ابو الحسن بشير عمر
الحوار المتمدن-العدد: 4798 - 2015 / 5 / 6 - 20:56
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
أصبحنا جميعا نرى ان الصراع الايديولوجى الذى يطل برأسه منذ استفتاء 19 مارس 2011 " غزوة الصناديق " مازال يتصاعد بين مختلف الايديولوجيات فى المجتمع المصرى و خاصة الفصائل الثورية التى تتبنى تلك الايديولوجيات و التى شاركت و تشاركت فى ثورة الخامس و العشرين من يناير 2011 و توافقت جميعها على قيم موحدة , فكان محور الثورة حينها هو الصراع القيمى و كانت تلك القيم " العيش – الحرية – العدالة الاجتماعية – الكرامة انسانية " هى افراز لضمير الشعب المصرى مجتمعا بكافة فصائله الفكرية و الايديولوجية بغض النظر عن التباين بين تلك الايديولوجيات و اعتقد أن هذا هو سبب نجاح المرحلة الاولى من الثورة المصرية و التى تمكنت فيها مختلف فصائل الشعب المصرى من فرض التغيير على النظام و إسقاطه و تحويله إلى مجرد أنقاض لنظام بائد يحاول الظهور مجددا من خلال نظام هجين كالنظام الحالى .
- صراع الايديولوجيات " اليسار و التيار الاسلامى – أزمة الثورة المصرية "
تظل أزمة الثورة المصرية تكمن فى استمرار الصراع الايديولوجى او بمعنى أخر " صراع الهوية " و تعميمه على كافة مستويات الصراع السياسى و الاجتماعى فى الدولة و قد ترتب على إعلاء راية الصراع الإيديولوجى و تفضيله على الصراع القيمى فيما بين اليسار المصرى و التيار الاسلامى و إعادة تشكيل القوى الفاعلة على أساس أيديولوجى و ليس على أساس قيمى و الذى تسبب فى تمكين النظام القديم و شبكة المصالح المدعومة و المرتبطة بالنظام الاقليمى من عرقلة و إجهاض الثورة المصرية و تمهيد عودة النظام القديم من خلال نظام هجين فى إطار اصلاحى يعمل على إجهاض الثورة و مكافحة قيمها و ترويض فصائلها و تعمل كمنظومة حاضنة لمحاولات إعادة بنية النظام القديم , و يظل هذا النظام الهجين الاصلاحى فى مأمن طالما ظل صراع الهوية الذى تقوده الايديولوجيات يطغى على الصراع القيمى و يحيده عن الصراع السياسى و الاجتماعى .
- الاشتراكيون الثوريون و حزب مصر القوية " أمل و ألم "
أصبح التقارب بين حركة الاشتراكيين الثوريين و حزب مصر القوية مثار جدال و نقد من أغلب فصائل اليسار التى تنمى اليها الاولى و قد وصل الامر عند البعض الى رفض الفكرة تماما و مهاجمتها بل هناك من ذهب إلى ابعد من ذلك و كايل الاتهامات بالخيانة للمبادئ الايديولوجية , و لم ينظر هؤلاء إلى هذا التقارب من منظور الامل و من منطلقات و ثوابت قيم ثورة الخامس و العشرين من يناير بل نظر لهذا التقارب من المنظور الايديولوجى الجامد المتبنى لأفكار الصدام و الصراع الايديولوجى مع التيار الاسلامى مستندا الى مبررات تاريخية ظلت حائلا دون حدوث أية تفاهمات أو تقاربات بين الفصيلين عدا ما حدث فى الخامس و العشرين من يناير 2011 و هو الاستثناء الوحيد الناجح بغض النظر عن بعض المحاولات التى فرضتها عمومية قمع و اضطهاد الدولة للفصيلين معا فى فترات معينة , و على الرغم من أن التجربة أثبتت نجاح التحالف و التعاون بين الفصيلين فى مواجهة فساد و قمع النظام إلا ان اغلب التياريين لا يتقبل تكرار هذا التحالف أو التوافق , و مازالت ايديولوجيته تقف عائق فى مسار الثورة و تحول دون استكمال هذا المسار .
- عبد الناصر و تروتسكى بين الواقع و الحلم "أزمة اليسار المصرى "
يظل اليسار المصرى له خصوصيته و طبيعته التى قد تأثرت حتما مثلها مثل أية افكار أو ايديولوجيات قادمة الى مصر بتأثير المورث الحضارى و الفكرى و العقائدى للشعب المصرى و لم يتبنى اليسار المصرى وجهة واحدة او مدرسة واحدة بل تنوعت فصائله الفكرية ما بين الماركسيين و التروتوسكيين " الاشتراكيين الثوريين " و الناصريين و كانت الأزمة التاريخية لليسار المصرى هو عدم تمكنه من التجمع تحت مظلة واحدة أو حول محور واحد بل ظلت جميع فصائل اليسار فى صراع و تنازع فيما بينها , و الكل لا يرى فى الاخر سوى التناقضات التى تصطدم مع الرؤى الجامدة للنظريات فالاشتراكيين الثوريين لا يرون فى الناصرية سوى الستالينية و الناصريون لا يرون فى الاشتراكيين الثوريين سوى الثورة الدائمة التى تهدد استقرار قوميتهم و الحقيقة أن كلا الطرفين قد أبتعد عن الجوهر و الغاية المشتركة و هى العدالة الاجتماعية التى مازلنا نراها فى عبد الناصر كواقع تحقق تذوقنا معه طعم الاشتراكية و التعاون و العدالة الاجتماعية , ربما لم تكن النموذج المثالى لكنها شئنا ام أبينا هى النموذج الوحيد فى تاريخ أمتنا و شعوبنا فلم تكن قومية عبد الناصر سوى جزء من كل و هو أممية اليسار , و سيظل تروتسكى الحلم الذى يجب على اليسار أن يتنفسه فهو قمة التطور الإنسانى للاشتراكية ربما لم يكن النموذج الواقعى لكنه النموذج المثالى فالضمان الوحيد لعدم تكرار الاخطاء التاريخية و عدم تبريرها هو السعى الى المثالية حتى و إن لم نحصل عليها فلن يتحسن الواقع بدون حلم و لن يتحقق الحلم بدون واقع .
- يسار موحد " شعاع نور وسط صراع مظلم "
حلم ظل مسجون داخل تناقضنا و مفقود من ضمائرنا أطلق سراحه مجموعة من عظماء اليسار المصرى الذين يمثلون ضمير هذا اليسار على رأسهم الدكتور محمد دوير , و هم الان يزرعون ما سنحصده نحن غدا , انهم يستعيدون مشروع اليسار الكامن و يحققون ما نراه مستحيل و يقفزون على حدية التباين النظرى منطلقين من ثوابت الاشتراكية العلمية , إن حملة يسار موحد قد بعثت لنا الامل فى يسار يحتضر بعد أن أرهقته و أتعبته اعراض مرض الفرقة العضال فهو سرطان الافكار الذى كان سبب رئيسيا فى تهميش اليسار المصرى منذ نشأته و حتى الان و على الرغم من صعوبة و استحالة تحقيق حلم الوحدة إلا ان مؤسسين حملة يسار موحد قد بدأوا فعليا فى تحقيق هذا الحلم و تحويله لواقع يمهد للحلم أكبر أراه يلوح فى الافق أنها الأممية الخامسة قد يرانى البعض حالما متفائلا لكننى أراها واقعا مع حملة يسار موحد .
- الخلاف فى الايديولوجية لا يفسد للوحدة قضية
و فى النهاية قد لا يتفق معى أحد قد يرانى الجميع متناقضا أحب واقع الناصرية لكنى لست برجوازيا , و انتمى إلى تروتسكى فكريا لكنى لست حديا و أحلم بيسار موحد لكنى أسعى لوطن موحد بكافة فصائله الايديولوجية لكن سيسأل الجميع ما هو معيار هذه الوحدة هناك من يراها فى تعميم ايدولوجيته و لكنى أراها فى تعميم العدالة و الموضوعية و إعلاء الضمير الجمعى الانسانى على الذاتية الحدية ...... فعذرا أيها الرفاق لست متناقضا أو مستقطبا او برجوازيا لكنى فى النهاية " عداليا "
#ابو_الحسن_بشير_عمر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟