أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - سَحَرةُ الكُرة … وفرسانُها














المزيد.....

سَحَرةُ الكُرة … وفرسانُها


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4808 - 2015 / 5 / 16 - 10:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


علّها مصادفةٌ أن تتزامن الذكرى الثالثة عشر (6 مايو) لرحيل فارس الكرة "صالح سليم" مع أزمة لاعب الكرة "أبو تريكة". وبالطبع، ليس لنا أن نناقش أحكامًا قضائية، فالقضاءُ هو الحكم الفصلُ بين المواطنين فيما اختلفوا حوله، إنما أناقشُ الأمر في شقّه الإنساني والاجتماعي والوطني.
كرة القدم في مصر، تُعدُّ مسألة شديدة الحيوية، تقترب من أن تكون مسألة أمن قومي، أو مشروعًا قوميًّا يلتقي حوله المصريون، فيتفقون ويتصادقون، أو يختلفون ويتشاحنون، وقد يتخاصمون ويتعاركون، إلى ما أبعد من ذلك. ورغم أن الشق الأعظم من مشجعي كرة القدم في مصر وجمهورها العريض الشاسع، وهم بعشرات الملايين، لا يكادون يمارسون الرياضة على الإطلاق، ولا حتى رياضة المشي (!)، إلا أن هوى كرة القدم يسري في شرايينهم مسرى الدم، وتكاد الكرةُ وصروفُها وتصاريفُها ونتائجها ومبارياتها ودوريها وكأسها أن تكون محور حديثهم في المقاهي والهواتف وبين جدران المنازل وعلى صفحات فيس بوك وتويتر، دون شكّ بأكثر مما يناقشون مأساة التعليم المصري، أو كارثة أطفال الشوارع، أو تراچيديا التحرش الجنسي بالنساء، أو مُخزية العشوائيات وسكّان العشش الصفيح، أو داهية تلوث مياه الشرب، أو مَلمّة أزمة المرور وحوادث الطرق، أو محنة وضع المرأة المصرية المعيلة، أو غائلة البلطجة، أو فجيعة البطالة، أو فاجعة الإرهاب، أو غاشية التطرف الطائفيّ، أو بلاء غياب الوعي الفكري والثقافي لدى العامة، أو كرب الاقتصاد المصري، أو فادحة غلاء الأسعار، أو نازلة أزمة الطاقة، أو طامة الموازنة المصرية، أو نائبة القمامة، أو تطورات مشروع قناة السويس، وغيرها من الأمور الجلل التي يجب أن تكون شغل المصريين الشاغل في هذه اللحظات العصيبة من تاريخ مصر!
لكنها "الساحرة المستديرة"، التي سلبت عقول المصريين، ربما كنوعٍ من المعادل الموضوعي لتعاسة المواطن المصري وشعوره بانعدام آدميته في المواصلات والشوارع والعمل، فوجد في تلك المستديرة ما يعوضه عما فاته من حياة.
وفي الكلام عن تلك الرياضة التي تحتلّ الصدارةَ في اهتمام المصريين على مدى العقود والأجيال، نُقرُّ أن لكرة القدم "سَحَرةً" وأن لها "فرسانًا".
أما السَحرةُ، فهي جمع ساحر، وهو اللاعب الذي يسحر عقول المشاهدين بمهاراته الجسدية ولياقته الجسمانية وبراعة رقصته الرومانتيكية الذكية مع تلك الفاتنة الصغيرة التي يلهثُ وراءها اثنان وعشرون لاعبًا، حتى تدخل العروسُ الصغيرة عُشَّها المرتقب فتصيبُ شبكة هذا الفريق، أو ذاك.
وأما الفرسان، فهي جمعُ فارس، وهو اللاعب الذي يجب أن يكون ساحرًا في البدء، ثم يضيفُ إلى مهاراته الرياضية واللياقية والجسمانية، مهاراتٍ أخرى إنسانية وأخلاقية ما يجعله جديرًا بقلب "فارس"، وليس فقط الاكتفاء بلقب "ساحر".
وفي الحديث عن الفروسية، نتذكر صالح سليم، ذلك الفارس النبيل الذي وضع لتلك الرياضة أخلاقيات ومبادئَ وأدبيات، علّمت النشء كيف يكون الرياضيُّ مثقفًا وجميلا وفائقًا. وينطبق الحديثُ ذاته على فارس آخر مازال عطاؤه الكروي والإداري والتربوي غزيرًا، هو "بيبو"، أو الفارس "محمود الخطيب"، أمدّه الله بالصحة الوفيرة والشباب الدائم. وأفخر أن ابني "مازن" قد تعلّم على يد هذا الفارس في "مدرسة الخطيب" بنادي الرحاب قبل سنوات. فتعلّم منه الأخلاقَ والتحضّر قبل أن يتعلم مهارات كرة القدم وفنونها. ورأيته بنفسي في بداية كل درس يسأل الأطفال إن كانوا قد أدّوا صلواتهم وقبّلوا أيدي أمهاتهم وآبائهم وأنجزوا واجباتهم المدرسية، وكان يعاقب من يتهاون في أداء مهامه الحيوية والأسرية والأخلاقية بالحرمان من الدرس الكروي. فقد كان حريصًا على صناعة "فرسان"، وليس "سحرة" في الرياضة.
أولئك الفرسان النبلاء استغلوا شعبيتهم الهائلة في خدمة وطنهم وأبناء وطنهم وتربية أجيال محترمة من النشء الطالع، ولم يسيئوا استخدام تلك الشعبية، التي هي منحةٌ من الله، ولا استغلوا الأموال التي حصّلوها من وراء تلك المستديرة، التي هي منحة من الشعب، في تدمير المجتمع وتمويل أعداء الوطن لهدمه.
كما أسلفتُ في صدر مقالي، ليس لنا أن نطرح للنقاش أمرًا هو من شأن القضاء، إنما هي تداعيات الأفكار التي تجعلنا نعقد المقارنات بين الرجال والمواقف والأحداث، لكي نميّز الخيط الأسود من الخيط الأبيض، والغثّ من السمين، والسحرة من الفرسان النبلاء.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النسخةُ الأجمل منك... في المرآة
- المايسترو صالح سليم
- لستُ يهوديًّا ولا مسيحيًّا ولا مسلمًا
- هل جئتَ في الزمن الخطأ؟
- أصول داعش في جذور مصر
- هاني شاكر، الطائر الحزين
- غدًا تتحرر سيناء
- الراقدةُ في غفوتِه
- العروس
- هل أنت واحد أم كثير؟!
- أيام الإرهاب الوسطي الجميل
- هل تذكرون راتشيل كوري؟
- الذهبُ الزائفُ على قمم التلال
- درسُ الثراء للصغار
- نحنُ أبناءُ الحياة
- نحن العدوّ الخطأ، أيها الأشاوس
- الزبون دائما على حق
- قدِّموا الأطفالَ للمحاكمة
- آن أنْ أكتبَ عن العصفور
- علامَ يُحاكَم إسلام البحيري!


المزيد.....




- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل
- إيهود باراك يعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل وتوقيت الرد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - سَحَرةُ الكُرة … وفرسانُها