أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السّلحوت - أوجاع الياسمين في اليوم السابع















المزيد.....

أوجاع الياسمين في اليوم السابع


جميل السّلحوت

الحوار المتمدن-العدد: 4802 - 2015 / 5 / 10 - 19:23
المحور: الادب والفن
    


أوجاع الياسمين في اليوم السابع
القدس: 4-5-2014 ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس مجموعة نصوص"أوجاع الياسمين" للكاتب الفلسطيني سلطان مي، صدرت المجموعة التي تحوي لوحات للفنّانة التشكيليّة ختام هيبي، عن دار الجندي للنّشر والتوزيع في القدس، وتقع في 166 صفحة من الحجم المتوسط.
بدأ النّقاش رفعت زيتون الذي أدار الجلسة، ولفت الانتباه إلى لغة النّصوص العالية.

وبعده تحدّث عبد الله دعيس فقال:
أوجاع الياسمين والبحث عن الذّات
عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس صدرت عام 2013 مجموعة نصوص للكاتب الفلسطيني سلطان ميّ،وتقع في 166 صفحة من الحجم المتوسط.
والقارئ لهذه النّصوص سيتساءل: هل يتوجّع الياسمين؟ وهل يتألّم الجمال؟ ما الألم الذي سيّطر على الكاتب عندما اختار هذا العنوان لنصوصه؟ وهل سينتصر الألم أم أن جمال الياسمين سيطغى على هذا الوجع؟ تساؤلات يثيرها عنوان الكتاب وغلافه الأسود القاتم الذي تظهر فيه زهرة ياسمين وحيدة مبللة بالندى.
ما إن نقتفي أثر النصوص التي خطها الكاتب، سلطان ميّ، حتى ندرك أننا أمام شخصيّة سوداويّة متشائمة لا ترى إلا الجانب المظلم من الماضي والحاضر، تجترّ الحزن والألم ولا تجد الفرح إلا في أحلامها، تهرب دوما من الواقع إلى الحلم. فالحلم هو طريقة الكاتب في الهروب من واقعه ووقاية نفسه من سقطة عنيفة في أتون الصراع النفسيّ الجارف الذي يجتاحه.
يصارع الكاتب رغبة مجنونة بالهجرة والهروب من الواقع، لكنه يتغلب على هذه الرغبة عن طريق الهروب إلى الخيال؛ حيث يعيش فيه مغامرات سعيدة مع معشوقة يصنعها بنفسه، ويفصّلها كما يريد، ويتحرر بعلاقته معها من كل القيم والحدود التي تحجمه في حياته الواقعيّة.
يبدو أن الكاتب يعاني من صراع نفسي عميق، وحيرة تعصف به، فيترجمها بكلمات وأحلام متداخلة. فكلما اضطربت نفسه بتلك الأفكار المجنونة الهمجيّة التي تسبب له الوجع والألم، هرب منها إلى الحلم ليصدها عن طريقه، فيخلق قصة خيالية يعيش فيها مع فتاة من صنع أحلامه، تكون طوع يديه، يأخذ منها ما يريد، فيكون هذا الحلم العنيف ردا على عنف الأفكار والاضطرابات التي تعصف به.
يبحث الكاتب من خلال نصوصه عن ذاته، لكنه لا يجدها، فهو تائه بين أفكاره المتلاطمة، غير مقتنع بكل ما يدور حوله. يتساءل دوما لماذا ؟ وكيف؟ لكنه لا يجد الإجابة الشافية على سؤاله، فهو يعاني من عذاب نفسيّ عميق، يعبّر عنه بطرق مختلفة وفي أماكن مختلفة، فالحيرة تلفّه وتهزّ كيانه. وهو يخاف من المجهول ولا يستطيع أن يتوقع ماذا ستجلب له نفسه إنه هو تخلّى عن أحلامه وعن عالمه الموازي الذي يعيشه فيه بعيدا عن الواقع. فهو يخلق لنفسه في كل صباح أو مساء أو ليل فتاة ترافقه، فيتحول إلى عاشق مرهف الإحساس جريء الوصف، فيخلق صورة متحركة يصفها بأدق التفاصيل وكأنها تحدث في الحقيقة. هذه الأحلام تبعده عن الانتحار الذي ينساق إليه كثير من الشباب الذين يقعون في براثن الصراع النفسي والحيرة والقلق، فهو ليس أنانيا رغم تمركز كتاباته حول ذاته، فلن يسمح لجنونه أن يقوده للانتحار، ولن يهرب إلى الموت ويترك العذاب للآخرين، لكنه يختار بدل ذلك أن يهرب من الواقع إلى أحلامه الورديّة.
الشخصية المحوريّة في نصوص الكاتب هي الكاتب نفسه، فهو يبدع في وصف كل الخلجات التي تدور داخله، ويمعن في الحوار الداخلي الذي يدور في نفسه. يقوم بذلك بأساليب متعددة متنوعة ومبتكرة أحيانا، فهو تارة يناجي المرآة وتارة نراه يحاور صديقا أو يحكي عن جارة أو شخصا يقابله في مطعم ثم ندرك أن كل هؤلاء الشخصيات ما هم إلا الكاتب نفسه، يتحدث عن نفسه من خلالهم.
ولا يترك الكاتب القارئ في حيرة من أمره، فيشير بين السطور إلى الأسباب التي قد تكون أوصلته إلى هذه الحالة من اليأس والقنوط والسوداويّة. فهو من قرية مهجرة ويعيش في قرية أخرى لاجئا غريبا، وتعاني هي الأخرى من وطء الاحتلال، وقد عاش طفولة كان فيها ضعيفا ذا بنية جسدية هزيلة لم تكن لديه القدرة على مجاراة أقرانه في استعراضهم لقوتهم، فترك ذلك ندبا في شخصيته.
تبرز الروح الوطنية في بعض نصوصه، فهو ابن فلسطين مؤمن بعدالة قضيتها ناقما على المحتل. لكنه يرى أن الواقع الفلسطيني سيء جدا، تشوبه حالة الانقسام والتشرذم. ولا يبدو مؤمنا بوطنه أو أمته، بل يحكمه التشاؤم عندما ينظر إلى مستقبل الوطن، ويتحدث عن العمل الوطني الفلسطيني بطريقة ساخرة تهكميّة، فهو لا يرى إلا الجانب المظلم، ويغفل عن البطولات التي قدمها ويقدما الشعب الفلسطيني من أجل الخلاص من الاحتلال. وبالمقابل فهو لا يخفي أمله الخافت في زوال الاحتلال، فيقول في صفحة 95: "سأحل عليها لفترة وجيزة كالضيوف الحاليين المحتلين هنا." ويتطرق بخجل إلى المواضيع الوطنية، مثل إضراب الأسرى عن الطعام، ونلمح قدرا يسيرا من لوم الكاتب لنفسه لانشغاله في أحلام العشق بعيدا عن تضحياتهم.
يكتب الكاتب بعفويّة ويطلق سجيّته على عنانها، فنراه أحيانا ينتقل من السرد إلى مخاطبة القارئ وكأنه شخص ماثل أمامه. ويبدع الكاتب في الوصف ورسم الصور المتكاملة المتحرّكة، فتراه يصف مشهدا عاديا، كأن يسير مثلا في شارع هادئ في الليل، لكنه يحوّل هذا المشهد بلغته الفنيّة وتشبيهاته وصوره إلى عالم خيالي مفعم بالحركة والحيويّة، فيستغل حركة الشجر أو القمر والغيوم لرسم لوحة فنيّة متحرّكة حتى أنك ترى المشهد أمامك كفيلم سينمائي متقن الإخراج.
في مقابل اللغة الفنيّة الجميلة التي استخدمها الكاتب، والتي يخفى معانيه من خلالها وراء الكلمات والنصوص، إلا أنه عندما يأتي لوصف الجنس يتخلّى عن ذلك ويبدو واضحا مباشرا دون تورية، يتعمّد الإخلال بالذوق والابتعاد عن الكلمات المهذّبة. وعندما اختار الكاتب أن يبتعد قليلا عن ذاته ويتحدث عن قضيّة وطنيّة في نص "لينا الفلسطينيّة" نرى الصور والرموز تتضاءل في هذا النص إلى حدّ كبير ويلجأ إلى اللغة التقريرية السردية المباشرة، خلافا لمعظم نصوصه.
وأخيرا فإن الكاتب يمجّد العزلة وكأنه يعيش مع نفسه وأحلامه بعيدا عن الناس الذين لا يؤمن كثيرا بقدرتهم على تغيير واقعهم، فهو يعيش نرجسيّة من نوع خاص لا تعني الاعجاب بالنفس بقدر ما تعني الانحصار داخل النفس والتركيز عليها ورؤية الدنيا من خلالها.
وكتبت سوسن عابدين الحشيم:
سلطان مي في نصوصه "أوجاع الياسمين" يكتب تأملاته في الحياة وأوجاعه، ويعبر عنها بأسلوب عاطفي وخيالي محلقا بكلمات ولغة شاعرية عميقة، في هذا الكتاب وعبر نصوصه المتنوعة وقصصه وتأملاته يذهب الشاعر إلى دمج اللغة بالخيال مستخدما مظاهر الطبيعة شمسها وقمرها وبحرها وجبالها وكل ما يربط الانسان على هذه الارض .... ففي ص34 بنصه صاحبنا الغريب يقول مقتبسا نصا من أرسطو طاليس "المكان الذي ابدعته الطبيعة لإظهار الكمال الأقصى الإنساني في مادة" الشاعر يحلم ويفكر ويتأمل ويخاطب قراءه في كثير من نصوصه ليهز مشاعرهم فيقول :"لطالما كنت أحلم بكتابة رواية تهز مشاعر القراء وتحرك القلوب الغافية .... رواية تنقل قراءها بخفة ليعيشوا في عالم آخر" كان كاتبنا هو بطل هذه النصوص النثرية فهو يبحث عن ذاته ويجدها متألمه وبائسة وعلى حافة الهاوية، فتلاحظ في كتاباته عاطفة التشاؤم من الحياة ففي ص 43 يقول "أحلامي كأيامي تدنو من فوهة الهاوية . أهو التشفي من سجلات الليالي القاحلة؟" وص 155 يقول "لم يأت الفرح مع المطر ولم تأت السلامة مع أختها الرحمة ولا أظن أنهما سيأتيان" لجأ الكاتب الى الأسلوب الخطابي في بعض نصوصه فها هو يخاطب قراءه بقوله "أرجوك أيها القارئ لا تكن عابر درب متطفلا في الحلم. لعلك تكمل كتابة هذا النص لترفع عني غيابا قد أرهق مخيلتي وحدائق سريرها" تطرق الكاتب في نصوصه إلى إحدى البطلات التي ثأرت من قتل جنود الاحتلال لأبيها كما في قصة لينا الفلسطينية، فهو يمجد الابطال والشهداء الذين رووا بدمائهم الأرض، في نصه حبال مفترسة ص 56 كان يحلق بخياله الواسع ليطير بالقارئ إلى عنان السماء حاملا آلام جمة يتحدث فيها عن الموت والفراق، فكانت العاطفة المأساوية تغلب على معظم نصوصه منتظرا الموت المحتم، كما هو واضح في نصه زيارة ليلية ص 62 ونصه على باب القيامة ص 100... نلاحظ على الكاتب تقديره لذاته واعجابه بها، وهي تختلف عن النرجسية، ففي قصته البطل ص 74 يحكي لنا قصته مع معلمته وعقابها له، وقصته التي اخترعها من خياله عن الوحش جعلت منه بطلا استطاع بخياله ونضوجه الفكري التغلب على الآخرين ذوي العضلات القوية... فالكاتب يقتبس قولا من جده فيقول "اذا أردت أن تكون بطلا عليك أن تكون شخصا دبلوماسيا وسياسيا محنكا" ويضعها على الغلاف ويرد على هذا المقوله بعبارته "أمّا أنا إن أولي وآخري حديقة لا تطل على أحد، مات ظلي تحت ورودها، ولا شيء يحملني وأحلامي سوى رب هذا البلد". كتاباته كانت تحمل في طياتها العفوية والشفافية والصدق، كان يمزج بين ثورته وعواطفه الجياشة من تجاربه العديدة الى هيامه وآماله من أجل الحرية والبقاء، يختم الكاتب نصوصه بافتخاره بنجاح نصوصه في التعبير عنها بصدق وأنّ شيطانه كان في حالة سكر عندما كتب وأفشى أسراره.
وشارك في النّقاش عدد من الحضور منهم: جميل السلحوت، رفعت زيتون، راتب حمد ولمى الخيري.



#جميل_السّلحوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محسوبيّات
- فساد
- فضيحة


المزيد.....




- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السّلحوت - أوجاع الياسمين في اليوم السابع