أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - الملك لقمان . الجزء الثاني. (5) عويل في الغابات!















المزيد.....



الملك لقمان . الجزء الثاني. (5) عويل في الغابات!


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 4803 - 2015 / 5 / 11 - 15:19
المحور: الادب والفن
    


(5)
عويل في الغابات!
حين أيقن الملك لقمان أن الملك حامينار ألم بكُلّ تعاليمه واستوعب الكيفيّة التي يعالج بها الأمور المختلفة، طلب إليه أن يطلع بعض معاونيه على تعاليمه، وأن يرسلهم إلى كافة دُوَل الكوكب لمساعدتهم وتخليص المعذّبين منهم، وأن يخبره إذا ما دعت الضرورة، وتابع الملك لقمان رحلته إلى كوكب آخر.
وفيما كانت المركبة تقلع فوجئ الملك لُقمان بمعظم من كانوا في المركبة يأتون فرادى وجماعات ويجلسون من حوله، وما أن تجمّعوا كُلّهم حتّى هتف ملك الملوك مًتسائلاً:
"معذرة يا مولاي لقد بتنا في حيرة من أمرنا!"
نظر الملك لقمان إلى الوجوه من حوله، لتبدو له الدهشة والتساؤلات مرتسمة على وجوه الجميع، هتف:
"ماذا ألم بكم؟"
فهتف ملك الملوك:
"نحن ومعظم قوى الجن لم نعد نعرف هل نبقى على دياناتنا المختلفة أم نتبع الدين الجديد يا مولاي، خاصّة وأننا نذعن لإرادتك ونُلبّي أوامرك"
فهتف الملك لقمان بدهشة:
"ومتى قلت لكم أنني أتيتُ بدين جديد؟"
"إن لم يكن جديداً ففيه بعض الاختلاف يا مولاي؟!
أطرق الملك لقمان يفكّر للحظات في سؤال لم يرغب أن يوجّه إليه قبل أن يتم بحثه المضني عن الله والحقيقة والوجود والدين والفضيلة والخير والعدالة والقيم والأخلاق وماهيّة الأشياء كُلّها، وما لبث أن رفع رأسه وهتف:
"ليبق كُلُّ منكم على دينه، وحين يجد أنّ سلوكي وممارساتي تتعارض مع قيم الخير والمحبّة أو تتناقض معها، ليعترض أو يحتج، أو يحجم عن تنفيذ أوامري وتعاليمي".
فتساءَل ملك الملوك:
"وهل نظل نتعبّد لله، ونقوم بفروض الدين يا مولاي؟"
ضحك الملك هازئاً وهو يرنو إلى ملك الملوك، ويهتف:
"الذي يسمعك أيّها الملك يعتقد أن جبينك خُسِف من كثرة الصَّلاة، مع أنّك لم تصلِّ ولو مَرَّة واحدة بعد، بل ولم تعرِف ما هي الفاتحة، فما بالك بالإسلام؟!
إنّ الديانات كُلّها أيّها الملك لم تأتِ بطقوسها عبثاً، بل لترسّخ قيماً عظيمة ونبيلة في مجتمعات قبليّة كانت القيم السائدة فيها هي شريعة الغاب، القبيلة القويّة تغزو القبيلة الضّعيفة وتغنم أموالها وتسبي نساءَ ها، وكانت هذه حال الدُول والإمبراطوريّات أيضاً، وما زال هذا الوضع سائداً في العالم وإن بشكل أقل، فكان لا بُدَّ من فكر روحي، يجمع ولا يُفرّق، ينمّي الخير في النّفوس ويقتل الشَّر، يوحّد الإنسان بالله وبأخيه في الدين والإنسانيّة، ولم يكن هذا التوحّد ليتجسّد لو لم يكن هُناك صلاة وغيرها من الطّقوس الدينيّة، لذلك أيّها الملك ينبغي عليك أن تتعلّم فروض الإسلام وتطبّقها بحذافيرها، وعلى الآخرين أن يطبّقوا تعاليم دياناتهم!"
فهتف ملك الملوك مُحتجاً:
"لكنك يا مولاي لا تطبّق فروض الإسلام ولا فروض أي دين آخر!"
"أنا أطبّق الغايات دون الوسائل أيّها الملك، وحين تجد نفسك قادراً على التوحّد بالله وبإخوتك من بني البشر، بحيث تحب لغيرك ما تحبه لنفسك، يمكنك ألاّ تؤدّي الفروض، لأن الله والبشر لن يكونوا بعدئذٍ في حاجة إلى صلاتك وصيامك، بل إلى عملك من أجلهم، وسعيك من أجل سعادتهم!"
فهتف ملك الملوك:
"لا يا مولاي، أرجوك أنا أفضّل أن أتعلّم الصَّلاة وأصلّي وأقوم بالفروض كُلّها على أن تحمّلني هذا العبء الثقيل الذي لا طاقة لي به، خاصّة وأن هؤلاء البشر، ولا سيّما أبناء الأرض منهم، لا يحبّون الخير إلاَّ لأنفسهم، ولا يحبّون إلاّ أنفسهم، ويستحيل أن يحبّوا غيرهم، فكيف سأحبُّ لهم ما أحبّه لنفسي؟!"
"إذن، عليك بالعبادة أيّها الملك لعلّ الله يهديك، ثم إنني أوصيك ألاّ تجادل في الله بغير علم، قال تعالى:
(ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضلَّ عن سبيل الله بغير عِلم).
وقال تعالى أيضاً:
(ومن الناسِ من يجادِل في الله بغير علمٍ ولا هُدى ولا كتاب مُنير).
"فما بالك أيّها الملك وأنت لم تعرف بعد ما هي الفاتحة؟! وكم من المؤمنين في أمّة الإسلام لا يعرفون الفاتحة، وإن عرفوها لا يفقهو معناها، ولا يعرفون ما هو الصّراط المستقيم، وإن جادلتهم، قال أخَيرُهم.. "الله يهديك!"
"أعتذر يا مولاي باسمي وبالنّيابة عن قوى الجن جميعاً!"
"لا داعي للاعتذار أيّها الملك"
وتفرّق الحضور فيما كانت المركبة تقترب من كوكبٍ مأهول، إنّما بسكّان من نوع جديد، فلم ينظروا من الأعالي إلى مدينة ورأوا فيها بـشراً، بل حيوانات!
هبطوا بالمركبة إلى مدينة كبيرة بدت وكأنّها من القرون الغابرة.
وعبثاً حاول الملك لقمان ومرافقوه رؤية أحدٍ من سُكّانها، كانت أحياؤها خاوية إلاّ من بعض قطعان الكِلاب الهزيلة الضّالة، والرّمم الملقاة هُنا وهُناك تنهشها الكلاب والطّيور، وحين حلّقوا فوق بعض حدائق المدينة رأوا فيها بعض قطعان الظّباء والخنازير والأيائل الهزيلة أيضاً، وقد تناثرت في الحديقة بعض رمم هذه الحيوانات، التي كانت الذّئاب والضّباع والنّسور والغربان تنهش لحمها، كتلك التي في الأحياء.
هتفت الملكة:
"هل يمكنُ أن تكون الوحوش قد أكلت سُكّان المدينة؟"
فقال الملك لقمان:
"أي سُكّان هؤلاء الذين تستطيع الوحوش أن تفتك بهم، ربّما فتك بهم مرض".
راحت المركبة تحلّق فوق غابة كانت تحيط المدينة وتمتد إلى مسافات شاسعة لتعانق البحر.
كانت الغابة تضجّ بكافة أنواع الحيوانات، أيائل، ظباء، أسود، نمور، فيلة، وعول، ضباع، ذئاب، قرود، نسور، عقبان، صقور، وغيرها من الطيور والحيوانات صغيرة الحجم.
وكان هُناك حيوانات هائلة الحجم، أصغرها بحجم خمسة أفيال، وأكبرها بحجم خمسة عشر فيلاً وأكبر، كان بعض هذه الحيوانات يخرج من البحر وبعضها ينزل إليه من اليابسة، وحين ينزل تفيض مياه البحر على الشاطئ.
وكان هُناك طيور ضخمة، حجم الواحد منها بحجم خمسة نسور، كان بعضها يُحلّق فوق الغابة حاملاً الوعول لافتراسها، وكان بعضها الآخر ينقض ليغوص تحت مياه البحر ويخرج حامِلاً بمخالبه، الدلافين والأسماك الكبيرة.
هبط الملك لقمان والملكة نور السَّماء فوق قطيع من الأيائل تطارده بعض الأسود. أشارت الملكة بحركة من يدها وإذا بالأسود تتوقف وتستلقي على الأرض، لتتوقف الظّباء ورشاءاتها وهي تهتف:
"أهلاً أيّتها الملكة أهلاً أيّها الملك!"
حطّا إلى جانب ظبية ورشاها، أخذت الملكة الرّشا وحملته وعانقته وقبّلته وراحت تملس على عنقه وهو يستكين إلى أحضانها، وأُمّه تستسلم مطمئنة إلى جوار الملكة والملك. وقد أخذت الظّباء تقترب منهما وتتحلّق حولهما.
"أجيرينا أيّتها الملكة، أجرنا أيّها الملك!"
فهتفت الملكة:
"أجرناك يا حلوتي، ملعون من يؤذيك!"
ومَرَّ في السَّماء طائر عنقاء ضخم يحمل ظبياً، فأشار الملك إليه وإذا به يبطء من طيرانه ويجنح محلّقاً ويشرع في الهبوط، فراحت الظّباء وصغارها تلتصق بجوار الملكة والملك، وقفز رشا صغير إلى أحضان الملك لقمان لشدة خوفه، فضمّه الملك وراح يُطمئنه ألاَّ يخاف، ويسأله:
"ما هذا الطائر أيّها الرَّشا الصغير؟"
فهتف الرّشا:
"إنّه العنقاء أيّها الملك الأصغر منه بحجم خمسة نسور!"
أبدى الملك لقمان دهشته، فيما حط طائر العنقاء على مقربة منه ومن الملكة تاركاً الظبي إلى حال سبيله، هتف مسلّماً:
"السَّلام على المليك والملكة!"
فهتفا معاً:
"وعليكِ السَّلام أيّتها العنقاء!"
كان الظبي مثخناً بالجراح، فلم يقدر على النّهوض، نهضت الملكة حاملة الرّشا إلى حُضنها وسارت نحو الظّبي والطائر تتبعها الظَّبية، جلست إلى جانب الظبيّ وراحت تملس على جراحِه وتعيد له العافية إلى أن نهض بكامِل قوّته. جثا على قائمتيه الأماميتين وهو يهتف:
"أشكرك أيتّها الملكة، أشكرك أيّها الملك، على إنقاذ حياتي"
فربتت الملكة على عنقه ونهضت، فيما راحت فكرة مستحيلة تأخذ طريقها إلى مخيّلة الملك لقمان "كيف يجيران الظّباء دون الحيوانات والطيور الضعيفة الأُخرى؟!"
وأنقذته نسمة لبعض الوقت من سيطرة الفكرة حين هبطت محلّقة على فرسها وهي تهتف:
"عمّو عموّ بدّي رشا"
وألقت نفسها عن ظهر الفرس لتهجم عليه وعلى الرّشا، ولتحضن الرَّشا وتعانقه بكل لهفة وهي تطلب إلى الملك لقمان أن يتركه لها.
ولم يجد كلامه معها حين أخبرها أنّه أثقل منها ولا تقدر على حمله، فأشار إلى جنِّي أن يحمله معها دون أن تدري، فأسلمه لها، فحملته وراحت تدور حول نفسها فرحة به وهي تهتف:
"شايف يا عمّو ما أخفّه؟"
"شفت يا عمّو شفت!"
هتفت الملكة مخاطبة العنقاء:
"أليس في مقدورك أن تستغني عن أكل لحوم الظّباء أيّتها العنقاء؟"
"إذا كانت هذه مشيئة مليكتي"
"إنّها مشيئتي أيتّها العنقاء"
"أمر مليكتي"
أشكرك أيّتها العنقاء"
واقتربت الملكة من أحد الأسود و"نسمة" ترقبها متوجّسة، نهض الأسد وانحنى على أماميّتيه، ملست على رأسه وربتت على لبدته، سألته:
"وأنت أيّها الملك، أليس في مقدورك أن تمتنع عن أكل لحوم الظّباء"
"بلى أيّتها الملكة"
"اشكرك أيّها الملك، سأجمع حيوانات وطيور الغابة كُلّها، وأطلب إليها الامتناع عن أكل لحوم الظّباء"
فتساءَل الأسد:
"الظّباء وحدها أم الأيائل أيضاً أيّتها الملكة؟"
سألت الملكة الظّبية أم الرّشا فأجابت:
"الأيائل والوعول من أقاربنا أيّتها الملكة ولا أعرف فيما إذا في مقدور الأسود والكواسِر والجوارح الأخرى الكَّف عن أكل لحومها"
"ما رأيك أيّها الأسد؟"
"أظن أن الأمر لن يكون هيّناً علينا أيّتها الملكة، لا بُدَّ من أخذ رأي المفترسين الآخرين!"
"أشكرك أيّها الأسّد سننظر في الأمر إذا وجدنا أنّ ثمّة إمكانيّة لذلك"
رفعت الملكة يدها وطلبت إلى الحيوانات والطيّور الاجتماع، فأخذت تقدم من كُلِّ حدب وصوب وتصطف في أرتال منتظمة أمام الملك والملـكة ومن حولهما، وقد أقبلت الحيوانات والطيور اللاَّحِمة وغير اللاَّحِمة منها، اصطفت الأسود في عشرات الأرتال، وإلى جانبها اصطفت النّمور، فالوعول، فالأيائل، فالظّباء، فالفيلة، فالزرافات، فالقرود، فالتيوس، فالمعز، فالأفاعي، فالنسور، فطيور العنقاء، فالعقبان، فالغربان، وغيرها من الحيوانات والطيور، الصغيرة والكبيرة التي راحت تحيط الملك والملكة من كل جانب.
ومن أغرب الحيوانات التي حضرت عدا طيور العنقاء، كانت الغيِلان، التي بدت أقرب إلى الغوريلات بأشكالها المخيفة، فقد كان حجم الواحد منها أكبر من حجم خمسة أفيال! وكذلك حضرت الديناصورات هائلة الأحجام، التي بدت وهي تقدم كأنّها جبالُ متحرّكة، وكانت ترفع قوائمها ببطء كي لا تطأ الأشجار وتطيح بها، فأشارت لها الملكة فتوقّفت في مكانها وهي تطلُّ على الجموع من علٍ برؤوسها الضخمة وعيونها الكبيرة، فبدت وكأنّها مَرَدة أو آلهة أسطوريّة!
هتف الملك مخاطباً أحدها:
"هل أنتم ديناصورات أيّها الحيوان؟"
فانزعج الديناصور هاتفاً:
"نحن لسنا حيوانات يا مولاي!"
"ماذا أنتم إذن أيّها الكائن؟"
"نحن "حي جنيّون" أيّها الملك!"
"تقصد حيوانات جنيّة"
"أجل يا مولاي!"
"وكيف يكون الأسد ملك الغابة بوجودكم؟"
"نحن ملوك البر والبحر يا مولاي!"
"وماذا عن الحيتان والتّنانين والتّماسيح؟"
"هذه بعض فرائسنا يا مولاي"
"وأنتم هل هُناك من يفترسكم؟"
"أجل يا مولاي"
"من أيّها الديناصور؟"
"الرُّخ يا مولاي؟
"ومن هو الرّخ أيّها الديناصور؟"
"ملك السَّماء والأرض والبحر يا مولاي"
"أين هو، لِمَ لَمْ يأتِ؟"
"يُقيم في أعالي الجبال البعيدة يا مولاي ولم يصل بعد، ها هو قادم، أنقذنا منه يا مولاي"
فهتف الملك "لا تخافوا" ونظر هو والملكة إلى السماء ليشاهدا طيوراً هائلة، الواحد منها بحجم طود ولها أربعة أرجل، وقد سدّت بأحجامها الفضاء، ونظراً لعدم وجود مكان تهبط فيه، فقد توقّفت في الفضاء وهي ترف بأجنحتها الهائلة.
هتف أحدها:
"السَّلام على الملك لقمان وعلى الملكة نور السَّماء"
فهتفا معاً:
"وعليكم السَّلام يا ملك الملوك"
"أمر مولاي ومولاتي"
فهتفت الملكة:
"الحق أيّها الملك العظيم أنّ الظباء استجارت بنا راجية عدم أكل لحومِها فأجرناها، وقد وافقنا الأسد والعنقاء على ذلك، واستدعينا باقي الحيوانات والطّيور لاطلاعها على الأمر ومعرفة رأيها"
كان الملك لقمان يُطرق مفكّراً في مصير الحيوانات النّباتيّة الأُخرى التي تفترسها الوحوش والطّيور الكاسِرَة، ليجد أنّه من المحال أن يجد حلاً لمعضلتها، ومن المحال أن يصلح قانون الحيوانات هذا كما يحاول إصلاح قوانين البشر، وكم أحسَّ بظلم الإنسان لإقدامه على أكل لحوم الحيوانات وإباحة قتلها، وعبثاً حاول أن يجد حلاً لهذا الظلم، غير أنّه قطع عهداً على نفسه ألاّ يتناول لحم الظّباء على الأقل بعد اليوم، وأن يحرّمه على الإنسان والجن.
هتف الرّخ:
”أوافق أيّتها الملكة، شريطة ألاّ تجيرا حيوانات أُخرى وتُحرّما أكل لحمها!"
أدركت الملكة المسوّغات التي دعت إلى هذا الشرط، فتغاضت حتّى عن إجارة الأيائل والوعول أو حمايتها لبعض الوقت، فيما أحسَّ الملك لقمان أن حالته النّفسيّة ليست على ما يُرام، فطلب إلى "نسمة" أن تأخذ الرّشا وأمّها وأباها وتصعد وفرسها إلى المركبة، فأذعنت على الفور.
هتفت الملكة مخاطبة الرّخ:
"موافقة أيّها الملك!"
ولم تكد تهتف حتّى ضجّت الغابة والبحر بعويل يمزّق القلوب. الأيائل والوعول شرعت تصرخ، الزّرافات والثيران شرعت تصرخ، التّيوس والمعز شرعت تصرخ، الفيلة والقرود شرعت تصرخ، الأرانب والخنازير، وكل الحيوانات النّباتيّة شرعت تصرخ، حتّى الطيور غير النّباتية شرعت تصرخ، ومن ناحية البحر شرعت الحيتان والنّينانْ والأسماك كُلّها في الصُّراخ مع أنّها ليست نباتيّة، ولم تمر سوى لحظات حتى كانت المنطقة كُلُّها بغابتها وبحرها وكل ما فيها من كائنات تشرع في الصراخ حتى تلك التي لا يمكن أن تُفترس من قبل أي كائن كالرّخ والعنقاء والنَّسر والأسد وغيرها، شرعت في الصُّراخ وكأنّها تعلن تضامنها مع الحيوانات التي ليس في مقدورها الهروب من قدرها، وامتد الصراخ من غابة إلى غابة ومن بحر إلى بحر ليشمل الكوكب كُلّه، وليتردد صدى الصُّراخ من كافة الأودية والجبال والصحاري وأعماق البحار والمحيطات، وحدها النّباتات لم تكن تصرخ.
تجّمدت الملكة نور السَّماء في مكانها وهي تضم الرّشا – الذي شرع بدوره في البُكاء – إلى حضنها، فيما أطبق الملك لُقمان بيديه على أذنيه وراح ينظر إلى السَّماء هازَّاً رأسه بشدّة، لاجماً في أعماقه صرخة هائلة، فبدا وكأنّه أُصيب بصدمة نفسيّة، وما لبث أن انطرح على بطنه وراح يعتصر التُّراب بيديه ويداري دموعه هاتفاً في أعماقه:
"إلهي، ما هذا الذي يحدث أمام عيني، ما هذا الذي يجري لي، أين هي العدالة وكيف تكون، كنت أظنُّ أنَّ الحيوانات قد حققت توازنها وانسجامها مع الطّبيعة وقبلت بقدرها، لتفجأني بهذه التراجيديا المرعبة، أرجوك ساعدني يا إلهي، مُدْ يدك إليّ، أعِنْي على ما أنا فيه، أنقذني من هذه المأساة، فأنا ضعيف دونك، أنا حزين وبائس ومسكين، أعِنّي يا إلهي، ساعدني".
تركت الملكة الرّشا ودَنت من الملك لتجلس إلى جانب رأسِه وتواسيه رابتة على ظهره وكتفيه، فيما شرع صوت يهتف في دخيلته:
"لِمَ تُريد أن تخلَّ بتوازن قانون الطّبيعة يا لقمان، لِمَ أجرتما الظّباء، وأردتما أن تجيرا الأيائل والوعول أيضاً؟! إن قانوناً أوجدته الطّبيعة لا ينبغي خرقة يا لقمان، فلا تجِرْ الظِّباء، لا تجِرْ الظّباء يا لُقمان!"
وانقلب الملك لقمان على ظهره ونهض جالساً وهو يهتف بأعلى صوته:
"لا! لا! مستحيل! مستحيل أن تكون هذا أنت، مستحيل أن يكون هذا صوتك، هذا الصوت ليس إلهياً، ثمَّ إنَّ النبي محمد أجار الظّبية قبل أن نجيرها نحن، فهل تريدنا ألاّ نقتدي بنبيّ العالمين؟ أجبني، إن كنت أنت من يهتف في دخيلتي، أجبني!"
وراحت الملكة تواسيه وهو يدفن رأسه بين يديه، فيما أخذت بعض الحيوانات والطّيور تتفرّق، وقد استغلّت بعض الكواسِر الجائعة فرصة وجود طرائدها في المكان، فراحت تنقض عليها من السَّماء أو تلاحقها على البرّ، فيما ظلّت الظّباء وحدها بعيدة عن الصّراع.
وحين سمع الملك لقمان الضوضاء تخالط الصراخ رفع رأسه لينظر من حوله وفوق رأسه ليرى ملحمة مروّعة، أسود تصرع وعولاً، أو جداء، وصقور تحمل حَجَلاً، ونسور تحمل تيوساً بريّة، وعنقاءات تحمل ثيراناً، وغيلان تصرع وحيد القرن! وكان الأكثر هولاً في هذه الملحمة، طيور الرُّخ التي انقضت على الديناصورات في البَرُّ والحيتان في البحر، وطارت بها.
صرخ الملك لقمان صرخة هائلة وهو ينهض واقفاً على قدميه هاتفاً "لا" فتوقّفت الحيوانات كُلّها، الكواسِر وغير الكواسِرْ، المفترس وغير المفترس، الأسود والنّمور، النّسور والعقبان، العنقاءات والرّخوخ، الوعول والفيلة، ومن كان من الكواسِر يحمل طريدة أو يقبض عليها، توقّف وظلّ متشبثاً بها.
هتف الملك لقمان:
"أعيدوا طرائدكم وقنائصكم إلى أماكنها أيّها الأنذال، ولا تستغلّوا الاجتماع الذي دعونا إليه لتفتكوا بالضّعفاء منكم دون عناء، هيّا أعيدوها إلى أماكنها، وإلاَّ أُقسم أنّي سأمحقكم عن وجه أراضي الكواكب كُلّها، ولن أُبقي إلاَّ على الحيوانات النّباتية والطّيور الأليفة"
راحت الكواسِر تعيد قنائصها أو تطلقها، والأفاعي تسترجع ما في أحشائها أو تفلت ما في أفواهها، وهبطت النّسور والعنقاءات والرّخوخ من السَّماء لتعيد طرائدها إلى أماكِنها.
أخذت الملكة تشير بحركات من يديها، معالجة الحيوانات التي أُثخنت بالجراح.
هتف الملك لقمان:
"لتتفرّق الحيوانات والطّيور الضعيفة وتبتعد، لتعد العصافير والطيور إلى أعشاشها، والأيائل والوعول إلى مواطنها ومراعيها، ولتتوغل الحيتان والدَّلافين وكل البحريّات في أعماق البحر"
طفقت الطّيور الصغيرة تطير، والحيوانات تجري، وظلّت الديناصورات واقفة مع الحيوانات والطيور المفترسة الأُخرى، فهتف الملك لقمان مخاطباً أحدها:
"لِمَ لا تهرب أيّها الديناصور أنت ورفاقك؟"
فقال الديناصور بصوت حزين:
أنا كاسِرٌ ومكسور يا مولاي، مُفترِسٌ ومُفتَرس!"
"إنّي أعرف ذلك أيّها الديناصور، فلست وحدك كذلك، فاهرب أنت ورفاقك من أمام عيون طيور الرّخ التي تملأ الفضاء"
فردّ الديناصور بصوته الحزين:
"للأسف أيّها الملك، ليس في مقدورنا الهروب من قدرنا أمام الرّخ، فخطواتنا بطيئة وأحجامنا كبيرة، ويستطيع أن يلحقنا بسهولة، ويرانا، حتّى لو اختبأنا في أعماق البحار، فما بالك بالغابات والصحاري، كُلُّ ما هنالك أننا نقاوِم بعض الشيء في معركة نعرف سلفاً أننا خاسِرون فيها!"
وودَّ الملك لقمان لو لم يسمع هذا الكلام، فراح يهتف بألم "يا إلهي" أيّة تراجيدنا هذه؟ هل هذه حقاً هي عدالتك يا إلهي؟ وهل يُعقل أن تكون هذه عدالة؟! لِمَ يا إلهي لمْ تُرِني هذا من قبل، لِمَ تواجهني بالعجز بقدر ما واجهتني بالمقدرة، لِمَ تُباغتني باليأس بقدر ما أسعفتني بالأمل؟ لِمَ يا إلهي؟ لِمَ؟ لِمَ؟!"
وظلَّ الملك لُقمان صامتاً واجماً للحظات، وحين أدرك أنَّ الطّرائد ابتعدت، أو عادت إلى مواقعها، أشار بحركة من يده، لتذهب الكواسِر إلى حال سبيلها.
راحت الكواسِر تتفرّق في أنحاء الغابة، فيما انقضت بعض طيور الرُّخ على الديناصورات، انقلبت الديناصورات على ظهورها، وراحت تُقاوم بأرجُلها وتهوش برؤوسها، ماددة أعناقها الطّويلة فاتحة أفواهها الهائلة، فأشرعت طيور الرُّخ مخالبها التي بدت كالرِّماح المعقوفة، وراحت تثخن بها رؤوس الديناصورات، لتبدو المعركة شبه محسومة من بدايتها.
وكم فوجئ الملك لُقمان حين رأى الديناصورات تنقلب على بطنها مستسلمة إلى قدرها واحداً إثر الآخر بعد أن أُثخنت بالجراح متيحة لطيور الرُّخ أن تحملها بمخالبها المخيفة من ظهورها.
ديناصور واحد قاوم زمناً أطول، وكُلّما حاول الرُّخ قلبه، ليتمكّن من حمله، انحرف وواجهه بمقاومة ضارية، إلى أن أثخنه الرُّخ تماماً بالجِراح دون أن يستسلم وينقلب، فقلبه الرُّخ وهو ما يزال يقاوم، وحمله لتتدلّى قوائمه ورأسه إلى أسفل وهي ما تزال تقاوم متشبّثة بالحياة.
هتف الملك لقمان في نفسه "يستحيل أن تكون هذه عدالة"، وكان مدركاً أنّه لم يحس بالعجز في حياته كما أحسَّ به في تلك اللحظات الصعبة، التي لم يواجه مثلها، منذ أن بدأ رحلته السَّماويّة، فبدا وجهه شاحباً باهِتاً، والملكة تُحاول عبثاً مواساته.
قرفص ثانياً رجليه إلى فخذيه، مُلقياً رأسه على ركبتيه، مكتّفاً يديه، والهواجس تطرق دماغه من كل صوب.
* * *
أطرق الملك لقمان طويلاً، إلى حد أقلق ملك الملوك ومن كانوا في الفضاء جميعاً، كانت الظّباء تنتشر من حولهما وقد خلد بعضها إلى الراحة في ظلال الأشجار، وكان هُناك العديد من الحيوانات المفترسة وغير المفترسة التي لم تغادر المكان بعد.
ربتت الملكة على كتف الملك وهتفت:
"إلى متى ستظل مُطرقاً تفكّر يا حبيبي؟"
أمال الملك لُقمان رأسه دون أن يرفعه عن ركبتيه ونظر إليها:
"إلى أن أعرف ما هي حدود العدالة يا حبيبتي، أين تبدأ وبماذا تمرّ وأين تنتهي؟"
"هناك آلاف المفاهيم للعدالة يا حبيبي"
"هذا عند البشر على كوكب الأرض والكواكب الأُخرى، وربّما عند الآلهة أيضاً، أمّا عند الحيوانات فليس هُناك إلاّ عدالة واحدة تطبّق قانوناً واحِداً لا غير في كل مكان وزمان!"
"وأي عدالة تفضّل هذه أم تلك يا حبيبي؟"
"لا أعرف! لكن إذا كان ما أفكّر فيه إلحاداً فربّما عُدت إلى الإلحاد، إنّ ما جرى اليوم قد يؤثر على نمط حياتي وربّما على طريقة تفكيري"
"في أي اتّجاه يا حبيبي؟"
"في اتّجاه اللاعدالة طبعاً، وليس عند مُعظم البشر والآلهة فحسب، بل عند الطبيعة أيضاً!"
"وماذا عن الخير؟"
"لا يختلف الأمر كثيراً يا حبيبتي".
ورفع الملك لقمان رأسه، ونظر أمامه ومن حوله وإذا بآلاف الحيوانات من الضّباع والقرود والخنازير والثعالب وبعض الأسود ما تزال في أماكنها إلى جانب الظّباء، فتساءَل:
"ما بال هذه الحيوانات لم تنصرف أيتّها الملكة؟"
"لا أعرف يا حبيبي"
كان ثمّة أسد ضخم ولبؤة يستلقيان في ظل شجرة، أشار الملك إليه بيده هاتفاً:
"ألا دنوت منّي أيّها الملك؟"
تقدّم الأسد تتبعه اللبؤة إلى أن توقّفا أمام الملك والملكة.
تساءَل الملك لقمان:
"لِمَ لمْ تنصرفا مع الحيوانات أيّها الملك؟"
"أنا لست ملكاً يا مولاي، أنا وزير!"
"وزير؟!"
"أجل يا مولاي!"
"لكن كل الحيوانات تعتبر الأسد ملكاً للغابة أيّها الأسد وليس وزيراً"
"أنا لست أسداً يا مولاي!"
فهتف الملك بدهشة:
"ماذا أنت إذن؟"
فهتف الأسد:
"أنا كنت وزير الملك على هذا الكوكب، ومسخني هاروت وماروت إلى أسد!"
وأبدى الملك لقمان دهشته متذكّراً المدن التي لم يروا فيها إلاَّ الحيوانات، فتساءَل:
"ومن يكون هاروت وماروت هذان أيّها الوزير؟"
"إنّهما شيطان وزوجته، يسكنان كوكبنا يا مولاي ويجيدان فنون السِّحر!"
"هكذا! ولِمَ مسخاك أيّها الوزير؟"
"مسخا كُل سُكّان الكوكب يا مولاي ولست أنا وحدي!"
"ولِمَ مسخا السُّكان؟"
"لأننا كنّا نشتمهما دائماً يا مولاي!"
"ولِمَ كنتم تشتمونهما أيّها الوزير؟"
"لأنّهما ضللاّ الناس وسببا لهم الكثير من المآسي والآلام يا مولاي!"
"ماذا فعلا مثلاً؟"
"يتّما الأطفال ورمّلا النِّساء وفتكا بالمواشي والأغنام وأحرقا بعض الغابات والحقول".
"أمتأكدٌ أنت مما تقوله أيّها الوزير؟"
"أجل يا مولاي"
"هل رأيتهما بعينيك؟"
"لست أنا وحدي يا مولاي، كُلُّ الناس رأوهما!"
"إن كنت كاذباً سأمسخك فاراً أيُّها الوزير وليس أسداً كما فعل هاروت وماروت!"
"أقسم أنني لا أكذب يا مولاي"
"ومن تكون هذه اللبؤة التي ترافقك؟"
"إنّها زوجتي يا مولاي"
"وما اسم كوكبكم أيّها الوزير؟"
"كوكب يأجوج ومأجوج يا مولاي!!"
تعجّب الملك لقمان من الاسم وتساءَل:
"وكم تعدادكم أيّها الوزير؟"
فقال الوزير:
"نحن أكثر من النّمل الذي في الدُّنيا كُلّها يا مولاي!"
"عجيب! وهل مسخ الشيطانان كل سُكّان الكوكب إلى أُسود؟"
"لا يا مولاي، لم يحظ بهذا المسخ إلاّ من لم يشتمهما كثيراً، ومعظم السُّكان مُسخوا إلى جرذان وقطط وكلاب وأرانب وضباع وخنازير وحمير وتيوس ومعز وغير ذلك!"
"وملك الكوكب ماذا مسخاه أيّها الوزير؟"
"مسخاه إلى ديناصور يا مولاي!"
"يبدو أنّه محظوظ، أما زال على قيد الحياة؟"
"والله لا أعرف يا مولاي، إذا لم يختطفه رُخٌ ما، فهو ما يزال على قيد الحياة!"
"وأين يُقيم هذان الشيطانان أيّها الوزير؟"
"على الكوكب يا مولاي، لكني لا أعرف في أي مكان!"
"حسناً أيّها الوزير الأسد يُمكنكما الانصراف!"
"نتوسَّل إليك أن تنقذنا يا مولاي"
"سأحاوِل بعد أن أعرف الحقيقة أيّها الوزير"
"أُقسم أنني لم أقل لك إلاَّ الحقيقة يا مولاي"
"إنّي أشك في كلامك أيّها الوزير رغم كل أيمانك"
"وهل ستصدّق الشياطين وتكذّبنا يا مولاي؟"
"ألا يمكن أن تكون الشياطين أصدق من البشر أيّها الوزير؟"
"مستحيل يا مولاي!"
"أنا لا أعرف المستحيلات أيّها الوزير، وللحقيقة عندي وجوه مختلفة، وحتّى الآن لم أعرف إلاَّ أنّكم مُسِختمُ، لكن لماذا وكيف ومن مسخكم، مسألة تحتاج إلى بحث رغم كل ما قلته لي!"
وانصرف الأسد واللبؤة لينصرف خلفهما آلاف الحيوانات الممسوخة، فيما ظلّت الظّباء هاجعة في أماكنها من حول الملك والملكة.
حملت الملكة رشاها وتساءَلت:
"أيّة مأساة هذه، لم أرَ مثلها في حياتي، يبدو أنّك تغيّرت فعلاً يا حبيبي، فلأول مَرّة ترى ظُلُماً بهذا القدَر، ولا تسارع إلى رفعه عمّن أحيق به"
"وما أدراك أنني قادر على إعادة هؤلاء الممسوخين إلى طبيعتهم، ولا تنسي أن الكوكب كُلُّه ممسوخ"
"لكنك لم تحاوِل يا حبيبي"
"لن أُحاوِل قبل أن أعرف الحقيقة كُلّها!"
"ما أعرفه أنّ عدالتك لا تجيز هذا العِقاب مهما كانت الحقيقة لصالح من أنزله"
"ليس ثمّة حقيقة للظلم أفظع مما شاهدته اليوم، ومع ذلك وجدت نفسي عاجزاً عن اتخاذ أي إجراء يمنع افتراس الحيوانات الضّعيفة"
"بالتأكيد يا حبيبي لا تقدر على ذلك لأن الحيوانات المفترسة ستموت"
"والإنسان المُفترس هل سيموت هُوَ الآخر، يمكنه أن يعيش على النّباتات فهي صحيّة أكثر من اللحوم، وربّما بإمكان الحيوانات المفترسة أن تعيش على النّباتات أيضاً!!"
"والأسماك والبحريّات يا حبيبي، هل ستعيش على النّباتات البحريّة؟"
"ولِمَ لا تعيش، ثمَّ إنّ تكاثر الأسماك لا يقارن بتكاثر الحيوانات البريّة!"
"والنّباتات أليست كائنات حيّة يا حبيبي، فلماذا تفترسها؟!"
"النّباتات لا تُفترس يا حبيبتي، بل تؤكل ثمارُها وأوراقها"
"لقد تغيّرت فعلاً يا حبيبي"
"ممكن!"
"آمل ألاّ يصدمك الواقع يا حبيبي"
"لقد صدمني وانتهي"
"ماذا ستفعل الآن، هل ستستدعي هاروت وماروت؟"
"لا! بأي حق سأستدعيهما وليس لدي أي دليل مُقنع على أنّهما متّهمان، أم تريدينني أن أعمل كما تفعل بعض دولنا الأرضيّة حين تعتقل إنساناً وتعامله كمجرم إلى أن يثبت أنّه غير متّهم! أو كما يفعل نظامنا العالمي الجديد – قصّر الله عمره – وهو يمتطي ظهر الأمم المتّحدة ويُعاقب بعض الدّول كمجرمة قبل أن تثبت التهم عليها، ولا يُعاقب الدّول ذات الجرائم التي تفقأ العيون؟!"
"ماذا ستفعل إذن يا حبيبي؟"
"سأذهب إليهما!"
"حتّى لو كانا مقيّدين في أعماق بئر في أرض بابل كما تروي الأساطير"
"حتّى لو كانا كذلك فعلاً، هيّا ودّعي رشاكِ وظباءَكِ لننطلق"
"سأصطحبها معي يا حبيبي هي وأمّها وأباها"
"ما شاء الله، ونسمة اصطحبت رشا وأُمّها وأباها أيضاً، ولديك هُناك سبع يمامات وبضع فراشات، هل سنفتح حديقة حيوانات على المركبة؟"
فتوسّلت الملكة هاتفة:
"يا حبيبي، أرجوك!"
"طيّب أرسلي الظّباء إلى المركبة وعودي بسرعة"
وحلّقت الملكة حاملة الرّشا والظّبية والظبي يطيران خلفها.
لامس الملك لُقمان خاتم إبليس طالباً إليه ما يقلّه إلى البلاد التي يُقيم فيها هاروت وماروت.
حلّقت في السَّماء فُلك زجاجيّة كبيرة بحجم سفينة ضخمة، لم يكن في الغابة مكان لهبوطها، فأشار إليها الملك لُقمان أن تقف في السَّماء.
هبطت الملكة محلّقة وهي تهتف:
"ما هذه يا حبيبي؟"
"يبدو أننا سنغوص في أعماق المحيط!"
"بحثاً عن هاروت وماروت؟"
"بل بحثاً عن الحقيقة"
وحلّق ملك الملوك ودليلة والأميرتان نجمة الصَّباح وظلّ السَّماء.
هتف ملك الملوك:
"سنرافقكم يا مولاي"
فقال الملك لُقمان:
"هذا جميل! هيّا أيّها الملك"
ولوّح الملك والملكة لقطعان الظّباء مودّعين، فنهضت الظّباء كُلّها وراحت تثب على قوائمها الخلفيّة، وتلوّح بقوائمها الأماميّة، وظلّت ترقب الملك والملكة حتّى ركبا الفُلك وأقلعا، لتنصرف متجوّلة في أنحاء الغابة دون أن يجرؤ أيٌ من الكواسِر على الاقتراب منها.
لم يكن في الفُلك لا قُبطان ولا رُبّان ولا أيّة طواقم لا جويّة ولا بحريّة، ولأوّل مَرّة وجد الملك لُقمان نفسه يخاطب زُجاجاً لا أكثر ولا أقل! إنّما زجاج مصنّع بطرق فنيّة في غاية الجمال، ومزيّن بكل ما يُضفي عليه سحر الجمال الأسطوري!
وكان داخل الفُلك مقسّماً إلى صالونات وغرف نوم وصالات طعام وممرّات وحمّامات وأجنحة ومقصورات وشرفات بحريّة، إضافة إلى مسبح داخلي، وقد فرش كُلُّ جناح في الفلك بكل ما يتطلبه من الأثاث الفاخِر، ومدّت على الموائد أصناف مختلفة من الفواكة والخمور، وحين مَدّ الملك لقمان يده مُشيراً إلى طبق تفاح طالِباً إلى الأميرة ظل السَّماء أن تناوله واحدة، فوجئ الجميع بالتّفاحة ترتفع من الطبق ليشرع سكّين في تقشيرها بسرعة هائلة، ليقطّعها، ولتوضع في صحن مع شوكة وسكين إلى جانب محرمة ورقيّة، ليطير الصَّحن بهدوء ويتموضع على منضدة صغيرة أمام الملك لقمان، ليجد الملك نفسه يقول "شكراً" دون أن يعرف من يشكر. وما أن قضم قضمة تفّاح حتّى أحسَّ بحاجته إلى كأس وسكي فأشار بيده لترتفع الزّجاجة إلى أعلى متمايلة كالعروس، وتنفتح ليرتفع الكأس إليها لتنحني عليه دالقة الويسكي فيه حتّى الثلث، ليتبع ذلك قطع ثلج راحت تتساقط في الكأس، الذي راح يحلّق نحو الملك لقمان ليتوقّف أمامه في الفراغ والزّجاجة تتمايل إلى جانبه. هتف الملك "شكراً" ثانية وهو يأخذ الكأس ويشير إلى الزجاجة أنّه لا يريد أكثر، لتعود إلى مكانها على المائدة.
رفع الملك كأسه وهتف:
"في صحة الملك إبليس الذي نحن الآن في ضيافته!"
حلّق الفُلك فوق الغابة، وما أن أطل على البحر حتّى هبط إليه ليمخر عبابه بسرعة هائلة، قطع بضعة أميال فوق الماء، وما لبث أن غاص في أعماق البحر ليتابع "انطلاقته تحت الماء".
راحت حوريّات البحر والحيتان والدّلافين ترافق الفلك وتحفّ به من كل جانب، فيما كانت التنانين برؤوسها المتعددة والأخطبوطات بأذرعها الكثيرة وأسماك القرش وغيرها تفرُّ مذعورة إلى اليمين أو إلى الشمال، أو تصعد إلى أعلى مخلية أعماق البحر أمام الفلك.
كانت الأميرة دليلة تحدّق عبر الزّجاج وقد أخذتها الدّهشة وهي ترنو إلى جمال حوريّات البحر اللواتي كن يلتصقن بزجاج الفلك ويتمددن فاردات أيديهن ضامات أرجلهن، وإلى جمال الدَّلافين والحيتان وهي تسابق الفلك، ومئات التّنانين والأخطبوطات التي كانت تقوم برقصات بهلوانيّة، وآلاف أنواع الأسماك ذات الألوان المختلفة ومتعددة الألوان، والأشكال ذات التكوينات الجميلة المختلفة للشعب المرجانيّة والنّباتات البحريّة، وتمنّت الأميرة لو في مقدورها أن تخترق زجاج الفُلك وتسبح في هذا العالم السّحري.
فقال لها الملك لقمان "هذه مسألة بسيطة يا دليلة" ففغرت فاها دهشة وهي تهتف:
"هل هذا ممكن يا مولاي؟"
"كل شيء تطلبينه ممكن يا دليلة، فليس لدينا غير دليلة واحدة ولا يمكننا إلاّ أن ندللها".
"ولن أختنق أو تفترسني الحيتان وأسماك القِرش.. يا مولاي؟"
"لا لا لن تختنقي يا دليلة، ستتنفّسين وكأنّك فوق الماء وسيُرحّب كُل ما في البحر بك ويسبح معك ويسبّحك!"
وشرعت حوريّات البحر تلوّح بيديها وتشير إلى دليلة أن تنزل إلى البحر، فيما أخذت الدّلافين تنادي دليلة باسمها وتطلب إليها أن تسبح معها، فهتفت:
"أخاف أن أخرج وحدي يا مولاي"
"لن تكوني وحدك يا دليلة"
أبطأ الفُلك من سرعته، وفوجئت دليلة بالملكة نور السَّماء والأميرة نجمة الصَّباح والأميرة ظل السَّماء يتعرّين فشرعت تتعرّى.
فتح باب الفُلك ليتوقّف الماء كأنه أمام جدار وهمي، ولتقفز الملكة والأميرات الثّلاث إلى الماء.
أغلق الباب فيما راحت حوريّات البحر تحتفي بحوريّات البر وترقص تحت الماء، وشرعت الدّلافين تذرع البحر فرحاً، فيما راحت الحيتان تقيم مهرجاناً احتفاليّاً والأخطبوطات تفرد أذرعها في أنساق مدهشة، والتنانين تنفخ من أفواهها المتعددة فقاعات ذهبيّة وحمراء اللون، وأسماك القرش تنطلق في أسراب ثُلاثِيّة وآلاف الأسماك الأُخرى تنتظم في أشكال جماليّة مختلفة، كل نوع سمك على حده.
عانقت دليلة جسد حوريّة وراحت تسابق بها الفُلك، فيما التحمت الملكة نور السَّماء بجسد دلفين لتعانقه من قمّة رأسها إلى أخمصي قدميها، وتطوّقه بيديها وتنطلق معه لتهبط به محلّقة ما بين الأخاديد والجروف والشّعب المرجانيّة، وكأنّها تطير في الماء، لتتبعهما وتحفّ بهما آلاف الحوريّات والدّلافين والحيتان، وقد عانقت الأميرتان دلفينين وراحتا تسابقان الملكة ودلفينها، فيما ظلّت دليلة ومرافقتها الحوريّة’ تحلّقان فوق الجميع على مقربة من الفُلك.
خطرت "نسمة" ببال الملك لُقمان وتمنّى لو أنّه أحضرها معه وهو يرنو وملك الملوك إلى البحر مأخوذين بجمال المهرجان وروعة العوالم البحريّة، وما لبث الملك لقمان أن تذكّر ابنه وابنته وأمها ثمّ أقاربه وأصدقاءه فبلدته فموطنة فأوطانه فسكّان الأرض جميعاً لتغرورق عيناه بالدّموع.
كان ملك الملوك قد آثر السُّكر على السّباحة ومواقعة حوريّات البحر، على غير عادته، تنبّه إلى الملك لقمان ودموعه تنزلق على وجنيته، فهتف بدهشة:
"ما الذي ألمَّ بك يا مولاي؟"
مسح الملك دموعه، ثمَّ وضع يده فوق فمه وشاربيه وذقنه:
"تذكّرت الناس على كوكب الأرض أيّها الملك"
"يا مولاي كوكب الأرض غدا بفضلك جنّة من أروع الجنان، لا يوجد مثلها في السَّماوات كُلّها، فلِمَ أنت حزين عليه؟"
"هل حقّاً ما تقولُه أيّها الملك؟"
"طبعاً يا مولاي، هل نسيت أن هُناك ملايين الجن الذين زرعوا الخير في كل بقعة على الأرض؟"
"ألم يعد هُناك جيوش وقتل وموت، ولم يعد هُناك سجون ومخابرات وشرطة، ولم يعد هُناك جوع وأمراض، أحقاد وشرور وآثام؟!"
"لم يعد هناك شيء من كل هذا يا مولاي؟"
"ولم يعد هُناك فلسطيني وإسرائيلي، عربي ويهودي، صديق وعدو، كردي وتركي، شرقي وغربي، فقير وغني، عالم ثالث وعالم إمبريالي، أُمم غير متحدّة، ونظام عالمي غير جديد، مسحوق وساحق، مضطّهِد ومضطَّهَد، أبيض وأسود، أشقر وملوّن، مسلم ومسيحي، هندي وبوذي، شيعي وسنّي، رجعي وتقدّمي، متخلّف ومتحضّر، محجّبات وسافرات، عالم ملّوث وعالم غير ملوّث، أراضٍ محتلّة وبلدان مستعمرة، ظالمون ومظلومون، ناهبون ومنهوبون؟!"
"أبداً أبداً يا مولاي، لم يبق هُناك غير المحبّة، ولم يعد هُناك غير العدالة وتوزيع ثروات الأرض بالتساوي على مواطني الكوكب الذي غدا وطناً للجميع، فلتهدأ نفسُك، وليطمئن قلبك ولتقرّ عيناك!"
وفتح الملك لُقمان ذراعيه وراح يُعانق ملك الملوك وهو يهتف:
"أشكرك أيّها الملك"
وعبثاً حاول الملك لُقمان أن يكبح جماح هذه الدّموع اللعينة التي تنفلت منه دائماً دون إرادته.
وثبت الملكة والأميرات من البحر إلى مسبح الفُلك يرافقهن أربعة دلافين وأربع من حوريّات البحر، وشرعن جميعاً يتقافزن في المسبح بمصاحبة الدّلافين.
حانت من الملكة التفاتة نحو الملك فشاهدت آثار الكآبة ما تزال بادية على وجهه، تركت الدّلفين ووثبت من الماء مقوّسة جسدها لتلقي نفسها فوقه وتعانقه وهي تهتف:
"لِمَ أنت حزين يا حبيبي؟"
طوّقّها الملك بيديه وراح يعبث بشعرها المبتل:
"لست حزيناً يا حبيبتي، مجرّد خواطر عابرة مَرّت بمخيّلتي"
"ابتسم إذن!"
وابتسم ابتسامة خفيفة، قبّلته على شفتيه فبادلها القبلة وراح يمسح قطرات الماء عن وجهها.
"آسفة يا حبيبي، بللت ثيابك"
"ليست مشكلة"
"ألن تسبح؟"
"لا أشعر برغبة، وأخاف السّباحة في البحار والمسابح لأنّها تذكّرني بليلة رعب أمضيتها في مياه البحر الميّت"
"ماذا كنت تفعل ليلاً في البحر الميّت يا حبيبي؟"
"كنت خارجاً من الأرض المحتلّة"
"لا يوجد مُبرر لهذا الخوف الآن وأنت تسبح معي ومع حوريّات البحر الفاتنات يا حبيبي"
"والله ليس لديّ رغبة يا حبيبتي، ثمّ إلى متى ستظلّين عارية هكذا أمام ملك الملوك؟"
"تغار يا حبيبي"
"ليس مهماً أن أغار أولاً أغار، المهم أنّك لا تشعرين بالخجل يا حبيبتي"
"نحن لا نخجل من أجسادنا يا حبيبي"
"غريب أمركم، لا تخجلون من أجسادكم، ولا تخجلون من ممارسة الحب أمام بعضكم البعض، من أين أتيتم بهذه الأخلاق؟"
"نشأنا عليها يا حبيبي؟
"ويبدو أنني سأعتاد عليها بعد كل تنشئتي المُغايرة"
كم سيكون جميلاً لو تعتاد يا حبيبي؟"
نهض ملك الملوك وراح يتجوّل حول المسبح متأمّلاً جمال الحوريّات اللواتي بدون له صغيرات وفاتنات ومثيرات، ويبدو أنّه لم يعد يؤثر السُّكر على النساء في هذه الرّحلة، فقد هتف مخاطباً الملك لُقمان:
"حين نصل يا مولاي بلاد هاروت وماروت قد لا أنزل معكم وأظلّ أنعم بجمال الحوريّات"
وتعرى خلال لحظة وقفز إلى الماء لتتحلّق الحوريّات من حوله.
"ألم تتخلّص بعد من آلام سجن سُليمان أيّها الملك؟"
"آه يا مولاي، أحتاج إلى ثلاثة آلاف عام من النِّعم كي أتخلّص!"
"أوه! هذه قصّة طويلة أيّها الملك"
صعدت "نجمة الصّباح" مُخلية المسبح لأبيها، لتتبعها الأميرة "ظل السَّماء" فيما ظلّت دليلة تشارك الملك مُتعه مع حوريّات البحر.
استلقت الأميرتان على مسافة من المسبح إلى جانب بعض الورود المزروعة في أحواض فخّاريّة!
تساءَل الملك لقمان:
"هل تحبل حوريّات البحر من الجن؟"
أجابت الملكة:
"طبعاً يا حبيبي"
"ويلدن هُنا في البحر؟"
"أين إذن؟"
"هل هذا يعني أنَّ الجن لا يعرفون كل أولادهم وعددهم؟"
"مستحيل أن يعرفوا ذلك يا حبيبي!"
"عالم عجيب حقَّاً، بالمناسبة ما أخبار سحب السماوات أرى بطنك لا يكبر يا حبيبتي"
"للأسف يا حبيبي لم يكن حملاً كما توقّعت أنت!"
"ألم أقل لك؟ على أيّة حال أشعر أنّك لن تحملي مِنِّي إلاَّ من مواقعة أسطوريّة لم يحدث مثلها في تاريخ الجن والإنس!"
"شوّقتني لهذه المواقعة يا حبيبي كيف ستكون؟"
"ستكون أهم من مواقعة الإله آن للآلهة أنتومي، بل أهم من مواقعات الآلهة كُلّها، ولن تنسيها في حياتك يا حبيبتي، حتّى لو عشتِ مليون قرن!"
"يا حبيبي جعلتني أموت شغفاً لهذه المضاجعة المذهلة، أرجوك دعنا نفعلها الآن!"
"مستحيل أن تتم الآن وفي أعماق البحر مضاجعة أُسطوريّة من هذا الطّراز يا حبيبتي"
وتنهّدت الملكة من أعماقها هاتفة:
"أمري لله، لنقم بما هو عادي إذن إلى أن يحين وقت الأُسطوري"
"رُبّما عادي ممكن!"
وتنبّه الملك للأميرتين تلتحمان في عناق حار وآهات محمومة، فأضاف متسائلاً:
"حتّى الجنيّات يفعلن ذلك؟"
التفتت الملكة لترى الأميرتين تغرقان في الغرام:
"بعضهن يفضّلن النّساء على الرّجال يا حبيبي"
* * *
 -;-



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاهينيات (113) بعض قصص سليمان وبلقيس!
- الملك لقمان . الجزء الثاني.(4) تحطيم الأصنام !
- شاهينيات (112) أخبار الأيام أخبار مكررة عن شجرة العائلة التو ...
- ألملك لقمان.الجزء الثاني . (3 ) الآلهة الطيبون!
- الملك لقمان . الجزء الثاني.(2) عرش الإله داجون الحادي عشر.
- الملك لقمان .الجزء الثاني (1) حديث عن كلينتون في أعماق -خليج ...
- شاهينيات (111) قابيل وهابيل وحواء يختفون من شجرة العائلة الت ...
- ملحمة الملك لقمان (13) جهنم الإله داجون!( الفصل الأخير من ال ...
- الملك لقمان .(12) مساج كوني وحروب كوكبيّة!
- بوح الكلمات : خواطر .ذكريات . أشعار. قصص.
- ملحمة الملك لقمان (11) صِفات محمّدية وهدايا جنّية!
- شاهينيات الفصل (110) ملاك يهوة يبيد 185 ألف أشوري !
- ملحمة الملك لقمان : رؤية شيطانية وآيات ربانية .( رؤية الشيطا ...
- ملحمة الملك لقمان (9) ولادة وتنبؤات مأساوية!
- ملحمة الملك لقمان (8) تتويج في السماء
- شاهينيات . الفصل (109) محاولات تأريخية فاشلة لا علاقة لها با ...
- ملحمة الملك لقمان. (7) حرب جنية وغزل كوني !
- شاهينيات . الفصل (108) ياهو يجزر كل من اتبع عبادة البعل من ا ...
- (6) بطّيخ وبغال وزنى أبوي!!
- أسفار التوراة : قراءة نقد وتعليق . (3) قضاة . راعوث. صموئيل ...


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - الملك لقمان . الجزء الثاني. (5) عويل في الغابات!