أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - حازم صاغية - أسئلة العبور إلى الحداثة














المزيد.....

أسئلة العبور إلى الحداثة


حازم صاغية

الحوار المتمدن-العدد: 4801 - 2015 / 5 / 9 - 10:09
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


حسناً فعل عصام الخفاجي بأن عرّب كتابه «ولادات متعسرة- العبور إلى الحداثة في أوروبا والمشرق» الصادر أصلاً بالإنجليزية. فبفعله هذا أضاف الخفاجي، العراقي الجنسية والأكاديمي المقيم في هولندا، عملاً مرجعياً بارزاً إلى المكتبة العربية، عملاً يسمه ويخترقه جهد بالغ الجدية من صفحته الأولى إلى صفحته الأخيرة. وأغلب الظن أن رهان الكاتب نجح فعلاً في نقد الفرادة والتفرد اللذين تزخر بهما دراسات تاريخية واجتماعية شتى صدرت في العقود القليلة الماضية، أكان فيما خص تناوله المسيرة الأوروبية الناجحة نحو الحداثة، أو ما خص تناول المسيرة/ المسيرات العربية المعاقة أو المتعثرة.

فهو يرى أن «الكثير من التوجهات الثقافوية، بل العنصرية، التي انتشرت في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، باتت تُستنسخ من قبل المدافعين عن الإسلام أو الهندوسية أو البوذية أو غيرها ممن استمدوا ذخيرتهم من عمل إدوارد سعيد "مبرهنين" بفضله على أن ثمة بالفعل عدواً عِرقياً أو دينياً اسمه الغرب، وأن الدفاع عن هوية المرء يمر عبر تبيان خصوصية الآخر وفساده كنظام وكمنظومة قيم». وفي هذا الإطار يحتل الإسلام السياسي موقعه في دائرة أعرض منه كثيراً، إذ «أدت أجواء الحرب الباردة إلى تحويل الصراع الأيديولوجي بين اليسار واليمين إلى صراع جغرافي وإثني. فقد أخذ ماركسيو المشرق، الذين حظوا بشعبية هائلة في إيران والعراق ولبنان وسوريا حتى نهاية ستينيات القرن العشرين على الأقل، ينتقلون تدريجياً (ومن غير تخطيط مسبق على الأغلب) من مهاجمة الرأسمالية إلى مهاجمة "الغرب". وهيأ تاريخ مؤلم من نهب وعدوان وإذلال الاستعمار والإمبريالية الغربية تربة خصبة للماوية»، وهي «فكر يزيح عن اليسار همّ الاتهام بالعنصرية حين يضع الأمم الفقيرة في مواجهة الأمم الغنية». وعلى غرار ما فعله «شترايسر» الألماني في التنظير لأمة ألمانية هي كلها بروليتارية تستغلها الأمم البورجوازية، ذهب الفكر القومي العربي، ولاسيما منه البعثي، إلى توحيد شعبوي فج بين القومية وما يسميه اشتراكية.

ولئن توقف الخفاجي خصوصاً عند نظريات التخلف والتنمية، لم يردعه عن ذلك أن تلك النظريات غدت عتيقة ومتقادمة، إذ إن هذا التقادم لم يحل -كما رأى بحق- دون راهنية تأثيرها على مثقفي منطقتنا العربية، خصوصاً على تأويل منطقتنا وتعقل تاريخها. بيد أن المؤلف إذ يقدم مئات الحجج النافية لنظرية الاستثناء، والمتصلة بعدد من بلدان أوروبا والشرق الأوسط، لا تقوده حججه إلى تغييب المسار الانحداري الذي عرفته منطقتنا لأسباب ملموسة يتصدرها عدم عبورها إلى الرأسمالية، من دون أن تكون لها البتة أي صلة بثنائية الشرق- الغرب أو ما يعادلها من ثنائيات.
وضداً على روايات فقيرة سائدة يبرهن المؤلف كيف أن المشاعر المناهضة للاستعمارين القديم والجديد لم تكن كافية لكي تلعب «دوراً حاسماً في رص وحدة سكان المشرق. فإنها لم تؤد يوماً إلى سيادة الأيديولوجيات القومية على أبناء الشعب الواحد، كما تبين حالتا إيران والعراق متعددتا القوميات». وبالمعنى نفسه، فلئنْ تدخّلت الدول الرأسمالية المتقدمة بعد الحرب العالمية الثانية «بهدف إعادة هيكلة اقتصاداتها ونجحت في ذلك إلى حد كبير»، فإن التدخل الأكبر لكثير من دول العالم الثالث لم يؤد «إلى التخفيف من حالة التخلف (...) وعليه فليس تدخل الدولة بحد ذاته تفسيراً لعدم صعود الرأسمالية الصناعية في المشرق».

وليس من المبالغة القول إن من تابع هذا اللون من الكتابات والتآليف، منذ أواخر الستينيات، يقع في كتاب عصام الخفاجي على نقد لمنظومات مديدة وكثيرة من المعارف التي تمت مداورتها على مدى العقود الماضية. يتم هذا عبر ماركسية سوسيولوجية رحبة ومتفاعلة بانفتاح مع سائر المدارس السوسيولوجية.

فإذا ما وضعنا، هنا، «الماكرو» جانباً، وتوقفنا عند الفوارق، المقيمة في بنية النص التحتية، لابد أن تستوقفنا إشارات، موسعة أو مقتضبة، كعدم نشوء التشكيلات الاجتماعية عن فراغ، وعلاقة التبادل بين الخارجي والداخلي فيها، وكيف أن المواطن الفرد متأثر في ولادته بالتمفصل بين بنية الأمة والرأسمالية أكثر منه بنشأة «الأمة» ذاتها، ودور المستوى المعرفي للجماعة في رسم حدود الإبداع والاختراع والقدرة على جعل الأفكار والتصورات واقعاً، واختلاف الموقع الاستراتيجي للدول وتأثيره على أنماط الإنتاج، ودور وعي الطبقات الحاكمة بضرورة أو عدم ضرورة المؤسسات.

ويوحي كتاب «ولادات متعسرة»، بعد الفراغ منه، بأن خلاصاته العامة تصلح مقدمة كبرى لعمل آخر عن المشرق العربي، أو ربما عن العراق، تستوحي تلك الخلاصات و«تطبقها». وفي الحالات جميعاً، فمع «ولادات متعسّرة» غنمت المكتبة العربية الفقيرة كتاباً بالغ الغنى.



#حازم_صاغية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطنية ومطالب الإصلاح الديني


المزيد.....




- سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
- نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
- برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
- مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
- روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
- -حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
- كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على ...
- وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون- ...
- رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - حازم صاغية - أسئلة العبور إلى الحداثة