أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - تقتل الموت وتنتصر الكتابة














المزيد.....

تقتل الموت وتنتصر الكتابة


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4819 - 2015 / 5 / 27 - 11:43
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


قبل الثورة كانت زوجة الرئيس تحمل لقب السيدة الأولى، ويشمل الامتيازات والسلطات النابعة من زوجها، هذا تقليد أمريكي ضد العدل، فالإنسان، امرأة ورجل، بالعمل والكفاءة والموهبة وليس بالزوج والأب، لكن خبراء النفاق كانوا يهللون لزوجة الرئيس وأبنائه، وقد أفتوا بأن "ابن الرئيس" له الحق فى خوض الانتخابات وصعوده للحكم، باعتباره مواطنا مثل غيره، متجاهلين ميزاته وسلطاته لمجرد كونه ابن الرئيس، السيدة "تحية كاظم" زوجة عبدالناصر، قررت ألا تشتغل بالسياسة، لأنها لم تشتغل بها قبل أن تكون حرم الرئيس، وهذا منطق عادل، لكن زوجتا السادات ومبارك، أصبحت لهما سلطات كبيرة من خلال الزوج، مما أثار ضدهما الشعب، أما النخب التابعة لكل حاكم، فكانوا يلثمون يد الهانم، لكنهم كفوا بعد الثورة عن ذكرها، بل اعتبروها حواء التى أخرجت زوجها من الجنة.
واليوم يتشدقون بالمرأة التى ينتخبونها فى عيد الأم، تحمل لقب المرأة المثالية، تلتقط الكاميرات صورتهم معها، داخل جلبابها الأسود، يتغزلون فى حجابها وفقرها، أفنت عمرها فى رعاية الأسرة ودستة العيال، اشتغلت بالريف أجيرة زراعية، أو عاملة نظافة بالمدينة، حملت الزبالة فوق رأسها لتنفق على أطفالها، يتشدقون بقدسية الفقراء والزبالين.
والمرأة الكادحة المشققة اليدين والقدمين، يلوحون لها من فوق المنصة، بأناملهم الناعمة البضة، لا يمكن لأحدهم الاقتراب منها دون أن يضع منديله فوق أنفه، ويتبارى الشعراء فى إلقاء القصائد عنها، حامية الأسرة المقدسة من التفكك التى يفككها الرجل، والمخلصة لزوجها الذي يخونها ويتزوج عليها، والحافظة للدولة الفاشلة قبل أن تنهار، خلقها الله لحماية الوطن والأسرة بحبها وحنانها وصبرها وقوة تحملها، لا تزج بنفسها فى الأعمال السياسية والفكرية، فهي مجالات رجولية تتعارض مع رقة الأنوثة وجمالها، ويرددون الأقوال المأثورة عن حكمائهم، من أرسطو الذي قال "عبودية المرأة والعبد من سنن الطبيعة" وفيكتور هيجو الذي تغنى بالعقل ثم تزوج خادمة سرير لا تفك الخط، وكارل ماركس الذي نادي بالعدالة ثم تخلى عن عشيقته وطفله منها، وعباس العقاد أشاع أن المرأة خلقت للرياء والكيد، لأن، كيدهن عظيم كما نصت الآية، وتوفيق الحكيم أفتى بأن الذكاء يشوه جمال المرأة.
اختفى لقب الهانم والسيدة الأولى بعد ثورة يناير، لكنه عاد يجرى على الألسنة باستحياء، كما عاد لقب "معالى الباشا" أكثر مما كان فى عصر الملك، واختفى الشباب الثوار والشابات وراء الجدران، واندثرث النساء ذوات العقل والفكر، وأصبحت المرأة المثالية هى المهدودة الحيل المستكينة لسلطة الدولة والعائلة.
لكن الثورات الشعبية أصبحت تضرب القيم التى جردت النساء والعبيد من العقل والإنسانية، حتى الشعب الأمريكي انفجر ضد العنصرية الراسخة فى الدولة والعائلة، وخوف الأسياد الدفين من قوة النساء والعبيد، عاش الملك شهريار يرتعد من شبح العبد الذي تفضله زوجته عليه، وأصبح يقتل جميع النساء ويخصى جميع العبيد، انتقاما من امرأة واحدة وعبد واحد.
رغم صعود رجل أسود ليجلس على العرش الأمريكي، وزوجته السوداء "ميشيل أوباما" التى أصبحت السيدة الأولى، وامرأة سوداء "لوريتا لينش" أصبحت وزيرة العدل، وحاكمة بلتيمور (التى اشتعلت فيها المظاهرات ضد اضطهاد السود) امرأة سوداء هى استيفانى رولينج بليك.
رغم ذلك فإن النظام العنصري يشتد شراسة ضد النساء والفقراء والسود والصفر والمهاجرين، يسمونها "الرأسمالية ما بعد الحديثة" تملك الطبقة العليا السلطة والمال، ويعيش 99% من الشعب الفقر والهوان، لكن الثورات تنتصر غربا وشرقا، رغم قوى الثورة المضادة التى تحارب بكل الأسلحة ومنها الإعلام المزيف.
منذ أيام انتشر خبر كاذب عن وفاة الكاتبة، كان دليلا على قوة الكتابة وتأثيرها، مما يرعب أصحاب العقول الفارغة فيكرهوها، وإن عجزوا عن اغتيالها فى الواقع حاولوا قتلها فى الخيال.
شابة اسمها "منى عامر" أشهرت قلمها الثائر لكشفهم، ومن كلماتها المنشورة: صورتك بشعرك الأبيض، والدعوة لحضور الملتقى الرابع لك، والمئات متأهبون للحضور، لا يطيق الكثير كتبك، شغفك اللامتناهى، ثورتك المبكرة التى لم تخمد، يكرهك لأنك حرضت حبيبته على رمى أدوات الزينة، لأنك تعتبرين خيانته دعارة، لأنك أسقطت قوامته وطالبته بالسهر بجوار رضيعه، لأنك حين هددوك بالقتل جلست وشربت القهوة بتؤدة، وحملت الثورة وانتظرت الجميع فى الميدان لسنوات، هذا مصيرك وأنت تعلمين وتضحكين، ستقتلين ألف مرة، سترجمين كما يرجمون الشيطان، ستقطع يدك التى تكتب لتحررهم، ستخنق كتبك بين طيات المراتب وتحت الأسرة، سيرسلونك إلى الله ويكتبون عن تفننه فى تعذيبك، ويعودون لممارسة القتل حتى يقتلون، وستصعد الفكرة إلى السماء تفك عن البنات ضفائرهم، "وترمى عن الأولاد حقائبهم، وتهدى الجميع الحلم".
إنها واحدة من الشابات المصريات الموهوبات، لكن الصعود ليس بالعمل والموهبة، بل بالزوج والأب والعم والخال، والتقرب لأصحاب السلطة والمال، رغم ذلك تشق المواهب الصخر، تقتل الموت وتنتصر الكتابة.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسكوت عنه فى السلوك؟
- وضحكت الطفلة بدموع كالبكاء
- الوجه الآخر لنيلسون مانديلا
- منذ اكتشف الرجل -الإسبرماتوزوم-
- إنه الدم -2-
- بشائر صوت الكروان
- لم يعد يراها
- من وراء ظهرها فى فراشها؟
- فتيات الصين والثورة الثقافية
- الإبداع والثورة والحدس باللا معقول
- ثقافة الخرافة فى تونس
- زينة وهدى ودموع التماسيح
- الثورات والتحرر من اللامعقول
- تاريخ الشعوب غير المكتوب
- جبل الثلج تحت الماء
- ثلوج النرويج ونساء العالم
- داعش ومخ الإيبولا
- الاشتراكيون فى لندن وغاندى
- مقطوعات الرؤوس والوجوه
- اللا محسوس أخطر الأنواع


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - تقتل الموت وتنتصر الكتابة