أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيد محمود علي - انا عبد للقلم والحبر ... بلزاك














المزيد.....

انا عبد للقلم والحبر ... بلزاك


زيد محمود علي
(Zaid Mahmud)


الحوار المتمدن-العدد: 4829 - 2015 / 6 / 6 - 19:27
المحور: الادب والفن
    


انا عبد للقلم والحبر ... بلزاك


اكثر من قرنيين مر على ذكرى الكاتب الفرنسي الكبير (( أونوريه دي بلزاك )) ، ويبقى هذا الاديب المبدع والاصيل في قلوب جميع ابناء الشعب الفرنسي ، الذين منهمكين في قراءة ادبياته الخالدة ، وكما يقولون ان الادب العظيم لايموت ، وان اكبر دليل على ذلك انه ليس مقتصرا" على العامة بل حتى المفكرين الكبار امثال كلود ليفي شتراوس الذي تجاوز المائة عام قبل بضعة أشهر، والذي توفي 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال إنه منخرط في قراءة روايات بلزاك للمرة الأربعين! تصوروا أربعين مرة! من يصدق ذلك؟ إنه لا يشبع منها.. ومعه الحق. والشيء الجدير بالملاحظة ان هذا الكاتب المتميز يكتب ثلاثة روايات في الشهر الواحد ، بحيث تجاوزت الثمانين من الروايات الرصينة ، وكان يغوص في عالم الخيال ساعات اليوم الكثار ومن ثم يعود الى الحياة الطبيعية ، التي كانت لاتعنيه بقدر ماكان يصور الواقع وينقله الى القرطاس ، وهذه مهمة عسيرة فليس من السهل أن تغطس في عالم الخيال المجنح طيلة ساعات وساعات ثم تعود إلى العالم الحقيقي ، وهنالك وجهات نظر بحق هذا الروائي المخضرم ، حيث يرى «جان دورميسون» عضو الأكاديمية الفرنسية الشهير أن الرواية البلزاكية هي رواية واقعية. فما يرسمه بلزاك وما يصوره، هو العالم الحقيقي الواقعي. وبلزاك كان مراقبا من الطراز الأول. كان يسأل أصدقاءه عن المعلومات التفصيلية الأكثر دقة لكي يستخدمها في رواياته. كان يسأل مثلا عن أسماء الشوارع والأزقة والساحات العامة، إلخ... ولكن على الرغم من ذلك فلا يمكن أن نختزل بلزاك إلى مجرد كاتب واقعي موضوعي جاف. بلزاك شاعر قبل كل شيء. إنه رؤيوي. كان خياله متوثبا، مشتعلا، عملاقا. كان ساخنا وباردا في ذات الوقت، أو شاعرا وناثرا في نفس الرواية إن لم يكن في نفس الصفحة! هناك تكمن عظمة بلزاك، وكل فنان كبير من عياره الثقيل: كديستيوفسكي ومارسيل بروست على سبيل المثال لا الحصر. إن كتب تاريخ الأدب الفرنسي تموضع بلزاك عادة في نقطة التمفصل الكائنة ما بين الرومانطيقية والواقعية. ولكن بلزاك هو أولا وقبل كل شيء شاعر ضخم. إنه شاعر العالم الواقعي. إنه خلاق يحلم بإبداعه ويخترعه اختراعا قبل أن يسطره على الورق. في رواياته شحنات شعرية هائلة. ولكن، أليس كل روائي كبير هو إنسان واقعي بارد وشاعر متأجج في ذات الوقت؟ لقد انتقل بلزاك بأدبنا من الرومانطيقية إلى الواقعية. وبعده بنصف قرن ظهر روائي كبير آخر هو إميل زولا، وانتقل بالأدب الفرنسي نقلة إضافية باتجاه المزيد من الواقعية: لقد انتقل به إلى المدرسة الطبيعية. أصبحت الرواية على يديه تشريحا للمجتمع والحياة، كما يفعل عالم الطبيعيات الفيزيولوجية. وقد لامه البعض على ذلك لأنه بالغ في هذا الاتجاه وحول الرواية إلى ما يشبه الدراسة العلمية السوسيولوجية ،أما جان ماري روار، رئيس الملحق الثقافي لجريدة «الفيغارو» وعضو الأكاديمية الفرنسية، فيكتب قائلا: كان بلزاك مهووسا بشخصية نابليون. وكان يريد أن يحقق في مجال الأدب ما حققه نابليون في مجال الحروب والفتوحات. كان يريد أن يصبح إمبراطور الرواية مثلما أن نابليون هو إمبراطور السياسة. وقد أصبح. ولكنه، كنابليون، كان مزدوج الشخصية. فقد كان نابليون ثوريا ويحب النظام في آن معا. كان محافظا وتقدميا. وهكذا كان بلزاك: فهو محافظ سياسيا وتقدمي روائيا. ولكن الشيء الذي أحبه بلزاك فيما وراء كل شيء هو الحرية. أقصد الحرية العليا، أو الحرية الأرستقراطية التي يتمتع بها الفنان . إن المرء ليتجاذبه الإعجاب بضخامة إنتاج بلزاك الأدبي الذي استشرف حدَّاً من الخصب يعجز عنه أيُّ كاتبٍ آخرَ، ومع أن سنّه لم تكن تجاوز واحداً وخمسين عاماً حين وفاته، فقد قارب عددُ رواياته التي نشرها في عشرين عاماً خمساً وثمانيـن روايــة، ينتظمهــا كلهــا عنــوانٌ موحَّدٌ هــو «الملهاة الإنسانية كما لو أنه كان يبغي بهذا العنوان المعبِّر أن يماثلَ بها «الملهاةَ الإلهية» للشاعر الإيطالي دانتي[روقد لخّص بلزاك ملهاته الإنسانية في أقسامٍ ثلاثة شاملةٍ تنتظمها كلَّها. القسم الأول يضمّ دراساتٍ في العادات والطبائع ، تتألَّف من ستة مشاهد أوّلها مشهد عن مباذل الحياة الخاصة، وثانيها عن الحياة في الأقاليم، وثالثُها عن الحياة في باريس، ورابعُها عن الحياة السياسية، وخامسُها عن الحياة في الريف، وسادسُها عن الحياة العسكرية. ويتألَّف القسم الثاني من دراساتٍ فلسفيةٍ، أما القسم الثالث فيتّسق في دراساتٍ تحليليةٍ.
ولعل أشهر قائمة رواياته الكثيرة: «الثوار الملكيون و«إهاب الشجن ، و«أوجيني غرانديه، و«الأب غوريو» و«الزنبقة في الوادي و«الأوهام المضيَّعة و«خوري القرية و«ابنة العــم بيتو«ابن العم بونس و«المرأة ذات الثلاثين ربيعاً وغيرها. وكان مقدّراً على بلزاك، فيما كان يبدع رواياته، أن يُؤتى قدرةً فائقةً على العمل، وإرادةً صلبةً، وصبراً دؤوباً وثقافةً واسعةً، وأسلوباً متميِّزاً، وقد امتلك ذلك كلَّه، فكان يبدوـ كما قال عنه شامبفلوري ـ بمنكبيه العريضين وعنقه الغليظ وبسطة جسمه وحيويته المتدفِّقة أشبهَ بخنزيرٍ بريٍ، إذ كان قادراً على العكوف على أدبه بهمةٍ نادرةٍ لا تُجارى. وكان يطيب له أن يقرنَ نفسه إلى نابليون، زاعماً أنه حقَّق بقلمه ما لم يستطعْ نابغةُ الحرب بسيفه. وكان يحلو له أن يستيقظ في منتصف الليل، ليعمل اثنتي عشرةَ ساعةً متواصلةً، فإذا ما ملأ صفحاتٍ من روايته، ودفع بها مباشرةً إلى المطبعة، ثم أُعيدت إليه ليصحِّح أخطاءها المطبعية، ملأَ حواشيَها بإضافاتٍ كثيرةٍ مستجدَّةٍ، وقد كتب إحدى رواياته في اثنتين وسبعين ساعةً، وأنفق ستين ليلةً في صقلها وتهذيب أسلوبها.



#زيد_محمود_علي (هاشتاغ)       Zaid_Mahmud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجهات نظر في تنظيم داعش
- سيفو من منظور المرسلين الدومنيكان في بلاد النهرين
- حكاية ((هم كلاب مثلي لكنهم لايمتلكون رأس ثعلب ))...
- حكاية الحمار الذي رأى نفسه وتعجب ....... ؟ .زيد محمود علي
- VIOLENCE REPORTS تقرير لجنة الدفاع عن الحريات الصحفية لنقابة ...
- عن المثقف الكردي ودوره في صنع القرار السياسي
- تراجيدية الكرد الفيليين في أمسية بأربيل زيد محمود علي – اربي ...
- على قاعة متحف التراث السرياني بعنكاوا ... المعرض الثان ...
- يوم لغة الام في امسية اتحاد ادباء السريان بعنكاوا زيد محم ...
- تأسيس نادي المدى للقراءة في اربيل زيد محمود علي – اربيل
- استطلاع اراء النخبة عن المثقف الكردي ودوره في صنع القرار الس ...
- أفتتاح معرض اربيل الدولي الثالث للنفط والغاز زيد محمود علي – ...
- زمن التافهين
- وجهة نظر في عالم مضطرب - زيد محمود علي
- أمسية عن”هورمان، اللغة والعادات” في أربيل
- • صارت الكلمة رعبا- للسلطة الحاكمة
- تحليلات ومتابعات لقنوات اعلامية زيد محمود علي – اربي ...
- -;-ماضون في التحرك دولياً للتعريف بمظالم الكرد، والج ...
- اليزيديين يبقون يشكلون النسيج الاصيل للقومية الكردية ... ...
- المثقف ليس فارس منابر بل هو مفكر- ومدرك- للتحديات .... زيد م ...


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيد محمود علي - انا عبد للقلم والحبر ... بلزاك