أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إيمان احمد ونوس - في سورية.. كل يوم عيدٌ للشهداء














المزيد.....

في سورية.. كل يوم عيدٌ للشهداء


إيمان احمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 4799 - 2015 / 5 / 7 - 00:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    





شكّل قرار والي دمشق العثماني جمال باشا السفاح بإعدام كوكبة من خيرة مناضلي ومثقفي العرب آنذاك صدمة كبيرة لعموم العرب والسوريين، حيث نُفِّذ حكم الإعدام في ساحتي البرج ببيروت عام 1915 وساحة المرجة بدمشق عام 1916. وقد اتخذت الساحتين المذكورتين منذ ذلك التاريخ اسم ساحة الشهداء.
كان لتلك الحادثتين وما سبقهما وتلاهما من ممارسات العثمانيين الوحشية أبلغ الأثر في نفوس الشرفاء، لتشكلا فيما بعد نقطة انعطاف هامة في تخليد ذكرى الشهداء منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا، حيث أصبح السادس من أيار عيداً رسمياً للشهداء في سوريا ولبنان.
ولم تتوقف بعدها قوافل الشهداء على مساحة العالم العربي الذي وقع برمته تحت الانتداب الانكليزي- الفرنسي، حيث قدّم الشهداء قوافل وقرابين على مذابح الحرية والاستقلال منتصف القرن الماضي، وكذلك هو الأمر منذ ظهور اسرائيل في المنطقة خنجراً مسموماً في الجسد والجغرافية العربية، وكأن قدر هذه الشعوب أن تبقى رهينة مشيئة مستعمرين أرادوا وحتى يومنا هذا، أن تكون بلادنا مرتعاً لمصالحهم ومخططاتهم ونهبهم ونهمهم الذي لا يرتوي أبداً.
فهاهي سوريا اليوم وبعد مرور قرن على حادثة شهداء أيار، ومنذ أكثر من أربع سنوات، ما زالت تزفُّ أبناءها يومياً في حرب لم تشهد البشرية لها مثيلاً حتى أثناء الحربين العالميتين اللتين التهمتا ملايين البشر والجنود على مساحة العالم أجمع. لأن الحرب في سوريا، حرب عالمية بلبوس وأدوات وأساليب جديدة من جهة، مثلما هي في جانبها الآخر حرب أهلية بين إخوة الماضي الذين استفاق في ذاكرتهم تراث من التخلّف والتمييز على أساس الدين والطائفة عمره آلاف السنين، ولم تمحه لا قوانين الحضارة، ولا أسس التعايش التي ميّزت المجتمع السوري برمته منذ بدء تكوّن واستقرار المجتمعات وحتى ما قبل آذار 2011
ما يميّز الحرب في سورية عمّا سبقها من حروب، وما يُثير الدهشة والرعب والهلع فيها، هو تلك البربرية في التدمير الذي طال كل ما له علاقة بالتراث والتاريخ والحضارة، في سابقة لم يصل إليها هولاكو ذاته، إضافة إلى الهمجية والوحشية في طرائق وأدوات القتل التي أبى إنسان الكهوف والمغاور اللجوء إليها.
فمنذ اللحظة الأولى لاستخدام السلاح، توالى سقوط الشهداء بأعداد يومية لم تصلها أيّ من الحروب السابقة، وبطريقة وحشية تنمُّ عن حقد دفين وبغيض، حيث كان القتل يتم بطرق جماعية أكثر مما هي فردية، بمعنى أن يُقتل سكان قرية أو حي بالكامل، وأقلها أن تقتل أسرة بكاملها، أو عدة أفراد من أسرة واحدة، وأسهل الموت ما كان بالرصاص، لأنه تمّ اللجوء في كثير من الأحيان إلى الذبح كالنعاج، دون أدنى رهبة أو شفقة لطفل أو مسن أو امرأة أو حامل بجنين قد يُبقر بطنها في بعض الأحيان، وأيضاً القتل بطريقة الحرق حين توصد أبواب البيوت على ساكنيها وتُضرم النيران فيها. هذا على المستوى المدني، أمّا على المستوى العسكري، فحدّث ولا حرج عن الأعداد الضخمة للمقاتلين، لاسيما أولئك الذين يتعرضون للحصار، أو لكمائن مباغتة سواء على الحواجز أو في ثكناتهم أو قوافلهم المتنقلة.
هو ذا الحال منذ أربع سنوات في سوريا، ففي كل يوم ترتحل قوافل الشهداء ما بين شمال وشرق، أو جنوب وغرب، حتى لم يبقَ مكان في سوريا لم تُزف إليه جثامين الشهداء، ولم تنجُ أسرة من استقبال شهيد أو أكثر لأم واحدة، حتى أن العديد من الأمهات السوريات فقدن في هذه الحرب المجنونة أكثر من ثلاث أو أربع أبناء إن لم يكن أكثر، حتى غاب معنى الشهادة وقيمتها من أذهان الكثيرين، لأن أعداد الشهداء في الأسرة الواحدة فاق ما هو متوقع أو محتمل.
إن كل سوري اليوم، هو مشروع شهيد بين لحظة وأخرى، إن لم يكن بالطرق المذكورة آنفاً، فربما عن طريق القذائف أو الصواريخ عابرة المدن والأحياء، أو عن طرق التفجيرات التي صار حدوثها أمراً اعتيادياً ومتوقعاً في حياة السوريين.
من هنا، نجد أن عيد الشهداء في سوريا لم يبقَ رمزاً وذكرى نحتفل بهم أو نخلّدهم من خلالها، بل صار طقساً يومياً أفرغ الشهادة من كل معانيها.



#إيمان_احمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدة في قانون الأحوال الشخصية.. هل تتوافق ووضع المرأة العام ...
- أمومة مبتورة بأغلال المال


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إيمان احمد ونوس - في سورية.. كل يوم عيدٌ للشهداء