أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد الرحمن تيشوري - انضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية















المزيد.....


انضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية


عبد الرحمن تيشوري

الحوار المتمدن-العدد: 1332 - 2005 / 9 / 29 - 11:08
المحور: الادارة و الاقتصاد
    



كانت الطفرة الاقتصاديّة اليابانية في السبعينات وأوائل الثمانينات قد أذهلت العالم، وقد سماها الخبراء وقتئذٍ (المعجزة الاقتصاديّة اليابانية).
ومنذ سنوات أصيب العالم بدهشة مضاعفة عندما وجد الصين قد حقّقت تقدّماً اقتصادياً هائلاً ومتسارعاً عاماً بعد عام، وقد غيّر هذا التقدم الاقتصادي موقع الصين على خريطة التأثير الدولية، بل إنّ الصين تحوّلت في نظر العديد من المراقبين الغربيين الى مارد اقتصادي، وتمكنت من خلال النموّ الاقتصادي السريع في الاعوام الخمس عشرة ان تحقق صعوداً كبيراً، دفع بها الى مرتبة متقدّمة بين أقوى دول العالم اقتصادياً.
واذا طبّقنا معيار الناتج القومي الاجمالي، يكون الاقتصاد الصيني هو الثاني في قوته في العالم بعد الاقتصاد الامريكي، وهو الثاني في العالم من ناحية الضخامة، فقد استطاعت الصين ان تحقق نمواً اقتصادياً بنسبة 9,6% سنوياً في المتوسط في الفترة 1980-1991. وخلال الفترة نفسها حقق قطاع الصناعة نمواً بلغ 11,5% سنوياً في المتوسط. وكانت اهداف الخطّة الاقتصادية الصينية تحقيق معدل نموّ سنوي يبلغ 6%، فإذا هو يتجاوز هذا المعدّل، ويحقق معدّل نموّ سنوي يبلغ 11,7% بين عاميّ 1991- 1995، ولم يقتصر امر التوسع الكبير على النمو السريع للاقتصاد، ولكن العلاقات الاقتصادية للصين شهدت تطوراً هائلاً، وغطّت مجالات التجارة والاستثمارات ودفعت بالصين لأن تصبح عاشر أكبر قوّة تجاريّة في العالم منذ عام 1993.
فمنذ سنوات كسرت الصادرات الصينية حاجز المائة مليار، واقترب الفائض في الميزان التجاري لمصلحة الصين من عشرين مليار دولار.



وفيما يلي جدول يبين معدّلات النموّ والتضخّم والاستثمار الأجنبي في الصين (1988- 1996)( )

مقدار الاستثمار الاجنبي (مليون دولار) معدّل التضخّم معدّل النموّ السنة
3193 20,7% 9,9% 1988
- 26,3% 4,3% 1989
3487 1,4% 9,3% 1990
- 5,1% 8% 1991
11160 4% 13,2% 1992
17000 13% 13,4% 1993
26000 13% 14% 1994
- - 14,5% 1995
38000 - 15% 1996

وفي مجال الاستثمار الأجنبي، وافقت الصين، حتّى نهاية حزيران 1998 على 314533 مشروع استثماري أجنبي، بقيمة تعاقدية قدرها 545,3 مليار دولار، ورأس مال قدره 242,3 مليار دولار، وبذلك أصبحت الصين ثاني أكبر مستقبل للاستثمارات في العالم بعد الولايات المتّحدة.






المطلب الأول- العلاقات التجاريّة الصينية الامريكية.
بعد ان قررت الصين في عام 1978، اتباع سياسة الانفتاح الاقتصادي العالمي، وتطبيق التجربة الاشتراكية الصينية، ابدت الدول الغربية اهتماماً ملحوظاً بعلاقاتها التجاريّة مع ذلك البلد الآسيوي الذي بدأ يظهر كعملاق اقتصادي ضخم، من خلال زيادة صادراتها ووارداتها منها واليها، والولايات المتحدة من بين الدول الغربية التي ادركت مدى الفائدة التي يمكن ان تجنيها من علاقاتها الاقتصادية مع بكين، والذي قد يؤدي ايضاً الى استيعاب الصين بعيداً عن المعسكر الشرقي، وعزل شيوعيتها وهكذا فإن المصالح التجارية بين الولايات المتحدة والصين بمثابة المحرك الرئيسي لتدشين علاقات الشراكة بينما تعتبر الصين رابع اكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، فقد بلغت الصادرات الامريكيّة الى السوق الصينية 17% من الصادرات الامريكية في عام 1991، و19% من الصادرات الامريكية عام 1992. وتقدّر بحوالي 8 بليون دولار، ومعظم تلك الصادرات من السلع ذات التكنولوجيا المعقذدة، وبالمقابل فإن السوق الامريكية تستوعب حواي 35% من صادرات الصين، وتحقق الصين فائضاً تجارياً هائلاً من علاقاتها مع الولايات المتحدة، التي بلغت 55 بليون دولار عام 1998 وفقاً للإحصاءات الأمريكية.
وتحقق العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة منفعة متبادلة للدولتين، فالولايات المتّحدة تعتبر المصدر.







وفيما يلي قيمة التبادل التجاري الصيني- الأمريكي
بين عامي 1996- 1998 بالمليون دولار

الواردات الأمريكية الصادرات الأمريكية 1996
51495,3 1977,9 الصين
29910,8 18412,8 تايوان
9867,5 1955,8 هونغ كونغ
62551,9 12805,4 الصين1997
32624 20387,9 تايوان
10296,8 15114,8 هونغ كونغ
7155,81 14257,95 الصين1998
33122,9 18157,13 تايوان
10528,40 12923,48 هونغ كونغ

الأول للاستثمار الاجنبي في الصين، فبنهاية العام 1998 زاد عدد المشروعات الأمريكية في الصين عن 26 ألف مشروع، تزيد قيمتها عن 46 بليون دولار، كما بلغ الاستثمار المباشر للشركات الأمريكية في الصين حوالي 21 مليون دولار، في الوقت ذاته تعتبر الصين سوقاً كبيراً لمنتجات الولايات المتحدة، وخاصّة التكنولوجيا المتقدّمة. وتزيد مبيعات بعض الشركات الأمريكية للصين، مثل شركة أي.ب.أم وموتورلا، عن بليون دولار.
من أهم المشكلات التي تواجه الدولتين في إدارة علاقاتهما التجارية، قضيّة ربط الولايات المتحدة التجديد السنوي لوضع الصين كدولة اولى في الرعاية، بوضع حقوق الانسان فيها.


المطلب الثاني- محاولات الصين للدخول الى منظّمة التجارة العالميّة:
من المؤسف بالنسبة للصين ان المفاوضات حول موضع استعادة الصين مكانتها في الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة (الجات) باعتبارها من الدول الموقعة عليها، لم تتم قبل تأسيس منظمّة التجارة العالمية رسمياً عام 1995، وخلال المفاوضات التي استغرقت ثمان سنوات، بذلت الصين جهوداً دائبة، مثل التوقيع على الوثائق الأخيرة لمفاوضات جولة اوروغواي التجاريّة واتفاقيّة منظمّة التجارة العالميّة، وكلّ ذلك برهن ان الصين قدمت تنازلات كثيرة، باعتبارها دولة نامية، ولم تتوصّل المفاوضات الى رأي موحّد، لأن الدول الأعضاء في المنظّمة طالبت بشروط تعتبرها الصين مفرطة وفوق طاقة الصين في مرحلة تطوّرها الحاليّة.
وخلال السنوات الأخيرة، عمقّت الصين اصلاح النظام التجاري والاقتصادي، وجعلت نظام تجارتها يطابق نظام الجات، فنضجت الظروف الأساسيّة لانضمامها الى منظّمة التجارة العالميّة على نحو تام. فمنذ عام 1992 خفضت الصين معدّل الرسوم الجمركية على نطاق واسع اربع مرات.
خفضت الصين عام 1992 معدل الرسوم الجمركية على 2898 سلعة، وفي عام 1993 خفضت نفس المعدل على 3317 سلعة، وفي عام 1996 خفضته على 4900 سلعة، منذ الأول من تشرين الثاني 1997 خفضته على 4874 سلعة، فبلغت نسبة التخفيض 26% وانخفض معدل مستوى الرسوم الجمركية من 23% الى 17% وقد أكّد هذا التخفيض المستمرّ والكبير لمعدل الرسوم الجمركية عزيمة الصين على توسيع الانفتاح وتعميق الاصلاح ان الموقف الذي تتخذه الحكومة الصينية حول انضمامها الى منظمة التجارة العالمية هو انها تلتزم بواجباتها المتفقة مع مستوى تنميتها الاقتصادية، باعتبارها دولة نامية مقدما، وباتفاقية جولة اوروغواي اساساً.
وقد أدى رفض الولايات المتحدة انضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية، رغم التنازلات الكبيرة التي قدمها رئيس الوزراء الصيني زورونجي في زيارته للولايات المتحدة في نيسان 1998، الى اعلان الصين عزمها على اتخاذ مواقف اكثر تشدداً في مفاوضات انضمامها لمنظمة التجارة العالمية في اوّل اشارة الى القطّاعات الصينية الداخلية المعارضة للانضمام.

المطلب الثالث- المعارضة الأمريكية لدخول الصين الى منظمة التجارة العالمية:
كلما اقتربت المحادثات الامريكية- الصينية باتجاه عودة بكين لمنظمة التجارة العالمية من الاستئناف، ومن قطع خطوات جديدة، فإن المختصين الامريكيين يعودون للعزف على وتر الفائض التجاري الأمريكي مع الصين من اجل الحصول على ميزات جديدة. او نسبة أكبر في السوق الصينية الواسعة. وهذه حقيقة بات يدركها حتّى غير المختصّين او المتابعين لعلاقات البلدين، وتشير تقاريرنشرتها الحكومة الأمريكية الى أن العجز التجاري المريكي مع الصين ربّما يزيد بعد انضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية، وحذرت هذه التقارير من ان المنتجين المريكيين للأحذية والملابس والمنتجات الخشبيّة قد يتعرضون للضرر، رغم أن الشركات الأمريكيّة لصناعة الطائرات والآلات الثقيلة والكيماويات هي المستفيدة من مثل هذه الخطوة.
ويرى المحللون ان مثل هذه التقارير قد تصعد معارضة المعارضين في الكونغرس الامريكي لعودة الصين الى منظمة التجارة العالمية، ويذكر ان مشروعين امريكيين عارضوا بالفعل مسعى الصين للانضمام الى منظمة التجارة العالمية التي تضمّ 134 عضوا، استناداً الى مخاوف بشأن حقوق الانسان وحقوق العمّال فضلاً عن مستوى العجز التجاري مع الصين الذي بلغ 57 مليار دولار عام 1998.
وفي تقرير للجنة مستقلة للتجارة الدولية، اوضحت ان عضوية منظمة التجارة العالمية ستدعم الناتج الاقتصادي الصيني بما يصل الى 4%، كما ستزيد الصادرات الصينية بنسبة 14% بينما ستقفز الواردات بنسبة 14% في حين اشار التقرير الى ان الاقتصاد الأمريكي لن يحصل الاّ على دعم ضئيل سينجم عن تخفيض التعرفة الجمركية الصينية ودعم الصادرات الامريكيّة الى الصين بنحو 27 مليار دولار او عشرة في المئة، الا ان الواردات من الصين سترتفع قرابة44 مليار دولار او نحو سبعة في المائة.
وتقدم السياسة الامريكية تجاه الصين نموذجاً للتخبّط، فالولايات المتحدة التي تدعوا الى حريّة التجارة العالمية، تقف امام انضمام الصين كعضو في منظمّة التجارة العالمية بسبب رغبة الصين في الانضمام اليها كدولة نامية، في حين تصرّ الولايات المتّحدة على انضمام الصين كدولة متقدّمة، حتّى لاتتمتع بالمزايا الخاصّة بالدول النامية، وهو ماأدّى الى عدم انضمام الصين لمنظّمة التجارة العالمية حتّى الآن، ويأتي هذا في ظلّ هدف معلن للسياسة الامريكيّة تتلخّص بضرورة انضمام الصين الى الاقتصادي العالمي.
ومن اهم المشاكل التي تقف حائلاً دون الوصول الى اتفاق بشأن انضمام الصين الى منظمة التجارة العالميّة مسألة حقوق الملكيّة الفرديّة

الخلافات الصينية- الامريكية حول حقوق الملكيّة الفرديّة( ):
نشبت خلافات تجارية بين الصين والولايات المتّحدة الامريكيّة كادت ان تتطوّر الى حرب تجاريّة جديدة تضاف الى الحروب التجارية التي تظهر بين فترة وأخرى في إطار العلاقات بين القوى الاقتصاديّة العظمى، لكن الخلافات الصينيّة- الامريكيّة هي خلافات من نوع جديد، فالخلافات التي تم إثارتها لا تتعلق بآليات التعامل التجاري الصرف بين الدول، كالإغراق او الدعم او الضرائب الجمركيّة أو العوائق الادارية الأخرى، وإنّما تتعلّق بمسألة حساسة هي (حقوق النسخ) التي تعد جزءاً مهماً من حقوق الملكية الفكريّة. اي ملكية النتاج الفكري المتعلّقة بالاسطوانات والشرائط المسجّلة، والكتب والدوريّات، وبرامج الكمبيوتر، وجميع المنتوجات المسموعة المرئية (أودتيجوال). كما ان هناك طائفة أخرى مهمة من النتاج الفكري، مثل الوصفات الكيميائية والزراعية والعلامات التجارية.
وقد وجّهت الولايات المتحدة اتهامات للصين في مطلع عام 1995 حول ما اسمته (القرصنة الاقتصادية) مشيرة بذلك الى أن هناك شركات في الصين تقوم بنسخ اسطوانات الليزر الامريكيّة والاشرطة المسجّلة، واستخدام العلامات التجاريّة الامريكية على منتجاتها دون استئذان المالك الأمريكي الفعلي لهذه المنتوجات. وقد وضعت واشنطن قائمة من 35 منتج صيني ادّعت انها انتجت على أساس سرقة الحلول والعلاقات التجاريّة الامريكيّة ، وتضمّ القائمة منتجات عديدة من البلاستيك ومنتجات إلكترونية متطوّرة اضافة الى منتجات رياضيّة.
وقد هدّدت الولايات المتحدة الصين، في بداية شباط 1995، أنّها ستفرض رسوماً جمركيّة بنسبة 100% على بضائع تستوردها من الصين، وقيمتها حوالي 11 مليار دولار، اذا لم تبدأ الصين بعقد مفاوضات جادّة مع الجانب الأمريكي حول الموضوع، وردت الصين بتهديد مضاد، حيث أعلنت انّها ستفرض رسوماً جمركيّة بنسبة 100% على البضائع الامريكيّة التي تستوردها. وكان من المفروض أن يبدأ الجانبان تنفيذ عقوباتهما في نهاية شباط 1995 اذا لم تنجح المفاوضات التي عقدت في الصين، وركّز خلالها المفاوضون من الجانبين على تجنّب حرب تجاريّة قد تشتعل اذا نفذت كلّ من بكين وواشنطن تهديداتها.
وتطالب واشنطن بمعاقبة الشركات الصينية التي تتعدى على حقوق الملكية الفكرية، وعلى ضرورة احترام اللوائح والقوانين التي تعتمدها التجارة الدوليّة.
كما تشير الخلافات الصينية- الامريكيّة الى ظاهرة هامة بدأت تسيطر في مجال العلاقات الدوليّة، وهي ظاهرة الحروب التجاريّة، وهذا النوع من الحروب يؤكّد ان عالمنا مايزال بعيداً عن التنظيم الكامل لعلاقات الدول وهو التنظيم الذي لايمكن ان يكون مستقراً الاّ اذا استند الى مبدأ التكافؤ والمساواة واحترام حق كل شعب بالتطور والمستقبل. ويكتسب هذا المبدأ أهميّة خاصّة في تحديد سياسة الولايات المتحّدة تجاه الصين رغم كلّ الضغوط، هذا البلد الكبير الذي أصرّ على الالتزام بخياره الحرفي.
وغالباً ماتنتهز الولايات المتحدة ظواهر هامشيّة لإثارة المشاكل مع الصين، بهدف الضغط او الاساءة لمكانتها الدولية او لخلق بؤرة جديدة للتوتر، وقد سبق للولايات المتحدة ان حاولت في فترات سابقة الضغط على الصين اقتصادياً تحت اطار حقوق الانسان، ولكنها تستجيب للضغوط، وتعاملت بمرونة لتلافيها، وقد تكون إثارة المشاكل حول حقوق الملكيّة الفكرية الآن نتاجاً لهذا النوع من الدوافع.
أمّا على الجانب الصيني، فإن الحكومة الصينيّة اتخذت العديد من الاجراءات في محاولة منها لحل هذه المشكلة ومن هذه الاجراءات: انضمت الصين الى المنظمة العالمية لحقوق الملكيّة الفكريّة في 3 حزيران 1980، وعقب ذلك بدأت الصين في سن سلسلة من القوانين والاجراءات المتعلّقة بحماية الملكيّة الفكريّة، فأصدرت قوانين العلاقة التجاريّة وبراءة الاختراع وخقوق الطبع والنشر لجمهوريّة الصين الشعبية في الفترة الواقعة بين عامي 1982 و1993، كما أصدرت الحكومة الصينية ( قانونا لمكافحة المنافسة غير العادلة) وبذلك أصبح لدى الصين نظام لحماية حقوق الملكيّة الفكرية.
ولكن مع ذلك بقيت فجوة بين المفاهيم الصينية والدولية حول كيفية حماية حقوق الملكية الفكرية، فكثير من ارباب الصناعات الأجانب، عندما دخلوا السوق الصينية، طالبوا بمراجعة قوانين السطو والقرصنة الفكرية، فوجدت الصين نفسها امام خيارين وهما: اولاً أن تبقي الحالة القائمة، وتجنب منتجاتها الوطنية الضغط الدولي، ولكن على حساب البقاء بعيداً عن المنظمة الدولية لمكافحة القرصنة الفكرية، او ان تقوم بقمع الشركات الصينية والافراد المتورطين في هذه الاعمال لإرضاء الرأي العام الدولي. والصين فضلت الخيار الثاني.
فقد وقعت الصين على اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية عام 1985، وعلى اتفاقية مدريد لتسجيل العلاقات التجارية عام 1989، وعلى الاتفاق العالمي لحقوق الطبع والنشر واتفاقية المنتجات السمعية والمرئية وعدم قانونية اعادة انتاجها عام 1993. بالاضافة الى معاهدة التعاون لبراءة الاختراع عام 1994.
ووفقاً لما قاله الأمين العام للمنظّمة الدولية لحقوق الملكية الفكرية، فإن السرعة التي أظهرتها الصين في سن قوانين ولوائح حقوق الملكية الفكرية غير مسبوقة. ففي عقد من الزمن، وضعت الصين سلسلة من قوانين حقوق الملكية الفكرية، وهو الأمر الذي استغرق عشرات السنين، بل أحياناً مائة عام، في كثير من بلدان العالم، بما فيها بعض الدول المتقدمة.
وأقامت الصين محاكم خاصّة للفصل في قضايا السطو والتعدي على حقوق الملكية الفكرية منذ تموز 1993 في المدن الرئيسية، وقد بلغ عدد القضايا حول حقوق الملكية الفكرية التي نظرت فيها المحاكم الصينية /3505/ قضيّة خلال الفترة الممتدة من عام 1986 الى عام 1993.
ومع ذلك فإن الصين ماتزال سوقاً ناشئة، ومفاهيم الملكية الفكرية تشكلّت فيها خلال الثمانينات فقط. لذا فإن وعي الصينيين بالقضيّة لايزال ضعيفاً، وبرغم ذلك فإن عزم الصين على حماية حقوق الملكية الفكرية أمر لايقبل الجدل.

المطلب الرابع: التطوّرات النهائيّة لمسألة انضمام الصين الى منظّمة التجارة العالميّة:
ورغم كل هذه العقوبات التي وضعت وتوضع في وجه انضمام الصين الى منظّمة التجارة العالميّة، فإن الصين ماتزال تبذل الجهود لإقناع الدول الغربية، وخاصّة الولايات المتّحدة، بقبول دخولها الى منظمّة التجارة العالميّة وقد أسفرت جهودها هذه عن توقيع الاتفاق التجاري المريكي- الصيني في 15/11/1999.
الذي يمهّد لدخول الصين الى منظّمة التجارة العالميّة.
حول الاتفاق التجاري بين الصين والولايات المتّحدة( ): وقعت الصين والولايات المتّحدة، في منتصف شهر تشرين الثاني (15/11/1999) بعد سنوات من المفاوضات الشائكة، اتّفاقاً تجاريّاً مهد الطريق أمام انضمام الصين الى منظّمة التجارة العالميّة، ويسرع انفتاحها على السوق العالميّة، وقد أنهى الاتّفاق الذي وقعته ممثلة وزارة التجارة الامريكيّة (شارين بارشيفسكي)، ووزير التجارة الخارجيّة والتعاون الاقتصادي الصيني (شي غوانغشنغ) ثلاثة عشر عاماً وستّ أيّام من المفاوضات.
اعتبرت بكين الاتّفاق مع واشنطن على انه لمصلحة الصين بدرجة تعادل مصلحة الولايات المتحدة فيه، ذلك انه يتضمن شروطاً تتعلّق بتنظيم دخول كل من الطرفين الى اسواق الآخر. واذا كان الاتفاق الامريكي- الصيني قد فتح الباب امام الصين للانضمام الى منظمة التجارة العالمية، فإن الطريق الى ذلك مايزال يصطدم بصعوبات داخليّة في كلّ من البلدين، وكذلك صعوبات خارجية. ففي الصين، هناك جناح متشدّد في القيادة الصينية يعتبر ان الصين قدمت تنازلات مضرّة بالاقتصاد الصيني، وشرعت الابواب امام المنتجات الامريكية، مما سيؤدي حتماً الى ارتفاع نسبة البطالة، وزيارة التوترات الاجتماعية التي ستؤدي الى ازمات اجتماعية حادة. ويتواجد هذا التيار بشكل اساسي في الزراعة وفي قطاع الاتصالات والمصارف وهي القطاعات الأكثر تأثراً بعمليّة الانفتاح التي يؤدي الى الاتفاق. ويعتقد هذا الجناح ان الصدام مع الولايات المتحدة آت لا محالة.
وفيما يتعلق بواشنطن، فإن مايثير الاستغراب هو توقيت الاتفاق، فما الذي دفع واشنطن الى القبول بمقترحات صينية هي في الواقع اقل مما عرض عليها اثناء زيارة رئيس الحكومة الصينية (زورونجي) للعاصمة الامريكية في نيسان 1998، في وقت تخوض في الادارة الديمقراطية الحالية سباقاً رئاسياً.
والتقسير الرجح هو ان الرئيس بيل كلنتون قبل بالعروض الصينية الخيرة لأسباب استراتيجية، منها انه بات من الصعب على بلاده تجاهل قوة اقتصادية وتصديرية هائلة مثل الصين. ومن جهة اخرى، ربما أرادت الادارة الأمريكية الحالية كسب ود وتأييد رجال الأعمال الامريكيين المتنفذين، الذين يشكلون الدعامة الاولى للحزب الجمهوري، وخاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. وفي مطلق الأحوال، وكما توقعت الممثلة التجارية الامريكية رئيسة الوفد المفاوض، فإن الصين قد تصبح عضواً كامل العضوية في المنظمة الدولية للتجارة في منتصف العام العام 2000 اذا لم يطرأ اي توتر في العلاقات بين واشنطن وبكين في المجال الاستراتيجي، وخصوصاً في اسيا حيث تتصادم مصالح الطرفين بوضوح.
وقد اصبحت الصين فعلا عضوا في المنظمة التجارية العالمية.
خاتمة:
ان انضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية سوف يخولها الدخول الى اسواق الدول الصناعية الرئيسية في العالم، دون معوقات، وفي المقابل، فإنها ستمنح الشركات الأجنبية، وهي في معظمها غربية، حقّ التجارة والاستثمار في الصين من خلال خفض رسوم الجمارك، والغاء قوانين الحماية التي تفرضها على منظمة التجارة العالمية في بلد يضم 1,2 مليار نسمة لنا يظهر بسرعة، خاصّة وان القيادة الصينية تضع في أوّل اهتماماتها مصلحة شعبها والسير به نحو طريق النمو والازدهار والتقدم، وبما يعزّز نهج الاشتراكية بخصائص صينية.
المدّ والجزر في العلاقات الاقتصادية- الأمريكية:
المدّ والجزر هي الصفة الأساسيّة للعلاقات الاقتصاديّة الصينيّة- الامريكيّة ولا سيما منذ ان بدأت بكين محاولاتها للانضمام الى منظمة التجارة العالمية اي قبل نحو 14 عاماً حيث هناك في الولايات المتحدة من يدعو الى تعزيز علاقات البلدين في الوقت الذي يوجد من يحاول عرقلة ذلك، وان كان الطرفان يريدان ان تفتح الاسواق الصينية الواسعة على مصراعيها امام السلع والشركات الأمريكية.
وفي 7/4/2000 تمّ تأكيد ذلك مرّة أخرى حيث في الوقت الذي أكذدت فيه وزارة الدفاع الامريكيّة ، ان تزويد مجموعة لوكهيد مارتن للصناعات الفضائية للصين بمعلومات تقنية حول الأقمار الصناعية، لايمثل في مستواه الحالي ضرراً بالأمن القومي الامريكي.
وصرح وزير التجارة الامريكي وليام دالمي انه لايستطيع ضمان موافقة الكونغرس على منح الصين الحقوق الدائمة للتعرفة الجمركية المخفضّة، وان كان الرئيس الأمريكي بيل كلينتون يعمل جاهداً للحصول على تأييد الكونغرس بهذا الخصوص.
اذا فالعلاقات الصينية- الامريكية تتابع خطّها البياني المتذبذب وفقاً لمصالح، حيث يسعى الطرف الصيني للدخول الى منظّمة التجارة العالمية، لكن الجانب الامريكي يريد قبل ذلك الحصول على مكاسب من سوق الصين الواسعة، لذلك فإن الولايات المتحدة كثيراً ماتضع العراقيل غير الموضوعية امام عودة بكين الى منظمة التجارة العالمية، وهكذا فان الصين فعلت كلّ ماهو مطلوب منها في هذا الاطار، ولاتسطيع التنازل عن مصالحها الاساسيّة كما قال الرئيس الصيني جيانغ زيمين وكرر ذلك رئيس وزرائها. وسيعقد الكونغرس جلسة للتصويت على الاتفاق التجاري الصيني- الامريكي الذي تمّ التوصّل اليه في تشرين الثاني 1999، مابين 22-26 ايار2000.
ولكن لاتستطيع الادارة الامريكية ضمان موافقة الكونغرس الامريكي على الاتفاق التجاري مع الصين ولكن عندما يرى الامريكيون انهم سيحققون فائدة اكبر مع منح الصين علاقات تجارية طبيعية دائمة فان الكونغرس الامريكي سيوافق على ذلك.

***
**
*اعداد:عبد الرحمن تيشوري
دبلوم علاقات اقتصادية دولية
سوريا طرطوس هاتف:043-357847
[email protected]










#عبد_الرحمن_تيشوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تسير التنمية الاقتصادية والاجتماعية في سورية في الاتجاه ا ...
- متى نؤسس لتربية عربية مستقبلية لمواجهة قيم العولمة الوافدة؟
- الرؤية التربوية التطويرية للسيد وزير التربية
- دور الاعلام في التطوير والتحديث
- المدير والمهارات التي يحتاج اليها
- الادارة المحلية تجربة تحتاج الى اعادة نظر هل ذلك ممكن؟
- المنظمات الدولية تاريخ واقع مستقبل
- مشروع التحديث والتطوير والعصرنة يقوي سورية في وجه الضغوط
- هل يسير العرب نحو دينار موحد كما فعل الاوربيون؟
- في سورية نحن بحاجة الى تربية مدنية جديدة لتكون اساس مدرسة ال ...
- ؟التربية الشمولية مالها وماعليها
- اقتصاديات الوقت الف باء الادارة الحديثة
- الاصلاح الاداري بين المعلوماتية والعامل البشري
- العلاقة بين الاعلاميين والسياسيين مالها وماعليها؟
- في القرن الجديد كيف يبدو العالم سنة 2050؟
- اقتصاد السوق الاجتماعي السوري الى اين يسير؟
- الادارة تخصص علمي وفن وموهبة
- النمو والتنمية اوهام نظرات مقترحات
- ما المطلوب ليجدد الحزب ذاته ويقنع السوريين انه حزب الجميع
- الادارة المعاصرة دليل المدير الذكي


المزيد.....




- محافظ البنك المركزي العراقي يتحدث لـ-الحرة- عن إعادة هيكلة ...
- النفط يغلق على ارتفاع بعد تقليل إيران من شأن هجوم إسرائيلي
- وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
- هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...
- الأناضول: استثمارات كبيرة بالسعودية بسبب النفط وتسهيلات الإق ...
- ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد الرحمن تيشوري - انضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية