|
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا-رواية-17-
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4804 - 2015 / 5 / 12 - 00:08
المحور:
الادب والفن
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية- 17- ****************************** صار حي أرض الدولة وكرا لبائعي وتجار المخدرات الصلبة في زمن قياسي ، تناسل بائعوها من بين براعم الطفولة البريئة وأصبحوا يتبرعمون كزهر الخشخاش . يتضخم عددهم يوما عن يوم ، توارى الأشقياء الكبار ليتركوا الطريق ممهدا للأطفال . انقلبت الصورة خلال ايام معدودات ، في البداية كان البائعون من ذوي السوابق الجنائية ، يخيفون الناس اذا نظروا اليهم . فهم رواد سجون ويستوي لديهم السجن بالحرية ، كما تستوي لديهم وجوه مشوهةةبسكين او بشفرة حلاقة ووجوه طبيعية . ثم انتقلت العدوى الى الشباب الذي وجد نفسه بلا أفق ، ولا مستقبل ، عاطل عن العمل . دخلوا التجربة . وكيف لا يدخلونها وهي تجارة تبيض ذهبا ؟. يفكرون في العواقب ويدركون أنهم اذا تم القبض عليهم فسوف يقضون ما تيسر من عمرهم وراء قضبان زنازن المملكة ، لكن الربح السريع له اغراء لا يقاوم . والحياة المعاشة لها غوايتها التي تحجب حياة مفترضة . يقول المقبل على بيع المخدرات الصلبة في نفسه ، سوف أتاجر لبضعة أيام وأجمع مبلغا محترما قبل أن يتعرف علي رجال الشرطة ، ثم أتوقف . ولا يدري انه بمجرد ما يضع يده فيها ويبدأ في تجارة الموت سيكون اول من يسقط فس شباك السلطة المثقوبة ، والمعدة أساسا للأبرياء والسذج امثاله . يمارس بيعه لأيام ، يقارن مدخوله اليومي أو الأسبوعي فيجده مدخولا خياليا ، ففي أسبوع واحد امتلآت جيوبه بالمال ، واستطاع شراء آخر تقليعة من حذاء رياضي يحمل علامة نايك ، لقد دخل عالم الرفاهية ، يذهب مع أصدقائه لأفخر المطاعم ، يأكل أغلى المأكولات ، يتعرف على فتيات مراهقات قاصرات جميلات ولذيذات ، انه عالم كان محروما منه . تتلوى عليه يوط العنكبوت ، تأسره ولا يستطيع منها فكاكا . يقبضون عليه ، يزجونه في السجن بعد الضرب واللطم والركل والرفس ، والكلمات النابية ، يصبح هو الممون الرئيسي للمخدرات ، ويتحول الى محترف في خمسة أيام أو أسبوع . يملأون له ملفه ويرسلونه الى السجن بخمس سنوات ثقيلة . لم يترك لأسرته ثمن القفة . أمه تبكي ، تنتحب ، تولول ، تصرخ : ابني بريء . لقد غرروا به وقدموه كبشا للفداء يا صديقتي ، يا جارتي ، يا حبيبتي . لا ابني بريئ لم يتاجر في هذه المخدرات الملعونة تصرخ في وجههن جميعهن . محت من ذاكرتها علامات النعمة/النقمة التي برزت على ابنها في الاونة الأخيرة . هيجان الكبد وحرقته وحدها ما يوجهها ويؤثر على نزعات الأمومة لديها . أبناء طنجة مشهورون بحبهم للألبسة المستوردة ، سرعان ما يقعون ضحية الغيرة اذا ما شاهدوا صديقا لهم بلباس جديد لشركة عالية ك"أديداس" و"بوما "و"لا كوست "قبل صعود نجم" نايك" . يريد الجميع أن يلبس الألبسة الغالية ، يتنافسون فيما بينهم لدرجة ينخدع معها الكثيرون من ابناء الداخل وهم يشاهدون مواطنين يلبسون على أجسادهم ملابس يقدر ثمنها بأجرة شهرين من العمل . لكنهم لا يعرفون أن أغلبهم لا يملك درهما واحدا في جيبه . بدأ الأطفال يتطفلون على من يكبرهم سنا من بائعي المخدرات يغبطونهم على الأموال التي يستدرونها من هذه التجارة القذرة ، وينبهرون لنوعية ألبستهم ، وخاصة الألبسة الرياضية . ووجد فيهم الشباب البالغ فرصة ذهبية لاستغلالهم في بيع المخدرات ، وصار البائعون جيش من القاصرين . يحملون السكاكين والسيوف والكريموجين ويتجمهرون حول بعضهم يلعبون ويقهقهون كأن الأمر عادي جدا . لا أحد يفكر في العواقب ، وهم يجهلون تماما قواعد اللعبة . ما يعنيهم الآن هو الدخول الى عالم المظاهر ، واكتساب المال ، السجن لا يهم . فكثير منهم يعتبر نفسه سجينا في سجن كبير لا أسوار له . البطالة موروثة ، والعوز والفقر موروثان ، فماذا سيخسرون ؟ .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا-رواية -16-
-
الرموز تلك السجون اللامرئية :قراءة في عنف رموز السلطة في الم
...
-
الصحافة العربية المريضة
-
محمد صالح المسفر والسقوط المدوي لعرب الخليج
-
الانتخابات في المغرب بين المشاركة والمقاطعة :نحو عقلية جديدة
...
-
هل تسطيع الشعوب العربية الاستفادة من منجزات ايران ؟
-
فخ ايران اليمني
-
العرب بين المعنى والتسعير
-
جنت براقش على نفسها
-
قصيدة الغد بين محمود درويش وشارل بودلير
-
الأمة العربية في رحلة الى الجحيم
-
الشعر نبض الحياة
-
لي أخ لا أعرفه
-
نحو بناء مثقف جديد-2-
-
من تداعيات جائزة الشعر لاتحاد كتاب المغرب
-
أهلا بالعرب يف امبراطورية ايران
-
نحو بناء مثقف جديد
-
اللعنة
-
الشعراء يُحزنون الحزن
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -15-
المزيد.....
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان
...
-
الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل
...
-
فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل
...
-
-سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال
...
-
مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م
...
-
NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
-
لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
-
فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر
...
-
هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|