أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - فلسفة مبسطة: درس في الفلسفة الواقعية..!















المزيد.....

فلسفة مبسطة: درس في الفلسفة الواقعية..!


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 4799 - 2015 / 5 / 7 - 22:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فلسفة مبسطة: درس في الفلسفة الواقعية..!

نبيل عودة

إحتد النقاش بين طلاب قسم الفلسفة حول مفهوم الواقعية. أحمد القى شبه محاضرة ادعى فيها ان النقاش الدائر حول الواقعية يفتقد لتحديد دقيق للفلسفة الواقعية التي يقصدها زملائه الطلاب . تابع شارحا وملفتا النظر لمعلوماته الواسعة بان هناك أشكال متنوعة من المفاهيم الفلسفية للواقعية، التي تطورت في اطارها مدارس فلسفية مختلفة وأضاف ان النظريات المختلفة في الفلسفة عن الواقعية، بدأت بما يعرف ب "الواقعة" (fact) كمفهوم فلسفي ومنطقي يتعامل مع الأحداث الموضوعية ، روابط الموضوعات، تفاعلها والتغيرات الحاصلة نتيجة التراكم او التفاعل ، الى جانب حقائق مجربة ومؤكدة علميا.
مرشد قاطع أحمد، "ليبرز نفسه" كما علقت بسخرية فاتنة ، اذ انه قطع اندماجها مع حديث أحمد الشيق .قال:" ان الواقعية تعرف نظريات متنوعة منذ الفلسفة الاغريقية وصولا الى العصر الوسيط وحتى عصرنا الراهن . لكنه لم يورد أي نموذج يمكن اعتماده في شرح موقفه بشكل "فلسفي ومنطقي" ، حسب تعبير المحاضر عندما كان يعلق منتقدا إجابات الطلاب التي لا تعتمد على مراجع تؤكد ما يورده الطالب.
حافظ أحمد على صمته، مشغلا فكره كما يبدو وبعد ان وجد فرصة هدوء مناسبة أضاف فارضا الصمت لسماعه: مفهوم الواقعية حظي باهتمام الفلاسفة الإغريق مثل أفلاطون وأرسطو..وكان هناك فلاسفة في العصر الوسيط طوروا مختلف النظريات عن الواقعية، حتى وصلنا الى القرن العشرين، لنجد ان فلسفة الواقعية أصبحت أحد المواضيع البارزة في الفلسفات الحديثة، مثلا تطورت الواقعية الجديدة التي تدمج بين الموضوعي والذاتي، الواقعي والذهني وذلك في اطار نظرية المعرفة. كان المميز الأساسي في هذه النظرية الفلسفية التي عرفت باسم الواقعية الجديدة، اعتمادها على التجربة. ثم تطورت نظرية الواقعية النقدية، التي أعتقد انها الأرقى والأكثر تركيبا.. وهذا التيار يؤكد على الخصوصية النوعية للوعي والمعرفة الإنسانية وحسب طروحاتهم تتشكل هذه المعرفة النوعية من ثلاثة عناصر: الذات، الموضوع والمعطيات التي على أساسها تبنى المعرفة حسب نظريتهم. أضاف ساخرا: بالطبع لا أنصحكم بقبول أي نظرية قبل الإلمام بكل نظريات المعرفة ودراستها.
فجأة ارتفع صوت فاتنة: صفقوا لأحمد لأنه قدم لنا درسا لفهم الفلسفة بأنها ليست من الأوهام التي نشانا عليها وان تفسيرات جدتي وجداتكم يجب ان نتركها خارج قاعة الفلسفة وأن نبدأ بتشكيل وعينا الذاتي وتجربتنا الذاتية.. حتى طه حسين اعطى معنى للواقعية حين قال في كتابه " الأدب الجاهلي" انه على الباحث "أن يتجرد من كل شيء كان يعلمه من قبل، وأن يستقبل موضوع بحثه خالي الذهن مما قيل فيه خلوّا تاما".
شارك طلال بمعلوماته قال ان الفلسفة الواقعية تنقسم إلى الواقعية الساذجة و الواقعية النقدية: الواقعية الساذجة تعني الموقف التلقائي للإنسان الذي يدرك الأشياء ويعتقد أنها موجودة كما يدركها، اما الواقعية النقدية هي تلك الواقعية التي يتدخل فيها العلم للقضاء على هذه السذاجة مستندا إلى موقفين أساسيين، أولا لا يوجد عالم واقعي مستقل عنا، ثانيا لا يمكن معرفة العالم الخارجي بطريق مباشر بل يجري إدراكه ابتداء من الحواس.
ساد الصمت بعد هذا الشرح المفاجئ،الذي نقل الطلاب من أفكار أولية حول الواقعية، إلى جو يبدو لهم صعبا ومليء بالقفز فوق الحواجز الغير سهلة، لكنهم اعتادوا على مصاعب الفلسفة وإنها مجرد حالة تسبق الفهم الصحيح للموضوع، بعدها يصبحون "منظرين ونقاد فلسفيين"، كما يصفهم سعيدا أستاذ الفلسفة.
اصر مرشد ان يضيف بان المدرسة الواقعية أعلت من شأن الحواس وأنزلت الفلسفة من سماء التأمل والُمثل إلى عالم الواقع والحواس وبذلك اتسعت ساحة المناهج التعليمية لأنها بدأت تشمل العلوم الفلكية والرياضية علاوة على العلوم الأدبية التقليدية.
اضافت فاتنة: يذهب كارل ماركس إلى أن الفلسفة يجب أن تُعبّر عن عصرها باعتبارها تتولد عن ذلك العصر، أما الضرب في الآفاق البعيدة التي ليس لها مساس بالعصر فلا يُعتبر ذلك فلسفة.
واوضحت ان ماركس قال ايضا: إن الفلاسفة لا يخرجون من الأرض كالفطر بل إنهم ثمرة عصرهم وبيئتهم إذ في الأفكار الفلسفية تتجلى أدق طاقات الشعوب و أثمنها وأخفاها.
كانت عينا مرشد تتعلقان بفاتنة وطريقة تعبيرها، فتنته منذ بداية الفصل الدراسي الأول، لكنها تتصرف مثل جنرال في ساحة حرب، جميلة وقاطعة في قراراتها.هذا يجعلها أكثر سحرا وفتنة ويجعل أحمد أكثر ترددا ووجلا قبل ان يتجرأ على طرح إعجابه. لكنه ، لسبب لا يدريه، قرر ان يضيف حكاية مقلدا أستاذ الفلسفة في سرد قصة فلسفية تلائم الموضوع ، لتسهيل فهمه ـ او لخلق جو مرح يخفف من مصاعب الدراسة، عبر قصة تظهر المفارقة بين موضوع الدرس والحكاية.
إهتم أحمد بان يرى ابتسامة فاتنة تشرق، لابتسامتها فعل السحر في قلبه وربما ليثبت لها انه ليس مجرد "ولد شاطر" في دروسه، بل خفيف دم أيضا. قال موجها حديثة لها: لدي يا فاتنة قصة عن الواقعية، ارجو ان تسمحوا لي بقصها . ساد الصمت . قالت فاتنة: كلنا نصغي لك. المحاضر هز رأسه موافقا. قال: قصة ساخرة عن الفلسفة الواقعية بالتطبيق وتتحدث عن ثلاثة محققين شباب جدد وصلوا لقسم التحقيقات في الشرطة. مدير القسم قرر، قبل ان يوزعهم على مكاتب قسمه، ان يفحص ما تعلموه في مدرسة الشرطة ومدى جاهزيتهم للعمل في قسمه.. أراد فحص قدراتهم على التحقق من مميزات هوية الجناة، من قدراتهم على تشكيل نظرة واقعية...
أخرج من جارور مكتبه صورة وقال للمحقق الشاب الأول:
- هذه صورة المتهم الذي تطارده... كيف ستتأكد من شخصيته؟
وأظهر له الصورة لخمسة ثوان فقط.
أجاب المحقق الشاب:
- هذا سهل.. توجد له عين واحدة فقط.
قال مدير القسم:
- ايها المحقق انا أريتك صورة جانبية لوجه المتهم وبهذه الحالة لن ترى الا عيناً واحدة.
نفس الأمر جرى مع المحقق الشاب الثاني.. أظهر له الصورة لخمسة ثوان فقط وقال له:
- هذه صورة المتهم الذي تطارده... كيف ستتأكد من شخصيته?
ابتسم المحقق الشاب الثاني وقال بثقة:
- أوه.. من السهل القبض عليه.. لأن له اذناً واحدة.
غضب مدير قسم التحقيقات من الإجابة الثانية أيضاً وقال بنرفزة:
- ما الذي يجري هنا ؟ من الواضح ان الصورة الجانبية لا تعطينا الا رؤية عينا واحدة وأذناً واحدة. هل هذا هو أفضل ما لديكما؟ هذه هي حدود فهمكما للواقع ؟
بغضب بارز طلب من المحقق الشاب الثالث ان يتأمل الصورة نفسها وسأله بنفاذ صبر:
- هذه صورة المتهم الذي تطارده... كيف ستتأكد من شخصيته؟
ركز المحقق الشاب الثالث تفكيره وابتسم وأجاب:
- المتهم يضع عدسات لاصقة..
المدير لم يكن مستعداً لمثل هذا الجواب الجديد، لأنه حقاً لا يعرف اذا كان المتهم يضع عدسات لاصقة، لكنه سعد لهذا الجواب الجديد من المحقق الشاب الثالث الذي يشير الى محاولة استعمال الفراسة الشخصية. قال:
- جواب مثير حقاً.. انتظروا قليلاً، سأفحص ملف المتهم صاحب الصورة.
دخل للحاسوب، بحث عن ملف المتهم. قرأ مقاطع من الملف وبانت ابتسامة على شفتيه:
- أمر لا يصدق.. هذا صحيح.. المتهم حقاً يضع عدسات لاصقة، تشخيص واقعي ممتاز. قل لنا، كيف استطعت ان تستنتج مسألة كهذه؟
أجاب المحقق الثالث:
- مسألة بسيطة سيدي القائد.. الشخص في الصورة لا يستطع ان يضع نظارات عادية لأن له عين واحدة وأذن واحدة!!
[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة مبسطة: راتسيوناليزم (RATIONALISM)
- فلسفة مبسطة: البوذية - فلسفة السعادة والشقاء
- الشيطان الذي في نفسي
- إضراب خجول
- النظام والشعب
- قصتان غير قصيرتين جدا
- فلسفة مبسطة: النسوية (فيمينيزم)
- فلسفة مبسطة: القوة - العدالة
- فلسفة مبسطة: المضامين
- فلسفة مبسطة: التشابه الجزئي
- وفاة الأديب الألماني غونتر غراس الذي أثار غضب إسرائيل
- فلسفة مبسطة: جولة في الفلسفة الوجودية
- فلسفة مبسطة: هل الحقيقة هي جزء من التحول الذي نطمح اليه؟!
- يوميات نصراوي: دفتر موسكو
- فلسفة مبسطة: ماركس يتبرأ من الماركسيين!!
- وداعا جورج غريب ، صديقا ، مناضلا وأديبا
- يوميات نصراوي: من قصص الانتفاضة
- يوميات نصراوي: كنت معها
- الناصرة أولا...
- يوميات نصراوي: احدات في الذاكرة من -استقلال اسرائيل-


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - فلسفة مبسطة: درس في الفلسفة الواقعية..!