|
دولوز وعلف هيجل
أحمد سواركة
الحوار المتمدن-العدد: 4810 - 2015 / 5 / 18 - 15:23
المحور:
الادب والفن
دولوز وعلف هيجل
قال صديقي أنّه حضر محاضرة لجيل دولوز ، وكان يتكلّم عن هيجل أردف : كان ضد هيجل . فبمجرد أن تتكلّم عن ديكارت أو هيجل أنت تتكلم عن الفلسفة . ومجرد أن تتكلّم عن رأس المال أنت تتكلم عن الماركسية . العالم لم يذهب بعيداً كما يدّعي مُحدثي النعمة ، وجماعة الكتشب وماكدونالدز ، لا ، فقط نُظم الأستهلاك خلقت نوعاً جديداً من التخلّف الأنساني ، تجده ينشط في محاولات الإنسلاخ عن الحداثة وتقديم مايتفوق على المفهوم ، وهذا ينجلي على مايحدث لمابعد الحداثة من تذييل وجرّها لتقرّ بالتاريخي والقومي أيضاً متحرّرة من التسلسل الطبيعي . إفراز بازارت على هوامش الفلسفة ، لايعني فلسفة ، بقدر مايعني تفكيراً ، فليس هنالك فيلسوفاً في الأديان ، ولافيلسوفا في فلسفة هيجل . مازال العالم يتعامل مع قوانين مندل ، ومازالوا يستخدمون جدول مندليف ويقرأون هيجل ، ويقتلون بعضهم البعض على الديانة . في معرض حديثه عن الفن قال : الثروة التي جمعتها العائلة من تجارة المواد الغذائية ، انتقلت بهم لمستوى معيشي أفضل ، فبنوا بيتاً واسعا وراحوا يزينونه بلوحات ثمينة لفنانين معروفين . هذا البيت أصبح معرضاً حقيقياً لمابعد الحداثة . فهندسة البيت نيوكلاسيك والديكور مودرن ، واللوحات تجمع مابين القديم والجديد ، تجريد ، مودرن آرت ، بورتريهات ، لاندسكيب ، انطباع ، تعبير ، سيرياليزم . كلّ هذا ليس ذوقاً بقدر ماهو امتلاك وتحصين للأنا كي لاتتشابه مع نفسها . الأم أميّة ، والأب لديه شهادة في الحقوق لايعمل بها ، ومحافظ بعضه ، وبعضه منفتح . الأبناء بلا شخصيات ، يبحثون في السينما ومواقع التواصل الأجتماعي عن مفقودات ، منهم متخرج من جامعة خاصة ، ومنهم اكتفى بمساعدة والده في التجارة وتزوج مبكراً . هذه العائلة حريصة على عادات قديمة في الصيف ، وأيام العطلات والأعياد وحريصة أيضاً على الظهور في المناسبات بطريقة دفاعية ، بحيث تجدهم بخلاء في البيت كرماء في المناسبات . لهم إبنة وحيدة مصرّين لتزويجها من رجل مهم ، ونحن لانعلم من هو هذا الرجل المهم . تميل للسمنة قليلاً ولاتشتري غير الملابس المستوردة والبراند . أحد الأبناء يأخذ كورسات لغة ، ولايحب تجارة أبيه ، ويريد أن يهاجر ويكون بمفرده وله علاقة بالمخدرات والبيرة . لكنّ العائلة حريصة على أن تظهر من الخارج كما لو كانت عائلة سليلة أسرة ثرية تعيش أيام العصور الأقطاعية في القرن الثامن عشر . الأب حريص على رسم شجرة عائلة يقترب نسبها من نسب النبي ، وحريص على مدح السلطة الموجودة وإظهار الولاء لها حتى في جلساته الخاصّة وحتى والسلطة تتغير من اليمن لليسار أو المنتصف أو العكس .
خبطة الحاضر بمنجزات الماضي ، تبعة من تبعات الرأسمالية في صورتها التنافسية بقصد التفوق ، فالعائلة التي تضيع في مشروعها الشخصي هي وجبة لدولوز وهو يأكل معلّبات هيجل . كيف ؟ فجأة ، يدفع الشاب مالاً كثيراً للعثور على والديه ، فهو بعد أن بلغ الواحد والعشرين عاماً لم يقتنع بوالديه بالتبني . استغل مال الأسرة التي اشترته من الملجأ للبحث عن اسم ابيه وأمّه . بعدها بعامين ترك والديه بالتبني ، وحصل على عمل وسكن بمفرده .هذا الشاب يجلس كل يوم في الحديقة يراقب المشردين والمتسولين ، ويبكي . يبكي الشاب كل يوم ، رغم أن والديه بالتبنيّ عرضا عليه كل مايريد ، ورغم ذلك ، لم يرجع إلى البيت الذي ربوه فيه ، بل بالعكس نشأ نوع من الحياد العاطفي سرعان ماتحوّل إلى كراهية . هذا الشاب ، ورب الأسرة الذي يرسم شجرة الأنساب على الحائط ، مع الشخص المُهم ، الذي تنتظره العائلة ليتزوج ابنتهم ، يتحركون ببطء في رأس دولوز وهو يفكر كيف لايجب أن تقدم السينما شيئاً عن هيجل ، ثم يستطرد : اترك الأنسان في القضيّة .
#أحمد_سواركة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وراثة الأنواع
-
جماجم
-
السِحنات
-
حقبات عظميّة
-
جبهات داخليّة
-
مَجْهُول فِي بَيِت الشَايْ
-
غَير صحيح
-
مايُمْكن كتابته في الفيس بوك
-
مجهود في نوع المقاونة
-
مَجهود فِي نَوع المُقاومة
-
مَنْ لانُحبهم
المزيد.....
-
في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
-
-يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا
...
-
“أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن
...
-
“أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على
...
-
افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
-
بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح
...
-
سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا
...
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|