النقدية بعكس الضوء، ليتحقق من كونها ليست مزورة، ورماها في الجارور، وهو ينخر.
نهض من وراء مكتبه متثاقلاً، فأغمض يوسف عينيه، وهو على يقين أن الآخر سيعيد له الصرف بلكمة على وجهه. لم يكن شيء من هذا، بكل بساطة أمسك الحقيبة و، بخطوة مصممة، اتجه نحو باب الخروج، ويوسف لا وقت له ليتصرف: كان الآخر قد قذف الحقيبة على الرصيف، فانفتحت ملقية بكل ما تحتوي عليه.
عندما دخل الفندق، انزرع أمام قاعة الطعام، ونظرته مليئة بالتحدي، مستعدًا لمواجهة إنكار الزبائن الآخرين. أبراهام وحده من أبدى عدم رضاه بهز رأسه، فعاد صموئيل راضيًا إلى مكتب الاستقبال، وراح يلمّع اللافتة بعصبية.
- "ممنوع للعرب وللكلاب"، همهم. مع ذلك، الأمر واضح!
أخذ يوسف طريق الخروج، وكرجل واحد، نهض النزلاء الآخرون ليحيطوا به. ألقى يوسف عليهم نظرة حائرة: كانوا كلهم هنا، حتى المتكبرة ميريام، حتى الحيوي بنيامين، ومونيكا، وجاد والآخرون. حتى سالومون! تعانق الرجلان بعينيهما، وفي الأخير، مد سالومون يده التي شد عليها الآخر بحرارة. رافقوه حتى باب الخروج، وهم يهونون عليه بضربات الصداقة على كتفه، فأحس يوسف بقلبه ينتفخ من الشكر والعرفان.
- شكرًا، يا أصدقائي، شكرًا، أنا لن أنسى أبدًا ما فعلتموه من أجلي.
أخذوا جميعهم يجمعون أشياءه التي نثرتها الريح هنا وهناك، وهم يقومون بتعليقات مستاءة من السلوك المشين لصموئيل.
- لا تزعلوا، طمأنهم يوسف، أنا معتاد!
كما لو كان ذلك يطمئن له القلب بالفعل...
- هيه! يوسف!
كان القمندان من يناديه.
- هيه! يمكنني أن أفعل شيئًا لك، قال. إذا كنت مستعدًا لدفع الثمن، أقترح عليك غرفة في الشيراتون، ما رأيك؟
- أنا لا أفهم، تلعثم يوسف، منذهلاً.
- هادا سهل مع بطاقة ضابط "تساهال" التي لي، أن تكون عربيًا درزيًا أو صينيًا، كل شي ممكن، يا عزيزي! إذن، ماذا تقول؟
- أعتقد أنها فكرة جيدة، عمل يوسف أخيرًا.
استُقبل جوابه بصيحة من الفرح جماعية، وكان دور القمندان في العناق، وشد اليد، والضرب على الكتف. استغل أبراهام الفرصة ليهمس في أذن سالومون ومهبول:
- إذن؟ هل رأيتم ما يخدم ألا نهاجم ضابطًا خارج قاعدته؟
هز الرجلان رأسهما. بصراحة، ما أبصراه من مشهد سيمدهما بمادة للتفكير لأسابيع.
- وإذا ما أتينا كلنا لنحجز الغرفة، قمندان؟ اقترح جاد فجأة.
- سيمون، اسمي سيمون!
- يعيش سيمون، يا...
- يعيش!
- يا...
- يعيش!
- يا...
- يعيش!
- يعيش، يعيش، يعيش!
- هَدّوا، هَدّوا! احتج سيمون محمرًا. أظن أنه من الأفضل أن أذهب وحدي، وإلا اعتقدوا بأنه هياج شعبي. لكني أقترح عليكم أن تلتقي كلنا معًا على الشاطئ، من هنا لنصف ساعة. أدعوكم لأكل بوظة.
- يعيش، يعيش، يعيش، للبوظة! صاح جاد من جديد. أنا ماشي! وأنتم؟ سأل ملقيًا نظرة دائرية على الآخرين.
كانوا موافقين كلهم. اقترب يوسف من سيمون، وقال له:
- سيمون، أشكرك على كل ما تفعله من أجلي، فهي عطلتي الأولى التي آخذها منذ زمن طويل، وأنا مسرور لاستطاعتي التمتع بالشمس والبحر عدة أيام زيادة، كالكل.
- تمام، يا ولدي، تمام، اترك كل هذا عليّ.
رآه الفريق الصغير، وهو يبتعد نحو الشيراتون، وكل واحد منهم يهز رأسه علامة الإعجاب. يا له من شخص شجاع، على كل حال!
- وإذن، أنت لا تحرم نفسك من شيء، يا يوسف! عمل جاد مصفرًا. الشيراتون! أود لو أكون عربيًا، أنا كذلك!
- على عينك! تغضن يوسف. لا، أنا أمزح!
أخذ الموكب المَرِح طريقه إلى الشاطئ، ولم يتأخر سيمون عن اللحاق بهم. ألح جاد ويوسف على رفعه على كتفيهما، وحملاه حمل المظفرين حتى بائع البوظة، رغم احتجاجاته. أخيرًا وضعاه جذلانيْن على الرمل، وتكلم يوسف بلهجته الأكثر ارتسامية متوجهًا إليه:
- سيمون، أتمنى من كل قلبي أن تعين جنرالاً ذات يوم، ثم رئيسًا للوزراء. سيكون حدثًا ما بعده حدث إذا كان رجلٌ يحب العرب ولا يفكر فقط في شن الحرب ضدهم أن يعين رئيسًا للحكومة. لا غرابة في الأمر، فشعبك يحب جيشه كثيرًا! لا ينام بسلام إلا إذا كان رجلٌ قوي على رأسه، جنرال أو بطل. بلا هذا، إسرائيل لن تكون إسرائيل، وحياة الإسرائيليين لن تكون سوى سلسلة متواصلة من نفس الكابوسين: كابوس عرفات وكابوس عرفات!
بالطبع، لم يكن بإمكان سيمون أن يؤيد كلامًا كهذا، غير أنه وعد بالتفكير فيه. مع ذلك، أضاف:
- بصراحة، أود لو أفهم أحيانًا كيف وصل وضع بلدنا إلى كيس العُقَد هذا! عندما أراكم جالسين الواحد جنب الآخر، عَمَلَ مشيرًا إلى يوسف وسالومون، أنت العربي وأنت اليهودي، وألاحظ إلى أية درجة أنتما تتشابهان، أتساءل أي معنى لكل هذا التمييز.
- نحن؟ عمل الرجلان سوية، مَغيظيْن. أنت تجد أننا نشبه بعضنا؟
ومن جديد، نظرا إلى نفسهما ككلب وقط عاشا في خصام دائم. اللفتة الكريمة لسالومون في الفندق قد تم نسيانها، كان قد ظن أنه تخلص من الآخر نهائيًا، لكن منذ عرف أن يوسف سينزل في الشيراتون، بينما عليه هو أن يواصل لعب كوميدياه الشائنة في فندق شارون البائس، أحس بنفسه مهددًا من جديد. أضف إلى ذلك، لم تعد له مونيكا كاستثمار زراعي. لقد عاد الصراع المرير بين الاثنين.
- نعم، هذا ما أجد، أجاب سيمون ببراءة، الذي لم يكن على علم بعد بمقتهما. في كل الأحوال، أنت، عمل متوجهًا بالكلام إلى سالومون، أنت تشبه أحد أصدقاء طفولتي، صديق عربي اسمه سليمان، هذا يشبه قليلاً سالومون، ألا تجد؟ أحبه كأخ، ويجب عليّ قول إن القليل من الأشخاص في العالم أثق بهم بالقدر الذي أثق به.
- أنت واثق من أن اسمك سالومون، قهقه مهبول، وليس سليمان؟
رماه سالومون بنظرة حانقة، فسارع مهبول إلى قول:
- كسليمان المذكور في القرآن، أعني.
- أنا لا أقرأ إلا التوراة، رد سالومون بهيئة متكلفة.
- كما تشاء، يا أخي، سلم مهبول بالأمر. على أي حال، أفضل أنا سليمان، سليمان أجمل!
- وأنا، أفضل أن تسد بوزك، رشق سالومون.
بدأت نفساهما تسخنان، فنظر سيمون إلى الرجلين حائرًا. لم يكن يقصد بدء أعمال حربية كهذه، فوضع أبراهام يده على ذراعه، وأشار إليه ألا ينتبه إلا نزاعاتهما. "هفوات الشباب!" تنهد.
- هل رأى أحدكم رملة؟ تعجبت سارة. ألم تأت معكم، يا أولاد؟
أبدى إسماعيل وإسحق جهلهما بوجودها، فعجل أبراهام بطمأنة زوجته:
- لا تقلقي! لقد فضلت البقاء مع كلبتها في الفندق!
انفجر سيمون ضاحكًا، وهو يهز رأسه، غير مصدق:
- لأن فوق هذا لديكم كلبة معكم في الفندق؟ ما هما سوى ساذجين هذين الشارونين، على التأكيد! أمس، علما أنهما يؤويان عربيًا، واليوم، لم يزالا يجهلان أن هناك كلبًا تحت سقفهما! حلوه هادي!
- أنت لن تقول لهما، أليس كذلك؟ سألت سارة بقلق.
- لا تقلقي، لن أقول لهما! طمأنها سيمون مع ضحكة كبيرة. على أي حال، إذا علم الشارونان أن هناك كلبًا عندهما، وقررا طرده، سأعرف كيف أجد له مكانًا في الشيراتون، جنب يوسف، لِمَ لا؟
استُقبل اقتراحه بالصهيل العام. كان مضحكًا، هذا القمندان! عند ذاك، رأى إسماعيل وإسحق الذهاب ليلعبا بالكرة، وما لبث مهبول أن نهض، أخبرهما أنه بحاجة إلى تنشيط ساقيه، وهو يسعده أن يلعب معهما.
- لماذا؟ ساقاك ثقيلتان؟ نمت متأخرًا أمس مساء؟ قهقه سالومون الذي لم يزل عاتبًا عليه لأنه كان على وشك أن يخونه.
- نعم، سهرت على راحة كل الذين ينزلون في فندق شارون، رد مهبول على التو، كالحارس الملاك!
- و، تذكرت، يوسف، هاجَمَ "جاد" غامزًا مونيكا. هل تعرف أن مونيكا تهتم كثيرًا بالعرب، هي أيضًا؟
- صحيح؟ لكن هل تعرف أنني أهتم كثيرًا بمونيكا، أنا كذلك؟ قام يوسف بهجوم مضاد.
- إنها جميلة، أليس كذلك؟ عمل جاد مداعبًا الشعر الطويل للمرأة الشابة. لكن ليس من هذه الناحية أعني، هل تعرف أنها من حزب العمل؟
- وكيف لا أعرف؟! مكتوب على جبينها أنها من حزب العمل!
- وهل تعرف أن حزب العمل يبحث عن كسب أصوات العرب في الانتخابات القادمة؟
- طيب، وبعدين؟ بماذا يخصني هذا؟
- لا تنرفز، عَمَلَ "جاد". في حالة ما إذا أردت العودة إلى تل أبيب في العام القادم، ربما ساعدك هذا، أن يكون لك سند في حزب العمل!
- لكن كيف تسمح لنفسك بالتجنيد مكاني؟ احتجت مونيكا مرسلة ضربة مفاجئة إلى كتف جاد.
- لأن هذه هي المرة الأولى التي أراك فيها صامتة بهذا القدر! مازحها جاد. قلت لنفسي ربما كنت مريضة! بصراحة، لو كنت مكانك...
- لكنك لست مكاني، فماذا ستفعل لو كنت مكاني؟
- سأرسل أصدقاء حزب العمل تاعك ليبحثوا عن الأصوات العربية في فندق شارون، رد، وهو يطلق ضحكة مدوية. أرى من هنا المشهد: "نهاركم سعيد، يا سيدي، نعرف من مصدر موثوق به أنكم تحبون العرب، وسنكون سعداء إذا ما سمحتم لنا بمقابلتهم!"
- ولِمَ لا تقترح عليه تنظيم الاجتماع الإعلامي العمومي في فندقه، طالما أنت هناك!
- فكرة ممتازة! قولي له إن عليك إنزال مجموعة من المؤتَمِرين، وسترين إذا ما سيرفض؟
- أوقف ترهاتك! ألا ترغب في العوم قليلاً؟ سَيُنْعِش لك ذلك الأفكار!
- إذا أتيتِ معي، ذهبتُ إلى أطراف العالم، هَمَسَ بحب، وهو يقف. هيه! انتبه! رمى بلسانه مهبول، الذي راح يتوجه كالمهبول بالكرة نحو الهدف مع تحاشي الاصطدام بالخصم، وكاد يوقعه.
- هدف!!!!!!! كل ما أعطاه من جواب، تحت تصفيق إسحق، اللاعب الشريك في "فريقه".
أخيرًا، لقد نجح مهبول في كسب ثقة المراهق. كان مهبول وكرته شيئًا واحدًا، وكأن الكرة تلصق بقدمه بقدر ما تبدو عليه الرشاقة المذهلة في تحريكها. كان يستغل قامته القصيرة النحيفة للتسلل بين كل العقبات، ويضع من العناد والاستبسال ما هو خارق بالفعل ليذهب بالكرة تمامًا إلى حيث يريد. من البديهي، أمام أدلة كهذه، كان إسحق قد نسي الانطباع السيئ الذي كونه عنه في البداية. نظر إليه بعين العابدين إلى معبوديهم: لقد غدا مهبول بطلاً.
- ما الذي يجري؟ سأل الولد بقلق وهو يرى وجه بطله يتحلل. أنت لم توجع نفسك، على الأقل؟
بلى! أحس مهبول بقرص مهول في قلبه. لمح بين المصطافين ربان القارب الذي رافقه حتى الجزيرة، في ذلك اليوم، وتابعه بعينيه، فالآخر لمحه كذلك.
- هيه، أنت! صاح مهبول باتجاهه.
قرر في الحال أن يوضح للآخر أنه يستقيل، وأنه لن يرتكب أبدًا جريمة الانتحاري الذي لن يكونه، كما طُلب منه. لن يقضي باقي حياته، والقلق ينهبه، بانتظار أن يلتقطه، وهو في الشارع، رجال يأخذونه إلى مكان سري آخر، لن يرجع منه أبدًا، هذه المرة.
كانت دهشته كبيرة، عندما فر الرجل كالأرنب، وبسرعة ذاب بين الجموع. ما الذي يعنيه كل هذا؟ تساءل مهبول، وهو يفكر مدة طويلة، قبل أن ينتفض على نداء أحدهم:
- هيه، مهبول! امسك!
كان إسحق. أوقف مهبول الكرة بقدمه، وقذفها بين أكياس الشاطئ كقفصٍ أُعِدَّ هكذا.
- هدف!!!!!!! صاح بأعلى صوته. سنربح!!!
وراح يركض للشرف والعزة على الرمل، وذراعاه مرفوعتان نحو السماء علامة الانتصار، مع إسحق، وهو يفيض سرورًا، وينط إلى جانبه، مهنئًا.


يتبع الفصل الثامن



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فندق شارون الفصل السادس
- فندق شارون الفصل الخامس
- فندق شارون الفصل الرابع
- فندق شارون الفصل الثالث
- فندق شارون الفصل الثاني
- فندق شارون الفصل الأول
- في بيتنا داعشي 5 وأخير الرؤساء والملوك
- في بيتنا داعشي 4 أمريكا
- في بيتنا داعشي 3 التعايش
- في بيتنا داعشي 2 المؤمن
- في بيتنا داعشي 1 الله
- مدام ميرابيل القسم الثالث4 وأخير
- مدام ميرابيل القسم الثالث3
- مدام ميرابيل القسم الثالث2
- مدام ميرابيل القسم الثالث1
- مدام ميرابيل القسم الثاني13
- مدام ميرابيل القسم الثاني12
- مدام ميرابيل القسم الثاني11
- مدام ميرابيل القسم الثاني10
- مدام ميرابيل القسم الثاني9


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - فندق شارون الفصل السابع