|
القاضي ميليس ومعجزة التغيير
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 1337 - 2005 / 10 / 4 - 11:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الإضافة الهامة التي شكلها حضور وحراك قاضي التحقيق ميليس في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري ، أنها نقلت الوضع السوري عامة ، إلى مرحلة جديدة ، تتسم بالترقب والحذر والتوتر ، مرحلة يمكن أن يقال فيها ، أنها أطلقت العد التنازلي العكسي لنهاية الاستبداد ، أو على الأقل تحجيمه وتخفيف قبضته المتجبرة ، ورشحته ، لدى إعلان ميليس لنتائج تحقيقاته في 21/10 /2005 ، للتعرض إلى حالة مفتوحة على احتمالات لن تكون بحال من الأحوال امتدادا ً مطابقاً لما كان قبل هذا التاريخ . ولن يبدل في حقيقة هذه الإضافة وآثارها المحتملة ، فيما إذا تمكن النظام من تفادي تبعات مسؤولية الجريمة المباشرة ، أو تمكن لعدم توفر الأدلة ، أو لعدم الضلوع حقيقة فيها ، أو ا ستطاع في جميع الأحوال ، احتواء التداعيات والضغوطات السياسية الناتجة عنها ، بل سيبقى تحت ضغط ملابسات هذه القضية حتى نهايات الإجراءات القضائية ، التي ستحدد المسؤولية ، وحتى صدور الأحكام والعقوبات ، التي لابد أن تطال الجناة القتلة ، وسيبقى تحت ضغط القوى الدولية التي وظفت وستبقى توظف منعكسات هذه القضية ، لتحقيق مصالحها وأهدافها اللبنانية والسورية .. والشرق أوسطية
وحسب الخبراء في شؤون القضاء ، ولاعتبار أن هذه القضية ، على هذا المستوى السياسي والنوعي محلياً ودولياً ، فإن الزمن الذي تحتاجه في مراحل التحقيق والإعداد القضائي وسيرورة المحاكمة ، التي ستختتم بالأحكام ، قد يطول سنوات . وخلال هذه المدة لابد أن ينكمش الإهتمام بها ، عدا بعض العلامات الفارقة في مسارها ، التي تبرزها الشهادات الهامة إبان جلساتها المميزة . وعندما تقلب ورقتها الأخيرة التي تسطر فيها الأحكام ، تصبح جزءاً من التاريخ .. من هنا تكتسب الأيام القليلة القادمة أهمية ا ستثنائية ، ويكتسب تقرير ميليس ، في حديه الأدنى والأقصى ، في المخيال السوري المرهق بالقهر والإحباط بعده " المعجزة " في التأثير في حلحلة ا ستعصاء التغيير في سوريا
بمعنى آخر ، أن قطاعاً واسعاً من النخب المعارضة قد وضع كل بيضه في سلة ميليس ومن هم وراءه من القوى النافذة في مجلس الأمن الدولي ، كبديل عن الحراك الجماهيري الداخلي . بل والملاحظ أن الرغبات النابعة من العجز والضعف قد حولت قدرات ميليس إلى معجزة . وهذا ما انعكس على نطاق واسع في مجالات الإعلام لدى معظم أطياف المعارضة . بالمقابل فإن النظام يحاول انتزاع المبادرة ، ويتعاطى مع مفاعيل المرحلة الصعبة التي تحاصرة بروح عملية ، وينطلق باتجاهات داخلية وخارجية لتعديل الموازين الراهنة لصالحه ، فمن طرح عروض وصفقات ، إلى تحقيق إملاءات فيما يتعلق بلبنان والعراق ، إلى فتح بعض الأقنية مع عدد من رموز المعارضة ، إلى تحسين العلاقات مع مصر والسعودية والهند وتركيا وإيران .. ومغازلة فرنسا ..ألخ
مانود قوله ، لاشك أن القاضي ميليس قد حرك الاستنقاع السياسي في سوريا ، وأضاف للمشهد السياسي بعداً جديداً ، وربما في مضمون تقريره المزمع إصداره بعد أيام ، إذا لم يؤجل في اللحظة الأخيرة ، سوف يقوي هذا البعد في مواجهة سطوة الاستبداد ، إلاّ أن ميليس وفريقه الذي يتألف خمسه من الإسرائيليين ويتحرك حسب البوصلة الأمريكية ، لايشكل البديل لقوى التغيير الديمقراطي . وإذا أحسنا النوايا حتى الحد الأقصى وثبت حياد ميليس وعدم خضوعه للضوظ الأمريكية ، كما حدث لفرق التفتيش الدولية عن أ سلحة الدمار الشامل المزعومة في العراق ، فإن النظام السوري قد ينجح في ا ستثمار الخوف العربي من تكرار الحل الخارجي المأساوي للعراق في حل المسالة السورية ، وقد يتوصل من خلال تقاطع المصالح مع قوى عربية ودولية ، ومن خلال الصفقات والتنازلات ، إلى تحجيم حراك ميليس نحوه أو إبعاده عن أ سواره
وكما فشل الرهان على قسم الرئاسة قبل خمس سنوات لتحقيق الإصلاح ، فإن الرهان على تقرير ميليس ، الذي سيصدر بعد أيام لإحداث التفجير المفضي إلى التغيير ، لن يحقق في ظروف غياب الشعب وتبعثر وضعف المعارضة إلاّ الفشل . وقد ثبت عملياً ، أن أي دعم وأي تدخل خارجي مهما كان كبيراً ، لن ينجز عوضاً عن الشعب أي تغيير . حتى الدبابات واعتقال كل أهل النظام .. لاتغير في هذه الحقيقة شيئاً ، بل تزيد أوضاع البلاد تعاسة وبؤساً وتدميرا . فقط النهوض الشعبي بأبعاده الوطنية والديمقراطية والاجتماعية هو الحل .. مهما طال الزمن وكثرت العثرات
وسواء صدر تقرير ميليس في موعده المحدد أم لم يصدر ، وسواء كان هذا التقرير ملبياً للحد الأقصى أو الحد الأدنى من الأمنيات البريئة ، فإن المعركة مع الاستبداد مستمرة .. ولن يتم التخلص من سطوته وقهره وفساده إلاّ بتحقيق وحدة صفوف وبرامج وأهداف قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية الضاربةجذورها في أعماق القوى الشعبية
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحرك السياسي السعودي .. إلى أين .. ؟
-
من المسؤول عن التغيير الديمقراطي في سوريا
-
إفساد - مكافحة الفساد - .. !! من يحاسب من ؟
-
المشهد الألفي ..على جسر الأئمة
-
معادلة الخبز والحرية
-
ومضة نبيلة في حراك الحرية
-
من أجل حركة نقابية عمالية جديدة
-
مع أحرار موريتانيا
-
خمس سنوات عجاف أخرى
-
الجلاد والقاضي في بؤرة الفساد .. من يحاسب من
-
ضد أمر تعسفي - تضامن مع ناهد بدوية وسلامة كيلة
-
الأحزاب .. والتغيير في سوريا
-
جدلية السلطة والشرعية في النظام السوري
-
الرفيق جورج حاوي
-
استنساخ تجربة فاشلة .. إمعان في الجري وراء المجهول
-
لابأس بقدر من الأمل
-
هل يمكن الرهان على مؤتمر البعث السوري القادم ؟
-
ذكرى فرا شة
-
خصخصة المليار المسروق
-
من أجل عالم خال من استغلال إنسان لإنسان
المزيد.....
-
فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا
...
-
أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
-
مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
-
المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
-
زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه
...
-
تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو
...
-
-نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA
...
-
مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
-
الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|