أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الخياط - كُرسي - الولي - في الأوكشن















المزيد.....

كُرسي - الولي - في الأوكشن


عادل الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 4823 - 2015 / 5 / 31 - 11:02
المحور: الادب والفن
    



أثار إعلان تجاري في التلفزيون المحلي عن عرض كرسي الولي في المزاد, فضول أصحاب المقتنيات , والمتاجرين بالأثريات , وحتى عموم الناس الذين لا يملكون النقود لشراء تلك المنمنمات ذات البعد التاريخي الغالية الثمن .

لم يكن الإعلان واضحا بما يكفي , فلم يعرض صُورا لذلك الكرسي , ولا حتى موعدا او تاريخا للمزاد , فظلت العيون والأسماع شاخصة نحو الشاشة والمذياع .. إليه , أخذت التقاويل والتوقعات تغزوا الأسواق والبيوت والشوارع ودوائر الدولة والبورصات , والبحث في المقتنيات القديمة الأخرى .. تقاويل وتوقعات وتساؤلات عن ماهية الكرسي الذي عرضه الإعلان التجاري .

: يُقال ان كرسي ولي الله يشبه كرسي هارون الرشيد يحتوي نقوش العصر العباسي ونقوش الخط العربي وآيات قرآنية وأحاديث نبوية وشِعر الشعراء الذين تغنوا بهارون وأسلافه العباسيين وجهادهم لإعلاء راية الله في الأرض .."
:" نعم , نعم " يضيف آخر :" ويُقال أيضا ان عبارة هارون الرشيد الخالدة عن الغيمة العابرة : " إمطري حيث شئت , فإن خراجك سيعود إلي " هذه العبارة منقوشة على كرسي الولي .. أيده آخر : أجل , ويُقال أن رسوم زبيدة معبودة الرشيد منثورة على قمة العارضة في الكرسي ..

إعترض أحد المتواجدين على ما نفث به بعض الحضور بالقول : لا أظن ذلك , الذي سمعته ان الكُرسي يحتوي على تصاميم ملوك أوروبا في القرون الوسطى , وعلى الأخص قياصرة الروس , حيث يُقال أن صاحب الكرسي يحب القياصرة أكثر من الملوك ..

عابر السبيل الصيني لم يستوقفه الجمع وتخميناته , فنظر نظرة خاطفة ثم مد بوزه مزدريا ثم سار في طريقه , حينها إعترضه أحد الملهوفين في معرفة مزايا كراسي أباطرة الصين , فقال له الصيني : نعم , نعم ,كثير من البضاعة الصينية هنا في بلدكم ومنها الكراسي " .. فقال المُرهف : يا سيدي الصيني , اسألك عن كراسي أباطرتكم , كيف كانت , كيف شكلها , هل فيها طرازات , هل فيها نقوش , هل ... " فأجابه الصيني : نعم , في السوق , تجدها في السوق .. " فرجع الشخص وهو يتمتم : يبدو ان الصيني لم يفهم اللغة , احتاج لمترجم صيني للذهاب لورش العمل الصينية للإستفسار عن أشكال ونقوش كراسي أباطرتهم حتى أفوز بالجائزة ...

المُغرم بأباطرة الهند كان أشد قناعة في توقعاته من سابقه الصيني , فهو يقول : انه كان يوميا يدخل في دروس على كيفية قفز الأفاعي على لحن الماصول أو الناي الهندي , وكيفية لبس العمامة والزي الهندي عموما , وأن الهنود لا تخيب تخميناتهم , وأنهم أصحاب خبرة في ذلك ,وأنهم .. وأنهم .. وان كل عصبة في الكرسي الإعلاني تدور في مخيلته . لكن عندما أراد أحد الطامحين بالجائزة إستدراج الهندي عن سحره الثعباني , رفض الهندي التعامل معه ..

مجموعة أخرى أرادت التعامل مع أحد التتار المستطرقين , أخذوا يرطنون له بأسماء أباطرة التتار علهم يستشفون مخيلة عن الكرسي التتاري : جنكيز , هولانو .. التتري لم يتعرف على أي إسم , لا على جنكيز ولا خان ولا هولاند ولا هولاكو , فأجابهم برطانة : عمل , نريد عمل , عندكم عمل , عندكم خبز ومرق , عندكم ..... "

كان ذلك العصر المُلتهب بفوضى شهوات سليل الملكوت قد أخذ يضمحل مع إنحلال الضوء القرمزي لكُرة النار , كُرة النار الشاهد الأزلي لصراع الجنس لأجل الغنيمة .. ومع إنحلال الضوء لم نلحظ بادرة خاتمه لماهية كرسي الولي , فلم يأت الفرج لا من الخبر التلفزيوني ولا من تخمينات التجمعات التي ما برحت تتشبث بقشش الأقوام لفهم ولو خصيصة واحدة من كرسي الولي الذي سوف يُعرض في ال " أوكشن - المزاد - "

دخل الخضم المُقلقل المُحتار متشاجران , أحدهما " مُعمم " والآخر نجار يحمل على كتفه برينة نجارة : المعمم يقول للنجار : يا نجار أنت قلت لي اليوم سوف تكتمل القنفة , وعلى ضوء وعدك , تراني عزمت الشيوخ لتناول العشاء في بيتي مع القنفة الجديدة . " فقال له النجار : ظروف , ظروف يا شيخنا هي التي جعلتني لم أكمل القنفة , إبنتي مريضة , إبني , زوجتي عندها مغص , يا سيدنا الشيخ حاول أن تفهم .. " إذ ذاك تدخل أحد المنتظرين كرسي الولي وقال للمعمم : أية قنفة تتحدث عنها , الناس معطوشة على مزايا الكرسي والجائزة وحضرتك طرمت رؤوسنا بقنفتك !

يبدو ان المعمم لا يدري او لا يكترث بما يعرضه التلفزيون , فقد يكون منشغلا بالتراويح والتعاويذ وما شابه , فقد سأل المُعقب على قنفته وعن الكُرسي الذي تنتظره جموع الناس , سأل أو وجه تساؤله لذلك الشخص : أي كُرسي وأية جائزة تتحدث عنها ؟ "
حينها إنبرى الشخص يشرح له عن الكرسي وجائزته وتخمينات الخلق عن الرشيد وزبيدة وكراسي الهنود والصينيين والتتار والأوروبيين وغيرهم من الأقوام وكراسي أباطرتهم ..
إذ ذاك , وكأن عنقودا قد فرقع بين خصيانه , إنبرى في سب الناس والرشيد والأميرة زبيدة وملوك الأرض , وليصرح عن ماهية الكرسي قائلا : كُرسي الولي يشبه هذه اللفة التي فوق رأسي , لعنة الله عليكم وعلى زبيدة وملوك الشرق والغرب "
الناس صمتت للبذاءة الصادرة من هذا المعمم , لكن حين هم بالإنصراف بادره أحد ما بالقول : يا شيخنا , لا يهمنا عن ماهية اللفة المنتصبة على هامتك , هل هي لفة " هامبركر " أو لفة ساندويش صوصج لحم بقر أو خرفان , نحن هنا لدعم الإقتصاد الوطني من خلال إعلان مبثوث من التلفزيون الحكومي , فلا تهبط عزيمة الناس في هذا المجال , وإلا سوف أبلغ الحرس الوطني ليعتقلك وتكون مسخرة أمام الناس ." .. حينها إنصرف المعمم دون شوشرة مثل دبيب الأرض .
لكن نجار قنفة المعمم ظل في مكانه ولم ينصرف , فلقد إنتابته شكوك حول كرسي الفقيه .. عصر مخه للتذكر , عندها إنسابت الواقعة في رأسه , فأخذ يروي لأحد الحاضرين : نعم , نعم , الآن أنا أتذكر , أتذكر كيف ان مجموعة أشخاص ذات سُحن لامعة وبدلات ونظارات سوداء طلبوا مني صناعة كرسي صغير بدون رتوش ولا طرازات , ومرتفع قليلا بشبرين عن الأرض .. أتذكر إنهم وقفوا على رأسي وطلبوا إنجازه على الفور , وعملته لهم في ظرف ربع ساعة , لأنه بصراحة كان سهل الإنجاز , حتى بإمكان أي شخص أن يعمله في البيت , طبعا إنتابتني بعض الشكوك عن ماهية هذا الكرسي وان تأتي مجموعة تابعة للدولة لصناعته , لكن بعدها عندما رأيت الولي يجلس عليه , إقتنعت ببساطة الولي لصناعة هذا الكرسي وليس كرسي مزركش مثل كراسي الملوك , لكن ما أثارني إنه يجلس عليه في صومعة العبادة التابعة له وليس في مكانات دوائر الدولة , بحيث انه عندما يجلس عليه يجلس الحاضرين على الأرض , يعني هو يكون مُرتفعا عليهم بشبرين حسب هندسة هذا الكرسي الذي صنعته ! "

على إثر المحادثة ظهر خبر تلفزيوني عاجل يقول : تم إلغاء الأوكشن عن كرسي الولي , وتم إلقاء القبض على نجار الكرسي والحكم عليه بالإعدام لبوحه أسرار دولة وأهم أسرار دولتنا هي أسرار كُرسي الولي الفقيه !



#عادل_الخياط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناظور الشيعي معطوب
- القمازون - القفازون -
- شائعة عن إبن الله
- العبادي يُحذر المالكي
- عبدالله صالح : أين ستكون المحطة الأخيرة ؟
- إعتلال شيخ القبيلة
- ولي فقيه تركي
- ما سر غزل الميديا البريطانية بواقع إضطراب العالم الشرق أوسطي ...
- جون بينر ) غير مستساغ للأميركيين
- آخر نكتة : الثورة الإسلامية الحوثية !
- داعش من مناظير مختلفة
- هل مغناطيس العنف يجذب النساء ؟
- أمراء آل ثاني القطريون الحالمون
- نتمنى ل - فيسك - أن يزور ديار داعش
- الحرق والرجم وقطع الرأس , أين الإختلاف ؟!
- الحرامي أكثر خُلق من شارب الخمر !
- الإنتحارية لا تدخل الجنة
- التحالف الدولي بين الليزر والبعير !؟
- هل أصبح الحوار المتمدن مركزا لإستحضار الخرف , النمري نموذجا؟
- صهيونية - نتينياهو - لا غبار عليها


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الخياط - كُرسي - الولي - في الأوكشن