أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني - نقد (الجدل السلبي) لليساري الراديكالي ثيودور ادورنو















المزيد.....



نقد (الجدل السلبي) لليساري الراديكالي ثيودور ادورنو


اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني

الحوار المتمدن-العدد: 4803 - 2015 / 5 / 11 - 00:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الفيلسوف الماركسي السوفييتي، ادوارد باتالوف، من كتابه، (فلسفة التمرد، نقد الأيديولوجيا اليسارية الراديكالية)

ان حقيقة كون النظرية الاجتماعية-النقدية القائمة على (الجدل السلبي) انما تقوم بتحليل المجتمع من خلال منظور (بعده الواحد)، وتدعو الى النفي الشامل لهذا المجتمع، وتتجاهل التناقضات الكامنة في مادة تحليلها-ان هذه الحقيقة لا تعني مع ذلك انها تغفل مشكلة التناقضات تماماً. فالنفي نفسه، الذي يجري تفسيره بروح (الجدل السلبي) انما يتناوله انصار هذه النظرية منطلقين من تفسير احادي الجانب للتناقض، وهو ما يتضح على وجه الخصوص في الأعمال الفلسفية والاجتماعية لثيودور ادورنو(1)
وعلى العكس من هربرت ماركوز، فان ادورنو لم يتمتع بشعبية واسعة بين اعضاء اليسار الجديد، بالنسبة لهم، كان مفرطاً في الأكاديمية، كما انه كان اقل اهتاماماً بحركات الاحتجاج مما كان يفعل ماركوز او سارتر. ومع ذلك، فان جوهر فلسفته وروحها الشاملة يلتقيان في الكثير من أعمال ماركوز-وهو ما يدعو اليسار الراديكالي، ومن ينتقدونه ايضاً، لوضع هذين الفيلسوفين في سلة واحدة.
واذا ما جئنا للنظرية، فان ادورنو حقاً اكثر (يسارية) و(راديكالية) من ماركوز، ولكنه مع ذلك اكثر انفصالاً عن العالم الواقعي، وكل ذلك على الرغم من انه عندما يزعم انه ينتقد التفكير التخطيطي المجرد وبناء المفاهيم العامة، فانه يحاول ان يضع ذلك في مواجهة اكتشاف الخصائص المحددة المتميزة لما هو فردي.
وبادئ ذي بدئ، فان هنالك الكثير مما يشترك فيه كل من ماركوز وادورنو، فكلاهما يشيدان نظاماً (للجدل السلبي) انطلاقاً من هيغل، ويعارضان افكاره بالشكل الذي يرفضان معه في النهاية فكرة هيغل عن النفي بوصفه عاملاً في الانتقال الى المركب synthesis الجديد (2). ويكمن ذلك في اصل انتقادهم (لمنطق الهوية) و(للقدرة الكلية للعقل)، اللذان يربطان بهما سيادة التفكير الوضعي الذي يرفضانه. ان ادورنو، شأنه في ذلك شأن ماركوز، ينتقد عند هيغل اعلائه للفكرة المطلقة، و(ديكتاتورية المفاهيم العامة)، والاعتماد المتسلسل المتبادل للمقولات الجدلية بالنسبة للجدل، وذلك حيث انه لا يرى في تسلسل الأفكار عند هيغل سوى نسخة من التسلسل Hierarchy الاجتماعي السياسي، سوى بناء مثالي للمجتمع يقوم على مبدأ السيطرة والخضوع. ويربط ادورنو اي تسلسل قائم بذاته من المفاهيم بدائرة مغلقة تحول دون نفاذ الفرد الى ما وراء حدود عالم معين، كما تحول دون ادراكه لعدم كمال هذا العالم، وهوما يؤسس بالتالي حدود (القمع الاجتماعي).

ويعارض ادورنو اطروحة هيغل القائلة بأن (الحقيقة هي الكل) بتأكيده ان (الكل غير حقيقي) (3)فالنظام القائم بذاته والكامل المتكامل انما هو شيء وهمي، فالعالم نفسه-وبقدر ما هو في حالة حركة، وبالتالي غير كامل في لحظة بعينها-لا يوفر في رأي ادورنو مبرراً لمحاولة (نظمه) بالشكل الذي لا يتركه عاطلاً عن العمل (4). وفي رأي ادورنو، فان هذا ينطبق بصورة اكبر على حالة (المجتمع البرجوازي المتأخر) حيث يتم تحقيق تماسك شامل للعناصر المكنوة لجهاز الدولة، وذلك على حساب تفسخ المؤسسات والروابط التقليدية. ويؤدي هذا التناول بأدورنو الى ان يستخلص ان الأشكال المقررة والمحددة للمفاهيم لا بد وأن تؤخذ كل على حدة، وتطرح في التقسيم الداخلي لأضدادها، ولكنه ذلك التقسيم الذي لا يتم تجاوزه Sublated عند تركيبه، بل الذي يستمر في الحالة الدائمة وغير العابرة للموضوع. وفي رأي ادورنو، فلا بد من استبدال (منطق الهوية) ب(منطق التفسخ): فهذا الأخير هو فقط القادر على ان ينتج بشكل كفؤ صورة للعالم الاجتماعي، حيث يصبح لكل غير ملموس تماماً بالنسبة للذات، وذلك بقدر ما يلتف هذا الكل بالاف (القطع) التي يمتصها الفرد دون وجود اي صله بينه وبين الكل.
وفي الأساس، فان كل من ادورنو وهيغل، رغم تقييماتهما المتعارضة على طول الخط للكل، الا انهما يعرفانه بلغة الجدل الذي يطبق على العالم الاجتماعي، ليس على عملية تطور هذا العالم، وانما على الأوضاع المحددة تاريخياً للمجتمع البرجوازي، على (المظاهر) التي تواجه الفرد. والأطروحات التي يقدمانها هي اضفاء للطابع المطلق على جانب واحد من التطور الاجتماعي، باعتبارها كلاًً كاملاً، بكافة مراحله التاريخية المتعاقبة.
وحقاً، فان الفرد في المجتمع الرأسمالي المتقدم يواجه عالماً مختلطاً تمزقه التناقضات، ويدركه ك(فوضى منظمة)، كمراة محطمة لا يرى في أجزائها سوى اجزاء معينة من وجهه، ولكنه لا يستطيع على الاطلاق ان يرى وجهه (ككل)، فالصورة الشاملة قد تشوهت بما لا يدع هناك مجالاً للمعرفة.
وفي هذه الأوضاع، فان رفض ادورنو لتناول الموضوع في تكامله (كشيء غير حقيقي) انما يعبر بدقة بالغة عن وعي مثل هذا الفرد. ولكن بمرجد ان يزعم ادورنو انه حقق شيئاً اكثر من مجرد اعادة انتاج هيكل هذا الوعي (المختلط)* فانه يكون بالأحرى فوق أرض هشة.
ان الموضوع مهما كان خاضعاً لتناقضاته الداخلية، الا انه يمثل في كل لحظة معينة نظاماً متسقاً مع نفسه، ومتكاملاُ بهذا المعنى، فاذا ما اصبحت ظاهرة معينة موضوعاً للمعرفة، فلن يكون السؤال عندئذ ما اذا كان يمكن النظر اليها كنظام متكامل ام لا: وانما كيف يمكن تحقيق أفضل تحديد وتعريف لها في نظام مناسب من المفاهيم، فحتى اذا اصبح العالم مجنوناً تماماً، فلن يمكن تناوله خارج نظام متكامل-هذا بالطبع اذا كنا نود أن نفهم جوهر هذا الجنون.
ان رفض التناول القائم على الأنظمة يؤدي حتماً الى تنازل (يقوم على العوامل) وهو التناول الذي لا يبعد كثيراً عن بناء اليوتوبيات، وهي الأنظمة الارادية الوهمية.
ان الانسان يشعر دائماً بالحاجة لأن يعيد في ذهنه بشكل مثالي انتاج العالم المحيط به ككل متكامل، يمكن داخل اطاره ان يجد مكاناً لنفسه، وأن يضفي على وجوده معنىً وهدفاً، وأن يستمد الثقة من فائدة وفاعلية ونشاط. وأكثر من ذلك، فكلما ازداد اغتراب وانقسام العالم أمامه، كلما ازداد قوة رغبته التلقائية في اعادة انتاج هذا الكل المتكامل. واذ يرفض الفرد متعمداً تناول العالم ككل متكامل، واذا لم يعد يجد لديه سوى مجموعة من (العوامل)، واذ يشعر في نفس الوقت بدافع داخلي لخلق مفهوم متكامل عن العالم، وهو التصور الذي يمكن بسهولة أن يقوده بعيداً الى عالم من الخيالات الهائلة أو الأوهام الطوباوية.

وفي الوقت الذي يؤكد فيه أدورنو بصورة متعمدة على الجانب التحليلي والهدام في الفكر، على (منطق التفسخ) الذي يحدد ويعرف التناقضات، فانه يرى في نفس الوقت أن اية محاولة للنظر الى التناقض كشيء قابل للحل، انما يعني العودة الى (منطق الهوية) وبالتالي الى القمع. ومع ذلك، حسب ما يقوله ادورنو، فعلى حين أن من المستحيل النظر الى التناقض كشيء قابل للحل، الا انه من قبيل الخطأ ايضاً تصوير اي بديل محدود، او حتى مجرد الأمل في ذلك، فالأمل يساوي الانحراف عن-أو الحيلولة دون-اي بديل.
وبطبيعة الحال، فان ادورنو لا يرى هذا الوصف للانقسام والطبيعة المتناقضة للعالم القائم كمجرد اثبات للوضع الفعلي للأمور، وانما ايضاً كوسيلة لتحريك الوعي (الكامن) و(المتكامل). فالمستقبل على اية حال-وفقاً لمنطق أدورنو-سيشرق على الرغم من الحاضر، وفي مواجهة خلفية (ظلامه)، كنتيجة لأنشظة الأفراد الذين ينشدون التقدم، بالتحديد لأنهم لا يرون حتى أدق ومضة من الأمل. ان النضال الحقيقي من أجل المستقبل يبدأ ببساطة عندما يصبح من المستحيل الحياة في العالم القائم، وعندما لا يعمل الضوء اللامع العاري للأمل الا على تهدئة حماسة وحزم الانسان عن ان يشرع في النضال(5).
وهنا يبدو أن ادورنو ما يزال اكثر (سلبيةً) واحاديةً من ماركوز، فماركوز، يمجد اولئك الذين يتبعون دون أمل طريق الرفرض الأعظم، وان كانوا يفعلون ذلك لأنهم لا يستطيعون أن يجدوا أساساً حقيقياً للأمل. فالنفي، من وجهة نظر ماركوز، هو رد فعل ازاء الطبيعة الخفية للتناقض: فلا بد من ادخل النفي الى النظام من خارجه.
اما ادورنو من الناحية الأخرى، فانه يضفي اهتماماه على تحديد التناقض وطرح تعريفه المفهومي، وهو ما يوفر اساساً للنفي. وهو في ذلك يضفي طابعاً مطلقاً ومؤبداً على التناقض، وعلى النفي أيضاً: فالتناقض يلقى تعبيراً عنه في النفي الدائم المطلق، ولكنه لا يلقى حله أو تجاوزه في هذا الأخير. ومن هنا خلاصة أدورنو المنطقية (الكل غير حقيقي). وهو يتفق هنا تماماً مع ماركوز، الذي عبر عن نفس الفكرة بنفس الألفاظ تقريباً. ويعلق زولتاي بذكاء على ذلك فيقول: (ان ادورنو لا يعترف الا بالموضوع والنقيض، فالاثبات والنفي بالنسبة له هما قطبان لا تربطهما اي صلات، ولا يمكن ان يتصل كل منهما بالاخر الا عند تفخيمها الى درجة بالغة، وهذا البناء الفلسفي لا علاقة له ب(المركب) Synthesis، بنفي النفي) (6).
وحيث أن ادورنو لا يقبل نظام هيغل، فانه يرفض مركب هيغل. فتقدم التطور الاجتماعي والتقدم الاجتماعي اللذات يجدان تعبيراً عنهما في فكرة المركب عند هيغل بوصفها وحدة (الاثبات) و(النفي) لم تكن ببساطة مجرد بناء تأملي بالنسبة للفيلسوف الألماني العظيم. أما ادورنو من الناحية الأخرى، فلا يعتبر العالم الحديث تجسيداً للحركة الوتقدم الى الأمام، بل كسلسلة متناقضة فوضوية من العوامل التي تنتظم في نظام متكامل(7). ان ادورنو في انتقاداته للنزعة المطلقة Absolution عند هيغل، انما هو متهم بدرجة مماثلة، ان لم تكن أكبر من هذه النزعة المطلقة، فعلى حين يضفي هيغل الطابع المطلق على الكل، على النظام، فان ادورنو يفعل نفس الشيء بالنسبة للتشرذم، للفوضى، ناسياً انه حتى الجنون (جنون عالم يباع ويشترى فيه كل شيء) له نظامه الخاص، كما لاحظنا من قبل.

ان ادورنو يرى العالم كما يراه الفرد المغترب الذي يعيش داخل هذا العالم، العالم الذي انقسم الى شطرين، (الاثبات) و(النفي) المتواجدان كلاً منهما بجوار الاخر، في حالة تماس ولكن دون ان يشكلا أي مركب Syntnesis كشيء مستقر أو نتيجة لتفاعلهما (7).
وفي الواقع الفعلي، فان جدل ادورنو لا يقدم الوضع الفعلي للعالم القائم بقدر ما يقدم حالة الوعي (المنقسم) لدى الفيلسوف نفسه، الذي يعمل على اعادة انتاج الفوضى الظاهرة في العالم الذي يواجهه، والذي لا يرى خارج حدوده وسيلة للهروب سوى الاستبطان Introspection المرضي.
ان الغاء الصفات التي تربط بين الاثبات والنفي بوصفهما اشكالاً تعبر عن الاستمرارية في التاريخ الانساني وفي تطور الثقافة، انما يعني في الأساس ايقاف هذا التطور: ويصبح العالم متجمداً في حالة من التشرذم الانقسامي، في حالة من التناقض الساكن الى الأبد. ويجري تثبيت اللحظة باعتبارها ألأبدية، كما يجري تثبيت النسبية باعتبارها الكارثة والمطلق، وباعتبارها الوضع غير المتغير الذي لا يمكن تجاوزه Sublated عن طريق تحقيق البديل، وكل ذلك لأنه لا يمكن تحديد البديل بصورة واضحة، وفي الفن، وعلى الأخص الموسيقى التي كانت الموضوع الخاص لأبحاث أدورنو في علم الاجتماع، فان هذه الحالة من التناقضات الثابتة تعبر عن نفسها بالتنافر (8)، اما في المجتمع فانها تعبر عن نفسها بالتنافر الاجتماعي (بالتفسخ) الذي يدفع الفرد لأن يظل في حالة تمرد دائم.
ويسعى أدورنو لأن يقنع الفرد باتخاذ موقف غير ممتثل ازاء العالم المحيط به، باتخاذ موقف نقدي من هذا العالم باعتباره شيئاً (مدنياً). الا أن هذا (الجدلي السلبي) لا يعطي للفرد اساساً ثابتاً لمثل هذا النقد، وعندما يدافع عن الجبهة اأخرى تماماً، فانه يحول غير الممتثل الى المتمرد، الذي تصبح الوسيلة بالنسبة له غايةً في حد ذاتها. ان أدورنو في فلسفته التي تهدف الى غاية (كشيء محدد وجوهري) يبدو عدمياً وصاحب رؤيا. ومع ذلك، فان هذا التمرد ذو الرؤيا انما هو تمرد لا يعرف الاعتدال ولا الحدود، تمرد يكسح كل شيء في طريقه، وهو بطبيعة الحال أبعد ما يكون عن الثورة الاجتماعية.

ويمكن ان نجد تأكيداً لذلك في مفاهيم كاتب، ليس هناك حقاً ما يربطه بمدرسة فرانكفورت، كما انه لم يعلن على الاطلاق انه يؤيد (الجدل السلبي) (9)، الا وهي التعاليم الماوية الخاصة بالتناقضات، والتي تعبر عن نفس روح العدمية التي تسود (الجدل السلبي) عند ادورنو. وبطبيعة الحال، فان من الخطأ اعتبار ماوتسي تونغ من ايديولوجيي الشباب المناضل في الغرب، ولكننا نجد مع ذلك في اقواله، مثلما نجد في أعمال ماركيوز وأدورنو وغيرهم، التبرير الفلسفي للتمرد.
ولن يكون من قبيل المبالغة القول بأن مجمل نظام افكار ماو يتمركز حول تعاليمه الخاصة بالتناقضات، والقائمة على اضفاء الطابع المطلق على الصراع بين الأضداد، واضفاء الطاع النسبي على وحدة هذه الأضداد. وهو يقول في (حول مسألة الحل الصحيح للتناقضات في صفوف الشعب)، أنه: (بالنسبة لأي شيء ملموس (ظاهرة) فان وحدة الأضداد مشروطة ومؤقتة وعابرة، وبالتالي فهي نسبية، اما الصراع بين الأضداد فهو مطلق).
واذا ما أجرينا مقارنة سطحية، فقد يبدو ان ذلك ليس سوى تكرار للعبارة الشهيرة التي طرحها لينين في العمل الذي لم يكتمل (حول مسألة الجدل)، والتي قال فيها: (ان وحدة (تطابق، توافق، تماثل فعل) الأضداد مشروطة ومؤقتة وعابرة ونسبية. اما صراع الأضداد المتقابلة تماماً فهو مطلق، بالضبط كما ان التطور والحركة مطلقان) (10).
الا انه لم يكن من قبيل المصادفة ان يشير لينين الى ان صراع الاضداد مطلق (كما ان التطور والحركة مطلقان). ان الطبيعة المطلقة لصراع الاضداد والطبيعة النسبية لوحدة الأضداد، يحملان هنا نفس المغزى الداخلي الذي تحمله الطبيعة المطلقة للحركة والطبيعة النسبية للسكون. ان الحركة مستحيلة بدون السكون، فهي تتضمن بالضرورة لحظات من السكون، ولكن الحركة مطلقة مع ذلك بمعنى التغير المستمر الذي لا ينقطع للسكون نفسه، بمعنى تعاقب اشكال مختلفة من السكون، ونفي كل شكل منها للاخر. ونفس الشيء ينطبق على وحدة وصراع الأضداد. فصراع الأضداد مطلق بمعنى النفي المستمر للأشكال المتعددة لوحدة هذه الأضداد، وهو مطلق بمعنى الطبيعة الدائمة للتطور، وليس بأي حال من الأحوال بمعنى نفي ضرورة السكون في الحركة ولحظة الاتصال المتبادل بين الأضداد.

وكيفما كان الشكل الذي تأخذه العلاقة بين البرجوازية والبروليتاريا في المراحل العديدة من تطور المجتمع الرأسمالي، فان البروليتاريا على الدوام، ومن خلال أنشطتها، تنفي البرجوازية كطبقة، وبالتالي تنفي نفسها كطبقة خاضعة للاضطهاد من قبل البرجوازية. ولا يمكن أن يحدث هذا النفي الا اذا كان هناك اتصال وتفاعل وتداخل مستمرين بين البرجوازية والبروليتاريا، الا أن هذا الاتصال يتغير باستمرار، وكل شكل محدد من هذا الاتصال انما هو شكل جزئي ومؤقت وغير مستقر، يعكس بوجه عام الطبيعة النسبية لوحدة الأضداد، كما يعكس بوجه عام التقابل بين البرجوازية والبروليتاريا.
ان صراع الأضداد يمكن أن يأخذ أشكالاً متعددة، فجانبي لتناقض (أحدهما ايجابي يحاول الحفاظ على التناقض القائم، بينما الاخر سلبي يحاول تدمير هذا التناقض) يميلان الى العمل في اتجاهات مضادة، ولكن في مراحل معينة من التطور، فان اتجاه عملهما قد يتوافق في أحد الأوجه، قد (يتطابق)، ويرجع ذلك الى أن قوى الاثبات والنفي يمكن أن تتوازن في وقت معين، وهو ما لا يؤدي الى انهاء صراع الأضداد كما يفترض ماكوز، واما كل ما يفعله هو أن يعطي لتطور هذه الأضداد طابعاً خاصاً. ويمكن رصد هذا (التوازن) في مراحل معينة من العملية الثورية عندما تكون البرجوازية التي استنزفها الصراع الطبقيؤي غير قادرة على الاحتفاظ بالسلطة، بينما تكون البروليتاريا غير قادرة بعد على الاستيلاء عليها.
وحسب ما يقوله ماوتسي تونغ، فان مجمل عملية التطور المتناقضة تتكون من فترتين متعاقبتين-فترات من (السكون) حيث تحدث لحظات الوحدة وفترات (الحركة) حين لا تكون هناك وحدة، وبمقتضى هذا التفسير، فان تطور أي عملية هو التعاقب الذي لا ينتهي لحالات التوازن واللاتوازن، وأكثر من ذلك، فان حالات اللاتوازن أو (كسر التوازن) تلعب الدور الأساسي في هذه العملية، وتظهر باعتبارها الحالة الطبيعية.
ويشير نقاد فلسفة ماوتسي تونغ بشكل صحيح الى أن مفهومه عن التحول المتبادل والميكانيكي للأضداد، مثلما هو الحال مع الكثير من (اكتشافاته اللامعة) الأخرى، يمكن ارجاعه عبر القرون الى الفلسفة الصينية التقليدية، ولكن لماذا يبدو مفهوم التحول الحلقي المتبادل للأضداد يمثل هذه الجاذبية لماوتسي تونغ؟
لقد حاول ماوتسي تونغ في صياغته لنظريته حول (اللاتوازن)، أن يقدم اساساً (نظرياً) للسياسات الخارجية والداخلية التي يتبعها، بما في ذلك سياسة شق الحركة الشيوعية الدولية. فمجمل تاريخ هذه الحركة يجري تصويره على أنه تأرجح رتيب لبندول ضخم: الوحدة-الانشقاق، الانشاق-الوحدة، مرات ومرات بنفس الشكل: في نفس الوقت الذي يعتبر فيه هذا التأرجح تعبيراً عن (جدل) العملية التاريخية. ويحاول الماويون، معتمدين في ذلك على نظرية اللاتوازن، أن يبرروا فكرة أنه من الضروري أن تحدث داخل كل بلد سلسلة من الثورات (الثقافية) بكل ما يصاحب ذلك من فوضى ودمار وارتباك، وليس من قبيل المصادفة أن الحرس الأحمر، أثناء رفعهم لشعارات فوضوية متمردة، كانوا يرجعون لأفكار ماوتسي تونغ. وقد أعلنت مجموعة منهم في حديث لمجلة هونغ تشي أن (الافاً والافاً من أفكار الماركسية يمكن تلخيصها على النحو التالي: ان التمر قضية عادلة، هذا هو جوهر فكر ماوتسي تونغ... ان الابتعاد عن التمرد هو ببساطة ولوغاً في التحريفية... اننا نريد أن نهدم العالم القديم(11)، أن ندمره الى فتات، وأن نبعث الفوضى، الفوضى الكاملة وكلما زادت الفوضى، كلما كان ذلك أفضل...) وهذا الرجوع من جانب الحرس الأحمر الى أفكار ماوتسي تونغ، ليس بمجرد التعبير عن الاجلال المألوف له، بل انه سعي وراء منبع للالهام (الخلاق) للمتمردين في الفوضوية.

المأساة الاجتماعية الكامنة في (الجدل السلبي)

ان (الجدل السلبي)، يقوم بوظيفة مزدوجة بالنسبة لليسار الراديكالي: فهو منهج لانتقاد المجتمع القائم، وهو منهج للفعل النقدي الموجه ضد المؤسسة. ويزعم الراديكاليون ، انهم يتبنون موقفاً ثابتاً متسقاً في ما يتعلق بالمجتمع القائم، رافضين كل المساومات وأنصاف الحلول والمبدأ الذي يحكم فعلهم هو (اما-أو). وأكثر من ذلك، فليس عليهم (كجدليين سلبيين) (اذا ارادوا أن يكونوا متسقين) أن يطرحوا أي بديل ملموس، بل يطرحون مكانه اما (الأمل) أو (النزوع) الداخلي الى المستقبل، الى التوقعات الغامضة (كما في حالة أدورنو). ولذلك، فان المتمرد شخص مأساوي، بقدر ما يدين بنفسه الى نضال أعمى، يواصله الى النهاية، حتى عندما يشعر داخل ذاته أن هذا النضال بلا أمل، ولكن المتمرد يلقى الهزيمة غالباً في مثل هذا لنضال، حيث أنه لا يعي الضرورة التاريخية الحقة. وبقدر ما يزعم (الجدل السلبي) أنه يصل الى ما وراء النشاط الذهني الخالص ويغزو مجال السياسة العملية، فان تحليله النقدي يفترض بشكل مسبق شيء يمتد الى ما واراء حدود التقييم المنطقي الخالص، وهو تحديد جوهره الاجتماعي-السياسي، خاصةً حيث أنه يعكس مصير خالقيه وأنصاره بوصفهم مثلين نموذجيين لذلك القطاع من الانتلجنسيا البرجوازية المميزة لتلك الفترات التي تشكل منعطفاً في تطور المجتمع الرأسمالي.
ان الجدل السلبي كان تجسيداً للمصير المأساوي لخالقيه ولجيل الانتلجنسيا الأوروبية الغربية-وخاصة الألمانية- التي يمثلها، وفيما يتعلق بأدورنو، فليس هناك من ينكر بأنه (بالمعنى الدقيق للكلمة، ابناً لسنوات العشرينات النابضة بالأشواق والمفعمة حتى حافتها بانكشاف الأوهام، وبالأعمال التي حددت التكوين العقلي والنفسي لجيل ما بعد الحرب، وما بعد الثورة في الغرب...
في أوروبا الغربية وما بعد الثورة في الغرب، لا يمكن لروح النفي الثوري أن تصل الى ذاتها في الممارسة... فثورات المجر وألمانيا، التي اخمدت وهي ما زالت بعد جنيناً، لم يكن لديها فرصة لتطوير امكانياتها، واضطرت (روح النفي الجدلية الشيطانية للعودة مرة اخرى الى مملكة الوعي، الى ذرى الثقافة والفن (المتسامية)، الى حيث انبعثت في الأساس، والى حيث الانسان الان، وقد تناول من شجرة الحياة وتذوق الجسد الحي، يجد الحياة أكثر ازدحاماً وأكثر وطأة بما لا يحتمل مما كانت عليه من قبل).
كان ذلك، هو المناخ الثقافي العام الذي شكل رؤيا العالم عند أدورنو وماركوز وفروم وعديد من الفلاسفة الاخرين الذين لم يكونوا-رغم كل انشغالهم (بالنقد)- نقديين بما يكفي لأن يمدوا أنشطتهم الى ماوراء حدود مجال الاجتهاد العقلية الخالصة.
ان (الجدل السلبي) ليس بتفسير جديد لجدل هيغل، كما أنه من الناحية الأخرى ليس بمحاكاة بسيطة لأي من المدارس الفلسفية المعاصرة، فهو قبل كل شيء وسيلة للتعبير الذاتي عن الراديكالي باعتباره (الفرد-الموقف)، مع استقراء مجمل الواقع الاجتماعي من هذا الموقف، والارتقاء بالمزاج العاطفي المرتبط بهذا الموقف، ليس فقط الى مصاف القاعدة الأخلاقية المطلقة، وانما ايضاً الى مرتبة القانون العام تقريباً للوجود الاجتماعي. وقد تتضح في هذا السياق كأوضح ما يكون الجذور الوجودية للفرضيات المنهجية العامة لـ(الجدل السلبي)، وعلى أية حال، فعندما يثبت أن هذا الموقف النظري ليس سوى وسيلة للتعبير الذاتي عن خالقه، فان المصير التاريخي لهذا الموقف النظري لا بد وأن يشاركه أقداره التعسة، كما يحدث في الغالب. ان (الجدل السلبي)، اذا نظرنا اليه كمبدأ نظري، يمكن أن يؤدي في مجال الفكر السياسي الى الرهوبية والعدمية، أو الى لتمرد الفوضوي، حيث تأخذ نزعات من هذا النوع شكل الفعل العملي بتأثير بعض الدوافع. وع ذلك، يثبت أن التمرد بلا قوة عندما يواجه دكتاتورية الطبقة الحاكمة التي تعتمد على القوة المسلحة، وعلى تقاليد الفكر المحافظ (اساساً كما يتجسد في الدولة البرجوازية) واذا لم يتم (تجاوز) Sublation المزاج المتمرد في نضال واع ومنظم وهادف، فسرعان ما سيفقد التمرد قوته لدافعه، ويستسلم المتمردون المستنزفون المنهكون لنفس المؤسسة التي حاولوا مؤخراً أن يدمروها.
ودون أن نحلل تفصيلاً تفصيلاً مسألة التأثير الاجتماعي-السياسي الحقيقي لحركة اليسار الجديد في الستينات، الا أنه ما زال بمقدورنا أن نقرر باطمئنان أن تكتيكات التمرد كسلاح سياسي، تكتيكات الفعل القائم على مبادئ النفي الخالص، انما هي تكتيكات لم تثبت صحتها، فهي تظهر عجز الحركة عن الاطاحة ليس فقط بالمؤسسات السياسية، وانما ايضاً بالمؤسسات الثقافية في المجتمع الرأسمالي المتقدم، واستبدال علاقات السيطرة والخضوع لعلاقات جديدة من لناحية الكيفية. وحتى اذا ما تمخضت حركة الاحتجاج عن بعض النتائج، فان ذلك كان يحدث اساساً عندما كانت تتحرك عكس المبدأ (الجدلي السلبي).

ولكن (الجدل السلبي) منتشر في عالم الفن أكثر من انتشاره في عالم السياسة،وحتى المدافعون عن (النظرية النقدية) يقرون بذلك، فماركوز، وأدورنو على وجه الخصوص، يركزون دائماً ابصارهم على العالم السامي للفن والأدبي باعتباره المجال الخالص للتجسيد الحقيقي (للجدل السلبي)، الذي تحققه أولاً وأساساً الطليعة الفنية التي يضمون اليها فنانين بالغي التباين والاختلاف مثل مالارميه وبودلير وبريتون وبريخت. وفي أعمال هؤلاء الفنانين، يغترض ماركوز وأدورنو أن (لغة الجدل والشعر تلتقيان على ارض واحدة. فالعامل المشترك بينهما هو السعي وراء (لغة صحيحة) -لغة النفي، لغة الرفض الأعظم، رفض قواعد اللعبة التي تدور بأوراق لعب مغشوشة، فالشعر هو... القدرة على نفي الأشياء، وهو القوة التي طالب هيغل كل فكر صحيح بأن يتملكها، رغم ما قد يبدو في ذلك من تناقض ظاهري)، وعلى أية حال، فان (الجدل السلبي) ليس متماسكاً كمبدأ نظري اذا ما جئنا لعلم الجمال والفن، حيث انه يدعو لفن لا يرتبط بالواقع. وحقاً، فان فناً من هذا النوع يمكن تفسيره كرمز للاحتجاج، وكوسيلة لمواجهة القارئ والمتلقي والمستمع بمسألة ما اذا كان يعيش حياةً ذات مغزى، وبمسألة ما اذا كانت الأعمال الفنية التي يستوعبها كمستهلك عام تمتلك قيمة فنية واجتماعية. الا ان الفن الذي يقوم على مبدأ النفي الشامل لا يقدم للمستهلك اجابات على الأسئلة التي تواجهه، ويتركه وحيداً وع نفسه، مع وعيه الذي بلا جذور، ودون اي ثقة في أن الصدمة النابعة من الوعي ستجبره على اعادة تقييم قيمه السابقة. ان تمزيق القناع عن وجه (العالم غير الحقيقي) وكشف مدى القبح الذي هو عليه في الواقع، ليس كافياً مع ذلك لجعل العالم افضل مما هو عليه.
ولكن حيث أن (الجدل السلبي) لم ينشأ كمبدأ نظري، وانما كنوع من الاستعارة البلاغية(12)، فانه يعود الى وضعه الأصلي دون ان يجني اي ثمار على صعيد الابداع الاجتماعي، ودون أن يخرج بأي قوة منتجة كمبدأ نظري، وعلى اي حال، فان (الجدل السلبي)، بعد أن مر بالدرجة القصوى من انشكاف الأوهام في العالم المحيط به دون ان يجد صلةً بهذا العالم، فانه يظل في المجال المنعزل (للشعر) السماوي دون أن يستطيع-حسب تعبير غوته-أن يبني جسراً ينقله الى عالم الحقيقة.
--------------
1- تيودور ادورنو 1903-1969: فيلسوف وعالم اجتماع وعالم جمال الماني، واستاذ بجامعة فرانكفورت، وتولى رئاسة معهد فرانكفورت للعلوم الاجتماعية، منذ عام 1953 حتى وفاته، وهو ينتمي لتلك المجموعة من الفلاسفة الألمان الذين تشكلت ارائهم بتأثير مدرسة فرانكفورت.
2- من الأهمية ان نشير في هذا السياق الى انه من وجهة نظر هيغل، فان النفي الجديد للخصائص السابقة عن طريق التجاوز Sublation انما هو ليس بالتخلي البسيط عن الخاصية القديمة. وبقول هيغل في عرضه لهذه الفكرة: (ان كلمة التجاوز aufreben في لغتنا لها معنى مزدوج: فهي تعني الحفاظ والابقاء، كما تعني في نفس الوقت التوقف والانتهاء. والابقاء الفعلي يتضمن المعنى السلبي، وهو ان شيئاً ما يتم انتزاعه من فوريته، وبالتالي من مجال الوجود الخاضع للتأثيرات الخارجية، وذلك بهدف استبقائه. وهكذا، فان هذا الذي يتم تجاوزه، يتم الابقاء عليه في نفس الوقت، وكل ما هنالك فقد فوريته فقط، ولكن دون ان يصيبه الدمار على الاطلاق من جراء ذلك.)

3- من كتاب ثيودور ادورنو، علم الأخلاق فرانكفورت 1970
4- هذه الفكرة التي تتواتر في اعمال ادورنو الرئيسية، نجده يكررها من جديد في البحث الذي قدمه (للمؤتمر السادس عشر لعلماء الاجتماع الألمان الغربيين) قبيل وفاته بوقت قصير (وفيه يقرر ادورنو انه كان تواقاً لا يحرم نفسه من فرصة فهم ان المغزى البالغ الأهمية للأبنية بالمقارنة بالمعطيات الملموسة لن يقيم التناقض بوصفها في مناحي القصور المنهجي والمحاولة الخاطئة "وأن يحاول بالتالي التخلص منها عن طريق التنسيق بين الأنظمة العلمية. وبدلاً من ذلك، فانه سيبحث التناقضات في البناء ذاته، الذي كان وسيظل متناقضاً، طالما كان هناك مجتمع بالمعنى الحقيقي للكلمة").انظر المحاضرة التمهيدية التي القاها تيودور ادورنو في (المؤتمر السادس عشر لعلماء الاجتماع الألمان الغربيين) بعنوان رأسمالية متأخرة ام مجتمع صناعي.

5- توصل ادورنو الى فكرته هذه في اثناء الحرب العالمية الثانية عندما كان يعيش كمهاجر في الولايات المتحدة الأمريكية، لا ينعم بأية اوهام، وفي نفس الوقت محروم من الأمل. ويتضح ذلك من مذكرت توماس مان التي اصبحت بالفعل تجذب اهتمام نقاد أدورنو. ويكتب مان في استعراضه لخلفية (دكتور فاوست) فيقول: "وعندما انتهيت من هذا الجزء، اي خاتمة الرواية، بعد اسبوعين من العمل-أو على الأقل عندما اعتقدت انني انتهيت-قرأته لأدورنو ذات ليلة في حجرتي، ولم يعلق على التفاصيل الموسيقية، ولكنه اكتأب من السطور الأربعين الأخيرة، والتي فيها حديث عن الأمل والرحمة بعد كل هذا السواد، والتي لم تكن هي نفس السطور في النسخة النهائية، وكانت مجرد غلطة. فقد كنت مفرطاً في التفاؤل وحب الخير والاستقامة، لقد اشعرت كثيراً من الضوء ووضعت قدراً كبيراً جداً من الارتياح... وعندما وضعت الشكل الأكثر حذراً الذي ظهرت به الرواية، معتمداً على عبارات (تسامي اليأس) و(المعجزة التي تصل الى ما وراء الايمان)، والمقطع الأخير الي يكثر اقتباسه، والذي يكاد يصل الى مستوى الشعر، والذي يذكر في كل مناقشة تدور حول الرواية، وهو المقطع الذي تتحول فيه نغمة الحزن الى (ضوء في الليل)". ويحكي مان كيف أن هذه النهاية لقيت قبولاً تاماً من جانب ادورنو.

6- د زولتاي، كتاب الثقافة الموسيقية في العصر الحديث في مراة النظرية الجمالية عند ثيودور ادورنو.

7- في المؤتمر السادس عشر لعلماء الاجتماع الألمان، اشار ادورنو الى انه على الرغم من ديناميكية ونمو الانتاج، فقد كانت هناك مع ذلك شواهد على حدوث وضع من الجمود، وينطبق هذا على علاقات الانتاج، التي لم تعد مجرد مسألة ملكية وسائل الانتاج، بل ايضاً مسألة تتعلق بالادارة التي تتضمن دور الدولة.

8- من الان فصاعداً، لن تكون الموسيقى قادرة على شيء سوى أن تجسد بداخل بنائها التناقضات الاجتماعية، التي تتحمل بدورها مسؤولية انعزالها، وكلما استطاعت الموسيقى أن تطبع بعمق على اشكالها قوة هذه التناقضات والحاجة لحلها، "وكلما استطاعت ان تعبر بوضوح، في تناقضات لغتها الشكلية الخاصة، عن أوضاع المجتمع المشئومة، مستخدمةً في ذلك المعاناة لكي تدعو للتغيير، فانها ستكون اكثر رقياً" (اقتباس من مقال د روزلتان) ويجب الا تضلل القارئ هذه الكلمات الخاصة بالحاجة لحل التناقضات، فهذه الحاجة تظهر في شكل المعاناة الأبدية وفي "تسامي اليأس"))

9- ان التفسير المبتذل لاراء ماركس يوفر مادة (الجدل السلبي)، كما يوفر مادة مجموعة الشعارات والمبادئ التي ظهرت في انحاء عديدة في العالم الثالث تحت اسم (فلسفة النفس).

10- فلاديمير لينين، (مجموعة الأعمال)- المجلد 38

11- نشير، أن الثورة الثقافية الصينية، لم تعنى بتدمير العالم (القديم) بعناصرة الرجعية المتخلفة، واقامة عالم جديد محله، بل يعني، كما حدث بالضبط في الصين، رفض كل الارث الثقافي والحضاري الانساني بـ(كل) عناصره، وصولاً الى نهايتها العدمية، أي نهايتها المنطقية. وليس أدل على ذلك، قيام الرحس الأحمر الصيني من قتل الأساتذة الكبار في السن، ورفض كل منجزاتهم الفلسفية، وقتل كل من يعارض توجهات ماوتسي تونغ في عداءه للاتحاد السوفييتي.
12- لم يكن دون سبب ان يشير جورجني هابرماس الى أن تناول الرفض الأعظم كمبدأ نظري كان نتيجةً للوهم من جانب اتباع ونقاد ماركوز، وايضاً نتيجةً لعدم الوضوح الذي يميز (الجدل السلبي) في عرضه لارائه. ان الرفض الأعظم ليس بأكثر من تعبير عن توجه معين، ولكنه ليس بموقف نظري بأي حال من الأحوال.



#اللجنة_الاعلامية_للحزب_الشيوعي_الاردني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول مفهوم التقدم، نص من كتاب-جدل الوعي العلمي- هشام غصيب
- اللغة والمجتمع، بوريس سربرنيكوف
- أحبولات الفكر التحليلي، نصوص من كتاب -جدل الوعي العلمي- هشام ...
- اصل اضطهاد النساء، نص من كتاب اصل المجتمع البشري، كريس هارما ...
- نصوص من كتاب مقدمات لدراسة المجتمع العربي، للدكتور هشام شراب ...
- علم الجمال (aesthetics)، اسسه العلمية ومراحله التاريخية
- المبادئ المعرفية للفلسفة الوجودية
- المادة والوعي
- البنيوية الفرنسية
- فلسفة كارل بوبر
- نظرية الانعكاس والفنون
- بيان صادر عن الحزب الشيوعي الاردني حول هجوم -داعش- الارهابي ...
- نصوص من كتاب المنطق الشكلي والمنطق الدياليكتيكي
- مقاطع من كتاب، الدين والجنس والصراع الطبقي، بوعلي ياسين
- صداقة هنريتش هاينه بكارل ماركس وزوجته, الصداقة الأبدية
- ظهور الحياة على وجه الأرض
- بعض الأسباب التاريخية لانبثاق ما يسمى (الاشتراكية العربية, ا ...
- سلسلة تاريخ نشوء الماركسية
- سلسلة مادية فويرباخ الانثروبولوجية.
- الأخلاق عند ماركوس اوراليوس


المزيد.....




- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني - نقد (الجدل السلبي) لليساري الراديكالي ثيودور ادورنو