|
العراق بين العمامتين
هيثم بن محمد شطورو
الحوار المتمدن-العدد: 4820 - 2015 / 5 / 28 - 17:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في العراق حين قـضت أمريكا على نظام صدام حسين، اتجه حكام العراق الجـدد إلى الانـتـقام من البعثيـين و مطاردتهم و قـتـلهم، بـدل ان تـتركز جهودهم على بناء المستـقـبل. نظرة تجـسيدية مقيتة تهفو بالجموع إلى التواري إلى الماضي و الإيغال فيه، حتى أننا نكاد نرى انتـقام صحبة الحسين من زياد ابن أبيه و من يزيد. لو توفرت النظرة العقلانية التي لا ترى في تجاوز الأمور إلا على مستوى النظام كـفكرة، لاشتغل الفكر و لاتجهت السياسة إلى بناء سياسي جديد يؤسس للتعايش و الحرية و الإبداع. ساعتها كان النظام القديم يتجدد و يخدم الفكرة الجديدة التي تلتـقي في عمقها مع بعـدها الوطني السابق. لكن هذا الأمر في فورة الدماء و الغـضب هو من باب المستحيلات. شعب يجره تاريخه إلى الخلف و تكاد أشخاص التاريخ فيه حاضرة اليوم لا يمكن أبدا ان يكون مستـقبليا متجاوزا. لكن الأمور تدور على نفـسها، و دائرة الانتـقام تـدور على نفسها، و بالتالي تضيع الفرصة التاريخية في التجاوز. و السبب الأصلي في الأمور ان الذي لا يعـيش حاضره في اتجاه المستـقبل لا يمكن له أبدا ان يعيش في المستـقبل. و ها هي ما يسمى بداعش على أبواب بغـداد تحت عنوان رئيسي هو التحرر من الاحتلال الإيراني تحت مسميات الصفـوية و الرافضة و الفرس.. من لا يصارع في الحاضر فكريا أي على مستوى الاشتغال الفكري و السياسي في إطار نظرة مستـقبلية، لا يمكنه أبدا ان يحـقـق الاستـقرار و النجاح على المستوى الحزبي و على مستوى البلاد ككل. أي لو ان المعارضة العراقية دخلت في حوار جدي مع نـظام البعث منذ السبعينات و الثمانينات و ركزت مبادئ حقوقية و اتجهت إلى هدف تأسيس دولة القانون و اطر حرية التعبير في إطار المصلحة الوطنية و أحقيتها في المشاركة السياسية و المدنية، لكان حال العراق أفضل بالنظر إلى ان صدام حسين رجل مثـقف و طموح جدا و قوي و إرادته واضحة في خلق عراق عـلماني متحضر و قوي. لكن مشكلة المعارضات أنها إيديولوجية منغـلـقة و ان اغلبها مرتبط بالمخابرات الأجنبية. أما عن محاسبة الماضي فالأجدى هو محاسبة منـظومة الفساد و كشـفها و بالتالي الاتجاه نحو خلق منظومة العـدالة. و في حال العراق كان الأجدى الاتجاه إلى البحث و الكشف عن منظومة الدكتاتورية و كيفية قدرتها على التحكم في شعب شديد المراس. و من السهل إرجاع الأمور إلى العنف و الإرهاب السلطوي، فما من دكتاتورية سياسية إلا بخطاب يطغى على النفوس و بمشروعية في الانجاز يكتسبها بما أنجز من مشاريع يستـفيد منها الشعب. ثم ان من أراد محاسبة نظام صدام حسين فليحاسب الجميع و الوضع الإقـليمي و الدولي برمته. و ملخص القول ان الذي فات قد مات، و لا فائدة ترتجى من استعادة الأموات، بل تلك الاستعادة تجر الجميع إلى الموت. و هكذا تحـول قـتل السنة طائفيا من الميليشيات الشيعية إلى تكون تـنظيم سني أكثر توحشا مما كانوا يتخيلون. و المالكي الذي قمع المظاهرات سنة 2011 بدعوى أنها بعثية و كأن توصيف البعث يرادف توصيف الشيطان، هو الذي خلق داعش و في الأخير ما سمي بداعش ما هو إلا خليط متـفـق على هـدف إزالة النفوذ الايراني و الظلم و الحيف الاقـتصادي و القـتل على الهوية و مشاريع إذلال العراق و قهره و اندحاره، فعمامة البغـدادي ليست أسوا من عمامة الخميني.
#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المأزق التونسي الحالي
-
بهجة الحياة
-
فاجعة العري و لذته
-
بين الأصنمة و الحرية
-
مأزق اليسار
-
المشهد السياسي الغائم في تونس
-
المتسربل بالموضوعية
-
المثقف البائس
-
إخوان الكذب في حضرة السخرية الجليلة
-
حلبة التنافس السياسي في تونس اليوم
-
من مآثر المفكر - يوسف صديق-
-
إبداعات الدم
-
الداعشية ديدان جثثنا
-
صنم -بورقيبة- أم تمثاله ؟
-
لوثة العبادة أم نقاؤها ؟
-
الإنخطاف بالأنثى و الخطف
-
جدار الدكتاتورية و مستنقع الأخوان
-
مطرقة التعري على الرأس العربي المنافق
-
الإرهاب و أزمة الانتماء
-
دائرة الوهم في العالم العربي
المزيد.....
-
روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال
...
-
وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض
...
-
الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
-
-ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
-
-عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق
...
-
قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ
...
-
تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
-
أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا
...
-
شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو
...
-
وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|