أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح13














المزيد.....

رواية (رحلتي الملح والماء ) ح13


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4820 - 2015 / 5 / 28 - 09:24
المحور: الادب والفن
    


ذكرت أمل أن زوجة الزاير قد جاءت قبل قليل واعطتها خمس سجائر مزبن لجدتها وأسرعت لتأت بهن من فوق دكة التنور ,هذا أيضا كرم غير محسوب ولم يخطر ببالها أنها ستحصل على عقب سيجارة وليس خمسة سجائر كاملة ,أشعلت الأولى وأخذت منها نفسا عميقا كاد أن يحرق نصفها تماما ثم لفظت الدخان بحسرة قوية ليحلق الدخان عاليا ويتشتت في الجو ,أنهت السجارة أولى وأشعلت الثانية من عقبها والثالثة لتبدا بعدها بعزف سمفونية السعال المصاحب عادة لمن يغير نوع التبغ .
طلبت من امل أن تملأ الطاسة ماء من المصخنة المركونة في الظل وأن تأتيها برغيفين من الخبر ,أحضرت الماء وذهبت لم تجد غير رغيف خبز واحد وضعته بالطبك وذهبت لتطعم الرجل راكب الحمار ..وصلت ولما عرف أنها تحمل الخبز لم يتمالك من البكاء متحسرا على ما فاته من نصيحة ,طلبت منه أن يتناول الخبز والماء وإذا كان مقدرا أن يعيش سيعيش وإن كان شيئا أخر فلا مفر منه ,قال لست أبك على حالي فقد تركت زوجتي أيضا تحتضر وأبني في القرية ولا من مساعد لهم غير الله , كما أبك على هذا الحمار المسكين الذي لم ياكل شيئا منذ ثلاثة أيام وهو كما ترين .
مع أول أشارات الصبح وبعد أن نهضت القرية من نومها خرجت تبحث عن شيء تقدمه للحمار ,لم يكن أمامها إلا أن تذهب صوب النهر لعل هناك من حشيش تأت به إن بقى حيا ,حملت المنجل وعباءة الحشيش تتذكر أن هناك حقل جت بالجوار تركه أصحابه وهم قد فروا من الوباء , حملت ما أستطاعت أن تجمعه وتوجهت صوب الحمار الذي يبدو أنه شعر بتحسن قليل استطاع به أن يلتهم كل ما في العباءة من جت وحشيش ,فيما العجوز تحدث الرجل الذي أخبرها أن نام عميقا لأول مرة دون أن يشعر بشيء مما كان يعان.
سألته إن كان يقدر أن ينهض من مانه حاول ونجح أن ينتقل من هذا المكان صوب كوخ لم يعودوا أهله له بعد أن أعدت له مكانا مناسبا ,أما الحمار فكان أكثر إرتياحا على المكان وقد شبع بما فيه الكفاية ليقاوم المرض, اليوم سيمر عليها عصيبا فقد نفذ كل ما لديها من طحين ولم يبقى شيء ممكن أن تطعم به الصغار ولا يمكنها أن تقترض من الناس هي تعلم أنهم يشابهونها ويماثلونها بالحال ... توجت صوت سيد عبد الله هذه المرة وهي تحمل في داخلها بعض الزعل لتطلب العون .
حاولت أن تغادر مكان الرجل راكب الحمار شاهدت زوجة سلمان تحمل بيدها طابك به خبز ولبن وبعض الملح وماء ,السرور الذي أمتلكها أنساها ما سألت به سيد عبد الله قبل قليل وأسرعت بحمل الطعام ودخلت للرجل لتقول له أن الله اذن لك بالشفاء وقد تعاون الناس معك وقد سخرهم لذلك, تتكلم بلغة الواثق والرجل يتفاعل معها وكأنه فعلا أمام مشهد غيبي حين يمنحك الله فرصة نجاة مكافأة منه أو رضاء خاصا , لا يصدق أن هذه المرأة الشجاعة قادرة أن تتحدى الموت لهذه الدرجة من الصلابة والعزم والكرم .
أحيانا القدر له وجه جميل يشاهده فقط أصحاب الموجات الإيجابية ويعيشوا تفاعلاته ويجسدونه حقيقة واقعة, لذا يصفهم البعض بأنهم أما مجانين أو خارقين للعادة ,كانت العجوز ترى في كل ما لا يتوقع من فعل هو أنتصار للإنسان من صاحب القدر فهي تؤمن أن جل ما يحرك الوجود هو إرادة فوقية يقلل من فاعليتها وحضورها ما يعتري النفوس من حرص لا مبرر وكراهية وحب الذات ,لم تنتصر كما تعتقد لأنها ذكية ولكن أنتصرت لأن الله أراد أن يخبر العالم أن لكل داء دواء ولكل على تدبير ولكل مضيق من فرج , تركت الرجل يأكل على مهل وحملت الأغراض الفارغة وأدخلتها كوم الملح القريب لتعقمها قبل أن تعطيها للمرأة المرعوبة من أن تصاب بشيء .
الزاير يشعر الأن وبعد هذه السنين وما حصل أنه المسئول عن أم كامل وعن عائلتها لا سيما وأنها الأن قد فقدت المعيل وهي بالعمر الذي لا يمكنها أن تعود لتعمل بالمملحة كما كانت سابقا, وبالرغم من أنها يقربها بنسب بعيد لكن لك يكن ذلك كافيا في يوم من الأيام أن يكون سببا للتقارب ,حمل كيسا صغيرا فيه طحين وقليل من السكر والشاي وبعض سجائر المزبن وذهب يسأل عنها وجدها ومن بعيد تعيد طلاء جسد الحمار بالملح والطين وكأنها تطبب أحد أفراد عائلتها ,ترك الأغراض بيد أمل وقال لها أخبري جدتك أنني ذاهب لأبحث عن أبوك في المدينة .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناجاة حائرة
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح10
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح11
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح9
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح8
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح6
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح7
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح5
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح4
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح3
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح2
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح1
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح44 , الخلاصة العملية
- أفكار في دائرة التنوير
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح42 , التشخيص السليم ن ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح43 , البداية والمنهج
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح40 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح41 , المصادر الفكرية ...
- زايتجايست الرؤية والأتهام الأيديولوجي.
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح38 , الشخصية العراقية ...


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح13