أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد مسافير - أزمة التعليم كما لم تناقش من قبل














المزيد.....

أزمة التعليم كما لم تناقش من قبل


محمد مسافير

الحوار المتمدن-العدد: 4803 - 2015 / 5 / 11 - 17:09
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


نُقَيِّم أداء التلميذ بمستوى تعبئته بأكبر قدر من المعلومات، ونعتبر الامتحان جسرَ عبورٍ أو حاجزٍ مانعٍ، أو بمعنى آخر غربال يعمل على مبدأ الاستحقاق، وذلك باعتماد سُلم تنقيط.
لكن، عندما نتأمل قليلا النظام التعليمي ككل، ونتائجه المأسوية، ندرك أن هذا النظام لا يحسن التمييز بين مختلف المراحل العمرية وحاجاتها المتباينة، رغم الزعم المتعالي على اعتماد أحدث البيداغوجيات، إلا أن واقع حالنا لا يبشر بالحسنى.
سأحاول التطرق إلى الموضوع من وجهة سيكولوجية محضة.
إن إضفاء طابع الجدية على مرحلة الطفولة، وانتظار نتائج إيجابية على مستوى التحصيل، يعتبر بمثابة تقديم للرسالة التعليمية على طبق من الاستهتار التربوي، (الطفل ذو السبع السنوات، ليس هو طفل العشرين).
تتميز مرحلة الطفولة بالنشاط الزائد والحركية النزقة، أي أن أي محاولة لإخراج الطفل من عالمه الخاص، بأوامر شاذة، يعني الجهل المميت، وهو السبب المباشر في أغلب حالات الهذر المدرسي، كذلك فإن الطفل المتزن الذي يبدي الجدية في ريعان طفولته، يعتبر في علم النفس، إنسانا غير سوي، إلا أننا نجد أغلب الأطر التربوية يفضلون النوع الأخير لِما يوفره من جو هادئ يساعد الأستاذ على تسلطه المطلق وتوجيه العملية التربوية على هواه، ظنا منه أن دوره مرتكز على إيصال المعارف إلى المتعلم، وليس مساعدة المتعلم على الوصول إلى المعارف المبتغاة، علما أن القاعدة المعرفية تقوم على أساس أن المعلومة التي اكتشفها المتعلم بنفسه تكون أكثر رسوخا من المعلومة الملقنة.
مدارسنا التعليمية متشبعة بالطرق التقليدية في التعليم، أي أنها شأن تعليم المسيد، تولي أهمية بليغة للكم (إنهاء الكتاب المدرسي) دون الكيف (تمكين المتعلم من كفايات محددة).
إن الكم المعرفي الذي تتضمنه المواد الدراسية هائل، إلا أننا نجد خريجي المدرسة الابتدائية لا يتذكرون منها إلا ما يقارب 10 في المئة في أحسن الأحوال، ما يعني هدرا مقيتا للطاقة، جعجعة بدون طحين.
لكن السؤال المركزي المطروح هنا، لماذا غالبا ما نلقى تراجع مستوى المتعلمين بعد اجتيازهم لامتحان شهادة الابتدائي؟ هل السبب في ذلك هو إقبالهم على سن المراهقة كما هو شائع؟
سن المراهقة، أم الإرهاق الذي تتسبب فيه المؤسسات التعليمية، والضحية هي المتعلم.
إن سلوك المراهق هو صائب مهما بدا مخالفا للأعراف، إنه تمرد على الأسس التقليدية، على العقلية المنحطة، على المجتمع الذي لا يتفهم متطلباته، فحيث يعاني في طفولته داخل أسرته التسلط المطلق، والتدخل اللامشروط في كافة مناح شخصيته، ثم يلقن في المدرسة أشياء لا تستهويه، مُمِلة وحامضة، حتى تغدوا في نظره شبحا يرتاده المغضوب عليهم، ويحسها عبئا لا تطيقه ساعديه، انضباط لا يستسيغه، واجبات منزلية تغيظه، امتحانات لا تنصفه.
لذا، فإن أول إقباله على مرحلة التغيرات الفسيولوجية الحادة، تصاحبه رغبة في الانتقام، رغبة في تحطيم الأغلال، في التحرر، ولكن مماذا؟ من انضباط الأسرة، من روتين المدرسة، من كل ما نَعُدُّه جميلا، وهنا يحدث الفشل المدرسي والمجتمعي عموما.
عندما تنتزع المدرسة الطفولة من صاحبها، فإنها ترتكب جرما خطيرا؛ يجب على الطفل أن يلعب كما يشاء، يجب عليه أن يتحرك في القسم على هواه، يجب أن تطلق يداه، أن يكتشف القسم بنفسه، أن يتحسس محيطه، أن لا ينظر إلى المدرسة إلا كأم حنون ترعاه، أن ينصت إلى الموسيقى، أن يغني، أن يصرخ دون معترض.
عندما تتحول المدرسة إلى ملهى للطفل خال من الانضباط المميز لسن الرشد، يزداد اشتياقه لها، وتنتفي مبررات الهذر، إلا في حالات شاذة تحال إلى مؤسسات خاصة.
ينبغي على المؤسسة أن توفر مجالات ترفيهية وتثقيفية تثير الفضول، وتذكي غريزة الاكتشاف، اكتشاف المعارف عن طريق فوازير مطروحة على مستويات مختلفة، وبتحفيزات مثيرة...
لكن أنظر كيف يقبل متعلمنا المفترض على المرحلة المقبل، إنه لا يحسب ما نطلق عليه سن المراهقة إلا سمة من سمات الرشد، فيبدأ إحساسه بالمسؤولية يتنامى، وهنا يجب على المدرسة أن تغير من أساليبها المعتمدة، فتتغير الوسائل والمناهج التعليمية بحدة تغيره المرحلي، وذلك يجب أن يبتدئ أولا بتحويله إلى لقب طالب وليس تلميذ، ثم يُفرض عليه انضباط محدد يؤطره تعاقد مدرسي وفصلي يكون فيه التلميذ طرفا.
هكذا يتحول شبح المراهقة إلى مرحلة خصبة بالإبداع والرغبة في التفوق والعطاء، طبعا لا ننفي العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تتداخل في فعل التربية، إلا أننا نعتبر حقا أن هذا مدخل أساسي من مداخل محاربة الهذر المدرسي وإعادة إحياء تعليم محتضر.



#محمد_مسافير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزاء والعقاب والتدين
- قصة قصيرة: بشرى وفتوى
- قصة قصيرة: الحق في الإجهاض
- مات الإله
- قصة قصيرة: قبيل النهاية
- قصة قصيرة: آمال مغتصبة
- نظرية إحياء الموتى
- خطاب ملكي
- اللباس هو السبب الوحيد لظاهرة التحرش!
- قصتي مع الجن
- دفاعا على ممارسة حقنا البيولوجي
- قصة قصيرة: البيداغوجيات الحديثة والتخلف الاجتماعي
- قصة قصيرة: أفول امرأة
- قصة قصيرة: رغبة مجهضة
- قصة قصيرة: من قاع المجتمع!
- اقتصاد السوق يدمر البيئة
- الدين والثورة


المزيد.....




- ماذا قالت المصادر لـCNN عن كواليس الضربة الإسرائيلية داخل إي ...
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل
- CNN نقلا عن مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تهاجم مفاعلات إيران
- إعلان إيراني بشأن المنشآت النووية بعد الهجوم الإسرائيلي
- -تسنيم- تنفي وقوع أي انفجار في أصفهان
- هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني - لحظة بلحظة
- دوي انفجارات بأصفهان .. إيران تفعل دفاعاتها الجوية وتؤكد -سل ...
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد مسافير - أزمة التعليم كما لم تناقش من قبل