أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيء ناصر - حنوش -يغزل خيوط النور- في لندن















المزيد.....

حنوش -يغزل خيوط النور- في لندن


فيء ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 4832 - 2015 / 6 / 9 - 23:00
المحور: الادب والفن
    


عن معرض الفنان أبو زيدون حنوش

أفتتحتْ مؤسسة القطان التي تتأخذ من لندن مقراً لها والتي تعنى بالنشاطات الثقافية في الشرق الأوسط والعالم العربي، معرضاً فنياً للفنان العراقي المغترب في اسبانيا حنوش حنوش . العنوان الرئيسي للمعرض (خيوط النور) مستوحى من قصيدة للشاعر عبد الوهاب البياتي (خيط النور) التي تستهلم الشاعر الإسباني لوركا كإيقونة لكل الرافضين والمحتجين على الظلم .

رأيته يصارع الثيران في مدريد
يغزو قلوب الغيد
يضحك من أعماقه ، منتظراً ، وحيد
بوابة الابد
مغلقة ، ليس هنا احد
يضحك من اعماقه ، الجسد
يلسعه ثعبان
رأيته يصارع الثيران
مضرجاً بدمه ، يصرعه قرنان

يقول الفنان حنوش إنه تأثر بقصائد عبد الوهاب البياتي لأسباب عديدة منها إن قصائد البياتي حركية وتوحي أحياناً باللون، ولأن البياتي منفتح على الحضارة الغربية ومستلهم لرموزها العالمية كما إن نظرته للتاريخ العربي عميقة ومنفتحة، لذلك فهو (الفنان حنوش) يحاول مزج الصور الشعرية لقصائد البياتي مع رؤاه الذاتية وألوانه وذكرياته الشخصية في محاولة لخلق يوتوبيا خاصة به داخل فضاء اللوحة .
وقد تكون مقولة ارسطو التي أفتُتح بها المطبوع الأنيق المرافق للمعرض "الغرض من الفن هو تجسيد الجوهر السري للأشياء وليس إستنساخ اشكالها" هي لبّ هذا المعرض وجوهره.
نعم ففي كل لوحة من لوحات المعرض التي تتباين في الحجوم هناك عالم متكامل من الرؤى والألوان والأشكال الهندسية والهيئات البشرية الغائبة الملامح، شخوص وأنصاف شخوص، سيقان أنثوية لا تخلو لوحة منها، حيوانات منزلية، مأكولات وآلات موسيقية وموضوعات الحياة اليومية الأخرى من كؤوس وكتب وقناني الشرب وأدوات المائدة، كأن الفنان يلتذُ بتجميع هذه الأجزاء التي يبدو بعضها متنافراً ليحقق من خلال هذا التجميع إتحاده مع ذاته.
اللوحة عند حنوش تشظي ذاتها الى لوحات متداخلة مع بعض، هذا واضح جداً من الكتل والمربعات الهندسية اللونية التي تتوزع مساحة اللوحة الواحدة، كل مربع من هذه المربعات يحمل ثيمته الخاصة وألوانه وخطوطه وميزته السردية لكنه يتآلف ويتداخل مع مربعات اللوحة اللونية الاخرى ليشكل بنية فنية يبتغيها مبدعها أقرب الى الإكتمال، لأنه يعتبر الجمال فكرة موحدة ومتكاملة بشكل منسجم تتفوق على الطبيعة والمادة من خلال عمل الفنان.
سطح اللوحة وما يحتويه من مربعات وكتل لونية وأشكال متشظية عنه بداخله، تثير الملتقي لنظرة متفحصة طويلة ثم ثانية وثالثة والى ما يشاء. كم من الأفكار تتولد في المساحة الصغيرة، امام اللوحة ربما يقف المشاهد يحاجج العمل الفني ولا يمضي قبل أن يكون قد تبادل الأخذ والعطاء من الأفكار في هذه المحاججة.
شخوص لوحاته غالباً بلا ملامح فهو يُغَيبْ ملامح الانسان الكلاسكية لصالح قراءات وإنثيلات فكرية جمالية ذات بعد حركي تعتمد إسلوب تداعي الأفكار وإعادة صياغة الواقع باستخدام ذكرياته الشخصية ومشاهداته ونظرته الفلسفية للفن والمكان والانسان.
يؤكد حنوش إنه يهتم أساساً باللون والخط لكن تجسيد الهيئات البشرية والتفاصيل اليومية وحتى حركات الإنسان غير الشعورية يطغي على لوحاته، لينفذ هو من خلال هذه الإعتيادات الى رؤى صوفية وإنسانية شاملة يختلط فيها الزمن الماضي والحاضر.
لوحاته ذات الكتل اللونية الحركية تثير المشاهد ذهنياً وتجعله يفكر في مدى ترابط أجزاء هذه اللوحة مع بعضها، أحد زوار العرض رجل إنكليزي مهتم بالمسرح وقف أمام لوحة كبيرة متأملاً زمناً لا بأس به وحين سألته عن رأيه بهذه اللوحة تحديداً قال لي انه رأى فيها الشاعر البرتغالي بيسوا لأن الشكل الاساسي المهيمن والمغيب الملامح الذي يحتل مركز اللوحة يرتدي قبعة كقبعة بيسوا بينما هناك في الزواية اليمنى يقبع إثنان من ذواته او أسماءه المستعارة كأنهما يراقبان الشخصية المركزية .
ولد الفنان حنوش في مدينة الكوفة بالعراق. ودرس في معهد الفنون الجميلة ببغداد للفترة بين 1974 الى 1979 ثم هاجر الى إسبانيا وحصل على الماجستير والدكتوراه في الفنون الجميلة من جامعة كومبلتنسه في مدريد ولا زال يعيش ويتفرغ منذ ذلك الحين للعمل الفني والأكاديمي.
ورغم إبتعاده عن العراق لأكثر من ثلاثة عقود إلا إن البيئة العراقية الأصيلة حاضرة بكل تفاصيلها وبتكرار جميل في كل لوحة، هناك لوحة متوسطة الحجم تصور رجلاً مطرقاً تقف فوق رأسه حمامة بيضاء، يرتدي العقال والزي الشعبي العراقي لمنطقة الفرات الأوسط يضع الرجل يده على لحيته ويقف قبالة عازف للناي يرتدي الزي المدني كأننا لو إنتظرنا برهة أخرى سنسمع ما يدور بين هذين الرجلين، الرجل المسن ذو اللحية سوف يقدم نصحية مجانية او مثلاً شعبياً دارجاً للموسيقي الذي يقف قبلاته.
لا تخلو لوحة من لوحات معرض (خيوط النور) من خاتونات بغداد المسترخيات بتلك الجلسة المميزة حيث تثني ساقاً على ساق، وتنتعل السيقان الممتلئة ذلك النعل المميز لربات البيوت البغداديات وهن يؤدين أعمالهن المنزلية.
اللوحات بلا أسماء، كأن الفنان أراد أن تكون لوحاته سلسة لها ثيمات متقاربة غالباً، أدهشني حضور حيوان الماعز في أكثر من لوحة وحين سألتُ الفنان حنوش عن سبب ذلك سرد لي قصة أول فقدان في حياته، فحين كان صبياً بعمر السادسة بدأ بتربية ماعز صغير لكنه فقده حين جاء العيد وذبحت العائلة ذلك الماعز لطرواة لحمه.
تتعايش في لوحات حنوش القدرة على المزج ما بين التجريد والتشخيص الواقعي. إذ نلاحظ في الهيئات المرسومة عملية توزيع منتخبة، وكأننا أزاء تشظية مقصودة فوق إطار مكاني، يشبه عملية ترتيب قطع متناثرة لإتمام تواجدها، كما لو أن الفنان يعمد الى تهشيم الواقع ومن ثم إعادة صياغته على قماشة اللوحة، هو يمزج المنفى والوطن ليعيد تشكيل يوتبياه الخاصة بخلط حاضره وذكريات طفولته ويقدم في عمله الفني محصلة تمارينه الفنية والمعرفية .
حنوش المولود في مدينة الكوفة عام 1958، يعد واحداً من أهم الفنانين الأجانب في إسبانيا، وحاز إسماً وشهرة ركزتْ عليه إنتباه وإهتمام النقد والنقاد وكُتبَ عن فنه الدراسات المختلفة. أقام ما يقارب الثلاثين معرضاً فردياً وجماعياً إبتدأها منذ عام 1985. حازت أغلب أعماله على جوائز مهمة داخل وخارج إسبانيا٠-;- أبرزها جائزه فورد اسبانيا في عام 86 وجائزه بينال بورتيانا في عام 91 واخر جائزه عام 2011 وهي جائزه بيرخن دو لاس بينياس. عُرضتْ أعماله في متاحف وصالات عرض عالمية وشاركت في مهرجانات دولية عديدة.



#فيء_ناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقد أحَطتُ بما لم تحط به
- أعطني متحفاً وسوف أملؤه
- عن معرض الفنان علي جبار الأخير
- أرشيف فرجينا وولف وجماعة بلومزبري
- هل من عودة أيها السندباد ؟
- ميزان لموظفي الدولة
- سعداوي يُعيد بناء الحياة الجحيمية للعراقيين... سرداً.
- الفلم السينمائي كقصيدة، برايت ستار نموذجاً
- قمرٌ واحدٌ في كل القصائد
- ريح من لامكان _الشاعرة الأمريكية انتوني فلورنس


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيء ناصر - حنوش -يغزل خيوط النور- في لندن