أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيء ناصر - عن معرض الفنان علي جبار الأخير














المزيد.....

عن معرض الفنان علي جبار الأخير


فيء ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 4821 - 2015 / 5 / 29 - 17:31
المحور: الادب والفن
    


علي جبار وقناعه الأعمى


يستضيف كالري هاي هيل ( Hay Hill Gallery) في جادة بيكر ستريت وسط العاصمة البريطانية لندن معرضاً بعنوان (القناع الأعمى / Blind Mask ) للنحات والرسام والمصمم العراقي الدنماركي علي جبار المولود في البصرة عام 1963 والذي غادر العراق عام 1992 الى الدنمارك ونال شهادة التصميم الكرافيكي من أكاديمية الفنون الدنماركية في كوبنهاكن عام 2002 والذي إستقر في لندن أخيراً.
ويبدو إن الفتى البصري يعرف تماماً ماذا يفعل وكيف يلوّن أحلامه وذكرياته وأفكاره وأين يذهب بضربات فرشاته. إثنتا عشر لوحة وعمل نحتي واحد، السمة الواضحة لها هي التجريب بلا هوادة للوصول الى هاجس خفي في وعي الفنان، ربما يخفى عليه أيضاً. علي جبار يجرب بلا قناعة مسبقة لذا فهو يضع المتلقي معه في عملية حوار مفتوح على إحتمالات التصور والخيال وإستنباط النتائج البصرية والذهنية في العمل الفني. لوحاته تبرز التناقض الحي والجلي بين ما هو مختفي تحت قناع وبين ماهو عارٍ، بين البراءة والخداع، القديم والجديد، والواهن والغليظ ، كل لوحة هي مزيج من الحلم والواقع، مزيج من الكوابيس الشخصية الغارقة في لغز الذات والبحث عن جواب، وبين وعي الفنان بمحيطه الجمالي والمعرفي. مزيج التناقضات هذا مُعبرٌ عنه بمزيج من الأساليب أيضاً من التجريدية الى التعبيرية ومن الواقعية الى السوريالية.
في لوحة (عالم جديد للوجود) أكريليك على قماش، كأن الفنان يرسم لوحة داخل لوحة، يستحوذ اللون الأزرق على فضاء اللوحة، الرجل الذي يجلس على كرسي مريح بمواجهة شاطئ البحر ويفتح كتاب بإحدى يديه بينما اليد الأخرى تهمّ أن تعيد خصلة شعر أزعجت العينين أثناء القراءة أو تحك أذناً أو تَنشُ حشرة، لكن الرأس يتلاشى ليحل محله جناح كبير متأهب للطيران (هل الجناح مرادف للكتاب المفتوح!)، كما تغيب ساقا الرجل، هناك إطاراً بمركز اللوحة يؤطر الرجل الجالس، كأنها نافذة ما مفتوحة خلف الأفق أو ربما لوحة داخل اللوحة،(المشاهد الذي يحدق باللوحة هو أيضاً لوحة لمن ينظر له من الخلف!)، ديناميكية حياة هائلة في هذه اللوحة، من الأمواج التي تركن بهدوء الى الشاطئ الى اليد التي ترتفع لأمر ما، الى الجناح الكبير الذي يحتل مكان الرأس الى الأزرق الذي يعد بإفق مفتوح، كم ذكرتني لوحة علي جبار هذه بلوحات السوريالي البلجيكي رينيه ماغريت.
شخوصه وثيماته لا تفصح عن أسرارها ولا تزيل أقنعتها الفاتنة التي تغوي بالتأمل العميق. العيون الواسعة الفارغة في الأقنعة تعيدنا الى منحوتات الحضارة الرافدينية، هذه العيون تتناقض كلياً مع الإكسسوارات المعاصرة الموغلة في الإيروتيكية التي ترتديها أجزاء الأجساد.

هوس التنقيط والأقنعة

يصاب المتلقي بالصدمة او لنقل الدهشة البصرية من كون الفنان قد جمع هذه الأجزاء من الجسد البشري ووزعها مجدداً بطريقة تتناقض تماماً مع طبيعة هذا الجسد وتتآلف من جانب آخر مع مخيلة الفنان الواسعة، كأنه يهدم الأجساد والأشكال والأشياء ليعيد ترتيبها، كما في لوحة (دروان) التي أشعرتني شخصياً بهلوسات حقيقية هو يستعير ثيمة التنقيط بالأبيض على خلفية حمراء من الفنانة اليابانية المخضرمة (يايوي كيوساما/ Yayoi Kusama)، في مركز اللوحة وجهان واضحا الملامح ينظران بدهشة وترقب نحو الأعلى، للوجهين أكثر من جذعٍ وأكثر من ساقين كأنها في حالة دوران على ذاتها، في يمين اللوحة درجات سلم تدعونا للإرتقاء وإكتشاف سر الدهشة.
لماذا يرسم علي جبار كل هذه الاقنعة في لوحاته ؟ كأنه يخشى النظر للوجوه، أو لعلها خشية الوقوع ضحية ملامحه الشخصية وإسقاطها على الشخوص أو لأن الأقنعة تزيد جرعة الغموض في اللوحة وتخفي الىتشوهات والتناقضات. في لوحة (المركب السكران) مثلاً وعنوان اللوحة هي قصيدة رامبو الشهيرة، هناك جذع إمراة مبتورة الذراعين والساقين ترتدي قناع وغطاء رأس شبيه بالذي ترتديه النساء في المغرب وملابس جلدية توحي بإيروتيكية مشوهة، جذع المرأة ينبت في زورق يرسو على شاطئ، الأمواج بالرمادي والأبيض بينما الأزرق هو وشاح المرأة الذي يطير بعيداً عنها، كأن الفنان يقول لنا إن الرسو هو الرمادي بينما الإقلاع هو أزرق البحر والإفق.
كل لوحة لا تشبه أختها .. كل لوحة هي كائن مكتمل بذاته يفسر العالم ومعضلاته على هواه، بسخرية وخوف ربما. علي جبار لا يكرر المشاهد البصرية والثيمات بل لا يكرر حتى الألوان على الرغم إن كل لوحاته تعرض التناقض والمفارقة بين أبدية الأشياء والأشكال وزوال الاحساس الآني بها التي خلفته داخل وعي الفنان بواسطة الصدفة المحضة.
في لوحة (بورتريت لجيل واحد/ A Portrait of a Generation)، أكثر من شكل لأمرأة ورجل وربما طفل تَنزُ عيناه من بطن المرأة وكل هذه الشخوص تتقاسم ذات الكرسي في ذات الحجرة، هناك تناقض كبير بين السكون الذي يخيم على أجواء اللوحة وبين ذراعي الرجل التي تحتضن المرأة كأنهما تشدّاها الى حضنه، كم ذكرتني هذه اللوحة بألوانها الكابية ببيكاسو في مرحلته الزرقاء. الفنان موجود بوضوح في لحظة لوحته ( يخيل لي إنها وطنهُ!) رغم إختبائه خلف ألوانه، يعبر عن مشاعره الغامضة التي تربطه بالعوالم الأخرى والكائنات وهي تطفو الى سطح هذه اللوحات. كأنه يعيد سرد سيرته الذاتية بألوان وثيمات مستلة من مورثه الشعبي والحضاري مع ما يختزنه وعيه من مفردات حياته اليوميه وتجاربه السابقة في المدن التي مرّ بها.
علي جبار يعرف جيداً إن وضوحه يضعف اللوحة ولكن ألا يجدر به أن يمسك عصا الغموض من وسطها؟ إذا كانت النفس البشرية غير منطقية، كيف يمكن تدجينها والإفصاح عنها بلون وفكرة وفرشاة رسم؟ الإجابة هي البساطة بالتأكيد كما في (أكواب الفرو لميريت أبونيام/ فنانة سويسرية تمزج شيئين متباعدين وتجعلك تنتفض من الدهشة)، وليس التعقيد الفائض عن حاجة المتلقي.
نفذ علي جبار أربعة عشر عملاً نحتياً في تركيا وإيران والبحرين وعمان ولبنان والإمارات العربية وألمانيا وشارك باكثر من 85 معرضاً مشتركاً وأكثر من عشر معارض فردية.



#فيء_ناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرشيف فرجينا وولف وجماعة بلومزبري
- هل من عودة أيها السندباد ؟
- ميزان لموظفي الدولة
- سعداوي يُعيد بناء الحياة الجحيمية للعراقيين... سرداً.
- الفلم السينمائي كقصيدة، برايت ستار نموذجاً
- قمرٌ واحدٌ في كل القصائد
- ريح من لامكان _الشاعرة الأمريكية انتوني فلورنس


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيء ناصر - عن معرض الفنان علي جبار الأخير