غسان المفلح
الحوار المتمدن-العدد: 1337 - 2005 / 10 / 4 - 11:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لماذا تيسير علوني بالذات ..؟
كان الأجدى الدفاع عن القاعدة !
المشهد المرافق أكبرمن الحدث والحدث أصغر من آلامنا واكبر من نكباتنا نحن الذين لدينا عقولا ممسوسة بعدم الركض وراء الحدث قبل أن نحتك به مباشرة , ونراقبه من داخله ومن خارجه
والحدث هنا : عالميا ..إعتقال تيسير علوني !!! أنحني لتيسير احتراما لسجنه وقناعاته حتى لو كان فعلا سياسيا في تنظيم القاعدة , واقول سياسيا وليس عسكريا !! فلتكن الإدانة بحجم هذا الفعل السياسي .. ولكنني فعلا وددت خائفا ألا أكتب عن هذه القضية .. ولكنها هم الله في هذا العقل وهذا القلق النازف مع جراحنا من بعضنا قبل جراحنا من الآخرين ..حتى لوكانت أيريكا خلف الباب
أو أمامه لافرق .. وأنا إذ أحيي نشاط اللجنة العربية لحقوق الإنسان ودفاعها الشرس عن تيسير ونشاطاتها التحشيدية , ولكنني في المقابل أسمح لنفسي بهذه التساؤلات .. لماذا تيسير علوني بالذات مرة أخرى تتلعثم الكلمات في ذهني .. ليس كمدافعا عن حق تيسير بالنشاط السياسي , بل كمدافعا عن فحوى التاريخ العربي الذي بات المشهد يكتبه .. بغض النظر عن وقائعية هذا المشهد
إن الكلام في عكس التيار في هذه اللحظة خيانة لهذا المشهد .. ولكن السكوت هو خيانة للنفس وللروح أيضا .. وقليلا ماخنت روحي ..إلا في لحظة كنت فيها تحت رحمة جلاد .. هل القضاء الإسباني كان جلادا مع تيسير ..؟ لم أستطع قراءة الحدث كما قرأه المشهد العربي , بل قرأته كما فهمته من مجموعة من المصادر والوقائع والكتابات العربية والأجنبية المترجمة .. وسألت معارف لي في أسبانيا .. ما وصلت أليه أما أن الحكم موجه لقناة الجزيرة وهذا ما أستبعدته لاحقا أو أن القاضي معاد للعرب !!! أو أن الحكم صحيح ولكن التشدد فيهة هو الطامة الكبرى وعلى هذا الأساس سأطرح ما أراه يشكل هما وأسئلة وربما حكما أدبيا ــ هذا متروك تقديره للقارئ ــ على مجمل الوقائع...
لماذا اختار القضاء الاسباني تيسير علوني بالذات دون غيره من الصحفيين والمراسلين ؟؟ تمعنت في القضية جيدا وفاجأني الجواب الذي توصلت إليه , أربكني الخوف من العرب عندما يركبون موجة .. تيسير علوني يجب ألا يعتقل ليس لأنه على علاقة بالقاعدة أو لم ينقل أموالا لها كما نقرأ في نصوص التهمة منشورة في بعض وسائل الإعلام .. بل لأنه لم يشترك بعمل مسلح من وجهة نظرنا ــ ومن وجهة نظر لائحة الاتهام كما أظن ــ : هذا مستوى يكاد يمس وجودية الكائن الإنساني في العهود والدساتير الأوربية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان .. ولكن يواجهنا اعتراض هنا
أن التنظيم السياسي والعسكري للقاعدة محظور وبشدة والأهم بموافقة الرأي العام العالمي عموما والإسباني خصوصا .. إذن هو تنظيم خارج عن القانون قانونيا وفي أدبيات العرف العام التي تتشكل من هذه الزحزحات للرأي العام نتيجة أولا لما يقوم به هذا التنظيم من عمليات تطال الرأي العام نفسه ولا تطال بنى دوله العسكرية وثانيا ما ينتج عن ذلك من تداعيات سياسية وأيديولوجية وإعلامية ..وحتى أكاديمية ..الخ لتتحول إلى : بداهة وعرفا لا يخضع للنقاش .. وبالعودة لسؤال البداية المنسي في هذه الضوضاء وهذا الصخب : الحقوق إنساني وحرية الصحافة ..الخ هذه العودة تستلزم سؤالا محايثا لسؤال البداية وهو : ما علاقة تيسير علوني بالخلية التي حوكمت معه مثل عماد بركات والذي حكم ما يشبه المؤبد ــ 25 ــ عاما على ما أعتقد ..لا أعرف كل أسمائهم في الواقع ولا أحكامهم بالتفصيل لماذا لأن الإعلام العربي لم يعطي موضوعهم أهمية !!؟ والتمايز هنا مبني ــ يا هل ترى ــ على صحفية تيسير علوني أم على قضايا أخرى لا نعرفها !!! أن تقف قناة الجزيرة خلف مراسلها داعمة موقف تشكر عليه , وهذا واجبها قبل أن يكون حقها : من الزاويتين المهنية والأدبية . ونتمنى أن يكون سلوك الجزيرة هو نموذج لسلوك أية مؤسسة عربية في
الدفاع عن موظفيها بهذه الطريقة ــ خصوصا في ملفات الاعتقال السياسي ــ ولكن كان من الأجدر بدل هذه الضوضاء هو الدفاع عن تنظيم القاعدة نفسه .. لأن القضاء الإسباني لن يكون بهذه الصفاقة : كي يعتقل صحفيا مثل تيسير ويثير هذه الضجة , منذ بداية القضية دون ولو حد أدنى من الأدلة ويحكمه ــ سبع سنوات وليس سنة أو سنتين سبع سنوات في هذا الغرب رقم ليس قليل كحالنا نحن العرب عندما يحكم على سجين سياسي نسيه افعلام العربي في سجنه سبع سنوات فإن السجين يعتبر هذا عيدا لسببين الأول هو أنه حكما خفيفا في عرف الأنظمة العربية والثاني أنه حكم معروف فيه متى سيخرج هذا السجين للحياة مرة أخرى , سبع سنوات ليست رقما لإحداث ضجة إسبانية فقط وليس رقما عند الغرب لا يستند إلى أي دليل مادي ! أن المؤبد في بريطانيا مثلا 12 عاما على ما أذكر ويخفض إلى تسع سنوات حسب ملف القضية لاحقا إذن السبعة هذه تقارب المؤبد أما من جهة أخرى فإذا كان الحكم وقائيا فقط فلن يكون سبع سنوات : لأنه حكما فاسدا وفساد القضاء في هذا الغرب لايمكن أن يصل إلى هذا الحد الموجود لدى الخيال العربي .. فهو أي القضاء الإسباني لن يحتل سوريا بحثا عن أدلة تثبت علاقة تيسير بتنظيم القاعدة !!
كما فعلت إدارة بوش في العراق , وليس يدخل في لعبة سياسية ضيقة كي يمارس القانون في منع تنظيم القاعدة لأنه تنظيم محظور أصلا قانونيا ,كما أنه هو قضاء دولة سحبت قواتها من العراق وموقفها العام هو موقف مناصر تقريبا لقضايا العرب ــ .. لذلك من اتخذ القرار هو قاضيا إسبانيا وليس سلطة سياسية إسبانية . وهنالك فارق بين المؤسستين في هذا الغرب .. والدليل غوانتانامو نفسه ــ توقيفا لا قضائيا ــ وليس قانونيا بل هو قانوني من زاويته الطوارئية والعرفية .. وأيضا هذه مسألة سياسية وليست قضائية وقانونية . ونحن أيضا لانستطيع التشكيك بالقضاء الإسباني حتى تثبت لجنة الدفاع عن تيسير علوني أن هذا القضاء فاسدا أو غير نزيه أو خاضع للسطة السياسية . عندها يمكننا الحديث : عن قضية دريفوس جديدة بطلها هذه المرة مسلما إسبانيا من أصل سوري وليس يهوديا , كما سماها الدكتور هيثم مناع رئيس لجنة الدفاع عن تيسير علوني .
عندما يتابع المرء بعضا من الإعلام الأوروبي يجد أن اللوحة لديه مختلفة عما هي لدى الإعلام العربي , لهذا على المدافعين عن تيسير أن يدافعوا عن حقه في الانتماء السياسي لتنظيم القاعدة وليس عن : أن تيسير بريء من هذه التهم تماما : كي لايصاب المواطن العربي بالإحباط كحاله مع هذه الكوكبة من الإعلاميين القاطنين في تفاصيل هذه الضوضاء العربية . وهذا يفترض بالضرورة العودة بنا إلى ساحة الوعي خارج جاذبيات اللوحة المشهدية للإعلام العربي الذي جعل من هذه القضية : فضيحة حقوق الإنسان العربي والمسلم المهضومة في هذا الغرب ..!
الدفاع عن القاعدة وليس عن تيسير علوني :
إن السجون العربية ياسادة مليئة بالمعتقلين ونتمنى على هذه الحملة والقائمين عليها إعطائهم ولو جزء بسيطا من وقت هذه الحملة , وبينهم صحفيين وأكاديميين محترمين وشعراء ومدافعين عن حقوق الإنسان ..الخ ومع ذلك هذا حق لانريد مصادرته لأحد أن يدافع عن هذا المعتقل أو ذاك بهذه القوة أو تلك ..الخ ولكن على الدفاع أن يدافع عن تنظيم القاعدة , هكذا ببساطة ووضوح ودون إدخال المواطن العربي في هذه الحوليات المناسباتية في التقليد المشهدي العربي , والمثال بعض رجال الدين الذين يدافعون عن القاعدة دون أي انتماء لها ومنهم من طرد ورحل من أوروبا .. وحتى بعض الناس العاديين يدافعون عن تنظيم القاعدة , ويعبرون عن رأيهم بصراحة كلما كان هذا الرأي لايتبعه اعتقال .. أو أي إجراء آخر .
إن إعطاء قضية تيسير كل هذه الأبعاد والتي لم تعط لأي سجين عربي لا في إسرائيل ولا في السجون العربية يؤشر على أن الأمر غير مريح .. أو هو دفاع عن القاعدة تحت مظلة تيسير علوني
والذي لم يتم التكرم علينا حتى الآن بترجمة لائحة الاتهام التي أقر الحكم بناء عليها ..
وأنا كمواطن عربي أدافع عن حق أي إنسان في حمل أي وجهة نظر سياسية .. ولكنني لا أدافع عن السلوك العنفي مطلقا لتنظيم القاعدة .. وهذا ما يجعل المرء بحاجة كي يقرأ القضية بتمعن وهدوء بعد أن تمر هذه الموجة الكاسحة ... والسجون العربية مليئة .... والله وحده مع السجناء هناك .. لا جزيرة ولا عربية ولا هم يحزنون ...! رغم أننا حاولنا تشكيل لجنة للدفاع عن أبوديب ولكن أمكانياتنا لاتسمح وأبو ديب نموذج للمنسيين ــ محمد حسن ديب قضى 15 عاما في السجون السورية كمعتقل سياسي وأعادوه للسجن منذ أشهر بتهمة تهديد الوحدة الوطنية السورية عبر الأنترنت ولازال بدون محاكمة ـــ .
غسان المفلح
#غسان_المفلح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
