أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح11














المزيد.....

رواية (رحلتي الملح والماء ) ح11


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4819 - 2015 / 5 / 27 - 11:42
المحور: الادب والفن
    


وقف سلمان أمام مخبز الإعاشة ليشتري خبز التموين من بين جمع غفير من الناس توافدت من لحظات الفجر لتحجز لنفسها ما يكفي من هذا الخبز المدعوم حكوميا وإن كان ذا نوعية رديئة ,مجرد أنه بنصف سعر الخبز العادي ترى الناس تتقاتل لأجل أن تؤمن لها كمية تسد ما يكفي ...كل ما طلبه سلمان رغيفي خبز فقط .. ما أن بلغ دوره حتى تفاجأ الجميع أنه قضى هذا الوقت. لأجل رغيفين فقط ...تناولهما وجلس القرفصاء قرب أحد الجدران ليلتهمهما كأنه يلتهم فاخر الأطعمة ,الجوع لا يمكن أن يفرق بين صحن وصحن يكفيه لكي يسكت أي شيء يمكن أن يدخل للمعدة وبسلام .
ماتزال أم كامل تنتظر أي بشارة أو خبر أو علامة تتيح لها أن تطمئن أن السيد لم يتركها أو ينساها وهو لم يفعل ذلك من قبل ,الحديث مع الماء في عرف الكثير من الجنوبيات هو حديث له معنى في الذاكرة الشعبية إنه الحديث مع العبد الصالح خضر الياس ,لذا تجد الكثير منهن عندما يمسهن الضيم يذهبن للنهر يشتكين ويطلبن النصرة أو المساعدة من حي الدارين, إنهم تحدث أبو محمد كما تسميه لعلها تسمع من وسط النهر جواب .
بين وقت سلمان وهو يرتشف كأس الشاي واقفا أمام المقهى وبين موعد بدء الدوام الرسمي ما يقارب الساعة والنصف حتى يحين له أن يدخل مستفسرا ومتسائلا عن مصير قريبه وجاره كامل ... كان معظم الحديث في المفهى عن أخبار الوفيات والموتى وأخبار الوباء ,صوت المذياع في احد جدران المقهى لم يجلب الأنتباه له بقدر ما كانت أخبار الشفاه هي السائدة بين الناس , سأل أحدهم عن من مات أمس أو اليوم من المرض , أجابه إنهم كثر من المدينة وأريافها وخاصة من الريف ,أكثرهم لا يعرفون تدابير الحماية لذا يحصدهم الوباء سريعا .
رأى من غير الممكن أن يعيد السؤال مرة أخرى عن الأسماء لذا أكتفى بإعادة السؤال الذي ساله بالأمس عن كيفية الأستعلام عن أسماء الأحياء والأموات , أجابه أحد الجالسين وكان ظاهرا من ملبسه وهيئته أن موظف أنا أدلك على ذلك أجلس هنا حتى يبدأ الدوام وأنا سوف أصطحبك معي إلى هناك فالسجل يمر بي كل يوم , سأله وماذا تعمل أنت بالتحديد ,قال أنا قاطع التذاكر في المستشفى ولا يمكن لأحد أن يراجع طبيب ما لم يمر بي ,كانت كلماته تشبه فتح باب السماء في ليلة القدر لسلمان فقد منحه الله فرصة ثمينة ليعرف ما يريد .
جاءت أمل تحمل شقيقها يحيى وخلفهما زهرة كأنهم ملائكة قد أضاعوا الطريق في الأرض يبحثون عن جدتهم التي تورمت عيناها من البكاء والنحيب ,أحتضنتهم بكل قوة وأعادت أمل السؤال جدتي هل مات أبي وأمي وأخي؟,كانت الكلمات هه لوحدها أن تهد أخر جدار من الصلابة تستند عليه العجوز وهي تقاوم فكرة الموت خاصة بعد أن أزف موعد العهد مع سيد عبد الله بدون نتيجة للآن ,قالت لها يا جدتي الأعمار بيد الله وأنا لا يمكنني أن أقبل بخبر الموت ما لم أدفن بيدية هاتين , حملت الصغار وعادت مرة أخرى إلى الدار .قلب الموظف سجل الوفيات ووصل لحد أسبوع قبل موعد اليوم لا يوجد أسماء لموتى مطابقة لما أعطاه سلمان وهذا يدل على أنهم ما زالا أحياء في غالب الأمر ما لم يموتا ويدفنا خارج الرسميات , عاد إلى سجل المصابين بالوباءومن أول يوم وحالاتهم لم يجد أيضا ذكرا لهم من بين المذكورين فيه ,إنهم أيضا لم يصابا بالمرض , لا بد أنهما في مكان ما , هذا أخر ما توصل إليه موظف الصحة ليخبر به سلمان وينصحه أن يبحث عنه في الجامع أو في المسجد فبعض الناس قد أتخذت منهما مكانا للسكن المؤقت .
زاير عليوي له قصة طويلة حفرتها الذاكرة بعيدا في عمق اللا وعي عند العجوز أم كامل وفي بعض جزئيات تاريخ الزاير, قد عشق يوما ما شابة كانت الأرجح عقلا والأكثر ندارة وذكاء بين قريناتها في القرية وتقدم لخطبتها من والدها لعله يحظى بعشقه الأول, ولأنه كان عاطلا عن العمل في زمن يندر فيه أن تحصل على فرصة مناسبة لتكون شخصا ذا أهمية ولكونه شاعرا كثيرا ما أغاظ الكثير من رجال القرية فقد أمتنع والدها عن إجابة طلبه وأسرع وراء أبو كامل ابن شقيقه وكان شخصا منزويا مسكينا يقال عنه تصغيرا "زليمه" ليزوجه فرسا اصيله لما يقال عنه أيضا حصان محراث , هكذا أفترقا وذهب كل منهم لمصير مختلف .
قرار العودة إلى القرية كان قرارا يحمل في طياته أقل من بشرى وأكثر من خبر سار ,فلا وجود له مع الأموات أو المرضى هذا يجعل منه شخصا حاضرا وحيا لا يمكن أن يكون مجرد غيبته سببا للقلق فقد يكون قد أنتقل لمكان أخر أو حصل على مأمن يحفظ له زوجته وولده لا سيما بعد أن تيقن من هلاك كامل أسرته القديمة ,كل هذه المبررات ساقها عندما قابل العجوز وبحضور الزاير عليوب ليعيد بعض الأمل الصعب تصديقه ولتسكن أوجاع الفقد عندها حتى تتبين كل الحكاية .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح9
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح8
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح6
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح7
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح5
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح4
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح3
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح2
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح1
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح44 , الخلاصة العملية
- أفكار في دائرة التنوير
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح42 , التشخيص السليم ن ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح43 , البداية والمنهج
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح40 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح41 , المصادر الفكرية ...
- زايتجايست الرؤية والأتهام الأيديولوجي.
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح38 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح39 , من ملامح الشخصية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح36 , الشخصية الأجتماع ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح37 , الشخصية العراقية ...


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح11