القَسَمْ في القرآن

صباح ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 4826 - 2015 / 6 / 3 - 14:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

الانسان يُقسم بما هو مقدس واكبر منه سموا ومرتبة وقدسا طاهرا ، ليثبت صدق كلامه ، وليصدقه الاخرون ، وهذا متبع في المحاكم ، فيقسم المسلم بالله وبكتابه المقدس ( القرآن) انه يقول الحق كل الحق ولا شئ غير الحق،وكذلك يقسم المسيحي واليهودي بالله وبكتابه المقدس. كما يقسم رؤساء الدول واعضاء البرلمانات والوزراء قبل تسنمهم مناصب الدولة العليا ، ومن يحنث بقسمه يكون معرضا لعقوبات قانونية. لآن الله اسمى ذات في الكون كله . فالقسم دائما يكون بذات الله وليس بمخلوقاته .
ولكن عندما يقسم الله في القرآن ، فلمن وبمن يُقسم ومن هو اسمى من الله في الكون كله . ولما يُقسم اصلا وهو قول الحق ؟
هل يحتاج رب العزة والجلال ان يُقسم بشئ حتى يصدقه المخلوق ؟
ولو اقسم بذاته الالهية فهذا تعظيما له فهل يُقسم الخالق بمخلوقاته التي لا قيمة لها امام عظمتة ؟
العجيب والغريب في القرآن ورود اقسام نُسبت الى الله وهو يُقسم باشياء تافهة لا قيمة لها امام عظمة الخالق، ونورد بعض الاقسام التي جاءت في اقوال الله كما يدعي مؤلف القرآن الحقيقي .
فلا اقسم بما تبصرون سورة الحاقة 38
اقسم برب المشارق والمغارب انا لقادرون سورة المعارج - 40
فلا اقسم بيوم القيامة سورة القيامة 1
لا اقسم بالنفس اللوامة - سورة القيامة 2
فلا اقسم بالخنس - سورة التكوير 15
فلا اقسم بالشفق سورة الانشقاق - آية 16
لا اقسم بهذا البلد - سورة البلد - آية 1
ويقسم الله بالشمس وضحاها وَبالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا وَبالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا وَباللَّيْلِ وَبالسَّمَاءَ وبالأَرْضِ وَبالنَفْسٍ !!!
وَ يقسم الله الخالق العظيم بمخلوقاته مثل الطُّورِ وَكِتَابٍ مَّسْطُور
كما جاء في سورة الطور: " وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَّسْطُور فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ .
فما فائدة القسم بجبل الطور والبحر والرق والبيت المعمور لاقناع الناس ان عذاب الرب واقع ؟ وهناك اعظم من الجبل والبحر والبيت !!!

هناك الله رب العزة والجلال الذي اذا اقسم فإنه يقسم فقط بعزته وجلاله .
يقسم الله في القرآن بالسماء والنجوم التي هي من صنع يديه
" والسماء والطارق ... النجم الثاقب" (سورة الطارق)
" وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ" (سورة البروج)
ويقسم بالرياح والسحاب الذي يحمل الماء :
" وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً فَالْحَامِلَاتِ وِقْراً فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً" (سورة الذاريات)
ويقسم بالملائكة التي تنزع النفوس : " وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا وَالسَّابِحَاتِ سَسبْحًا فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا " (سورة النازعات)
ويقسم الله بالملائكة (الصافات) ليقنع لناس ان الاههم واحد !
"والصافات صفا فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ"
ويقسم بالنباتات : "والتين والزيتون" (سورة التين)
,ويقسم بالفجر" وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ" وكذلك يقسم بالحيوانات ! مثل ااالخيل المغيرة " وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا" (سورة العاديات)
سسؤال :
هل الله بحاجة الى ان يقسم لعباده بمخلوقات من صنع يديه ليصدق الناس اقواله ؟
اليس هذا غريبا في كتاب مقدس ؟ ام هو محاولة بشرية لأقناع الناس بما خلق الله وقدرته وجبروته ليؤمنوا به وبنبيه ؟
ام هو من بنات افكار مؤلف القرآن ليبدو الكلام اقوى ليصدقه الناس البسطاء والجهلاء من بدو وعربان الصحراء ؟

لقد دارى سيد قطب هذا النوع من القسم الذي لم يجد له مخرجا مقنعا سوى قوله انه من الجمال الفني والاعجاز الالهي ان يقسم الخالق بمخلوقاته .
وكان الناس يخشعون من الظواهر الفلكية كالليل والنهار والفجر والضحى والعصر والمساء وكانوا يقسمون بها تقربا منها زلفى ، ولما تحولوا من الوثنية الى الشرك ثم الى التوحيد ظلت رواسب الوثنية في تعابيرهم واقسامهم ودخلت الادب ولغة الكهان والعرافين ، اتبّع محمد ذلك الاسلوب في الادب الديني ، فأقسم معهم وهو اول المسلمين بكل الخلائق والمخلوقات عدا الخالق. وجاءت الايات كلها تقسم بالمخلوقات الحية والميتة.
هذا ليس اعجازا بل عجزا لاقناع الناس بعظمة وقدرة الله .
في الكتاب المقدس - العهد القديم - يقسم الله بذاته وليس بمخلوقاته قائلا
على لسان النبي اشعيا الاصحاح (45-22و23) :

" اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرَ، بِذَاتِي أَقْسَمْتُ، خَرَجَ مِنْ فَمِي الصِّدْقُ كَلِمَةٌ لاَ تَرْجعُ: إِنَّهُ لِي تَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ، يَحْلِفُ كُلُّ لِسَانٍ".
هذا هو القسم الحقيقي وليس بالجبل والخيول والغيوم والتين والزيتون .
ما نفع القسم بالخيول والنجوم والزيتون ؟
هل القسم يكون بالاسمى او الادنى ؟
قال السيوطي: " إن العرب كانت تعظم هذه الاشياء وتقسم بها فنزل القرآن على ما يعرفون"
والسؤال هو، هل يجامل اللهُ العربَ ليقسم بما كانوا يعرفون ليؤمنوا به حتى لو كانت من الجماد او الحيوان اوالنبات. وهل القسم يتم بالخالق الاعظم ام بالشئ الادنى عظمة ومن مخلوقات الخالق ؟ وحتى لو كان الله هو من يقسم فلا وجود لاعظم منه فيقسم بذاته كما جاء بآيات العهد الجديد والقديم من الكتاب المقدس . وهل اتباع طريقة القسم الوثني فيه جمال لاسلوب وكمال التنزيل؟ سؤال بحاجة الى اجابة من المثقفين .

#صباح_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات