أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسعد العزوني - سيل من الذكريات ..الراحل الصديق علي علّان















المزيد.....

سيل من الذكريات ..الراحل الصديق علي علّان


أسعد العزوني

الحوار المتمدن-العدد: 4811 - 2015 / 5 / 19 - 22:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سيل من الذكريات ..الراحل الصديق علي علّان


أسعد العزوني
التكافل والتضامن ، لا تعنيان فقط جمع ما تيسر من المال لنجدة ملهوف أو منكوب ، بل الوقوف إلى جانب من تعرض لمكروه أو فقد عزيزا ، حتى لو كان قويا يتحمل تبعات الصدمة .
وتجلى ذلك مساء الإثنين الماضي في جمعية حلحول – الخليل في العاصمة عمّان ، حيث تنادى رجالات حلحول والقضاء ، تكريما لأسرة الفقيد علي علّان ، الذي إنتقل إلى رحمته تعالى قبل أيام في حلحول –فلسطين ، ودعيت من قبل نجله السيد ربحي علان ، لتناول طعام العشاء الذي أقيم بمبادرة من جمعية حلحول .
وبالمناسبة فإن الفقيد رحمه الله ، كان صديقا شخصيا للعائلة ، وربطتني به علاقة شخصية ولهذا قصة لا تنسى، وبدأت الحكاية عندما حفرت السلطة بئر ماء في بلدتي عزّون منتصف ستينيات القرن المنصرم ، وراج أن المنطقة فيها "كاز" نفط ، وذلك من خلال نتائج فحوصات التربة التي كانت عيناتها ترسل إلى أمريكا.
بدأت الإشاعة تكبر ، فمن الحديث عن وجود النفط ، رأينا مجموعات من الخبراء تجوب المنطقة ، ويسجلون ملاحظاتهم ، وبعد ذلك رأيناهم يرسمون دائرة كبيرة بالقناطر المطروشة بالشيد الأبيض ، ومن ثم صغرت الدائرة شيئا فشيئا ، وقيل أنهم حددوا مكمن النفط "البئر"، وكان في أرض والدي رحمه الله ، وترجم كل ذلك إلى حقيقة واقعة بعد أن جلبت شركة "ميكوم "الأمريكية للتنقيب عن النفط ، حفارتها إلى عزون ، وتم تركيبها على الأرض ، وكانت هذه الشركة قد حفرت بئرا لنفس الغاية في حلحول ، ولكنهم أقفلوه فجأة ، وجاؤوا إلى عزون.
من هنا بدأ قصة علاقتنا المميزة مع الراحل علي علّان ، الذي كان يعمل خبيرا مع الأمريكيين ، وبعد أن توطدت علاقته مع والدي ، أصبحت تربطني فيه علاقة مميزة، حيث كنت يافعا سريع الحركة ، وكنت أحضر له ولمن معه في الغرفة خبز الطابون والطعام من البيت ، وكان يحضر لنا العنطبيخ من حلحول ، ويطبخ احيانا القدرة الخليلية المشهورة،، وهذا ما جعل العلاقة عائلية ، وقد قمنا بزيارتهم في حلحول ، وتبين أننا نعود في أصولنا إلى جبل الخليل ، وهذا ما ميزنا بقساوة الرأس كما يقولون ، ولكن في الحق ، وكنت دائم السؤال للراحل علّان عن الكاز والحفارة الأمريكية، كما كنت أحتك بالأمريكيين كوني كنت أعرف اللغة الإنجليزية.
نعود إلى قصة الحفارة التي نقلت المنطقة بأسرها إلى إلى واقع آخر ، حيث حركة السوق الضعيفة كما هو الحال في القرى ، وكان ذلك لكثرة العاملين مع الحفارة ، وقد أحيت الليل البهيم بالإضاءة الشديدة والصوت المجلجل، لأنها كانت تعمل 24 ساعة.
كانت فرحتي كبيرة لعدة أسباب أهمها أنني سأصبح شيخ نفط غنيا ، إضافة إلى إختلاطي بالخبراء الأمريكيين وحديثي معهم بالإنجليزية ، وكنت أقدم نفسي إليهم بكل الفخر أنني إبن صاحب الأرض.
فجأة توقف هدير الحفارة ، وخفتت الأضواء الساطعة ، وغرقنا من جديد في بحر لجي من الإشاعات حول ما جرى ، خاصة وأن الحاج علي علّان وزملاؤه أخبرونا عما جرى في حلحول.
من الإشاعات التي سمعناها أن بئر عزون النفطي ، كان يقع على نفس خط بئر رأس العين الذي تستغله إسرائيل ، وقيل أيضا أن طائرة مروحية إسرائيلية هبط بعد منتصف الليل في محيط الحفارة ، وكانت تقل جنودا مدججين بالسلاح ، جابوا دائرة الحفارة الضيقة ثم رحلوا دون أن نعرف شيئا مما فعلوه في تلك الزيارة الليلية ، وبعد ذلك توقف الحفر نهائيا ، وعدنا كما كنا نشكوا من ظلمة الليل وننعم بالهدوء .
ذات يوم وبينما كان والدي رحمه الله يفلح في الأرض التي بقيت صالحة للزراعة ، وإذا برجل يقود سيارة شيفروليه أمريكية بنمرة كويتية ، يتوقف عنده ويسأله عن موقع البئر الذي حفره الأمريكيون.
إصطحبه والدي سيراعلى الأقدام إلى حيث فوهة البئر المغلقة والتي كان الوالد قد أعد ركوة صغيرة بخيط طويل جدا ، وأنزلها في البئر ليكتشف ما يدور في أعماقه وأخرجها مليئة بالماء .
سأل الرجل والدي عن آخر مادة خرجت من باطن الأرض قبل أن يوقف الأمريكيون الحفر ، فأخبره الوالد أن مياها حمراء سبقت الإغلاق ، وعلى الفور سأل الرجل عن مصير تلك المياه وماذا فعل الأمريكان بها ، فأخبره الوالد أنهم أعدوا لها حفرة واسعة في طرف الأرض الشمالي ، وبعد ذلك طلب الرجل من والدي أن يأخذه إلى تلك الحفرة ، ثم بدأ بفرك التراب الناعم وشمه ، ليقول لوالدي بلهجة الواثق : يا حاج عندكم نفط.
إستغرب والدي وسأله كيف عرف بوجود النفط ؟ فأخبره أنه يعمل خبيرا في النفط في منطقة الفحاحيل بالكويت ويعمل في مجال الحفر والتنقيب ، وأن النفط عادة يعقب هذه المياه الحمراء.
بعد الإحتلال الإسرائيلي البغيض للضفة الفلسطينية ، إستدعى الحاكم العسكري الإسرائيلي والدي إلى مكتبه في قلقيلية ، وتودد له في البداية وعرض عليه شيكا مفتوحا لقاء أن يوافق والدي على بيع أو تأجير "خلة السنام " التي يقع فيها بئر النفط المغلق .
ذهل والدي من هذه الوقاحة الزائدة ، وأعلن رفضه المطلق حتى لو قدموا له مال قارون ، فما كان من الحاكم العسكري إلا العزف على وتر العاطفة دون أن يعلم أن من يجلس قبالته جبلي مستقيم لا تهزه النوائب ولا تغريه العروض السخية .
قال الحاكم العسكري أنه في حال موافقة والدي على بيع او تأجير الأرض ، فإنه سيأمر بالموافقة على إعادتي إلى البلد ، وأن أكبر "عرص " في إسرائيل لن يجرؤ على إعتراضي، لكن والدي صدمه بإنكاره لي ، وأكد له أنه ليس له إبن إسمه أسعد!!!!
جن جنون الحاكم العسكري وتناول وهو في ثورة غضب شديدة ملفا ضخما وعرضه على والدي ، وقال له :أليست هذه هي صورة إبنك؟
فرد عليه والدي : صحيح أنه إبني ولكن إذا كانت عودته لي مقابل خسارة الأرض ، فإنه سيتخلى عني في سبيل التمسك بالأرض ، وعندها ثار الحاكم العسكري في وجه أبي مجددا وبصق عليه وطرده من مكتبه.
وبالمناسبة فقد تعرفت على السيد ربحي علّان ، نجل الراحل علي علّان قبل يومين وبالصدفة المطلقة حيث كنت أعمل على تحقيق صحافي عن الذهب وإكتشفت أنه نقيب تجار الحلي والمجوهرات الأردنيين ، كما إكتشفت أن الولد سر أبيه فقد كان مستقيما جريئا ودودا على شاكلة أبيه .



#أسعد_العزوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللاجئون السوريون ..المكون الرئيسي الثالث في الأردن
- أبعد من الوقاحة
- التلمودي كيسنجر ..يهوه الجديد
- كسر الصمت
- أولاند الساحر
- متلازمة البوط
- الخوارج الجدد داعش ..بديل شركة المرتزقة الأمريكية البلاك ووت ...
- أمريكا تورط السعودية في اليمن ومع إيران
- الإخوان المسلمون في الأردن ..الفرز الإقليمي
- اليمن تدفع ثمن أخطائها وأخطاء الآخرين
- في ندوة للمركز العربي بالدوحة : باحثون يؤكدون أن العمليات ال ...
- العربية لحماية الطبيعة ..الأردن وفلسطين النماء والإنتماء
- عاصفة الحزم..الستارة لما تسدل بعد
- إطمئنوا ..الأمور تسير حسب المخطط المرسوم
- الإعلام الأردني ..لا عزاء للسحيجة
- داعش يكشف صهيونيته في مخيم اليرموك
- ويل للعرب من شر قد إقترب ...الإندثار
- البرلمان الباكستاني ..شكرا
- عاصفة الحزم ..المحراث الأمريكي يعبث في الجزيرة العربية
- عاصفة الحزم تحرق ما تبقى لنا من أوراق


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسعد العزوني - سيل من الذكريات ..الراحل الصديق علي علّان