أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمودي زيارة - رواية - اقفاص الرمل (16)















المزيد.....

رواية - اقفاص الرمل (16)


حمودي زيارة

الحوار المتمدن-العدد: 4824 - 2015 / 6 / 1 - 02:04
المحور: الادب والفن
    


الفصل السادس
الوجوه المتراصة في فضاء الباص المستطيل الشكل, ذات اللون الاصفر, كانت تنوء بحزن اليم واعياء اسيف يخضل تعابيرها تبعات الدموع, وتنهيدات لاسعة. اغلب حدقات العيون كانت تتطلع الى المخيم باختناق ولوعة , يساورهم هاجس الذهول والدهشة والتعجب بمغادرة المخيم. سرادق الظلمة حينها نشاْت تتهياْ للرحيل خلف سراة الافق بعيدا تتناْى عن اشباك المخيم, عندما اطلت ذبالة الافق بالاتقاد وبهدوء ناعم وثمل, توغل بياض الصباح يقضم فتات سواد الغبش. ولساعات طويلة مبهمة لا تعرف معها وقت الوصول, نادم الباص امتداد الطريق التي تمسده نثارات الرمل, وسراب الطريق, الصحراء تطالعك كدخان الحروب من كل جانب, وبقيت انهيالات الرمل الشئ الوحيد العالق في شرود العيون. اسر عباس في خلده: من هنا بداْت قوافل حزننا. الباص مكتظ بوجوه سفعت ملامحها الرمال وسلبت نضارتها, اللغط المتداخل يزكم جوف الباص.
الرمال جعلت قواعد الالفة مشتركة لدى الجميع, فليس ثمة ضوابط ان اردت التحدث مع من تريد. اوقف الباص مرثونه عند بوابة كبيرة لقاعدة عسكرية في بدايات نسائم النهار, المكان تزركشه قليل من الاشجار الشاحبة, والبنايات الواطئة ولكن تلوح من حولها اطنان هائلة من ركام الرمل التي تشراْب متطاولة حافات الافق... الزعيق والصخب في وسط القاعة يزيد من شدة الحرارة. وزعت اعداد اللاجئين على طائرات عسكرية هائلة, اطفال, نساء, ورجال, وبعد فترة طويلة من الزمن الذي سكب دقائقه على تعرجات الرمل, وصلت الطائرة الى مطار الرياض... الصالة تغوص في اتون لاهب, وتوجع خانق... والرمال من وراء النوافذ تدمن السراب, ترقد عارية تغتسل في نيران الشمس, وعقب مرور ثلاث ساعات, قفزت الاجساد الى جوف الباص مرة اخرى, المسافة كانت قصيرة التي قطعها الباص, وعلى مقربة من طائرة مدنية, توقف فحيح الباص, فبداْت الخطوات الخجلى تترجل بقلق واحتراز وتتقدم الى مياسم الخطوط التي نسقها عمال الامم المتحدة, تمتطي سلم الطائرة الفارع, وبعدما حشرت الاعداد في ثنايا الطائرة, وبعد القاء التوجيهات والتعليمات تسلقت الطائرة تلافيف الهواء, ثاقبة انتفاخات الغيوم.
ذهول يفر من نظرات العيون عندما تعبر زجاج النوافذ, وتبصر البلدان تتلاشى وتغيب بسرعة من تحت اجنحة الطائرة, وتبدو كخطوط خرائط, والبحار خربشة اطفال, تمتم عباس في اللحظات الى نفسه: كنت رهن انتماء لقيط في اعماق الرمل لزمن طويل, والان في سويعات استطعت ان اعبر بعض من البلدان والبحار. استمرت الطائرة تثقب تلبدات الغيوم, وتواظب برقة وحذاقة عبور الخرائط والمحيطات... وبشئ من الدماثة والحنان ثابرت الطائرة باحتضان لفيف العراقيين, واحلامهم, وعبثهم, ومايضمرون من هواجس وخلجات. اللغط قد تعرش في كل زاوية من الطائرة... وخليط شاذ من البكاء, الصراخ, والضجيج, لذا الابتسامة غارت من وجوه طاقم المضيفات, والاستياء والقرف حل بدلا. احشاء تجاويف الطائرة كانت مكتظة بشكل يدعو الى الاغماء, وتظن بان الرحلة من المحال ان تنال مداها, وما ان تهز المنخفضات الهوائية صفيح الطائرة, يرتج هواء فضاء الطائرة الفاسد بسيل الاصوات التي تندب رحمة السماء, وقباب اهل البيت. الناس الماكثون في الطائرة, مازالوا يتصرفون, وكاْنهم في حدود المخيم, والطائرة عبارة عن خيمة كبيرة طائرة. الممر ماكان يفرغ بالمرة, فالناس في ذهاب واياب مستمر على مدار الساعة. مرافق الطائرة قد طفحت فاْن الناس عليهم ان يستعملوا الماء في كل مرة يستخدمون فيها التواليت, ونتيجة ذلك فقد امتلاْ الخزان المعد لاستيعاب الفضلات. طاقم الطائرة قد افزعهم الامر, فتكلموا عن طريق المترجم ان يقللوا من استخدام الماء.
تمالك عباس الفرح حيث شرعت احلامه الماكثة في قرارة جنباته منذ ان سرقت احاديث الشوارع بعيون المخبر, تتحسس البوادر الاولى لدروب الانعتاق, وكذلك شعر بنشوة غامرة, لانه خرج حيا من المفازات العربية المترعة بالمشانق والسجون. الطائرة كانت تضم اكثر بقليل من خمسمائة لاجئ عراقي, نضدوا كبذور اصابع الفاصوليا على ثلاثة خطوط من المقاعد, اثنان على الجانبين حيال النوافذ, والخط الثالث يمتد كنهر اعتراه القحط في الوسط. كان مقعد عباس يتربع في الجانب الايسر الذي يحاذي الممر, وكان يجلس بجنب عباس رجل في منتصف العمر, صامت, ومذهول, لا يحر جوابا, يعتمد على ترانيم نظراته اكثر من خبايا كلماته, وبين الفينة والاخرى تطفح على شدقيه تعابير ابتسامة خافرة وحائرة... انتاب عباس وخزات من الارتباك عندما حاول بتاّد ان يجاذبه الحديث, لان قسماته لا توحي بالمواصلة والاثارة, والرفض كان لسعة الثعبان التي قتلت دهشة الحديث, كان الرجل شديد التطلع والاصغاء ولكن شحوب الموت الذي يكفن عينيه, يجهز على نعومة اخضرار الحديث.
انسحب عباس كنفثات الدخان الى توجعات افكاره, واحتفالية نزق احلامه, وثمل في الداْب بالتفرس في سحنات الوجوه, الوجوه تبدو في مندبة, تروي احزان وماْساة لا يدرك خوار الزمن شفير نهايتها, وتلعثمات وجع مازال في بداية المشوار, وانين احلام شاخت في الذاكرة, وتنهدات حنين لاصداء الامس, وقلق, وتوجسات حذرة لقافلة الايام القادمة هناك في مدن الغربة, وبينما استغرق حيزوم الطائرة يطارد الغيوم, خارت الاجساد في هدوة النوم. سقطت نظرات عباس في بحث دوؤب, تغرز الدبابيس في لوحات الوجوه, تجوب بغبطة في ترهلات القسمات, الغبطة التي سرقت منذ سنوات على بنادق جنود الرمل, وفي غمرة نزواته على اماليد الملامح, خطفت خرير جدول نظراته السارحة والعابثة في اسرار الركاب من خلال سحناتهم, نظرات بارقة لفتاة خجلى من خلف الخمار, اشاح عباس سيل نظراته على الفور في الوهلة الاولى, ولكن قلبه الجدب راح يتقافز في وله وفرح عارم, ودفق من التصابي اخذ يستبد في ذهنه, وتهاويم جمة اطبقت على حنايا روحه, وفي ارتباك شديد غاص جسده في نوبة من الخجل وكذلك حيرة باطشة دبت في كل خلية منه, الخوف ايضا نشب يستعر في احشائه, اما القلب فراحت تجلده نبضات حادة, فسارعت نواعير دمه ترهق الاوردة, فعباس لم تلامس نظراته امراة البتة منذ زمن بعيد, فقد نسى بالكاد معنى ان تحب امراة.
عليك ان تكون فظ كيما تهادن مفاهيم الرمل, لذا اضمحلت عند عباس تقاسيم الحب وغارت في هشيم الزمن ومسافاته القاسية. وبشئ من الثقة والاعتداد, سرب عباس كلمات مشجعة في ذهنه, يحاول ان يقنع ركود قلبه بان يمتع خياله السقيم في نظرات اللحظة الالهية المائسة الشاردة من خلل اهداب عينيها التي باستطاعتها ان تدمل كل تقرحات الرمل, وسنوات الحرمان الجاثمة في الذاكرة كهاجس مقيت. حاول ان يستجمع كل ماتبقى في البال من خطرات للحب بمطاردته لتهاويم الصبابة العالقة في ذهنه... عندها جذب نظرات عينيه بحزم الى جهة الفتاة, وبفرح عاصف لامست عينيه قسماتها التي نضجت في الرمل. عقد نظراته في نظراتها التي تشوبها ابتسامة ناعمة, غالبه الجنون والهوس, ظهر في حيرة وتردد وهو الذي انفق عمره يحلم ان تحبه امراة, بهدوء ساذج اوماْ لها بالتحية, احتفل وجهها بابتسامة اججت اوار لاهب في احشائه, ولواعج زاخرة تنشط في جوانحه تداهم شغاف قلبه. توارى بنظراته الواهنة في غلالة الخجل, وانطوى على نفسه محاولا ان يتخلص من نظراتها التي حاصرته من كل جانب, فشعر بانه هزيل كثور ضرجته طعنات الماتدور, امام نظراتها التي اخترمت قلبه ورمته الى حرائق القلق والحيرة, حاول ان يعيد اعتداده ولكن دون مندوحة. استمرت دوامة تبادل النظرات لفترة, ولكن عباس حاول ان يركن الى دواخله بدلا من اسكاب جل مشاعره لمجرد نظرة خاطفة ربما اغلب الظن وقعت عليه بالصدفة, ومن شدة ارتباكه تسال ربما الفتاة شعرت بنفس اللذة التي يشعر بها الان, لذا بادلته النظرات ولكن مفرغة من رسيس الحب.
واجه عباس صعوبة بالغة بالسيطرة على خوالجه, لانه يحمل من الالم مايمتد به بعد الموت, بالاضافة الى عصيان روحه عليه بعض الاحيان, وفي معظم الاوقات, عندما يقرر شيئا ما فانه يعمل على خلافه تماما, لذا شد مشاعره الى الاسفل قبل ان يرتكب حماقة, فسحب روحه الى مراتع الانعتاق, حيث لا يريد ان يفقد نشوة الاحساس بالاخلاص, وفي تلك اللحظة تذكر عباس عندما كان في كلية العلوم, كيد زملائه واحتيالهم, واصرارهم بالرهان من اجل ان يتحدث مع زميلته نجوى, حيث عباس كان يميل اليها, ولكن احساسه بالخجل جعله يفضل الانزواء. رمى عباس نظراته بعيدا عن نظرات الفتاة التي اصبحت اكثر شراهة واقدام, عمد الى تطامن توتر اعصابه التي لفظته عرقا نيران دواخله, واخذ يتصنع الجدية من خلال النظر الى مقدمة الطائرة حيث مسؤول طاقم الطائرة شرع يتحدث عن طريق المترجم للانصياع الى التعاليم والضوابط والتمسك بها, حيث الامر انحدر الى الاسوء فالمسافرين في عبث سادر احالوا جوف الطائرة الى مباءة نتنة, وواقع سقيم يدعو الى الاستياء والضجر, فماء المرافق اخذ يتدفق الى داخل الممرات مشبع برائحة فاسدة, ولاْن الاطفال دون حفاظات فقد ترك برازهم يتوزع بشكل مقرف على حافات المرافق.
تراخى تركيز نظرات عباس فسحب نظراته الى الاسفل فقد اضناه التحديق المزيف دونما اي غرض سوى الابتعاد عن فراسة نظراتها القاتلة, ومن غمرة الخجل التي استبدت بعباس حاول بقوة ان يتحدث مع جاره ليبادله الحديث, فقد حاصره طوفان نظرات الفتاة بحيث القته في دوامة الحيرة, والامتعاض, والخوف... نظر الى جاره فوجده يغط في نوم عميق الى درجة كانت حدة شخيره تجلد شفتيه. من جديد نازعته هواجسه, حيث اخترقت برؤية باْن الفتاة ربما تروم شيئا ما في نظراتها, او ربما انها جادة بمبادلة المشاعر, ادار عباس بخجل مقلتيه الى صوب الفتاة ليتأكد من حدسه, وجدها مطرقة تنظر الى حركة اصابعها, رفعت رأسها تهياْ عباس ان يثبت راسه وعدم الشرود به الى الجهة الاخرى, وما ان نظرت اليه, ابتسم عباس بحياء مهزوم, ابتسمت الفتاة هي الاخرى بوئام من دون ان تتأخر. خذله رأسه مرة اخرى, حاول ان يرجعه, لم يستطع ان يغلب ارتباكه ونوبات خجله, بقى مطرقا للحظات حتى لكز انتباهه الخوف من الاخرين, جال برأسه ليتأكد من تطفل العيون, ربما سيراه احد ما ويفتضح امره, فان تبادل النظرات في عرف الناس الذين يحملون اعرافهم كالسيف امر فاضح وخطير وسيؤدي حتما الى احتدام عسير, وعلاوة على ذلك فقد نمى هذا الاعتقاد بعد ان مكثوا سنوات طويلة واليمة في اخبية الرمل, يقاضوا اخطائهم على ضوء ما حملوه من مفاهيم, ولعدم اتصالهم لسنوات في نسغ الحياة, جعلهم يبدون وكاْنهم زمرة من المجانين. وعلى حين غرة ودونما سابقة, نهضت الفتاة ناشرة قوامها بهدوء رصين, هذا مما ادى الى حذف عباس الى شعور عاصف اماد سكونه مما زاد وجيف قلبه, وبوجل خانق, تمتم في خلده:
- رباه لا تجعلها تاْتي الي, لانها ستكون كارثة, فاْن عرف اهلها في الامر فسوف يلقوني من نافذة الطائرة الى اعماق البحر, ودون شك ساتحول الى طعام لاحناشه.
وضعت خطواتها باحتراز في الممر, دفن عباس نظراته في صدره, سمع وقع حذائها يدنو ببطئ, تكور في شرنقة الذهول وراح نثيث العرق يترشح بسرعة من كل انحاء جسمه, وما ان اصبحت حيال مقعده لامسته رائحتها العذبة, ابتعدت اصوات خطواتها وبصعوبة تكاد ان تسمع, نظر بحذر من خلفها, فراها قاصدة الحمام, اسند ظهره الى المقعد بارتياح اخاذ, وتنفس الصعداء, بعد ان اعياه الخوف والتوتر, حرائق قد اضرمت في احشائه, واستشاط دمه من الغليان, ولطخات متقطعة ظهرت على مساحة وجهه تشفعها تبجسات من العرق, هذا عندما قدمت تخطو نحوه, وكاْنه امام منازلة الموت.
صراع محتدم, ونزاع مشوش يحول دماغه الى جمرة لاهبة, واحتمالات متواصلة تتقافز بشكل غريب الى روعه بحيث عجز ان يحجم تدفقها... وما ان تناهت الى سمعه تمسدات خطواتها لامتدادات الممر حتى اعتدل في جلسته ولكن اعصابه اخذت تتوتر اكثر بحيث اصبح جسده كتلة صلبة, نادرا ماتلاحظ ناْمة تنتاب جسده, حتى الجفون تسمرت الى الاسفل, وكاْنها عزفت عن الاطباق. لاحظ عباس بان هوس الخطوات توقف عن الايقاع عند حافة مقعده. خوف مطبق اجتاح كيانه ووجوم هامد اسكت انفاسه, وبينما انخرط عباس في لملمت اشلائه النافرة, واذا بورقة مطوية تهبط بحنان في حجره, نزت اصابعه بالتياث, قبض الورقة بشئ من المخاتلة, دسها في جيبه. عندما هم برفع رأسه, شعر بانه موثوق الى المقعد, ارتعشت اصابعه, واخذت فرائصه تتراخى, وتساْل مخيف يطبق على دماغه. عندها امهر ترياق الرغبة اصابعه فاخذت تعالج القصاصة وبذهول دفاق انكب يلتهم الاسطر:
- اعرفك تماما اكثر من قريني الحزن, تتمرغ نظراتي على قوامك دون ان تلمحني, لملمت تقاسيم وجهك كاجمل صورة في الذاكرة, اقبلت كثيرا كأسطورة في احلامي. ضيعني الحزن في كل الاماكن فاْوجدني نجوى على دربك, توسدت كتف الفرح وتأرجحت على اغصان من الورد عندما القتك الحياة في دربي, داْبت كالانبياء في البحث عن اخبارك. انا اعترف بكبرياء بان رحلتي في اخاديد الرمل علقت في اليأس ان لم تنقذها قافلتك, التهم الحزن كياني ما ان قراْت اسمك في قوائم الاسماء, اذرفت الدموع امام اللوحة, وقتها قررت ان ابعث برسالة الى رئيس الوفد الامريكي, وكان هذا عزائي الوحيد, والا سوف ارسل برسالة اليك بطريقة ما, وان كان فيها افتضاح امري, ولحسن الطالع تلقيت الاجابة في اليوم التالي, عندها عانقت اعواد اللوحة اسم عائلتي. غار الحزن في غبار الضياع عندما تماثل الفرح بالوانه في خيالي. رايتك عدة مرات في مفوضية المخيم, تبقى نظراتي تحدق فيك دونما ان تعلم حتى تضيع في ظلال مكاتب المفوضية حاولت مرارا ان اتحدث معك ولكن عيون اهلي توخز خطواتي, سالت عنك الموظف الذي اجرى لي المقابلة وكانت خاصة بعد ان علم بامري قلت له باني احبك واريد ان اكون معك قي نفس الولاية, ابتسم الموظف واستغرب القصة كونها واقعة غير مألوفة في اعراف المخيم, اهتم في الموضوع وأكد لي بان قبولي سيكون حتمي. فرحت كالاطفال ما ان شنفت كلماته اسماعي, وما عاد شئ يكدرني بعدها فقد حفلت ايامي بالانتشاء. النظرة الاولى كانت في سوق المخيم عندما سمعتك تتحدث بكلمات عذبة مازالت الى الان صداها يدنف سمعي مع جارنا رضا, حينئذ شعرت بان قلبي تمرد على حزنه, وبداْ يتطلع الى سارية قاربك. اعرف اخبارك عن طريق اخته نوال, اتذكر عندما استضافك رضا ذات مرة, واخذتم بعض الصور, صورتك عندي فقد سرقتها لي نوال, وهي الان في محفظتي.
انغمر عباس في لجة من الذهول الحاد, تطلع مرات عديدة الى ناحية الفتاة, حاول ان يستنزف كل ما تبقى من رميم في الذاكرة كيما يستحضر صورتها. جاشت خلجاته بين فرح عارم واحباط عنيد. رضا كان زميله في جامعة بغداد, كلية العلوم, قسم الكيمياء, ولد رضا وتترعرع في الناصرية. فكر عباس ان يتحدث معها ولكن الرحلة الى نيويورك طويلة ومملة, وكذلك الدول لا تسمح للاجئين بالتجوال في ارضها, فيبقوا رهن جوف الطائرة, لذا فكر عباس ان يكتب لها ايضا.
- وريقتك المنداة برضاب الحزن, احالت اسلاك المخيم الى قلائد من ذهب والخيام الى عرائش من كروم. اضعتك في فيافي الرمل دون ان استدل على خطواتك او استاف رائحة وجدك. عانيت احلامك في جوف الليالي دون ان يهمس تراب خطواتي عن دربك. اقسم اليك باني ستأبطك في الدروب ولن امنحك للنسيان.



#حمودي_زيارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية – أقفاص الرمل (15)
- رواية – أقفاص الرمل (14)
- رواية - اقفاص الرمل (13)
- رواية – أقفاص الرمل (12)
- رواية – أقفاص الرمل (11)
- رواية – اقفاص الرمل (10)
- رواية – أقفاص الرمل (9)
- رواية- اقفاص الرمل (8)
- رواية- اقفاص الرمل (7)
- رواية- اقفاص الرمل (6)
- رواية - اقفاص الرمل (5)
- رواية – أقفاص الرمل (4)
- رواية – أقفاص الرمل (3)
- رواية – اقفاص الرمل (2)
- رواية - اقفاص الرمل (1)


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمودي زيارة - رواية - اقفاص الرمل (16)