أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة المانع - قصة : النسوة يتمْلْملنَ















المزيد.....

قصة : النسوة يتمْلْملنَ


سميرة المانع

الحوار المتمدن-العدد: 4807 - 2015 / 5 / 15 - 13:58
المحور: الادب والفن
    


سميرة المانع

النسوة يتملْملْنَ
اخبرتْ المنظفة سعدية، بحماس، صاحبة البيت مريم أن ضرتها تريد رؤيتها في زيارة خاصة. ترددتْ الاخيرة في الموافقة على الزيارة، متسائلة باستغراب : " من بين جميع النساء، لماذا تزورني أنا ؟!"
اجابتها سعدية منهمكة في عصر خرقة المسح بين يديها : " تريد أن تراك، هذا ما فهمته منها ، مجرد زيارة قصيرة، يمكن تود أن تعتذر منك" صمتت الزوجة الاولى ، مفكرة في الامر. يُفترض أن شعورها المتراكم من خشية ضرتها قد خَفُت الآن مع مرور الايام. لم تعد تحسّ كما في الماضي بكراهيتها الشديدة لها، كونها امرأة تستولي على الازواج.
المرأتان تعيشان في بيتين منفصلين حاليا. يفضل الزوج الميسور الحال المتخم بالاموال أن يفتح بيوتا لنسائه الجدد حسبما يشاء ومتى يقرر. مريم زوجته الأولى تسكن مع أولادها في بيت عامر تتوفر فيه جميع وسائل الراحة. بين حين وآخر يطل عليها متفقداً أولاده منها بشكل عابر، ما بين ولدين وبنت صغيرة. تستقبله مريم كما تستقبل أخاها وتودعه في الباب.
بعد إغلاقه وذهابه تشعر وكأن شيئا أُزيح عن صدرها، مكتشفة أنها صارت سعيدة بغيابه ومرتاحة. قبلت بالصفقة الاخيرة بينهما، آنذاك، عندما أعلن أنه يريد الزواج من اخرى، لا مردّ لها في الاعتراض دون جدوى، فقد سبق أن كررها. احتفلت، بعدئذ، بعيد ميلادها الخمسين مع أصدقائها واولادها فقط. لم يشاركها الحفل كونه مسافرا إلى المانيا كرجل أعمال مشغول. لقد كثرت أمواله وصفقاته المتعددة مع البلدان الاخرى بصورة خيالية. جاءته الثروة بعد سقوط النظام السابق للحكم، وهو يعرف جيدا من يدير أمور البلد الآن، الشخص الحاكم دائما إما من أقاربه أو اصحابه، مسيطر على الوضع تماما في حسابه.
كل شيء مرتب ومضبوط في رأيه وعلى ما يرام بعد أن عاد من السفر اخيرا. اخبر زوجته الاولى مريم انه سيتزوج فتاة شابة متخرجة من الجامعة توا. يبعد بيت أهلها عن بيتهم ببضعة شوارع فقط.
تساقطعت دموع مريم على المخدة في الليلة الاولى بعد سماع الخبر اليقين، وكأنها مهانة، بصورة متكررة. ثم بدأت في الليلة الثانية متجلدة على الاذلال، بعد أن اقنعها أنها ستظل معززة مكرمة في بيتها دوما. تدريجيا، صارت تتقبل الفكرة أكثر فاكثر. في الليالي التالية بدأت تترقب خطوته القادمة متصبرة، محاولة ان تستعيد طمأنينتها وعافيتها، حياتها الروتينية العادية كالسابق.عندما سمعت انه اشترى بيتا جديدا وهو يؤثثه على ذوق الزوجة المختارة، استقرت امورها بشكل تام، اخيراً، مكتفية بحياتها مع اولادها، راضية بالخدم والحشم ، بالاثاث الفاخر والطنافس المنتشرة ، بعزها دون أن تتكلف بارضائه أو البحث عن استحسانه. لم يخطر ببالها، لا شك، قبل زواجها، أو على الاقل لم تكن تتوقع أن يحصل لها يوما، ما يجري الآن أمامها بين حين وآخر.
تمّ زواجه أخيرا. انتقل للعيش مع الاخرى في البيت الجديد. اكتشفت مريم راحة بالها كمغنم كبير ايضا. راضية بانفكاكها عنه ومن تبعاته والعناية به كطفل صغير مزعج كثير الطلبات أناني، متخلصة منه إلى غير رجعة.
عمره في الخامسة والستين، متخم، بالثروة الفائضة عن الحاجة. فجأة، لا يعرف كيف يبعزق النقود هنا وهناك. لا أهمية للمحافظة على السمعة والاثر الطيب الذي سيبقى بعده. لكنه يعتقد، جازما، أن ليس هناك هدف للرجل كي يستكمل عدته ورجولته سوى أن يغير نساءه بالزواج بين حين وآخر. يتصور أن لا دخل للعمر هنا. طائش مغرور كونه لا زال بصحة جيدة، معافى. بدورها، بدأت زوجته الشابة الجديدة المتعلمة في الجامعة تراقبه عن كثب متوجسة منه، وان أظهرت موافقتها حسبما يقول. اشترى لها آخر مبتكرات التكنولوجيا الحديثة، يجلبها لها اثناء سفراته بالبلدان، من كومبيوترات آخر طراز، إلى الهاتف النقال الانيق الصغير المجهز باستعمالات متعددة، القادر على اختراق الشبكة العنكبوتية ( الانترنيت) بالعالم كله. كما يحتوي على كاميرا سحرية لاقطة كالعين المجردة القوية البصر قبل الاصابه بقصر النظر للآدميين، كما يتمكن هذا الهاتف الجذاب، المحمول معها اينما تريد، في دق ساعة رنانة بجرسها الموسيقي اللذيذ كي توقظ النائم الحريص على اليقظة في الوقت المناسب، رنينها أجمل من ساعة (بكبن) من محطة اذاعة لندن، أو يتحول كآلة طابعة بسرعة البرق، إذا شاءت، لتطبع الرسائل اللاحصر لها على شاشته ليرسلها بريده السريع، كخدمة لها، بثوان معدودات بدل سعاة البريد المهملين، الكسالى، او الكلام المعتاد في الهواتف القديمة القبيحة السوداء التقليدية الارضية، ذات السمعة السيئة بالمقارنة. كلها اصبحت، بالنسبة له، جزءا من الماضي القديم الاغبر، لا يرغب في استعادته وتذكره بتاتا.
حصل هذا بالاضافة للمنزل الجديد الذي بناه لها وفيه بركة سباحة جدرانها من الموزاييك ، و جهاز " جاكوزي" في حوض التحمم ، ماؤه متدفق بعنف من اجل المساج لجسم الانسان المتمدد فيه، إذا اراد. لم يتوان، ايضا، في نشر المجوهرات والعطورعلى منضدة زينتها ، الهروب معها إلى لندن وباريس وسويسرا، ابتعادا عن حرّ منطقة الشرق الاوسط برمتها في الصيف.
كل هذا ، وفجأة لم ترتح الزوجة الجديدة منه لسبب يجهله. شعر أنه يضايقها عندما يريدها جاهزة. يأتي للدار متوقعا أن يراها على قدم وساق مستعدة لاشباع حاجاته الجسدية والروحية معا، اعطاؤه ما اعطاها من المال والدلال، لكنها، مرارا وتكرارا، بدتْ غاضبة متجهمة لسبب غامض. تبين بعد ثلاث سنين من العذاب معها أنها تحب شخصا آخر.
استعملت ورقة حق طلب الطلاق للزوجة عندها، المسموح بها، قانونيا، من أجل الانفصال عن زوجها على طريقة احدى الطوائف الاسلامية المعروفة عندهم، فلم يخب أملها. وسبق، لفرحه بها، كونه لم ينتبه لموقفها منه ، آنذاك، فهي حذرة متوجسة منذ بداية تعارفهما. فاته الرفض والامتناع وشرطها عليه حول ضرورة التوقيع لكليهما على ورقة عقد الزواج في الطلاق اثناء وقوفهما معا أمام القاضي الشرعي وقتها. هكذا استطاعت أنْ تثبت حقها في الطلاق كأمراة، مصرة على ان ليس كافيا كونه رجلا ليصبح حق الطلاق له فقط، كما هي العادة الجارية في بعض الطوائف الاسلامية الاخرى. تأكدتْ من ذلك، فكان لها ما أرادتْ... أضطر حاليا أن يستسلم لقرارها، بعد ان ابدت رغبتها الشديدة في الفكاك منه في اقرب فرصة. خجل من التشبث بها والتعنت امامها. اُسقط في يده ، والادهى خاف من الشماتة من زوجته الاولى الاخرى ....
+++++++++



#سميرة_المانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغناء
- مكنزي
- العنز والرجال
- هل تدلني على بيتي ؟
- الميثاق مرة اخرى
- ميثاق 91
- الحرية، الحرية ، من فضلكم
- قصة ( ما علمتم وذقتم )
- من دفع للمزمرين ؟
- المرأة بضاعة وزخرفة
- هل تدلني على بيتي؟
- ما قلت وداعا أبدا
- نساء
- خروج أديب من قرونه الوسطى
- ما يقال عن المرأة في الادب العربي
- الاعتداء
- العيش في سلام
- التواطؤ الثالث بالسياسة
- التواطؤ الثاني بالجنس
- التواطؤ الاول بالفنون


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة المانع - قصة : النسوة يتمْلْملنَ