أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - عشتاري العراقية -2-














المزيد.....

عشتاري العراقية -2-


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 4831 - 2015 / 6 / 8 - 11:49
المحور: الادب والفن
    


عشتاري العراقية -2-

المرأة رحم الكون دون بيتها اللحمي الدافئ لم تتخلق الحياة،
ولولا سحر تكوينها الجسدي كمدخل للحياة لما خلقت البشرية
هنا القسم الثاني من -عشتاري العراقية- وحيرتي أمام جلال جسدها الفاتن

رحنا نرتشف الكأس تلو الكأس، ونأكل السمك المشوي السلطات المقدمة في صحون منقوش على محيطها زهور برية تخيلتها حية في ضباب الإنارة ونشوة الخمر. طلبتُ نبيذاً أحمر مع لحم بقر مشوي، جبن، كافيار، لبن، حمص بطحينة، زيتون، قطع خبز محمص بالفرن وآيس كريم. ابتدأنا نسكر، فرحت كشأني أعلق تعليقاتي الداعرة مما يجعلها تنفجر بضحكتها، غريبة الإثارة، بجرتها الأخيرة الشبيه بصرخة النشوة حال بلوغ ذروتها. الضحكة كانت تضج بهدوء المكان فتترجاني كي أكف:
ـ كافي عيني.. كافي حبي.. فضحتنا. كل الناس عيونها علينه.
ألتفتُ ففاجأني الزحام، لم تكن هنالك طاولة فارغة. ابتسمت للوجوه المحملقة، فما يهمني من شأنهم العابر وأنا ألجُ عتبة عشتاري العراقية بوجهها الساحر الذي يختلط فيه خفر وحياء ملكة مع جرأة عاهرة معبد قديم. اعتدلتُ في جلستي ورحتُ أتحسس كتل الآيس كريم بطرف لساني مطلقاً آهة خافتة
ـ الآيس كريم دمرني!
ـ يا.. ليش؟!.
ـ تدرين بيش يذكرني؟!
ـ ما حزرت يا الله ما حزرت؟!.
وأشرت برأسي صوبه وأنا أدور لساني حول الكتلة الطرية، فانفجرت في ضحكٍ متواصلٍ أمتد دقائق مرددة في ثواني أخذ النفس:
ـ داعر، داعر، داعر.. أكبر داعر بالدنيا حبيبي!.
اندمجنا في حديثٍ هامسٍ عن المستقبل متخيلين شأن كل أزواج جدد عدد الأطفال وصورة الحياة القادمة وتفاصيلها السعيدة. كنتُ أغور في عينيها اللعوبتين غير المستقرتين اللتين تزوغان بين الحين والحين ناظرة خلف ظهري.
ـ هل كانت تمارس لعبها الخفي منذُ ذلك الحين مستمتعة بعيون العالق المسكين المتوسلة؟!.
ـ هل كانت تكتفي باللعب أم أنها تذهب أبعد شأنها شأن عشتار البابلية؟!.
وبغتةً اكتست ملامحها بجدية الصحو، دفعتْ كرسيها قليلاً، وانتصبتْ واقفةً مثل رمحٍ ناقلة نظراتها الغاضبة بيني وبين عمق المطعم خلف ظهري وقالت:
ـ لنتبادل المكان!.
لم أسألها لماذا، فقد حدستُ بأن لعب عينيها المفطورتين على الحركة واختراق أسوار الآخرين، وحضورها الطاغي الساطع بحلتها الترابية وكمال قوامها الممشوق وفيضان شعرها الفاحم المتساقط على الكتفين، مضاف لنوبات ضحكها الفريد وطريقة رشفها للخمر المترقرق بذهب روحي تارة ونزيف دمي في أخرى، كل هذا الفيض الإلهي الهابط عليّ من عالمٍ أخر، الطالع من تراب الأزمنة الغابرة قد جندل مسكيناً أخر من مساكينها الذين بلا عدد. أصبحتْ بمواجهتي. توحدتْ بيّ منفردةً بوجهي المذهول، بعيني المحدقتين في ملامحها المقددة، المبحرتين في عينيها الناعستين اللتين بان في غورهما فعل الخمر. كنت أتصّابر بعناء فالرغبة الماحقة بضمها تشّبُ في جسدي.
قالت: لنذهب!.
وأومأتْ للنادل. دفعتْ الحساب وأشارت بيدها كي يحتفظ بالباقي. اتكأتْ على مسند الكرسي، وتمايلتْ عند النهوض. أسرعتُ كي أسندها. همست:
ـ لا..لا لا!.
تماسكتْ رامحةً بقامتها الطويلةِ، وخطتْ بتوازنٍ إلى جواري في يمِ الأضواءِ وبحرِ الموسيقى الخافتةِ. عشراتُ العيونِ تلاحقُ خطونا البطيء. عبرنا العتبة لنواجه الليل الحالك ونسماته الباردة البليلة. قالت:
ـ اسندني.. سكرتْ!
حضنتها بذراعيَّ هامساً:
ـ قاومي.. ما بقه غير خمسين متراً!.



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن رحيل صديقي الروائي والكاتب المصري فؤاد قنديل
- عشتاري العراقية -1-
- ليس ثمة عدالة في العالم
- أصدقاء ورفاق التجربة 2- المستشار السياسي -ياسرالمندلاوي-
- أنت ميت يا إلهي
- درويش المحبة*
- طرف من مشهد الإعدام -رؤيا الغائب *
- نماذج مدعي الثقافة والمعارضة زمن سلطة الطوائف -الفأر -
- كوابيس التخفي زمن الدكتاتور
- الإنسان الحقيقي لا يخشى من الصدق وعرض تجاربه
- مشاهدات من زيارتي الأولى إلى العراق 2004 2- المثقف العراقي ا ...
- مشاهد من زيارتي الأولى للعراق 2004 1- المثقف العراقي الجديد
- السرد العراقي وتطوره التاريخي 2- الرواية
- السرد العراقي وتطوره التاريخي: 1- القصة القصيرة
- 2- ضد الحرب وحتى العادلة
- الطيران الأخير
- 1-ضد الحرب حتى العادلة (مشهد الزوجة العراقية عند مقتل زوجها)
- أصدقائي الأدباء 1- شاكرالأنباري
- باب الظلام
- أساتذتي 1- وفاء الزيادي الشيوعي الوديع


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - عشتاري العراقية -2-