أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هشام الطائي - الطوفان والقط غزوان














المزيد.....

الطوفان والقط غزوان


هشام الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 4827 - 2015 / 6 / 4 - 13:37
المحور: كتابات ساخرة
    


الطوفان
__________
يُحكى انه طافَ على المدينةِ يوماً خناسٌ أملقْ و موتٌ أزرقْ وسيلُ قحطٍ باشقْ مما كسبت أيدي الناس وهمْ في غفلةٍ من أمرهمْ فَجَفَّ الزّرعُ والضّرعُ بينهمْ , فانَتَشرَ بين أهل المَدَرِ سَقَمُ الجَدْبِ وطولِ النزعِ وقلةِ المُؤَنِ , فنَزحَ الناسُ عن ديارهم قسرا تاركين مرابعهم الخضراء وآبارهم الغراء, فاتَبَعوا عُتُلِّهُمْ وبايعوا زَنيمَهمْ , فانَحَسَر العُبَابُ, وتَحَصْرَمتْ الأعنابْ وجَفّتْ الأرطابْ فأصبحوا في أسوأ مَآبْ وشدّة اغتراب .
نَزحَ الناسُ عن الديار بفعل الحرب وَهَلَكَ من هَلك ْمن الأنامِ ولم يَبقَ في المدينةِ إلا المتحاربين اللِّئامْ يذبحُ بعضهم بعضا بانتقامْ وَيفتِكُ بعضهم بالأخر دون وِئامْ,
فكانت الهجرةُ عِبَر هذه الأرض الغامِرُ منها والعامرْ, تاركين بَحابيحَ العيش ِفي الوطن الأم وكان مع الجمع ثلةٌ من الأزواج ذواتِ الأربعُ من أهل الذّمةِ و الوفاء وكانت تلك القوافلُ تسير عِبرَ القِفارِ الملتهبة ذات التلال الرملية الحمراء, حيث لا ماءٌ ولا كِلاءْ فكانت رياحُ السَمومِ إن هبّتْ تشوي الوجوه وتغشي من يَدُبُّ من السَيّارةِ حتى اسْتَطالتْ أذْنابُّ الكلاب وقُكّتْ عُقدُها لشدّة القيضِ وَوَهنِ الايضِ . فكانت هذه البطون والأفخاذ من البشر والحيوان ما أن تحلُّ بوادٍ آمنٍ او بواحةٍ خضراء في تلك الأرضِ الدّهناء فَيقْطُنونَ في المكان نهارهمْ كي يستعيدوا عافيتهم بجرعاتٍ بسيطة من الماءِ , ويدفنونَ من قضى نحبه أثناء ترحالهم بمقابرَ وبامكنةٍ معلومةٍ لديهم إيماناً منهم بالعودةِ يوماً اليها حين تضعُ الحربُ أوزارها .
فكان من بقي من الإحياء يتذاكرُ مع زَوجهِ او رفيق دربهِ عن عدد ما تبقى من عائلتهِ او فصيلتهِ فترى الاطمئنانَ والفرحَ الغامر على وجوه البعض لاكتمالِ النصابِ والحزن والثبور عند البعض الأخرَ لفقدان احد أفراد العائلة الذي تاه في الأرض ولم يلحق بالقافلة او مات , ولقد كانت عائلة الضَّيْون ((ذكر القط) ويدعى غزوان الحبشي وزوجته امُّ الوليد السيامية ((أنثى القط)) ومعهم أولادهم من الهررةِ قد أرخى عليهم الليل سدولهُ و قد نزلوا منزلاً قصياً بعيداً عن أعينِ النُظّاّرةِ ليستريحوا ويأكلوا ما بقي من خَشَاشِ الأرض, حتى لاحَ أديمُ النهارِ ببزوغِ أولى خيوطِ أشعة الشمس الذهبية الحزينة إيذاناً منها لبدءِ يومٍ جديد من الترحال نحو دهاليزالمجهول.
أخذ الزوجين التعيسين ينظر احدهما إلى الأخر بوجُوم , أعادوا العد والفرز لااولادهم مراراً وتكراراً , ولكن يبدو أن قطاً شقياً قد تاه خارج السرب , أين هذا الصغير أيتها السيامية الحمقاء؟
قالها غزوان لزوجته امّ الوليد وقد أخذت شارباه بالاهتزاز حنقاً وعيناهُ بالاحمرار وأذناهُ بالتحرك سويةً على غير عادته
وما أدراني ؟ فلقد كنتُ أعضُّ على اثنين منهم أثناء المسير من رقبتهما وكنتَ أنت تعضّ على الثلاثة اللذين بقوا كما اتفقنا .... قالت ام الوليد وهي ترتجفُ وقد عضّتْ على نهاية ذيلها ,
غزوان: أيتها السيامية الغبيه انه حبشي((شمران)) الذي يشبهني قد نسيناه ؟ نعم هذا الهر الشقي ذو العينين الشاذتين , لطالما خَشيتُ عليه من شقاوته, كيف ؟ كيف نسيناه ؟ سَتَتَهشّمُ أضلاعه تحت أقدام المتحاربين ؟ من سيلمحه وسط أتون المعركه؟ ياويلنا
أخذ المهاجرون بالتهيؤ للمسير وشدِّ الرحال غير آبهين لعائلة ِالهرِّ غزوان وَحَرَمهُ ام الوليد وما حلَّ بهم من ضَيم واحزان من فقدهم القط شمران , وهنا التفت الضيون غزوان لزوجنه قائلا:
ساعود اليه.... وانت واصلي المسيرمعهم وسالحق بكم عاجلا
بكت ام الوليد على فقيدها الحبيب شمران حتى اغرورقت عيناها بالدموع واطرقت براسها حزناًعلى فقدان وطيد الامل وما سَيحلُّ ببعلها الحَنبَل
رسم غزوان قبلةً على خدّ ام الوليد بعجالة والتفت إلى من بقي من الهرتين وعلّمهم كيف يَعضُّ الكبير منهم ويُمسِك برقبة أخيه الصغير ليحمله أثناء رحلتهم المضنية هذه وبعدها همس باذنه مواءاً حزينا ًغير مسموع
عادت ام الوليد مرة اخرى لتعضّ ذيلها قبل ان تقوم بحمل الهرتين الصغيرتين لمواصلة السير مع الركب , بينما اخذ غزوان بالابتعاد عنها شيئاً فشيئا , حتى اختفى واصبح خلف نقطة التلاشي حيث لا يُرى

من اقوال كليله ودمنه المأثوره:
((وحدهم أصحاب الضمائر الميتة يصنعون أبواقاً الحروب ))
هشام الطائي



#هشام_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هاضوم المهضوم
- سلاله شيطانيه
- المتحولون
- حرب داعش وابن .........
- خليلات العبد
- ((سبيتي)) الشاطر
- من باع من؟
- ميد ان داعش
- دموع صديقتي
- داعش وحز الرؤوس
- حب ارهابي قصه قصيره
- اوراك
- تحية حب الى ابا صابر العراقي
- تحيه لك ابا صابر
- أبا بكر أيها المتبغدد
- الكتله الاكبر ... الضرع اللبون
- رساله الى خليفة المسلمين
- جنة الدواعش
- سقوط الحدباء وهروب الجبناء
- النظر من خرم الابره المستورده


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هشام الطائي - الطوفان والقط غزوان