بلال سمير الصدّر
الحوار المتمدن-العدد: 4806 - 2015 / 5 / 14 - 00:57
المحور:
الادب والفن
أحلام 1990 أكيرا كيراساو:فيلم عن الصورة نفسها
نحن نعرف أن كيراساو قد درس فن الرسم وأراد الأنطلاق في حياة عملية تعتمد على الأبداع من خلال هذا الفن،ولكنه أضطر الى التخلي عن الرسم مهنة ومسار حياة ليطرق أبواب العمل في السينما منذ عام 1935 بالتحاقه بشركة (بي سي ال) كمساعد مخرج متدرب،ولكن الرسم سيظل مهيمنا على حياته حتى يصل به الأمر الى تحويل سيناريوهات افلامه التي كان يكتبها أو السيناريوهات التي يشارك في كتابتها الى لوحات قبل الوصول الى مرحلة البدء في التصوير.
قد تكون هذه المقدمة المقتبسة عن مقال لكامل يوسف حسين بعنوان(عنفوان الصورة عند أكيرا كيراساو) خير تقديم للحديث عن فيلم متأخر لكيراساو وهو أحلام 1990 حيث شارفت مسيرة مخرجنا الفنية على الانتهاء ليحقق فيلما ينعته النقاد دائما بأنه الأكثر شخصية بين كل أفلامه،وان كان فن الرسم هو هاجسنا عند الحديث عن هذا الفيلم فهذا مرده أن أحلام هو فيلم عن مجموعة من الأحلام التي قال كيراساو بأنه شاهدها في حياته،ولكن هذا الكلام غير دقيق ومشكوك فيه بالنسبة لي وللنقاد معا،ببساطة لأن الأحلام لا تأتي مرتبة ولاتسرد بهذا الشكل الانسيابي المقبول والذي صاغه فيها كيراساو،والفيلم ينطق أحيانا بواقعية وأحيانا بمشاعر واحيانا بهواجس داخلية شعرنا بها في ذهن المخرج منذ بداياته،وكل الأشياء لها علاقة بالمشاعر وبالحزن الداخلي للإنسان ومع ملاحظة فنتازية أحيانا مع تشكيل عالي للفيلم بحيث بدت بعض الأحلام كلوحات أكثر منها نص سينمائي،فهذه اللوحات الحلمية بعيدة جدا عن الأفق السوريالي البونويلي...
فمن طفل يحلم بقبيلة عن الثعالب تنبثق من قوس قزح،ومن ثم طفل يستمع الى أرواح الشجر وهي تشتكي اليه قسوة الانسان،ورجال يحاربون عاصفة في طبيعة قاسية،نجد في كل قصة أو حلم شخصيات ميتافيزيقية تكوينها ملزم وضروري لكل قصة،وكل الشخصيات الميتافيزيقية تبدو في مظهر الانسان الخير أو الفعل الخير بذاته الذي يأتي لوقف تدخلات الأنسان الأمر الذي يجعلنا نقول ان هذه الأشياء حتى لو كانت احلاما قد شاهدها الأمبراطور ولكن هذا لاينفي أبدا بأنه صاغها بطريقة معينة مضفيا عليها بعض الدقة...
فنحن نشاهد هواجس داخلية خاصة من الخوف من القنبلة النووية وحماقة الأنسان في التعامل مع اخيه الأنسان والطبيعة،كما أننا نجد كيراساو يحاول اقتناص العالم الداخلي والخارجي للوحات فان جوخ.
إذا هي لوحات فنية تلعب فيها الألوان والمشاعر الدقيقة دورا كبيرا،بحيث بدا فيلم أحلام مهذبا جدا في التعبير عن افكاره كأي لوحة فنية قد يكون أول أهدافها اقتناص الجمال.
بعيدا عن أي نقد وجه للفيلم،وللأسف فالنقد الغربي عامل الفيلم كسينما فقط ولم ينظر في العين الأخرى للفكرة الفنية للفيلم،لأن أفضل ما يقال عن فيلم أحلام بأنه فيلم عن الصورة نفسها...
الأمبراطور في الثمانين من العمر ولكنه يمارس النكوص الفني...أنه يعود الى الوراء ليحقق فيلما طموحا ثوريا ولكن على استحياء مثل اي شاب مقبل حديثا على فن السينما ويريد أن يثبت وجوده.
بلال سمير الصدّر
7/2/2015
#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟