أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد مسافير - دراسة المجتمع: الممكن والمتاح...














المزيد.....

دراسة المجتمع: الممكن والمتاح...


محمد مسافير

الحوار المتمدن-العدد: 4817 - 2015 / 5 / 25 - 14:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كم نبدي حماستنا في نقاش المشكلات الاجتماعية والسياسية، وفي إعطاء الحلول على مقاساتنا، وفي حدود العرف والمتاح، لكننا إذا تمعناها قليلا، سنلاحظ الزيف الذي يشوبها، وسنكتشف أننا مجرد حالمين واهمين، نسبح في عالم الافتراض، ونخال أنفسنا ملائكة على الأرض تصبوا إلى الإصلاح، نسلم بما تبلغه أذهاننا، وإن شر البلية التسليم، ثم نتعصب لآرائنا جاحدين، مؤطرين بأفكار عامة تفتقر إلى التفاصيل، وفي التفاصيل تكمن النواقص وتتم التبريرات، وتجاهلها غوص في وحل التراهات، وصراع للألفاظ، دون إصابة القصد، أو عدول عن الزلة.
وهو يغادر بيته باكرا، ليستنشق بعض الذي سلم من شر لوث المدينة، تعثرت قدماه بقارورة زيت فارغة، سقطت من قمامة أزبال على بعد أمتار، بسبب صراع القطط من أجل البقاء، انحنى لأخذها ثم تريث... لقد غادرها غير آبه بعدما اقتنع أن سلوكه صائب، وتبرير إهماله كان كالتالي:
"إذا قام كل شخص بنزع القمامة من الشارع، فكم من فرصة شغل سنضيعها على إخواننا العاطلين"
وهنا حار المشرع، هل هذا السلوك فضيلة؟ أم جهل !
كان يستند إلى كرسيه طول النهار، ينتظر زبونا دون أن يأتي، يفرك أصابعه وتنتابه نوبات خوف من الزلط، كيف يقدم على استثمار كل ماله واقتراض مبالغ أخرى لإنشاء مصحته هاته، ثم تخونه الدراسة التي طالما تفاءل بثمارها، كان مؤمنا بالقدر، كان طيبا ودودا يحب الخير للناس جميعا، لكنه اليوم، لم يعرف كيف يوجه أحاسيسه، هل يسعد لسلامة المجتمع من المرض؟ أم يغتاظ من القدر الذي لم ينصفه !
كان أحد حفاري القبور، كلما خاف إملاقا قتل، وهي طريقته الوحيدة لإنقاذ فلذات كبده من الجوع، من موت محقق !
لم يكن حديث العهد بالاستثمار، بل غزا العالم بمنتجاته الطبية، ويستعين في ذلك بأمهر الأطباء، اكتشف أدوية باهرة، تقضي على المرض دون أن يعاود الظهور، لكنه لم يقم بإشهارها، رحمة بثروته، فدخوله إلى عالم الاستثمار استلبه رغما عن أنفه، المال سيطر على ضميره، وما عاد يفيده علاج المريض أو حمايته من المرض، لذلك، سخر ثروته في إنتاج المسكنات، هكذا يدوم المرض، ويضمن استمرار وتنامي الثروة.
أحد الأقارب، أصاب إرثا من أبيه، لم تكن تغريه زينة الحياة الدنيا، كانت تدمع عيناه عندما ينظر إلى عوز أسرة وقصر يد وافتقار إلى الحيلة، أراد أن يرسم الابتسامة على كل فاه، فاستثمر ثروته في تأسيس مصنع إنتاج المربى، قصد توفير الشغل للمحرومين منه، استقطب الفئات المعوزة، وكان ينظر في حالها أكثر مما ينظر إلى الكفاءات. باءت بداياته بالتعثر، وكاد المصنع ينهار، لولا استنجاده بالكفاءات، وتسريحه بعض الكسالى... رغم ذلك، حاول أن يزيد في أجر عماله، أربكت حساباته، أدرك أن المنافسة الضارية في عالم الاستثمار ستبتلعه، عدل عن الزيادة، وعُودِيَ بِكُره العمال، وإضرابات العمال.
كان إنسانا صالحا، أحب وطنه ودينه، أصاب الباكلوريا بشق الأنفس، احتضنه جهاز البوليس، بعد أن توفرت فيه الشروط الفسيولوجية، كان دخله الشهري متدنيا، إلا أنه كان قنوعا، تزوج وخلف أبناء، وبدأت ترتفع تكاليف الحياة دون أن تتوافق مع الدخل، حاول الموازنة ففشل، ولم يجد حلا غير نزع جلباب العفة والطهارة والمبادئ، وارتداء قميص الضرورة، وبدأ يبتلع الرشوة دون احتساب.
لقد حدث أن ألف أحد الباحثين مؤلفات عدة، تناول فيها الظاهرة الاجتماعية وأزماتها، تقصى الأسباب وخلص إلى نتائج معقولة، حشد المناصرين وشكل حزبا، بعد عدة محاولات، حصل على الأغلبية البرلمانية، وعين رئيسا للحكومة، أراد الإصلاح، فوجد الميزانية فارغة، أو أن طريقة صرفها محددة سلفا، جزء مهم يرسل إلى القصر، وجزء آخر يصرف في المديونية، وتبقى ميزانية التسيير ثابتة، والنزر القليل المتبقي، تفرض المؤسسات الدولية منهجية صارمة في تفويته، وبقي باحثنا أسير الأحكام، وحُدَّت اختصاصاته في تبرير املاءات القصر والدائنين...
نقبت نفسها، وقلبها ينبض إيمانا، تزوجته دون أن يقل عنها إيمانا، عاشا سويا عيشة راضية لم تتجاوز الحولين، حتى إذا أنجبت طفلها الأول، وهي لا تزال في ريعان شبابها، أصيب زوجها بالعجز الجنسي، لم يعاشرها ليلة منذ ذاك الحين، اصطبرت أشهرا، بل أعواما، حتى كل صبرها، واغتنمت أول فرصة في الارتماء في أحضان "الرذيلة"، وسلمت نفسها دون مبالاة.
ويمكننا أن نسترسل في عرض الحوادث، والعبرة واضحة: إن هيكلة الدولة وطريقة تنظيم المجتمع والأسرة رغم عفويتها، تفرض إيقاعا محددا على الأفراد، يستحيل تجاوزه أو الخروج عن نطاقه دون الارتماء إلى الهاوية، وإن أي محاولة جدية في التغيير، مهما بلغ مداها، يفترض إعادة تنظيم المجتمع على نحو جديد ومخالف لما هو عليه، يتأسس على حب الإنسان، لا المال، بل ينعدم فيه المال من أساسه، ينعدم فيه الإكراه، تنعدم فيه علاقات الشغل المحدودة، وتتخذ شكلا أكثر سموا واعترافا بروح الإنسان.



#محمد_مسافير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحق في الإجهاض دون شروط
- البحث عن فضيحة
- الحقيقة... هل لها وجود؟
- الشخص والهوية
- الدولة ضد الشعب
- نسبية الأخلاق
- أزمة التعليم كما لم تناقش من قبل
- الجزاء والعقاب والتدين
- قصة قصيرة: بشرى وفتوى
- قصة قصيرة: الحق في الإجهاض
- مات الإله
- قصة قصيرة: قبيل النهاية
- قصة قصيرة: آمال مغتصبة
- نظرية إحياء الموتى
- خطاب ملكي
- اللباس هو السبب الوحيد لظاهرة التحرش!
- قصتي مع الجن
- دفاعا على ممارسة حقنا البيولوجي
- قصة قصيرة: البيداغوجيات الحديثة والتخلف الاجتماعي
- قصة قصيرة: أفول امرأة


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد مسافير - دراسة المجتمع: الممكن والمتاح...