أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الجبار خضير عباس - إزاحات المعنى ومتغيرات المفهوم في (طائر القصب)















المزيد.....

إزاحات المعنى ومتغيرات المفهوم في (طائر القصب)


عبد الجبار خضير عباس

الحوار المتمدن-العدد: 4808 - 2015 / 5 / 16 - 10:18
المحور: الادب والفن
    


إزاحات المعنى ومتغيرات المفهوم في (طائر القصب)
عبد الجبار خضير عباس
صدرت عن دار ومكتبة عدنان مجموعة قصصية بعنوان (طائر القصب) للقاص كامل الدلفي...توزعت بين قصص قصيرة جداً وقصص قصيرة..
ما يميز النصوص مشترك جامع يشير إلى أن الشخصيات في غالبيتها مسحوقة، أو مهمشة، أو متشظية، أو حائرة، أو مقموعة حتى إنها من دون أسماء وأحياناً زائفة مثل نص (فزاعة)...الأشياء من جماد ومكونات هي في النصوص مؤنسنة تمتلك روحاً، يتعامل مع الصخر مع الملابس بوصفها تملك طاقة ما تتفاعل مع البشر لا يوجد ثمة (سوى) والسوى هنا بالمفهوم الصوفي، تعني أن المتصوف لا آخر له، بل هو معزول عن الآخرين كل شيء ما عداه يشكل سوى بالنسبة له، أي ما معناه يساوي البشر بالحجر وبالشجر وباقي الأشياء...المرجع الخارجي قراءات انطباعية للمشاهد السوسيولوجية، ومهيمنات القوة، والمحركات الأنثروبولوجية...النصوص تشاكس المألوف وتنظر للمحيط والقناعات، والسرديات النهائية والأفكار برؤية معاكسة وبأكثر من صورة، كما هو الحال في قصة (نيوتن) إذ المشاكسة للمنطق تستفز المتلقي لتأملها. كذلك وظف التلميح كما في نص (كائنات أخرى) "هل أن الغجر مثلنا يا أبتي؟ -لا يبني فهم لا يقتلون أحداً". استثمر الشكل والتنقيط والفوارز يظهر لك بشكل واضح في قصة (ممسوس) التي تبدو كأنها أحجية.
وظف التناص بشكل لافت... حيث يمكن ملاحظة التناصات التي اعتمدت على النص القرآني، وشطحات المتصوفة، وغيرها ...عبر تنوع التناص منه المباشر والخفي والمعاكس، إذ يستخدم التناص كوسيلة للتكثيف فضلاً عن توظيفه كمفتاح لتفكيك شفرات النص... مثلاً في نص (يوسف) يبدأ التناص من العنوان ثم في المتن مفردات تشير لقصة يوسف في القرآن...الإخوة، الذئاب، الأب البصير،العزيز، زليخا، بوصفها رمز للمرأة وفي قصة (مرفوع بالكسرة..الخ)همّت به فهمَ، وفي (عشق بصوت عال) انتبذت منهم مكاناً قصيا، وفي (إنمي- فاس) في المهد صبيا، وفي نص (الطوفان) انفلاق التنور... التناص المعكوس في(ذوبان صوفي) أو (كفن أسود) وثمة تنوعات أخر للتناص.
أخترنا هذه المقاربة النقدية المختارة لقراءة بعض النصوص وعلى النحو الآتي....
عناق
كادت تطير فرحاً، وهي تضمه إلى صدرها...حبيبي !! أمطرته قبلات، لم تزل ترفرف وتدور في السماء تبحث عن وجهه، فقد نسي رأسهُ في ساتر على حافة الحرب.
بدأ النص بجملة فعلية تشي بحدث عبر صور مكثفة وصفت فنطازيا الموت... إذ أصبح الحصول على جثة حتى من دون رأس، يوفر مساحة من السعادة...سخرية مرة، وحالة تهكمية من تنوعات الموت الغرائبية التي لا تفسير لها ولا من حل.
فزاعة
في المقهى وضع رأسَهُ على كتفي،
انتفض وخرج...نسي رأسَهُ على كتفي
لم يعد ثانيةً...
صرتُ أكرهُ الخروجَ من المنزلِ،
فأنا كفزاعةٍ تخيفُ الصغارَ
كم أنا مشوهٌ برأسين؟
توظيف المكان هنا كدلالة عن فضاء يحتوي العاطلين، أو وغير الفاعلين اجتماعياً وفي الوقت نفسه هو المكان المناسب لاصطياد المخلوقات القابلة لأن تتحول لأدوات قتل، ورعب، وخوف... (نسي رأسَهُ على كتفي)، هنا الرأس يرمز للفكر الاقصائي، العدواني...لكن هذه الأفكار لم تهضم تماماً من قبل الراوي، فتحول إلى شخص يعيش حالة صراع أو ازدواجية بين أن يكون إنساناً أو وحشاً، إلا أنهُ مدرك يشعر كأنهُ فزاعة لا يخيف إلا الصغار وهو في الوقت ذاته شخصاً مزيفاً فقد هويته الإنسانية...هذا إذا أولنا السياق الدلالي في النصوص أو المناخ المرجعي الخارجي...لكن النص مفتوح على قراءات أخرى تشمل الإملاءات لسلطة المعرفة والنفوذ التي تجعل الآخرين يعيشون حالة من الازدواجية القهرية.

تفاحة نيوتن
لم تسقطْ التفاحة على رأس نيوتن، بل هو منْ مد قامتهُ إليها فصنع لأسمهِ جاذبية فريدة.


سبق وأن كتبت عن هذا النص وسأعيد بعضاً منه هنا... يستفز النص المتلقي بقوة لاتأمله.. يشاكس وعيك بإلحاح، لِمَ ياترى خرق المألوف والسائد على وجه المعمورة؟ هل ليقول لنا أن هذا العالم زائف حتى لوجاء عبر حقيقية علمية أو أن الفرد بقراراته الذاتية يستطيع حتى إن يغير السائد الكوني؟، لكنه يرى ضرورة خرق المألوف لصناعة ذات فاعلة مختلفة، تعتمد على وعي داخلي فردي يؤثر بالمحيط الخارجي فيغيره.. ودلالة النص هنا لم ترد في سياق نص يتكىء على وعي تأريخي كما اعتدنا او هو ديدننا سوسيولوجيا لاننا ماضويون بأمتياز بل احالنا الى آنية قضية علمية كونية إذ هو يتحدى قانوناً فيزيائياً اجمع أهل المعمورة بيقينيته إلا أنه هنا تقاطع مع هذه اليقينية التي تعد أعلى مراحل الإيمان..وأزاحها عن محور ارتكازها الراسخ في بنية العقل الجمعي..هو يقف بكفة مختلفة إزاء الآخرين اجمعهم، فتحرر بذلك من هيمنة المعنى المفروض خارجياً إذ بلور معنى داخلياً فرض به دلالته على بنية ثقافية وعلمية سائدة..وطالما شاكس بآلياته اللغوية لذلك نجده هنا استطاع أن يفجر حقيقة علمية ويحولها إلى مجاز مفتوح على فضاءات قابلة للتأويل المضاعف خارقاً الركام المعرفي وقوانينه وتابواته لاسيما الرؤية العالمية الفيزيائية التي أطرتها " تفاحة نيوتن" للجاذبية الأرضية بوصفها الرؤية الوحيدة، والمطلقة ليهشمها، ويفرض علينا رؤية جديدة، ويزحزح قناعات راسخة وراكدة تمتد لزمن بعيد.. هذا الاختزال لتفاحة انيوتن هو رمزية لجميع اليقينيات حتى لو كانت علمية فهي بحاجة لقراءة حداثوية تنسجم مع ضغط التحول، والتغيير الحاصل في جميع الصعد الاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والثورة المعلوماتية، والاختراعات التكنولوجية ...

ذوبان صوفي
سأل شيخَهُ: هل أن الله راضٍ عما نفعل يا سيدي؟
-طبعاً...
ألا ترى أننا نخبئ أسلحتنا في بيتهِ؟

نلاحظ هنا الإزاحة في المكان، ودلالة المعنى بتوظيف التناص المعكوس حيث يتحول بيت الله إلى وكر شيطاني عبر سخرية مرة تظهر أن كل أيديولوجيا تنظر للأمور بعين واحدة، ولها تفسيراتها التي هي في غاية الذرائعية، واليقينية بوصفها مالكةً للحقيقة، وتمتلك التفسيرات المطلقة وحدها...

أحلام متبادلة

حمد الله على نعمة الانفكاك من دائرة حلم سريالي كان قد تحول في غضونه إلى سحلية (أبو بريص) واقتنص ما شاء من حشرات... أبو بريص هو الآخر وفي حلم يقظة يكمن قرب قاعدة المصباح حتى يغرق في حلم التحول الى جسد بشري. هذا ملخص قصة أحلام متبادلة التي كتبت برؤية كافكوية تنتهي بشعور كليهما بالرعب والقرف المتبادل لرفضهما التخلي عن حالة جبلا عليها...تكنيك عالٍ في تكثيف الصورة والفكرة ودلالة المشهد مفتوحة على قراءات عديدة أبرزها أن السحلية سعيدة ومتصالحة مع هيئتها وتكوينها المبرمج أنثروبولوجيا حتى لو كان التحول إلى إنسان هذا المتباهي بصنع المركبة الفضائية وتكنولوجيا النانو والثورة المعلوماتية.

قصص (عشق بصوت عال) و(إمبريالي) (إنمي-فاس) و(القرد العاشق)
قصص تعبر عن تجربة عشق حقيقية واحدة مستوفية جميع اشتراطاتها ولكنها وظفت التكنولوجيا كوسيط يتلذذ فيها العاشق بمعاناته ..."زفراتي العميقة عن حبي المتفجر نحو امرأة...جنوني المستعر لحظة فراقها...سايرتها في فكرة الالتصاق الأبدي. حتى يصاب بهوى غانية من البربر...هنا نكتشف أن حبيبته المتيم بها كائن (فيسبوكي) يمضي معه ساعات طويلة في اليوم الواحد ذوبانهما المتبادل والمتجمر يتحول إلى قطعاً شعرية أي نحن أمام حالة تفاعل التكنولوجيا مع المشاعر الإنسانية العشق مفضوح في فضاء الذبذبات وحزم الضوء...
لكنه يلخص هذا الحب الذي يأتي ولا يأتي في قصة (القرد العاشق):
اختار لها عنوان القرد هنا الدال يحيلنا إلى مدلوله بوصفه حيواناً لكن هذا المدلول هو دال أيضاً يحيلنا مدلوله إلى الرؤية الداروينية ونظرية النشوء والإرتقاء عبر السياق الدلالي للقصة، أي أننا مبرمجون للبقاء أفعالنا العاطفية غير خاضعة لمنطق، بل هي تمظهرات نوازع جبلنا عليها خارجة عن الإرادة.
تنتهي ولا تنتهي... قصة الحب هذه حين حولا رسائلهما المتبادلة إلى أعمال أدبية! " أحسست أن صديقي مؤمناً بأن الحب الواقع بيني وبينها، هو حقيقة مستقرة ومن المسلمات الإيمانية...بينما هو في الحق مجرد تمرين مكثف في التطور السردي، فقد أنجزت مجموعتها الشعرية الحاصلة على جائزة الدولة التقديرية في بلادها عبر الحوار معي في لعبة العشق، أما أنا فقد أنجزت حوارات روايتي الثانية جميعها عبر مراسلاتنا الغرامية... هذه القصة وكأنها ترجمة لمقولة هنري ميلر: "إذا أردت أن تنسى حبيبتك حولها إلى نص أدبي".



#عبد_الجبار_خضير_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصف المملكة للمواقع الآثارية ...الصمت العالمي المخجل
- مقاربة نقدية...السنن التي قهرت المدينة
- خضير ميري ينقر ما تبقى من قمح أيامه وحيداً
- فك الارتباط برمال يثرب ...استعادة الذاكرة العراقية
- حضارة وادي الرافدين اختراع بشري نقض نظرية الكائنات الفضائي ...
- رمال يثرب...حمار الناعور
- تناصات توراتية.. ملحمة كلكامش (الجزء الثاني)
- تناصات توراتية ..ملحمة كلكامش (الجزء الأول) عشتا ...
- الآخر .. المختلف .. الغير مقاربة مفاهيمية
- خنزير غسيل الأموال .. منْ يعلق الجرس في رقبته؟!
- علي الوردي ..ذم صبغة الحزن في الاغنية
- تفاحة انيوتن
- قراءة في كتاب الفيليون
- سردية عراقية أم صناعة ذاكرة؟
- تصحيح السرد .. خلل السردية الكبرى
- فاجعة الاربعاء
- قرة العين..
- مكانية التغيير سردية زمانية مفارقة
- ازمة حلم
- التعديلات المرتقبة مقاربة معرفية في كتابة الدستور


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الجبار خضير عباس - إزاحات المعنى ومتغيرات المفهوم في (طائر القصب)