أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمرو محمد عباس محجوب - حروب الثورات العربية (2) الفزاعات















المزيد.....

حروب الثورات العربية (2) الفزاعات


عمرو محمد عباس محجوب

الحوار المتمدن-العدد: 4833 - 2015 / 6 / 10 - 22:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الفزاعة تعبير شاع في الفضاء السياسي بعد تفجر الثورات العربية وعند التمهيد لها. تعنى الفزاعة خيال المآتة (دمية على شكل إنسان مصنوعة من القش المخبأ في ثياب وتستخدم عادة لإخافة الطيور في الحقول)، وعنى المصطلح كما يرى د . محمد يحي على قيام بعض الحكومات أو الأنظمة بالتلويح أمام شعوبها أو أمام القوى والدول الخارجية، بإمكانية دخول قوى وتيارات سياسية داخلية إلى الحكم محلها، على طريقة تهدد مصالح تلك القوى الكبرى أو تنذر بالخطر فيما يفترض على مصالح الشعوب والقوى الاجتماعية والسكانية الأخرى داخل البلد أو حتى على كيان البلد ذاته.

وللروائي الليبي إبراهيم الكوني استعمال آخر للفزاعة فهي في الواحة تاريخ يتناقله الرواة وأهل الفصول فيقولون أن ساحر الأغراب عندما نزل الواحة قادما من المجهول تنكر في مسوخ أخرى. قامت دعائم الفزاعات على عدة محاور: الفتنة، البديل الإسلامي، الطائفية والقبلية وتعتمد أهمية كل محور على ظروف كل دولة. وسنتناول كل محور بالتفصيل.

تؤسس الأنظمة على أن البديل لها هو الفتنة، فالأنظمة هي حافظة النظام وحارسة مصالح الخارج بشكل عام، وتلعب الإشارة إلى امن إسرائيل خاصة في المنطقة العربية التي يمثل أمنها أحد هموم الغرب في رسم استراتجياته وموقفة من الأنظمة. الفتنة لها مسببات عدة في مصطلحات الأنظمة فهي تستند مباشرة إلى التجارب المريرة – للغرب- مع التغييرات في العصر الحديث وأهمها مآلات الثورة الإيرانية ووصول حماس للسلطة في حماس وغيرها وهي إشارة إلى فقدان البدائل للخبرة المتوفرة في شئون الحكم والاقتصاد والاتجاهات المغامرة المتوقعة. فالنخب العلمانية والإسلامية الإقصائية، بعد أن أحنت ظهرها للريح بشدة وانبطحت، هيأت دولة الفساد التي لائمت مصالح الشركات العابرة للقارات ومثلت الحصن الأمين لهذه المصالح.

ورغم أن أساس كثير من الثورات تجد مرجعيتها في الأطروحات المولدة أساساً من العالم المدني الديمقراطي، وأسسها الثابتة من الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير، فقد فوجئت كافة التيارات ومراكز البحث والاستراتيجيات والدول والمنظمات وقوى المجتمع المدني العالمية بهذه الثورات ولم تستطع تتبع نشأتها، تطورها، أساليبها وتكتيكاتها ووسائل تنظيمها. كلهم وجدوا أنفسهم في مواجهة شباب ثورات تجهل تماماً هذه القوى، فهي لم ترها قط في الفضاء السياسي سابقاً وليسوا هم المسجلون في تقارير المخبرين والأجهزة المختلفة، ولم تدرسهم معاهد الدراسات والأبحاث وبالتالي لا تعرف ردود أفعالهم وليس هناك جهة للتفاوض معها أو إغرائها أو شرائها بالمال.

أدى هذا لارتباك شديد في الدول التي تعرضت للثورات- والتي تنتظر دورها- فقد بدا كافة الرؤساء في معايشة حالة المواقف وتعرضوا لكافة مراحل الصدمة ( في علم النفس تقسم مراحل مواجهة الصدمات إلى خمسة مراحل هي :الإنكار، الغضب، المفاوضة، الاكتئاب والتقبل). وقد رأينا كيف أنهم جميعا استهلكوا الوقت في الحالة المتطرفة من آلية التكيف النفسي التي تسمى الإنكار، فأنكروا أن يحدث لهم ما حدث لمن حدث قبلهم ، بديلا عن التصدي ومحاولة تقديم إصلاح حقيقي . نفس الارتباك والتشتت دفعت أمريكا وبريطانيا وفرنسا من التأييد لبن على ومبارك إلى الانتقال لموقف الارتباك المعاكس في حالة الثورة الليبية.

تم بناء فزاعة البديل الإسلامي بتواصل عبر السنوات عن طريق الصفقة التاريخية التي تم عقدها بين أنظمة النخب العلمانية الإقصائية والحركة الإسلامية في كل هذه الدول، للعب هذا الدور مقابل مكاسب سياسية واجتماعية محدودة، أما الدول المحكومة من النخب الإسلامية الإقصائية فهي تقدم نفسها كممثل لإسلام معتدل ضد إسلام متطرف يتمثل في أقصى حالاته في تنظيمات داعش، القاعدة، الحوثيين، الشيعة المتحالفة مع إيران ومثيلاتها. هذا البناء ابتدره الرئيس السادات، الذي أعاد التيارات الإسلامية وسمح لها بالنمو والترعرع والتغلغل في النقابات الطلابية وغض النظر عن استعمال العنف ضد اليسار المصري، وفتح لها أبواب الانتشار الجماهيري والتي سترتد علية لاحقاً لاغتياله.

لقيت التيارات الإسلامية الزخم الفكري والتنظيمي حينما قرر الرئيس المصري الراحل أنور السادات إقرار الدستور الدائم وأضاف المادة الثانية من دستور عام 1971 والتي تقرأ الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع. وكان دستور 1923 يعالج مسائل الحقوق في مواد عديدة أهمها المادة ثلاثة " المصريون لدى القانون سواء. وهم متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين. واليهم وحدهم يعهد بالوظائف العامة مدنية كانت أو عسكرية ولا يولي الأجانب هذه الوظائف إلا في أحوال استثنائية يعينها القانون. والمادة الثانية عشر "حرية الاعتقاد مطلقة" والمادة الثالثة عشر "تحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقا للعادات المرعية في الديار المصرية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافي الآداب."

برغم التجانس النسبي في اغلب البلدان العربية ثقافياً واجتماعياً و دينياً (عدا مصر، لبنان والسودان) فقد استعملت الطائفية بشكل واسع خاصة في أزمنة الديكتاتوريات. طوال عصر الزعيم عبد الناصر لم تقع في مصر أي فتن طائفية ولكن الأمور تغيرت فيما بعد حيث بدأت أحداث الفتنة الطائفية تتكرر بدءاً من حادث الخانكة عام 1972 . ربما يمكن أن نؤرخ لغزو الطائفية في المنطقة ببداية تولى الرئيس الراحل السادات للسلطة والتي اكتمل نارها بزيت المادة الثانية من دستور عام 1971. وطورت لعبه الطائفية في عصر الرئيس مبارك إلى أقصاه حتى أدت إلى انقسام حقيقي بين أطراف الأمة المصرية. وكان استعمال الطائفية كفزاعة مبنياً على أن النظام الحالي هو ضامن الاستقرار ضدها، خاصة للأقباط.

أما السودان، فرغم أن الحرب الأهلية بدأت مباشرة بعد استقلال السودان عام 1956، إلا أن نظام الإنقاذ الوطني حول الحرب إلى حرب دينية (مجلس الكنائس العالمي أجرى إحصاءً عام 1986، أشار فيها إلى أن نحو 31% من الجنوبيين هم من المسلمين، وقرابة 48% من المسيحيين، والبقية تتوزع بين الارواحيين واللادينيين، وأصحاب الديانات الإفريقية الأخرى)، أدت في النهاية إلى انقسام السودان. يمثل العراق ولبنان وجزئياً اليمن، سوريا، نموذجاً مختلفاً من طائفية دينية (سنة وشيعة) وطوائف مسيحية وطوائف عرقية (عرب وأكراد في العراق)، كما هناك النموذج الآخر في شيعة تحت الحكم السني في البحرين، السعودية والكويت. وتذخر دول المغرب بوجود أقليات امازيغية كبيرة في وسط عربي. تمثل في مجملها قنابل موقوتة في انتظار المقدمات الموضوعية من التهميش واللامساواة والفرز على الهوية.

جاءت الثورة الليبية بمفاجأتين من العيار الثقيل، أولهما حدوثها وقد فقد الجميع أي احتمال لنشوئها بعد اثنان وأربعون عاما، أما المفاجأة الأكثر غرابه فكانت إخراج فزاعة القبلية من مكامنها العميقة وأنفاقها التاريخية. وكان المراقبين ينتظرونها في اليمن حيث لازالت القبلية فاعلة وذات دور اجتماعي وسياسي موضوعي. ولمن يعرف ليبيا فان أكثر من 60% من مجموع السكان يعيشون في طرابلس، بنغازي ومصراتة. وفعلت وسائل المواصلات والتعليم وانتشار المصانع والمؤسسات الحديثة في تذويب العلاقات القبلية، وجعلها من أشباح الماضي. ويبدو هذا جلياً في الانتشار الكبير لكافة القبائل الليبية على طول المدن الليبية وقراها. حتى أخرجها العقيد من الجب وجعلها أحد محاور التحام الجماهير بقائد الثورة وشعارات الملتحمين في باب العزيزية.

برغم أن أول ما طرحته النخبة العلمانية الإقصائية هي التبلور القومي والانصهار الوطني، إلا أن القبلية كانت من ضمن الفزاعات المستعملة. القبلية في العالم العربي سابقة على التكوينات الطائفية والدينية والدول ونشأت القبلية كنوع من التنظيم الاجتماعي لمجموعة معينة من البشر الذين تواجدوا في مكان وأحد لمواجهة قضاياهم الحياتية والخلافات القانونية والتعامل مع التهديدات الأمنية مع القبائل الأخرى. وقد لعبت المؤسسات الحديثة - المدارس، أماكن العمل المأجور، وسائل المواصلات والاتصالات، أجهزة الأمن، القضاء، الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني كالنقابات والجمعيات ومراكز الدراسات..الخ- دوراً في إضعافها بتولي هذه المؤسسات كافة المهام التي كانت توفرها القبيلة لأفرادها.

ورغم اضمحلال القبيلة تحت عجلات التقدم فقد ظلت الثقافة القبلية سائدة في السلوك في الأبوية، الإقصاء، الدوام حتى الموت والتراتبية. ارتبط استدعاء القبلية في المجال السياسي في المنطقة بالنخب العلمانية الإقصائية، فمع استيلاء العسكر على السلطة ضمن تنظيم مدني حديث وعند تصفية الحسابات بين الزملاء السابقين (عادة الضباط الأحرار وتنويعاتها) لظهور القائد المنتظر، لجأت إما إلى الانقلابات الداخلية (عبد الناصر على محمد نجيب مثالاً) أو استدعاء التكوين القبلي وابرز أمثلتها اعتماد الرئيس الراحل صدام حسين على أهل تكريت والسنة عموماً واعتماد العقيد القذافي على قبيلة القذاذفة وحلفائها والرئيس على عبد الله صالح على قبائل حاشد وآل الأحمر والإنقاذ على إيديولوجيا العروبوإسلامية ومالت جميعها إلى الاعتماد على أهل الثقة في إدارة شئون البلاد.

سوف تكون كل هذه الفزاعات التي تم رسمها بدقة، تغذيتها وتنميتها لإخافة الشعوب ومنعها من التقدم لميادين المعركة، وسائلاً لاحقة لاشعال نار الحروب الاهلية. سوف يؤدي الفشل الذريع لهذه الاستراتيجية، وبدء الثورات والامكانيات الكبرى لانتصارها، إلى المواجهة الصريحة بين الشعوب واجهزة الاستخبارات المتنوعة. ومع هذه الفزاعات الممكنة الاستعمال، دخل حيز الاستعمال اطراف اخرى من داعش وايران لتكون كلها جزءاً من الاستراتيجيات المعتمدة، لإعادة لجم شعوب المنطقة. تناولت في سلسلة نشرت في الحوار المتمدن في خمس اجزاء "الامريكان...الديمقراطية والاسلام"، الاطارات النظرية لمواقف الامريكان. سوف نخضع هذه الاطارات لنرى اثرها في حروب الثورات العربية.



#عمرو_محمد_عباس_محجوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حروب الثورات العربية (1)
- لبنان واحاديث البيك
- المشهد العربي عشية عاصفة الحزم جامعة الدول العربية
- المشهد العربي عشية عاصفة الحزم اليمن: تعديل المعادلات
- اليمن: درب البطولات
- الامريكان..... الديمقراطية والاسلام (5) دروس نظم الإسلام الس ...
- الامريكان..... الديمقراطية والاسلام (4) بروفات الموروث الدين ...
- الامريكان..... الديمقراطية والاسلام (3) بين السياسة والامن
- الامريكان..... الديمقراطية والاسلام (2) تحولات الديمقراطية
- الامريكان..... الديمقراطية والاسلام (1) مداخل اوليه
- إزالة الفقر: السودان نموذجاً (8-8) الهيئة الوطنية لازالة الف ...
- إزالة الفقر: السودان نموذجاً (7-8) من أين نبدأ؟ بروفايل الفق ...
- إزالة الفقر: السودان نموذجاً (5-8) نحو حلول للفقر في السودان
- إزالة الفقر: السودان نموذجاً (6-8) حلول الفقر
- إزالة الفقر: السودان نموذجاً (4-8) العدالة الإجتماعية
- إزالة الفقر: السودان نموذجاً (3-8) مدخل لسياسات ازالة الفقر
- إزالة الفقر: السودان نموذجاً (2-8) المشهد الإقتصادي – الإجتم ...
- إزالة الفقر: السودان نموذجاً (1-8) مداخل أولية
- الدولتيه: المصلحة الدائمة ام المباديء الدائمة
- اليمن: درب الآلام والاحلام


المزيد.....




- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..مقتدى الصدر يشيد بالانفتا ...
- الكشف عن بعض أسرار ألمع انفجار كوني على الإطلاق
- مصر.. الحكومة تبحث قرارا جديدا بعد وفاة فتاة تدخل السيسي لإن ...
- الأردن يستدعي السفير الإيراني بعد تصريح -الهدف التالي-
- شاهد: إعادة تشغيل مخبز في شمال غزة لأول مرة منذ بداية الحرب ...
- شولتس في الصين لبحث -تحقيق سلام عادل- في أوكرانيا
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (1).. القدرات العسكرية لإسرائيل ...
- -امتنعوا عن الرجوع!-.. الطائرات الإسرائيلية تحذر سكان وسط غ ...
- الـFBI يفتح تحقيقا جنائيا في انهيار جسر -فرانسيس سكوت كي- في ...
- هل تؤثر المواجهة الإيرانية الإسرائيلية على الطيران العالمي؟ ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمرو محمد عباس محجوب - حروب الثورات العربية (2) الفزاعات