أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حزب العمل الشيوعي في سورية - تدويل الوضع السوري ( المسألة السورية) تداعيات لجنة التحقيق الدولية و المخرج من المأزق















المزيد.....


تدويل الوضع السوري ( المسألة السورية) تداعيات لجنة التحقيق الدولية و المخرج من المأزق


حزب العمل الشيوعي في سورية

الحوار المتمدن-العدد: 1333 - 2005 / 9 / 30 - 11:14
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


اجتماع هيئة المكتب السياسي لحزب العمل الشيوعي في سورية أيلول - 2005
تدويل الوضع السوري ( المسألة السورية) تداعيات لجنة التحقيق الدولية و المخرج من المأزق

التدويل: قد نوافق أو نرفض في الوطن بكل أطرافنا على تدويل الوضع السوري أو قيام مسألة سورية على الصعيد العالمي - كما غدت هناك مسألة عراقية ولبنانية بالتتابع- لكن الآخرين (الأقوياء) قرروا عنا ذلك، وينفذونه فعلياً، فالتطورات تتسارع في هذا الاتجاه ويراد للتدويل أن يكون طريقاً لإجراء تغيرات حاسمة في الوضع السياسي السوري، وإن أول وأكثر من يحس بالأمر ، ويحاول التعايش معه أو التملص منه، امتصاص وتخفيف آثاره عليه بشكل خاص هو النظام السوري بعينه.
إن إصرار النظام على متابعة سياساته التدخلية ، القمعية الشاملة، والخاطئة في لبنان، أكثرها سوءاً خطوة التمديد لرئيس الجمهورية اللبناني، والتي افتقرت لأي ذكاء، أو استخدام صحيح للخبرة من منظور مصالح النظام، أطلقت ردود فعل أولية سريعة وواضحة في إطار التدويل للوضع السوري. فجاء القرار 1559 ليؤكد وضع حد، أو إنهاء سياسية الدور والنفوذ الإقليمي وليجبر النظام على انسحاب مذل بكل معنى الكلمة، ويضع هيبته في مهب الريح إقليمياً وداخلياً، لقد وجد النظام نفسه مجبراً على قبول القرار بسرعة وبدون شروط، فالقصة مختلفة عن الماضي تماماً.
أما مقتل الحريري وسلسلة المفاعيل اللاحقة، بشكل خاص لجنة التحقيق الدولية وتداعيات عمل القاضي (ميليس) في سورية فقد جعل التدويل حقيقةً تتقدم على الأرض بكامل مظاهرها، وكل هذا يزيد في وتائر التطورات الداخلية الخطرة، ويفاقم الأزمة، كما يجعل مسألة بلورة برنامج للإنقاذ الوطني والبدء بتنفيذه قضية بقدر ما هي شائكة وربما بدأت تخرج من يد العمل الوطني الداخلي بسبب شروطه، وكذلك بسبب تسارع الأحداث والضيق الشديد في الزمن المتبقي – بقدر ما هي ضرورية وملحاحة.

حقيقة المشهد السياسي السوري في آخر صوره:
قبل القرار 1559 كان الأمر فيما يتعلق بالوضع السوري من حيث الشكل والأهداف والمحتوى أمريكياً صافياً بدرجة حاسمة: مستوى التدخل، الاستراتيجية العاملة، محاولات الاختراق، الاستقطاب، السيناريوهات المطروحة والتكتيكات بين عسكرية وأخرى سياسية بحسب الشرط.
أما التدويل فقد أعطى الأمر بعض الاختلافات، وخلق ردود فعل وآثاراً مختلفة. وأول من يدرك ذلك ويتعاطى معه مضطراً هو النظام السوري أيضاً. بالنسبة لنا نقول:
1- على الرغم من وعينا ومعرفتنا بالدور الشمولي، الطغياني والهيمني للإدارة الأمريكية، كذلك دورها كمايسترو لأهم مراكز القوى العالمية، واعتراف الأخيرة بذلك واستجابتها لهذه الحقيقة، في إطار تناقضات المصالح ثم التوافق عليها، ضبطها وضبط الصراعات من الانفلات مجدداً بصورة عنفية ( فهذا خط أحمر ممنوع اختراقه). كل هذا لا يعمي عيوننا عن رؤية بعض الحقائق والفرو قات بين قرار وتدخل أمريكي صرف، وآخر دولي، كما لا يعمي عيوننا عن رؤية الأسباب والتطورات والحقائق الداخلية التي ساهمت في خلق الأزمة ومفاقمتها. إن وجهة نظرنا معروفة وقد تكون متميزة فيما يتعلق بالخطر الرئيسي القائم في الوطن والمتمثل بالصراع والاستقطاب بين استراتيجية إدارة أمريكية متشددة، واستراتيجية نظام ونهجه وطبيعته ومنطقه في مواجهة الأزمة، ذلك الاستقطاب الذي يقسم النخبة والقوى السياسية، والمجتمع جزئياً ، ويمنع تشكيل قطب أو قوة معارضة واحدة، ويضعف دورها كثيراً في إنجاز مهمات برنامج ديمقراطي وطني، مهمته المركزية إلغاء احتكار السلطة وقيام نظام ديمقراطي معاصر لكامل المجتمع، ذلك الاستقطاب يؤدي إلى ذلك بحكم إصرار العامل الخارجي الأمريكي على التدخل الكثيف والتمفصل أساساً على دوره، كذلك بحكم إصرار النظام على نهجه القمعي والشمولي والاحتكاري في إدارة الأزمة، والاستمرار في عزل المجتمع والمعارضة مما يسمح بوجود رأي ومنطق في أن عملية الانتقال الديمقراطي مغلقة في سورية بسبب النظام، ولا مخرج إلا عبر العامل الخارجي ( الأمريكي تحديداً). كل ذلك يعني أن الأمر ليس أمر مؤامرة خارجية من حيث الجوهر بل هي أولاً وأساساً مسؤولية نظام في توصيل الوطن إلى شروط محددة جعله عرضةً لكل ما هو قائم من التدخل والاستقطاب ثم التدويل والمخاطر اللاحقة.
2- إن تدويل الوضع السوري وخلق مسألة سورية دولية، لا يخلق أبداً من حيث الجوهر شروطاً مختلفة لوقف مخاطر الاستقطاب الداخلي واندفاعه المحتمل إلى حرب الجميع ضد الجميع. إذ لا تزال الاستراتيجية الحاسمة العاملة في القرار الدولي هي استراتيجية الإدارة الأمريكية بأهدافها ووسائلها وتكتيكاتها ومستوى تدخلها ، فالإدارة الأمريكية الآن هي المحتاجة للقرار الدولي، والشرعية الدولية خاصةً وأن شروط عملها في العراق تبدو أكثر تعقيداً من المتوقع بكثير، وشروط الساحة السورية بحد ذاتها غير ناضجة مما يفترض قيام تكتيكات حركية في التعاطي مع هذه الساحة. فالعامل الأوروبي حتى في العراق لم يستطع لجم الوسائل الميكافيلية الأمريكية (العنف والحرب) عندما قررت الإدارة التدخل على الرغم من غياب قرار دولي ورفض العالم إعطاء شرعية للتدخل، وفي سورية أيضاً لن تستطيع أوروبا ذلك إن قررت الإدارة التدخل، وفي أحسن الحالات قد تسحب غطاء الشرعية، وعلى الرغم من اشتراك أوروبا وموافقتها الآن على تدويل الحالة السورية فإن ذلك لم يحد من مستوى التدخل الأمريكي، وقطبية التناقض والصراع والاستقطاب وآثاره السلبية في سورية، إن التدويل لم (وباعتقادنا) ولن يخلق قوة أخلاقية وسياسية وإعلامية مختلفة حقيقةً عن الحالة الأمريكية لإنقاذ الوضع السوري من المخاطر المحتملة ووقف الاستقطاب والانقسامات في الصف الوطني ووقف احتمال الحرب الأهلية. إن التدويل لم يخلق قوة دولية واستراتيجية مختلفة (حتى الآن) لتعمل على الانتقال التدريجي الآمن في سورية، وتهيئة الأداة أو القوة الوطنية القادرة على ذلك.
3- لكن من الواضح أن للقرار الدولي قوة فعل مختلفة، ومدلولات مختلفة، فعندما ينضم العالم الآخر الفاعل إلى الإدارة الأمريكية بقرارات موحدة ، وعلى الرغم من التأثير الأمريكي الحاسم، فإن الأمر يأخذ بعداً أخلاقياً، وأبعاداً سياسية مختلفة، كما مدلولات مختلفة (على الرغم من القيمة الجزئية لكل وجه)، هذا يعني الآن أن هناك قراراً دولياً ( وبدون عقبات في إطار التناقضات الدولية) لحسم الحالة السورية سريعاً. وعندما نعتقد أن هناك فروقات هامة بين المركز الأمريكي والأوروبي بعلاقة كل منهما بالنخب الثقافية والسياسية والإنسانية والديموقراطية والأخلاقية القائمة، ودورها في سياسات النظم، تصبح مقاومة الأمر أكثر صعوبة، يصبح الفصل بين الأطراف وأهدافها وقيمها ودوافعها صعباً، تصبح إمكانات العامل الوطني، والديموقراطي على اللعب بالتناقضات صعبة، إذ تكاد تكون الأطراف موحدة في إطار الشرعية الدولية، وهذا بحد ذاته يعقد شروط عمل القوى الديموقراطية والإنسانية العالمية التي قد تكون متنبهة مثلنا على مخاطر الاستقطاب داخل الوطن السوري.
4- لكن ما هي وجهات النظر القائمة تجاه لجنة التحقيق، وأعمال القاضي (ميليس) والنتائج المتوقعة؟ نعتقد أن هناك رأيين أساسيين خاطئين، هما وجهان لعملة واحدة، ويساهمان في اشتداد أزمة الوطن بسبب اشتقاقهما واصطفافهما على الاستراتيجيتين المتصارعتين. الرأي الأول القصوي يرى الأمر برمته أمر قرار أمريكي مسبق تجاه النظام السوري وسوريا، يقوم على التناقض مع مواقف النظام في المسألة الوطنية وتكتيكاته من أجلها في لبنان، فلسطين، إيران، بشكل خاص مع الإسلاميين المتشددين والمقاومين للمشروع الإسرائيلي والأمريكي فهذا التناقض يتقدم كل شيء، وتسبب في كامل الدوافع والسلوك والممارسات الأمريكية والإسرائيلية، خلق أزمة الوطن، وهنا الوجه الرئيسي فيها، مما يحدد المهمة المركزية أيضا بصفتها مقاومة العدوان الأمريكي، وضرورة الالتفاف حول النظام ونهجه، الذي تقع عليه المؤامرة بشكل أساسي، أو التحالف معه على هذه الأسس، فالخطر داهم ولا يسمح بوجود أي معنى لأي مهمة أخرى، فالوطن بكامله ( جغرافيا ، سكان ، سيادة ، ثقافة ، مستقبل ) مجتمع، نظام، معارضة مستهدف، بحسب التعبير الشائع: سوريا برمتها يجري اغتيالها الآن، فلماذا نضيع وقتنا في مسألة المعارضة والديموقراطية، نضيع وقتنا في حوارات سفسطائية، بينما العدو على الأبواب، يريد أخذ الجميع بفعله. هذا الرأي مشتق كلياً من استراتيجية ونهج وممارسات النظام ورؤيته ( بالتغاضي عن وعي أو عدم وعي أصحابه لذلك ).
أما الرأي الثاني القصوي، فيرى أن عمل (ميليس) هو عمل قضائي صرف، هو عمل أخلاقي يقوم به المجتمع الدولي لكشف جريمة اغتيال شنيعة، إن كل ما يتعلق بالجريمة أمر سياسي، وعقوبته سياسية وجنائية عامة وشخصية بحسب المسؤوليات، ولا علاقة للأمر بالتالي باستراتيجية أمريكية، أو قرار أمريكي بالتدخل مسبق أو غير مسبق، وفي كل ذلك لا مخاطر على الوطن،
هي على المسؤولين عنها أياً كانوا، والأمر الآن بيد العالم الأخلاقي الذي يرى أنها مسؤولية النظام ، وسيطيح به كنظام شمولي ديكتاتوري قمعي بسب مسؤوليته المحتملة أو المؤكدة. وسيشرف هذا العالم على إدارة التطورات السياسية في سوريا بصورة آمنة وسلمية. فلماذا هذه المبالغات في الخطر؟ لماذا هذا السحب للخطر من النظام إلى الوطن؟ لماذا هذه التحليلات الخاطئة والتي تشوش على لجنة ميليس ونتائجها الأخلاقية، إن كان في لبنان أو سوريا بشكل خاص؟ كذلك نعتقد أن هذا الرأي مشتق من استراتيجية الإدارة الأمريكية وممارساتها ( بالتغاضي أيضا عن وعي أو عدم وعي أصحابه ). كلا الرأيين لن يفعلا إلا خلق المزيد من التحفيز على الاستقطاب، وقسم المجتمع والنخبة والمعارضة، وتسريع التطورات باتجاه المخاطر المتوقعة.
5- بالنسبة لنا نعتقد أولاً وقبل كل شيء بأن هناك ضرورة حتمية لإجراء تحقيق
سريع، نظيف وشفاف في هذه الجريمة، كما نتمنى أن يحصل في أي جريمة أخرى، ونعتقد بضرورة عزل هذا التحقيق عن أي ممارسات تساومية، أو ابتزازية سياسية، في لبنان أو سوريا، كما نعتقد بضرورة إيقاع عقوبات جنائية في أي مسؤول له علاقة مباشرة، أو غير مباشرة، أوفي شاهد كان يستطيع منعها أو الحد من مخاطرها، أو تستر عليها لاحقاً ( أي تطبيق كل ما يتعلق بالأصول القانونية الجنائية لجريمة ) لكننا نميز ويجب أن نميز بين أن يكون الأمر تحقيقاً جنائياً في جريمة سياسية بامتياز، وضرورة معاقبة المسؤولين عنه. وأن يتحول أو يكون واسطة أو طريقاً أمريكياً بشرعية دولية للمزيد من التدخل وتشجيع الاستقطاب، وإضعاف العمل الوطني وتبديد الطاقة الوطنية، لفرض سياسات أمريكية، أو مشروع أمريكي، أو استراتيجية عمل أمريكي قائمة فعلياً، ونراها ضارة وخطرة من حيث المحتوى الحقيقي لأهدافها، ووسائلها، علاقاتها ومعاييرها السياسية تجاه قضايانا السياسية المختلفة.
الدوائر السياسية العالمية والإقليمية مهتمة جداً بمحتوى تقرير ميليس، مهتمة بالآثار التي ستنجم عنه، تكن الدوائر السياسية في الوطن أكثر اهتماماً وتحفزاً، أكثر ترقباً، ونحن بدورنا على درجة عالية من الاهتمام والتقدير لمخاطره، ونعتقد أن سوريا ستشهد تطورات متسارعة خطرة بدأت من الآن، المجتمع السوري بدوره مستنفراً داخل بيوته بسبب العزلة والقمع، مع أنه شهد العديد من تفاصيل التجرؤ على السلطة، كما العديد من الانفجارات على أرضية الاحتقان والشحن العصبي المتخلف، الطائفي وغيره. المعارضة السورية بدورها مستنفرة، لكنها وللأسف لم تفعل شيئا هاما أبداً. فلا تزال غير موحدة الصفوف، ولم تتحول إلى قطب، أو قوة ظل حاضرة في الأزمة بالحد الأدنى المطلوب، لا تزال تعيش على الانفعالات، وردود الفعل على سياسات الأطراف الفاعلة، لا تزال تعيش حالة الانقسامات، والحساسيات والمنطق القديم الجامد والمتخلف في العمل الوطني الديموقراطي المعارض، وهي بذلك عاجزة عن التقاط أنفاسها لطرح مشروع إنقاذ موحد، لطرح مشروع حوار وطني شامل. عاجزة عن الرد على سياسات النظام وقراره الأخير بمنع أي اجتماع أو حراك، عاجزة عن تشكيل هيئة تنسيق مشتركة بسيطة على الصعيد السياسي. لا تجري أي حوارات جادة أو متواترة بين صفوفها ، وهي منقسمة على توافقات العمل الوطني، ولا تجري أي جهد لوقف ذلك الانقسام وتوحيد الصفوف، هذه مسائل مطلوبة من المعارضة فوراً لتلعب دوراً في هذه اللحظات الخطرة والمستوى الخطر من الأزمة والمأزق الذي وصله الوطن، بل عليها أن تبدأ عملية هجوم برنامجي وحواري إنقاذي.
الأطراف الفاعلة لديها خياراتها بالتأكيد. للإدارة خياراتها، قرارها، تكتيكاتها ووسائلها. النظام بدوره عنده خياراته، وهو أكثر الأطراف تنبهاً لاتجاهات تطور الأزمة وتأثيراتها عليه، ويعمل بالمقابل على أكثر من صعيد، صعيد تقديم التنازلات للإدارة الأمريكية، والسعي الهائل ليكون خيارها من داخله، يسعى النظام مستبقاً قرارات الإدارة وتكتيكاتها فيما يتعلق بنتائج عمل اللجنة، ليطرح مساومات مختلفة بين الحد الأدنى والأقصى، وليس السعي السعودي والمصري إلا جزءاً من ذلك. وزيارات أكثر من شخصية سلطوية إلى الخارج محملين بأوراق عمل هو جزء من هذا الجهد، بل إن قبوله بمجيء ميليس في إطار الشهادة وليس الاتهام، جزء أساسي من سياسات التعاطي والاهتمام. بل أخذ الأمر من جهة النظام أبعاداً أخرى. فهناك محاولات لجس نبض المعارضة، وفتح حوارات مع أطرافها، فنحن رصدنا هذا الأمر وحقيقته، كما أن هناك بداية لقاءات مع فعاليات مختلفة في المجتمع. صحيح أن الأمر لا يزال حتى الآن بدائياً، كواليسياً، ويطلب أن يكون سرياً بحجة عدم إفساح الفرصة لتدخل جهات سلطوية وتخريب الأمر. وكل هذا منسجم مع منطق احتكار السلطة، لكن وفي كل الأحوال له دلالاته الهامة على مستوى استشعار النظام للأزمة ومخاطرها عليه، حتى ما قيل ويقال عن خطوط حمراء تجاه الحركة الدينية ( تحديداً الأخوان المسلمين ) أو الحلقة الكردية، أو حتى الخط الأمريكي. نلحظ مرونة في التعامل معها بأشكال مختلفة، ( السيد زهير سالم ، والسيد العريضي في برنامج واحد على طاولة واحدة ، ومرونة عالية في الحوار )، كما سمعنا عن لقاءات أمنية مع أكثر من طرف كردي متشدد في خطابه، كل ذلك في إطار البحث عن خيارات في هذه الشروط الخاصة والصعبة.
كيف نخرج من المأزق؟ كيف نساهم في إنقاذ الوطن؟
في الإجابة على السؤال سننطلق من عدة اعتبارات، افتراضات، حقائق، حتى ولو كانت أولية وبسيطة. كما سنعتمد عدداً من المبادىْ والأسس، لنحاول الوصول إلى أهداف محددة جوهرها فتح عملية أو سياق إنقاذ وطني جاد وشامل .
أولا : افتراضات وحقائق
- نفترض هنا أن عمليات تمهيدية للحوار بين السلطة والمجتمع والمعارضة قد بدأت، أو عمليات جس نبض من أجل ذلك، وهكذا نجد ضرورة في تقديم التصورات التي يجب أن تحملها المعارضة، أو تصوراتنا التي نطرحها بأنفسنا وندافع عنها الآن، مفضلين دائماً آن تكون المعارضة طرفاً واحداً أو قوة موحدة ببرنامج واحد وتصورات إنقاذية واحدة.
- نفترض أن المعارضة يجب أن تبدأ ( وهي تأخرت كثيراً ) هجوماً أخلاقياً وسياسياً لبرنامجها الإنقاذي، ومشاريعها المتعددة بسلوك عقلاني مرن، تحاول إشراك أوسع القطاعات في الحوار، ولا يوجد تناقض بين ضرورة استمرار نشاطها المستقل وممارسة الضغط على النظام، وبين فتح حوار معه والتقدم بمشروع إنقاذي للوطن والمجتمع.
- نفترض أن خيار النهاية الصغرى الممكن أو المحتمل، أو المتاح قد بدأت شروطه بالتحقق، فنعتقد أن السلطة قد أدركت حدود الخطر الواقع عليها بالذات، أدركت ضيق الخيارات المطروحة أمامها، وكل المؤشرات تؤكد أنها تحاول البحث عن المخارج الممكنة، على الرغم من قناعتنا أن نهجها الديكتاتوري والشمولي، ونهج احتكار السلطة، والبحث عن المصالح الضيقة لا يزال الحاسم في ترتيب أو تحديد أولويات الخيارات: على رأسها المساومة وتقديم التنازلات للإدارة الأمريكية كي يكون خيار الأخيرة من داخل النظام، وكي توقف قرارها بتصفيته،على الأقل الوصول مع الإدارة إلى مساومة الحد الأدنى الممكنة التي تسمح بحماية النظام عبر أهم رموزه، وفي نفس الوقت تجد السلطة نفسها مضطرة للتفكير بمقاومة أو الاستعداد لمقاومة مشروع الإدارة في حال إصرار الأخيرة، ومتابعتها لاستراتيجيتها وقرارها وتكتيكاتها في تصفية النظام وعدم لحظ أي مصلحة له، وفي هذا الإطار ربما وصلت السلطة إلى قناعة بضرورة البدء بفتح حوار مع المجتمع والمعارضة للاستقواء بهما. ونحن نعتقد أن جميع الخيارات التي تبحث عنها السلطة، إن كان المساومة والخضوع لابتزاز الإدارة وإجراء تسوية معها، أو خيار السلطة في إدارة الأزمة متفردة لمقاومة مشروع الإدارة نعتقد أنها كلها لا مستقبل لها، وفي أحسن الحالات ستتابع الإدارة ابتزاز النظام في إطار أي خطوات تكتيكية تساومية، بانتظار الشروط المناسبة لإزاحته تماماً. بذلك المعنى ربما أدركت السلطة أو بعض اتجاهاتها أن هناك ضرورة على الأقل لجس نبض المجتمع والمعارضة وإجراء حوارات تمهيدية. لأن خيار الاستقواء بهما قد غدا مفيداً حقيقة، أو أن خيار اشتراك الجميع بحلول إنقاذية قد غدا بدوره مفيداً أيضاً.
ثانياً: بعض المبادئ والأسس
1- ضرورة إجراء حوارات شاملة مع كامل الطيف السياسي الموجود في الوطن بدون شروط بشكل خاص الآن بين المعارضة والنظام .
2- عملية الحوار والإنقاذ تتطلب من البداية اتفاقاً على عدد من الأسس والمبادئ والتوافقات السياسية العامة مثل:
- رفض العنف والحلول العسكرية من الداخل والخارج.
- الانتقال الديمقراطي المطلوب : سلمي، تدريجي( وآمن).
- آمن، بمعنى أنه يأخذ بعين الاعتبار أساساً ضرورة قطع أي احتمال للحرب الأهلية ومخاطرها، منع تقسيم المجتمع وقواه وإضعاف الطاقة الوطنية مما قد يضعف الوطن ويؤدي إلى تسليم مستقبله إلى قوى خارجية.
3- عملية إلغاء احتكار السلطة، وإلغاء آثارها بصورة آمنة وتدريجية مسألة لها الأولوية، تعبر عن المهمة المركزية للمجتمع والمعارضة، وتسمح للنظام عبر القوى صاحبة المصلحة فيه ، بالاشتراك الفعلي في ذلك، تسمح بأخذ مصالحه بعين الاعتبار وأن يلعب دوراً ندياً وقانونياً في مستقبل الوطن.
هذه العملية مفتاحية لأي موضوع آخر وهي ضرورية ولها الأولوية ليس فقط لحاجتنا إليها مجدداً من أجل تعزيز الوحدة الوطنية المتهالكة، أو تعبئة القوى لمواجهة مخاطر العامل الخارجي، أو إطلاق طاقة داخلية لإنجاز برنامج شامل. إنما لأن الديمقراطية ومهمة إنجازها قيمة بحد ذاتها ولم يعد يجوز تقديم أي حجة لتأخيرها.
4- أهم التوافقات التي يجب الحوار والاتفاق عليها هي : مسألة الانتقال الديمقراطي الآمن بإلغاء احتكار السلطة وقيام نظام ديمقراطي معاصر لكامل الوطن - دور العامل الخارجي والتمييز الواضح بين عامل خارجي وآخر، بين عامل تدخلي يزيد في أزمة الوطن، وآخر يساعد على حلها بشكل آمن، يجب بشكل خاص الحوار وتحديد موقف من العالم الأمريكي - حوار حول مرجعية العمل الديمقراطي وقضايا حقوق الإنسان، ونعتقد أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والوثائق الدولية المتعلقة بذلك، تشكل أساساً ومرجعية قادرة على وقف تقدم العصيبات المتخلفة، قادرة بالمقابل على رفع سوية الوحدة الوطنية- حل مسألة الأقليات في إطار ديمقراطي وطني، في إطار وحدة الوطن وسيادته.
ثالثاً: آليات الإنقاذ وبعض المسائل البرنامجية.
1- تشكيل (هيئة عمل وطني للإنقاذ) من النظام والمجتمع والمعارضة، تتمثل فيها جميع التيارات الفكرية السياسية دون استثناء ودون خطوط حمراء على أحد إذ علينا التمييز بين تيارات، آراء وخيارات سياسية لها كامل المبررات في الوجود وبين خطئها وصوابها، والضرر الذي يمكن أن تأتي به، موافقتنا أو عدمها عليها. بشكل خاص يجب عدم استثناء ( التيار الديني وحركة الإخوان المسلمين، الحلقة الكردية، تيار الخيار الخارجي بمختلف تلويناته حتى الأمريكي منه) الاستثناء يشمل فقط التيارات والفعاليات والأشخاص الذين يرفضون الخيارات السلمية الآمنة، ويطرحون بالمقابل خيارات عنيفة أو عسكرية داخلية أو خارجية، أو يوافقون عليها، فالاستثناء أو الاستئصال أو الإقصاء يعيدنا إلى نهج احتكار السلطة، ويبقي المبررات والاعتبارات قائمة في وجود خيارات ترى الدور الرئيسي في التغيير للعامل الخارجي، إن إطلاق عملية أو سياق إلغاء احتكار السلطة سيلغي بدوره مثل هذه الخيارات، خاصةً وأن التمثيل الشامل في الهيئة يجعل الجميع أندادا ًفي البحث عن مخرج.
2- ليس مهماً من الذي أطلق أو سيطلق العملية، لكن نعتقد أن السلطة - الطرف الأكثر قوة وتحكماً وشعوراً بالأزمة- يجب أن تطلقه وتبدأ تنفيذه بالحوار والاتفاق مع الآخرين.
3- ليس مهماً الآن كيفية تمثيل المجتمع والمعارضة والنظام، أو من هو الأقوى أو كيف يجري الاختيار هذا موضوع يحله الحوار التمهيدي الذي يجب أن يجري بسرعة، فليست مشكلة أبداً عندما تكون للنظام الحصة الأكبر في هذه الهيئة المهم هو الاتفاق على برنامج عمل الهيئة، أولوياته، والمبادئ التي يقوم عليها، وآفاقه الزمنية.
4- عندما يبدأ تشكيل الهيئة المعنية، يجب اعتبارها مفتوحة، لاستكمال النواقص وتلافي الأخطاء واستكمال التمثيل.
5- من المهمات الأساسية للهيئة، إعادة الاعتبار للمجتمع والمعارضة، وتكوين أداة أو مؤسسة موثوقة داخلياً وخارجياً، قادرة على إطلاق طاقة فعل وطني تنفذ برنامج الإنقاذ، وتحمي الوطن من المخاطر الخارجية والداخلية المحتملة.
6- الهيئة أداة فعلية لإدارة الأزمة، تجري حوارات في اجتماعاتها وتقسيم عمل في صفوفها، تتفق على المهمات والخطوات المطلوبة وآليات تنفيذها والمؤسسات المعنية بذلك.
7- تعمل الهيئة أساساً على إلغاء احتكار السلطة بصورة تدريجية سلمية وآمنة أي خلق سياق مختلف عن الماضي وذلك في العمل على عدد من الملفات الفورية والسريعة من جهة والذي يحتاج إلى دقة وعمل تدريجي وهادئ من جهة أخرى.
- الملف الذي يحتاج إلى إنجاز تدريجي هو إلغاء المادة الثامنة ومجمل جوانب الدستور والقوانين الأخرى الملحقة، ورسم آفاق زمنية لكل خطوة.
- أما الملفات الساخنة والفورية والتي يجب أساساً أن يبدأ النظام بإنجازها فوراً فأهمها :
* ملف الاعتقال السياسي لطيه كلياً عبر إطلاق سراح معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين، التأمين الفوري لمطالب المعتقلين والملاحقين السابقين، حل إشكالات المتوفين والمفقودين.
* ملف المنفيين بالسماح لهم بالعودة غير المشروطة فوراً.
* ملف الإعلام بتطويره وجعله ديمقراطياً بدايةً من حصص فعلية للمعارضة وفعاليات المجتمع.
* ملف الفساد عبر لجان تخصصية من الهيئة بالتعاون مع الإعلام والقضاء.
* إعطاء كل قوة سياسية أو تنظيم أو فعالية حق إصدار نشرة خاصة بها تراقب موضوعاتها بعد توزيعها.
* تحسين المستوى المعيشي للكتلة الشعبية.
* العمل على (قوننة) قانون الطوارئ، بإلغاء أي دور له في العمل السياسي الداخلي وقصره على قضايا الأمن والتجسس الخارجي.
من الملفات الهامة أيضاً إصلاح القضاء والقيام ببعض الخطوات السريعة فيه: ملف قانون عصري للأحزاب بشروط سهلة- قانون ديمقراطي للمطبوعات.
كما تعمل الهيئة خلال المرحلة الانتقالية بالتعاون مع مجموع القوى الاجتماعية على قيام مشروع تنمية اقتصادي شامل يجد للوطن موقع قدم في العولمة وبين مراكز القوى وتقسيم العمل الاقتصادي العالمي.
كما تعمل على مناقشة كل ما يتعلق بقضايا قطاع الدولة: تخليصه من أزماته الاقتصادية والاجتماعية، دمجه في التطورات الجديدة، قطع الطريق على أي أزمات قد تنشأ بسبب التعاطي الخاطئ مع هذا القطاع.
وبالتدريج تتوصل الهيئة إلى برنامج ديمقراطي وطني شامل وإلى الأسس القانونية والسياسية لنظام ديمقراطي معاصر.



اجتماع هيئة المكتب السياسي لحزب العمل الشيوعي في سورية
أيلول –2005



#حزب_العمل_الشيوعي_في_سورية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الآن -العدد (31) أيلول 2005
- بيان اثر اعتقال بعض ناشطي (خميس الاعتصام) في طرطوس
- نداء إلى أبناء وطننا السوري حيال أحداث القدموس الثانية
- الآن العدد 29
- بيان صادر عن حزب العمل الشيوعي ـ المكتب السياسي
- الآن العدد28
- بيان من حزب العمل الشيوعي
- الآن العدد (27) أيار
- نشرة الآن العدد 26
- الوطن في خطر دعــوة الى حـوار وعمــل انقـاذي مشتـــرك
- العدد 25نشرة الآن
- نشرة الآن- العدد 24
- الآن
- الآن العدد 22 / تشرين الأول 2004
- الآن – العدد 21 – أيلول 2004
- حزب العمل الشيوعي في سورية يتقدم بورقة حوارية وموقف من -الور ...
- -بيان- حول مسألة حزب يساري من طراز جديد
- - ورقة دعوة- من أجل المساهمة الندية والديموقراطية
- أهلاً بالرفيق عماد شيحا معنا وأهلاً قريبة بالرفيق عبد العزيز ...
- نداء بصوت أعلى من أجل تطوير حركة المعارضة الديمقراطية


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حزب العمل الشيوعي في سورية - تدويل الوضع السوري ( المسألة السورية) تداعيات لجنة التحقيق الدولية و المخرج من المأزق