أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن احمد مراد - تقسيم العراق بصيص أمل أم كابوس ؟















المزيد.....

تقسيم العراق بصيص أمل أم كابوس ؟


حسن احمد مراد

الحوار المتمدن-العدد: 4806 - 2015 / 5 / 14 - 09:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لسنا نأتي بجديد حين نُذكِر بأن الدولة العراقية ومنذ تأسيسها سنة 1921 والى اليوم لم تشهد عقدا من الزمان خاليا من الفوضى فالاضطرابات السياسية وألاحكام العرفية والانقلابات الدموية وحملات الاعدامات والقلاقل وصولا الى القمع الوحشي والحروب المتتالية وجرائم الابادة ضد القاطنين داخل حدودها المسيجة بمعاهدات اممية انهكت كل من سكن هذه الدولة على اختلاف قومياتهم واديانهم وطوائفهم ومذاهبهم وانتمائاتهم وتوجهاتهم السياسية والايديولوجية ولم تتمكن اية فئة ابدا من ان تنأى بنفسها عن كل تلك المآسي وان كان هناك تبادل للادوار بين الحين والاخر بين هذه الفئة وتلك في تحمل المصائب والنكبات اوتناوب في فترات الاستراحة .
ظهرت دولة العراق وفق خارطتها الجديدة الى حيز الوجود طبقا لاتفاقيات دولية ،والواضح في هذا السياق ان تلك الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تأسست بموجبها دولة ذات هجين غير متناسق ومشوه راعت مصالح الدول الكبرى والصغرى ودول المنطقة والقريبة والصديقة بل وحتى الغريبة منها وايضا تلكم التي تبعد عنا مئات الالاف من الكيلومترات ،بيد أن الجهة الوحيدة التي لم تؤخذ مصالحها ومستقبلها ومستقبل ابنائها بنظر الاعتبار وتم وضعهم خارج قوس مفردة "المصالح" هم الملايين من المواطنين على اختلاف اطيافهم والذين اضطرتهم الاتفاقيات الدولية للعيش ضمن حدود الدولة العراقية فغدوا الضحايا الاساسيين لتأسيس هذه الدولة والقربان الذي يذبح في كل مرة على اعتاب معابد ومصالح الآخرين .
والادهى من كل ذلك استمر الساسة والمتملقين والنرجسيين والمنتفعين وذوات المصالح من مدمني الدولار وعشاق المناصب من المحسوبين على ابناء الوطن في العزف على اوتار الوطنية تارة والقومية طورا والدينية كرةً أخرى ليبرروا حقهم في قتل خصومهم والتنكيل بهم وسحقهم بابشع الاساليب والطرق ساعين بكل الوسائل شرعنة ما لايبرره أي شرع او قانون تحت غطاء " الحفاظ على السيادة الوطنية " او " وحدة العراق ارضا وشعبا " او " كرامة العراق " او" صد مؤامرة ضد الامة العربية والاسلامية او تهديد وحدتهما ".... الخ من العبارات المنمقة والطنانة من حيث الشكل والفارغة تماما من أي محتوى حقيقي والتي لم تكن في واقع الحال سوى جزءً من ممارسات ديماغوجية سياسية مقيتة مورست من اجل تغييب المواطنيين عن الاحداث الحقيقية ليعيشوا في حالة من الدوغمائية العمياء ويتوارث الساسة موارد البلاد ويتقاسموها ومن خلفهم كبريات الدول المنتفعة من تلك الاوضاع التي راح ضحيتها الملايين من الابرياء من مختلف الاطياف .
من الواضح للعيان ان احد اهم الاسباب الرئيسية لتلك المعاناة التي لحقت بالعراقيين عموما هم الساسة و القادة والرؤساء والملوك الذين تعاقبوا على دفة الحكم في العراق على مدار ما يقارب القرن من الزمان وان قراراتهم الارتجالية وسياساتهم المنحرفة كانت سببا مهما لما آلت اليه الاوضاع ولولا تلك الانحرافات لربما لم تكن الاوضاع لتصل الى ما وصلت اليه ، غير انه من المهم جدا ان لا نغفل بان منظومة العمل السياسي والاداري في العراق بمجمله وشكل واستراتيجية الدولة الاساسية ورؤيتها للمستقبل وانماط انظمة الحكم المتعاقبة برمتها كان لها الاثر البالغ في صنع تلك الاحداث المريرة التي عاشها المواطنون ردحا من الزمن ولازالوا الى اليوم يذوقون مرارتها ويتحملون دفع فواتير اخطائها المتراكمة .
فقد عملت المنظومة السياسية للدولة وبشكل متواصل على تقزيم مفهومي المواطن والمواطنة لحساب الوطن كمرحلة اولى ومن ثم تم صهر الوطن في بوتقة المؤسسة الحاكمة فاصبح المخالف لمنظومة الحكم مخالف للوطن ويقع ضمن الطابور الخامس الذي يستحق الشنق والتعذيب والدفن حيا اذا دعت الضرورة ،ومن ثم يأتي الملك المفدى والزعيم الاوحد والقائد الضرورة ومنقذ الوطن ومدمر الاعداء و .. الخ ليختزل المؤسسة السياسية برمتها في شخصه فيقوم هذا الكائن البشري بنسخ الوطن في ذاته فتصبح مخالفته ِ مخالفة ً لجميع القيم والمثل العليا والدنيا .
لقد تداولت انظمة الحكم المتعاقبة في العراق هذه الاستراتيجية حتى غدت تشكل ركنا اساسيا من بنية الحكم وتركيبته الاخلاقية ،هذا على الرغم من ان كل الانظمة المتعاقبة كانت تدمر سابقتها شر تدمير وتضرب بكل مفاهيمها القيمية والسياسية عرض الحائط باستثناء انتهاك حقوق المواطنين العادي الذي كان ولازال يشكل القاسم المشترك بين كل اولئك الذين تسلموا مقاليد السلطة في هذا البلد المنكوب حتى النخاع .
لقد تنفس اغلبية المواطنين الصعداء ابان انقضاء حكم حزب البعث سنة 2003 وتأمل الكثيرين الخير بفتح صفحة جديدة من الاستقرار السياسي والوئام الاجتماعي والازدهار الاقتصادي يتكاتف فيه ابناء الوطن الواحد للوصول الى الاستقرار بعد عقود عجاف أتت على الاخضر واليابس ،غير ان الامور كما في سابقاتها سارت على عكس ما تمنته الاغلبية المطحونة فعاش ولايزال نصف في المائة عيشة اباطرة الرومان والبقية الباقية ذاقوا صنوف جديدة من التعذيب والقهر والتهجير والتفجير ...الخ .
لقد اشار معهد غالوب الدولي في تقريره سنة 2014 الى ان الشعب العراقي يحتل المرتبة الاولى من بين شعوب 138 دولة من حيث التعاسة و استنكر حينئذ بعض الساسة وتجار الموت هذا التقرير واعتبروه سياسيا ومغرضا وذات ابعاد دنيئة الى اخره من التفاهات التي نطقوا بها ولست اجد هنا ضرورة لذكرها فبمجملها لم تكن سوى تفاهات ليس الا ومبرراتهم لم ترق الى مستوى يؤهلها لكي تُناقش اصلا .
وغير معهد غالوب فالعراق ولعدة سنوات متواصلة لازال العراق في صدارة الدول الاكثر فسادا والاكثر خطورة للعيش والاكثر قذارة على مستوى العالم ككل ولازالت الرشوة تنخر في مؤسساتها وخط الفقر في ارتفاع مستمر( على الرغم من موارده الهائلة ) وكذلك نسبة البطالة وانعدام الخدمات وازدياد نسبة الارامل والايتام ،والمؤلم في هذا السياق ان بصيص الامل ما عاد يلوح بالافق وخصوصا بعد ظهور داعش وسيطرته على عدد من المناطق وعزلها تماما عن الدولة ،وتقهقهر الجيش العراقي( الذي صُرف عليه المليارات من قوت الشعب ) الذي يمثل رمزا حقيقيا لسيادة اية دولة عن اداء مهامه في الحفاظ على ارواح المواطنين وتركه ساحة الحرب لقوات اخرى كالبيشمركة والحشد الشعبي لتحل محله وتؤدي واجباته .
وخلاصة القول ان الشعب العراقي وبعد مرور ما يقارب المئة عام على تأسيس دولتهم التي انشأتها بريطاينا وحلفاؤها عقب انتهاء الحرب العالمية الاولى في مشروع لتقاسم غنائم الحرب بين المنتصرين وبعدما عانوا كل ما عانوه من الآم ومآسي وصلوا الى نهاية مغلقة لا تنفرج الا بالاتفاق على آلية جديدة تنظم علاقات ابناء المجتمع وفق صياغات سياسية جديدة ابتداء بتقسيم العراق الى مجموعة دول مجاورة تحترم بعضها البعض شأنها شأن بقية دول العالم وصولا الى الكونفيدرالية او اية صيغة سياسية اخرى تتلائم وتطلعات المواطنين على اختلاف انتمائاتهم .
وكلمة اوجهها الى الذين يُستفزون من عبارة تقسيم العراق من السياسيين الذين كونوا ثروات طائلة خلال عدة سنوات تضاهي بل وتفوق ما تحصل عليه كبريات الشركات الاقتصادية والتكنلوجية في العالم ، اتركوا لهذا الشعب الفرصة ليتخذ قراره وليتوقف نزيف الدم وقطار الموت الذي يحصد يوميا المئات من الابرياء الذين كانت جريرتهم الكبرى انهم كانوا عيراقيين ليس الا .
وهنا اقول للساسة والمسؤلين الذين يدعون كذبا حب الوطن والحفاظ على حياة المواطن والسهر على راحته لو كانت لديكم الجرأة ودخلتم الى بيت أي مواطن عادي من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال وفي اية محافظة او مدينة او قضاء او ناحية وبدون تعيين مسبق وبشكل عشوائي بحت لوجدتم ان الساكنين فيه اما تعرضوا هم او اقربائهم من الدرجة الاولى او الثانية او اصدقائهم او احبائهم الى التهجير او القتل او شاهدوا حالة تفجير او تعرضوا الى انتكاسات نفسية او يعانون من الفقر المدقع اوالبطالة او ينتابهم القلق المستمر او يعانون من موجات من الكآبة او حالات من الغضب الغير المبرر .
ان حجم العنف والاجحاف والظلم المُمارس ضد الشعب العراقي (من العرب والكورد والتوركمان والسريان والكلدوا اشوريين والشبك واليزيديين والشيعة والسنة ) والذي تراكم عقدا بعد آخر حتى بلغ ذروته وطفح به الكيل ،جعل من هذا النسيج الغير المتجانس اصلا ان يهترأ أكثرا فأكثر مما يدفعنا الى الاعتقاد بان امكانية استمرار الدولة العراقية وفق نفس المنوال السابق امر شبه مستحيل لاسيما وان تحقيق نقلة نوعية في البنية السياسية والفكرية للنخب الحاكمة في العراق امر غير وارد على الاطلاق .
ومن الضروري ان يتيقن المواطن العادي والذي هو في الاساس الضحية الكبرى لكل التلاعبات السياسية ان تقسيم العراق الى دول متجاورة ليس بالكابوس المرعب بل هو بارقة الامل التي يجب ان يتطلع اليها أي مواطن بغض النظر عن قوميته او دينه او مذهبه فنهاية النفق اكثر ظلمة من بدايتها وان الاستمرار في السير داخل هذا النفق المعتم لا يؤدي به الى أي مكان آمن ومن المستحيل ان يرى نور الشمس وهو سائر في نفس الاتجاه كما فعل في العقود السابقة لذا فاني على اعتقاد تام بأن مصلحة ابناء البصرة والعمارة وكربلاء والنجف وصلاح الدين والرمادي واربيل تقتضي الاسراع في وضع برنامج عمل مشترك للوصول الى النقاط المشتركة بغية الخروج من هذا النفق المظلم ،وعسى بذلك ان تشهد الاجيال القادمة عقودا من السلام والتآخي والامان وحسن الجوار لطالما افتقدته الاجيال الحالية و السابقة .



#حسن_احمد_مراد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يريد العالم لكي يستفيق
- الارهاب ام تقنين الفساد ايهما اكثر فتكا
- الديمقراطية العشائرية ..العراق نموذجا
- مستقبل العراق بين الواقع السياسي والخيارات المتاحة
- الحكومة العراقية واللاجئين السوريين
- اربيل وبغداد اين يكمن الحل ؟
- هل تحول جيش المهدي الى مسخ ؟
- ثورات الشعوب وازدواجية الدول
- ايران تعلن الحرب
- احلام الاطفال في العراق وتبجح الحكام
- حكومة اقليم كوردستان العراق خطوة الى الامام و خطوتين الى الو ...
- سوريا بين القمع والاصلاح وتهديد اوربا
- دفن فتاة قاصرة
- لم يقتل بن لادن ؟
- استمرار انتهاكات حقوق الانسان في سوريا والصمت المريب
- سوريا استبداد و انتهاكات لحقوق الانسان
- وزير التعليم والمرجع الديني سماحة الشيخ النجفي ، اين القواسم ...
- لقاء مع اورورصليبا عرموني الناشطة اللبنانية في مجال مؤسسات ا ...
- مشنقة للفن ام اغتيال للشعب ؟
- تعذيب فتاة سودانية ام جلد المجتمع البشري


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن احمد مراد - تقسيم العراق بصيص أمل أم كابوس ؟