أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لحسن لحمادي - سياسة المحافظة، حفظ دون فهم














المزيد.....

سياسة المحافظة، حفظ دون فهم


لحسن لحمادي

الحوار المتمدن-العدد: 4815 - 2015 / 5 / 23 - 20:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أخرج من بوابة بيتنا محنقزا، عابرا لحي إفريقيا بكامله لأجد الزاوية العزوزية صامدة. في كفي لوحة وقلم، دائما كنت أنسى المداية في الدار، وأنسى شراء السمخ من عند العطار أحمد. كان يدرس بصحبتي أطفال إفريقيا الفوقانية؛ كنا صغار لكن لا نخلوا من المشاكسة إذا لم نقل الشر، كنت لا أضع نفسي في الزمر كنت أنفرد وآكل العصا منفردا، كانت عبارة ناري ناري ناري هي الصوت المبشر بسوء غضبي. كنت أخرج وقد ملئ بطني بالطعام. يقول السي بوجمعة عودوا بعد الغداء، أكون أنا هناك في الوقت المناسب دائما.
كانت كل أموري جيدة إلى أنني تام، كانت رقابته علينا غير مشددة، مما أتاح لي فرصة اللعب إذا غابت عينه علي، بدأت أولا بتحريك خيط وجدته أمامي، كنت أنسى ما أحفظ، كان مشكلا صغيرا وسرعانما تحول لمشكل كبير طردت بسببه من الزاوية. كانت ملكة الحفظ شبه منعدمة عندي. تلاشت حينها أحلامي في أن أكون فقيها، تلاشت الهيئة التي نسجتها لي عائلتي.
أدخلوني مسجدا فرعيا للحفظ، ولم أكن راضيا على هذا البته، وجدت أنني فقدت فرصة التعلم في المكان الأعظم والجيد للحفظ وهو الزاوية، كان فقداني لذلك سببا في تحولي العبثي حينها، كانت رغبتي في الحفظ قد زالت، ورغبتي في اللعب قد توقدت، كان الفقيه الذي نسيت إسمه يضعني لمعرفته بعائلتي في المقدمة ويهتم بي؛ إلا أنني لم أعد أهتم بالأمر كله.
كنت أتأمله وهو يجمع أثوابا متفرقة، ويحولها للباس بعدها شددته، ثم لويته على سبابتي، ثم بدأت بجره رويدا رويدا، ثم استعصى علي سحبه أكثر، ثم جررته بقوة ليتبين أنه الخيط الذي ينسج به الفقيه الجلابة، ليس الجلابة فقط بل إن هذا الخيط يمر من تحت صينية عليها ماء وزجاجة فيها حبر. لم أعد أذكر ما حدث إلا أن أثوابه بللت بالماء والحبر. ساد صمت خفيف بعد أن يقفز الفقيه وأقفز أنا بدوري وأهرب، مضت أيام وأنا مطلوب لجرائمي في عالم حي إفريقيا. مطلوب ولم أتجاوز عتبة بيتنا أياما عديدة بسبب ذلك، وأخافني أقراني بلعنته وما يمكن أن يصيبني من جراء غضبه علي، خفت منه حتى نسيت إسمه وهو اليوم ميت أرجو سماحه لي وعفوه علي. يتغير دوما اتجاهي الفكري وطريقة تحليلي العقلية، إلا أن قاعدة العقيدة تبقى راسخة فيا وهي محركي، لم أعد محتاجا لحفظ أمور كثيرة يكفي أني كنت فاهما أشد الفهم لأهمية مشروعي مشروع أمة العلم والقوة والإيمان.
رحلتي من أجل الدين لم تتوقف هناك بل تواصلت وبحث بنفسي عن أماكن جديدة للحفظ، وعدت للزواية مرة أخرى بقوة أكبر وبثقة أكثر، وأخر مرة زرتها تعرفت فيها على شباب فقهاء في طور التكوين الديني، شربنا معا الشاي، تحدث لهم عن السياسة بل كل الأمور السياسية في العالم، وأخافني انهم لا يعرفون أي معلومة لا خاصة بالوطن ولا خاصة بالميدان الدولي، هم جاهلون لأمور شتى ولعله سيكون سببا في تكريس عقلانية الحفظ.



#لحسن_لحمادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة في مراكش
- نزول المفكر للمجتمع
- الدين والزمان
- السياسيات المقارنة
- قراءة في كتاب -فلسفة العلم، الصلة بين الفلسفة والعلم- لمؤلفه ...
- قراءة في كتاب -فلسفة العلم، مقدمة معاصرة- لمؤلفه أليكس روزنب ...
- التراجيديا من منظور نيتشه


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لحسن لحمادي - سياسة المحافظة، حفظ دون فهم