أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - بوح الكلمات : خواطر .ذكريات . أشعار. قصص.















المزيد.....



بوح الكلمات : خواطر .ذكريات . أشعار. قصص.


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 4797 - 2015 / 5 / 5 - 01:23
المحور: الادب والفن
    


بوح الكلمات
خواطر .ذكريات . أشعار. قصص.
(1) السلام على محمود !

سلاما محمود سلاما
اطل عليك بعد اثني عشر دهراً
بين دفتين لامعتين
ترفلان بألوان ذهبية
تحاكي ا لهد يل
لأقول في أغانيك كلاما

ولأهديك السلام تلو السلام
طالما أننا لم نلتق إلا لماما

ولتعانق د موعي جراحتك
وتسمو بنشيد ك إلى العلا
وتغنيه إلى السحاب أنغاما

رغم أني لن أنسى ما حييت
حين هممت لعناقك في مكناس
فشمخت براسك إلى العلا
ولم تنزع السيجارة من فمك
ولم تعرني أمام الحشر اهتماما

قلت ربّي أعني كي لا اخلّفه ورائي
ألف عام سماوي
وألف عام أ رضي
وعاما
سلاما محمود سلاما
*************
وفي الهزيع التالي
أبقيت وابن الخوري سيقان لين
تشدو سورة من العشق المطرز بالحرير
على أوتار الليل
لتسحر بشدوها الأرائك والأطباق والظلام والجدرانا
ويبدو أن جراحك ضجرت من سرابها
أو من رقصة العشق ا لشبقي ا لجميل
فلحقت بآهاتنا تسألها المراما

تذرعنا أنا والياس بمشوار لنا مع ا لعدم
على متن السديم
وبرفقة الظلال والنسيم
ولم نعرك كما لم تعرني اهتماما
سلاما محمود سلاما
***** ****
سهرنا في السراب المتألق
مع حزن حرم اللعبي
المغيب حينئذ
خلف الجدران المعتمة
والزؤاما
وترنمت على نايي
بكل حزن الجراحات
وكنت يا محمود حطاما
تشكو إلى الحطام الحطاما
سلاما محمود سلاما

سلام عليك قبل خلقك من الأديم
وسلام عليك يوم ولدت
وسلام عليك رضيعا في المهد
وسلام عليك وأنت تمتطي الغماما
سلاما محمود سلاما

لم تجد اغنياتي يا محمود مفرا
من التحليق بأجنحة قوافيك
ليهمس الكلام إلى الكلام كلاما
ويخلق من العدم وجودا
ويقرىء الكون على وقع اشعاري
السلاما
سلاما محمود سلاما

سلام يهدي السلام سلامه
وسلام يحمل إلى السلام سلاما
فالسلام على سلام
يتلو على السلام سلامه
والسلام على سلام
يرد على السلام السلاما
سلاما محمود سلاما
*** *** ***
دمشق 1995
(2)
السلام على شبح محمود !

سلام يا محمود على شبحك
ينوس في ذاكرتي
كطيف يلوح من بعيد
سلام على الحروف
سلام على الكلام
سلام على الآيات
سلام على الكتاب المجيد
*** ***
متى كانت شرفة البيت يا محمود
تطل على ما تريد ؟!
لِمَ تهين الخالق فيك
وتجلسه على شرفة
من اسمنت وحصى وحديد؟!
مع احترامي لمشاعر الشرفة
وإحساس الإسمنت
ورقة الحصى
وروح الحديد!

لم لا تطل من الضباب؟
لم لا تمتطي أجنحة من سحاب؟
لم لا تتبوأ شرفة في السماء
تطل منها على المهد والأقصى
والقيامة ولوط
وتدمر وبابل
وتاج محل وسور الصين
والأهرامات والصعيد ؟!

ثم إن اسم المتنبي
حلق من بغداد إلى حلب
ومن برلين إلى باريس
ليلف الكون
على براق النشيد!
كما حلق الشيرازي
بروح الله
ليسمو بالشدو الفارسي
إلى الفضاء البعيد
*** ***
لم اللجوء يا محمود إلى الإفتعال والإنشاء؟
فالشجر لا يحرس الليل من نفسه
ولا يحرس نوم كارهيك
في خيم العبيد!
والريح لا تبحث عن وطن الريح
في نفسها
فكل الأكوان للريح
وطن تليد!!
وتكرار(نفسها) في الشطرين
دون أن تحملها من شدو الإيقاع
المزيد
أثقل على غنائية قوافيك
وباعد ما بين رقص الألحان
والنشيد!!
*** ***
لليل يا محمود في مدرستنا
((الصوفية الحديثة))
كما للشجر والريح
حواس وعقول
وطفولة وفطام
وصبا وشباب
ورجولة وشيخوخة وكهولة
وعمر يئيد!!

وهي لا تعرف الكره
ولا تبطن لمخلوقات الله
إلا الحب
فلا تحملها رموزا تنوء بها
ولا تطلق لأحاسيسك
العنان المديد
فتزعل منك الرموز
ويغضب عليك الليل في كهولته
ولا تحنو عليك الأشجار بأغصانها
وتحجم الريح أن تهف بأنسامها
على خصلات شعرك
لتغرق في طفولة حزنك
وحلكة ليل شريد
أم أنك يا محمود لا تعرف ما تريد؟!
*** ***
حقا أنت لا تعرف ما تريد
تطل على موكب الأنبياء القدامى
كشرفة بيت
وتسأل(هل من نبي جديد لهذا الزمان الجديد)؟!
دون أن تدرك أنك وأن الشعر
هو نبي هذا الزمان العنيد!

فقل شعرك وامض كحد السيف
وقل أنا نبي هذا الدهر الوئيد
ولتقم الساعة
فلا يفل الحديد يا محمود
إلا الحديد!!

ولا تحلم بالعودة إلى الطفولة
إن لم تكن سماوية
كما فعلت أنا في (الغوايات)
أو كما صعدت رجلا إلى السماء
في (الملك لقمان)
وطرحت عني رفات الجراحات
وحطمت كل الحواجز
وكل القيود.
وتوحدت مع المطلق الأزلي في السماء
بعيدا عن رجس المخيم
وعيون العسس
ومكر الأعدقاء
وتشرد العواصم
والحماقات والغباء
وسأم المطارات
والموانىء والحدود.

**** ****
يا محمود!
يا محمودا يقول لمحمودي
ويا محمودا ينحر محمودي
يا محمود:
في معابد سومر
وبين أحضان سارانيو
على أنغام طاغور!
كن كالهدهد
بل كن كالنمل
وواجه بالإدراك التذاهني
جند الملك
وقل للعهد السليماني وداعا
ولا تذهب بعيدا في الرماد
فلن يفتح أسخيليوس
بابا للسلم او للجحيم
ولن يوقف ماء النهر
ولن ينهض زيوس
ليعيد النظر في الخلق
وقدرة أثينا على إدارة الفكر

ولن يشعل أنطونيوحربا
لعيني كليوباترا
بل لعين النفط
ولن تعانق حريتك
ولن يبدأ في جسدك
المدُ والجزر
ولن يسمو فيك النشيد!
حتى لو وضعت كل نساء باريس
أيديهن على يديك
لن يتغير هذا الزمان العنيد
فلا يفل الحديد يا محمود إلا الحديد!!

فهل ستعرف بعد هذا ما تريد؟
ولا ترنو إلى شبحك
يطل بذاكرته على التاريخ
من بعيد من بعيد
من بعيد
**** ****
دع يا محمود الحروف
تقول إلى الكلام
كلاما
ودع الكلام يعين للغات
إماما
وصير العدم في السماء
يماما
واشرب مع السراب
على مائدة السديم
كأس الندامى
*******
سلاما محمود سلاما
*******

سلام يتبعه سلام
إثر سلام
لأنين أغانيك
يحيل في أجداثنا الرميم
عظاما
وسلاما لأغانيَ تمنح العظام
قواما!!
سلاما محمود سلاما
(3)
سلام على الأيقونات والغيمة!

سلام يحملني على أجنحة السديم
إلى القيامة :سلاما
وإلى أيقونة جنب اللحد : سلاما
وإلى يسوع في السماء : سلاما
وإلى العذراء في سفوح الزيتون:
سلاما
وإلى تاء أغفو على نهدها : سلاما
وإلى دال تداعب شعر صدري:
سلاما
وإلى حروف تعانقني
وتهمس في أذني كلاما :
سلاما
وإلى حروف أعانقها
وأهمس في آذانها آهاتي
سلاما
وإلى اسم الجلالة على جدران الأقصى :
سلاما
وإلي في العلياء : سلاما
وإلى الله في علياء العلياء
وفي كل مكان
وخارج حدود المكان
وبعيدا فوق الزمان:
سلاما
*** ***
أي تلة أعدت لميلاد النيروز يا محمود؟
بعد أن غسلوا أيديهم بدماء الحلم
وأعدموا سنابل القمح
على المقصلة
وشنقوا اللوز على سياج الكرم
وصلبوا الزنبق على جدار الحديقة
وشبحوا الأيائل على أسلاك الحدود
وسيرونا حفاة في طريق
الجلجلة!!
فأي رياحين
وأي دخان لازوردي
وأي خبيزة وكنائس
ونساء صارخات
وسنديان وآلهة؟!
فلن ينبثق في المدى فجر
ولن تتألق شمس
ولن يحلق في سمائك قمر
ولن تتمخض شقوق المكان
عن زنبقة
ولن نجد حتى سعف نخيل
نفيء به مواكب جنازاتنا
إلى المقبرة!!
لا تنتظر يا محمود ميلاد عشب
فالأديم لا يخفي حمله
ولا حورية تحل ضفائرها للغيوم
ولا مهرة تعدو في الضباب
ولا صهيل يجلجل في الأودية
ولا برقا يلوح في الأفق
فلا خير في فجر ترسمه
قنبلة !!!!!!!
لا خير في فجر يرسم بقنبلة
تقابلها قنبلة!
ولا خير في أمم
صنعت التاريخ بالسيوف
فصار حاضرها
مهزلة !!!
وأهلا بأمم قد تأتي يوما
لتصنع تاريخها بالقبل!!!!!
وترسم خيوط فجرها بالسنابل
كل سنبلة تقابلها
سنبلة !!!!!!!!!!!
**** ****

يحن إلى الحنين الحنان
ويحن إلى الريح النسيم
ويحن إلى الطين التراب
ويحن إلى الحروف الكلام
ويحن إلى السديم الضباب
ويحن إلى الشجر الحطب
ويحن إلى الليل الظلام
ويحن إلى الفل الأقحوان
فلم لايحن إلى الأباء
البنون؟!
ولا تحن ُ إلى الأيام
السنون
ولا يحن إلى الوقت
المكان
ولا تحن إلى القلوب
الجفون
ولا يحن إلى الحب
السلام
ولا يحن الحنان إلى
الحنان
ولا يحن جورج إلى
اسحق
ولا يحن اسحق إلى
كنعان
ولا يحن كنعان إلى
كنعان
فهل ثمة من يشمِر عن ساعديه
لينصب معي مشنقة
لهذا الزمان؟؟؟!!!!
**** ****
سبع سنابل في يدك
يا محمود!
سيع سنابل تكفيك لمائدة الصيف
فكل سنبلة ستنبت حقلا من القمح
وأبوك ينشل الماء من بئره
ويدعوه ألا يجف....
بربك ألم يجف البئر بعد؟!
من أين جاءك كل هذا التفاؤل
يا محمود؟!
من أنزل عليك كل هذا المطر
يا حبوب ؟ّ!
لم تدفعني إلى مخاطبتك بلغة الرمل؟!
ألم نحزم دوموزي بقصب القمح
ونقطع رأسه في الحقل
لنخضب السنابل بدمائه
ونقدم أشلاءه قربانا للتراب
لعله ينبت ثانية في النيروز
أم أنك تستنطق الزمن وتقرأ التاريخ
يا محمود بالمقلوب ؟؟!!!
**** ****
لم يعد في دنيانا يا محمود سيد
ولم يعد تموز أو دوموزي
يتوق إلى عناق العشب للورد
وإلى حنين الظاء للظل
ويرى اللؤلؤ في اسنان جيفة الكلب
لم يعد بعد مريم عذراوات جديرات
بعشق الآلهة !!
ولم يعد في دنيانا من يحمل عنا
الذنوب
ويفدي بدم من ارجوان
الأمم والخلق والقلوب.
**** ****
لم يعد لدينا يا محمود إلا
أهرامات من كلام
تتوعد الفل بالجلد
وبنار لا تنطفىء
إذا ما عشق عيون الورد !!!!
وجاهر بالولاء للعنب والبرتقال
واخضرار السهوب!!
*** ***
>!!
أي ضحك على الدوالي يا محمود؟
وأي افتراء على الصيف ؟!
اتق الله في الفصول
واعلن براءة الصيف
قبل أن يستعين عليك بي
وبالربيع !!
وقل يا محمود:
لن يصلح القحط
ما أفسد الفقر
وإن شئت صراحة قل:
لن يصلح العهر ما أفسد الأعجف<>
والأعجف: ظل حكايتنا المغتصبة
وعودة عاشقنا إلى الحلم
التي ما يزال أنينها محجوبا
عن النسيم!
من قبل مطايا السفاد
في ليالي الحشر!
التي أنبحت الكلاب على الأوهام
في القفر
لتشتت هواجس العشاق في الحلم
أللهم إني أتهم وأتهم وأتهم ولا أتهم !!!!
*** ***
ألم يحملوا السيوف يا محمود
على أجنحة الحداء غير الحداء
_ عذرا للحداء-
ليقصوا ضفائر دليلة
ويحلقوا شوارب الزعفران
لينقلب الياسمين على الأرجوان
وينقلب التاريخ على المكان
فيما شمشون وحده
ينعم بشذا البرتقال
وعطر الأقحوان؟!
أي زمن زنيم هذا
تنقلب فيه كل ألأشياء
على كل الأشياء
حتى الزمن فيه
راح ينقلب على الزمان!!
زيتون يتخلى عن زيتونه
أمام صبار يحمل زيتونا وبرتقالا وليمونا
زيادة على الصبار!!
محارب يتخلى عن سيفه المثلوم
أمام لكع مسربل بالدروع
ومدجج بالسيوف والرماح!!
*** ****
ثعالب وليس ملائكة
تلعب في باحة دارك
وصراخك الخجل المكتوم
يلائم تماما ليل داجون!
وخبث الثعالب
وليس طيش النباتات
فلا تحمل النباتات
ما لا تحمل
فتغضب عليك النباتات!!
*** ***
أسرجوا الخيل في الليل
مدركين لماذا
وغنوا مدائحهم لداجون
ورقصوا رقصة الدب في الثلج
وليس رقصة الخيل في الليل!
*** ***
تجرحك غيمة في اليد
ولا تريد من األأرض
أكثر من رائحة الهال والقش
بين أبيك والحصان !!
وبين الموقد والقدر
وبين التيس والكبش
وبين الفطيم والسخل
وبين العنزة والجحش
<< ذو العقل يشقى في باريس بالمسك
ويطلب إلى الفقر أن ينعم برائحة الزبل >>!!
***** *******

أعرف أني قسوت عليك يا محمود
وأنت المدلل
وأنت من تجرحه غيمة في اليد
وقهوة بلا هيل
ونسمة في صباح مبكر
وقبلة مني على الخد ِ

عزائي يا محمود أني ندٌ
يقسو على النَدِ
وفل بشكو الياسمين
للجوري!
وشفتا رضيع تقسو على
النهد!!!
سلاما محمود سلاما
سلاما إلى النرجس
سلاما إلى النسرين
سلاما إلى الوردِ
نبوسه على غمزة
في الخدِ
بوس السنونو للسنونو
وبوس الندِ .. للندِ !!!!!
***********
(4)
سلام على القرويين

سلاما محمود سلاما
سلام على رزانة قروييك
سلام على وداعتهم
سلام علينا
حين تحيلنا رنة الإيقاع
في قوافيك يماما
مستثنية من ليل عاداتنا
كل المفردات النابية
**** ***
قرويون :
أرضنا عرضنا!!
نغضب على السنابل
إذا لم تحمل القمح
ونضمر الويل لليل
إذا لم يتستر على آهاتنا
الجانحة

ندعي أننا أشجع من عنترة
وأفهم من عليها
ونحن لا نعرف سورة
الفاتحة
ونفضي إلى حرم الجار
كلما سنحت سانحة!

نلعن الرحمن عند كل نأمة
ونسفد النعاج في المرعى
وننزوعلى الأتن في ظلال الجدران
ونبلغ الذروة على ركبة تنده
ونقطع الطريق على ظبية سارحة !!

يقتلنا انحسار السندس عن السيقان
ونزع الإستبرق في البطين
على ضوء قمر يتلألأ فوق جبل
لتغرق الآهات بالآهات
وتردد الأودية رجع نزواتنا
الصارخة

تلفنا بالطل البطون
وتحملنا إلى السحاب النهود
وتوغل بنا في السماء الأفخاذ
وتنسينا حليب الأمومة مهرة
جامحة
وتقذفنا من كون إلى كون
لتوحدنا مع الغيب
البراعم اليانعة!!


نتخضب بالحناء في أفراحنا
ونغمس خبزنا من ضروع المعز
في قيلولة الظهيرة
ونشكو إلى القطيع حر القيظ
ونسلم رؤوسنا لأحضان المرضعات
ليقطرن في آذاننا حليب أثدائهن
لنشفى من أوجاعنا الهائلة!!

يحملنا الأنين إلى الأنين
وجور السنين إلى جور السنين
وتذرفنا أوتار الربابات دموعا
على مقتل كليب
واستشهاد العنب في الخليل
وبؤس ليالي هجرتنا الدائمة

نعد أحلام طفولتنا على الأصابع
ونستعيد ذكرياتنا تحت الزيتون
أو في ظلال الصخور
مع بنات الجيران
ونضرع إلى الله
أن يجعل أمام أعدائنا سدا
وخلفهم سدا
وأن يغشى على عيونهم
وأن يصلوا بنار حامية
- يقينا عذابها-
وأن يصون عرضنا
ويلملم أشلاءنا
ويجنبنا طغيان الكوابيس
القادمة

نهذي بنهود لا تذبل
وبراعم لا تفرفر ولا تترهل
وظبيات يرضعن ويقضمن
ويقبلن ويدبرن
ويكسرن القاعدة!!

نحلم برحمة السماء
وإكسير الحياة
وأنهار العسل
والولدان المخلدين
والقطوف الدانية!
وحور عين طاغيات
يغدقن علينا نعم الجنان
ويشغفن آذاننا
بآية من سورة
المائدة !!
***** *****
كلابنا يا محمود
لا تنبح علا أقمار
تعبر فوق الكنائس
ولا على الزهرة
حين تطل من خلف
الجبال العالية
بل تستأنس بها
وتشكو إليها خبز الشعير
وقسوة العظام
من شهر إلى دهر
وتبث إليها تذاهنا
ملحمة جليات
الخالدة!!

آن لك يا محمود
أن تعرف عادات أمك
المهجنة بين ولاء القبائل
وليل العبيد
وصدق الشرائع
ونعيق البوم في لياليها
وطغيان نخبتها السائدة
ونعيب الغراب في فضاء
سماواتها الشاسعة.
**** ****
سلاما محمود سلاما
سلاما من الألوان للكلام والألحان
سلاما أحمله إليك
من المملكة المعلقة في الفضاء
ومن مليكة السماء وفاتنة السماوات
سلاما من ابن الإله
ومن ليالي الفرح والعشق
وسلاما من التوحد بالله !!

سلاما ممن غدت حبيبته مرضعته
وممن غدا حبيبها ابنها
سلاما من ملكة الجنون والنسيان
سلاما من الموحد الأول
سلاما من الملك ابليس
سلاما من المخلص الأكبر
سلاما من بطل>
سلاما من الشيطان.

سلاما من العدم
ومن كل كائنات المملكة السماوية
إلى القوافي والأنغام
سلاما إليك أينما كنت
سلاما إلى لغة الظلال
سلاما إلى وحدة الحصان

وسلاما إلي قبل مماتي
وسلاما إلى سلام سيتلى على رفاتي
وسلاما إلى العذارى النادبات
وسلاما إلى الأغاني
سلاما إلى الآهات
سلاما إلى الأحزان.
***** **** ****
انتهى.

ملاحظة (1)
اختطفتني الألوان من ديوان محمود درويش لأرسم لوحة( ملكة السماء) أو لوحة( جنوني )كما أسميتها
امضيت في رسمها عدة أسابيع دون أن أرضى عنها..وكان ديوان محمود قد اختطفني بدوره من اتمام
الجزء الثاني من ملحمة (غوايات شيطانية) التي اختطفتني بدورها من اتمام الجزء الثالث من ملحمة (الملك لقمان) التي اختطفتني بدورها من اتمام الجزء الثالث من الملحمة الواقعية (الأرض المغتصبة)
وهكذا أمضي العمر من اختطاف إلى اختطاف .. علما أنني ما زلت مختطفا من الألوان وأمارس الرسم
بعد مرور أكثر من أربعة عشر عاما على هذا الكلام!! ولم امارس الأدب شعرا أو نثرا أو نقدا إلا نادرا..
ملاحظة (2)
-القوافي التي تنظم الأشعار السابقة معظمها لمحمود درويش ومن ديوانه الذي أكتب عنه (لماذا تركت الحصان وحيدا) إذ كنت أستعير قافية القصيدة وأبني عليها..
- ثمة قواف لي في بعض الفقرات تشذ عن ذلك.
- ثمة قواف في بعض الفقرات لشعراء أخرين منهم أحمد دحبور ومحمد لافي والمتنبي.
_كان محمد لافي يسمعني بعض أشعاره خلال كتابتها أو عند الإنتها ء منها وهناك تأثر كبير بشعره
وثمة فقرات له أضعها بين قوسين وثمة ما لم أتأكد منه لأن دواوينه ليست لدي..
وتقتضي الأمانة أن أنوه إلى أن هناك مما هو مستوحى أو مأخوذ بتصرف من ذاكرة اللاوعي!!
للراحل معين بسيسو وأحمد دحبور ودرويش نفسه وقليلا أدونيس وعز الدين المناصرة وربما غيرهم !!
********
*آه يا رب !!
آه على قلب تفجع
آه على وطن تصدع
آه على عشق غادرنا
ولم يرجع
آه على جراح نكأ وها
بسيف ومبضع
آه على أحلام بالياسمين
لم تعد تنفع
آه على
رمم أجسادنا
وقد غدت بلا مضجع
آه أيا رب
يارب المغرب والمطلع
ألا أعدت للشآم عذرية هتكت
وبسمة ذبحت
لتعود حورية ولا أروع ؟!
****************

*شآم تقص ضفائرها

إلهي ! إلهي ! إلهي !
أنا متعب يا إلهي .
أريد أن اكون معك
أريدك أن تكون معي .
هل تسمع همساتي يا إلهي ؟!
أسمعك !
أنا متعب وحزين يا إلهي !
ما بك ؟
شآم يا إلهي !
ما بها شآم ؟
هل أقلق أحد جفونها المنسدلة على بردى من قاسيون ؟
هل عبث أحد بضفائرها الممتدة على طول المدى ؟
هل سلب أحد كحل عينيها ؟
هل من جعلها تذرف دمعة على وجنتها ؟
هل أطفأ أحد شروق ابتسامتها ؟
أو غيب شمس إطلالتها ؟
أو لعل ، لعل ، لعل أحدا مس شرف عذريتها ؟
قل لي أيها المتعب الحزين :
لقد ذبحوا ابتسامتها يا إلهي
لا !
وداسوا بأقدامهم على عطرياسمينها

لا !
وهدموا جدارا كان يأويها
لا !
وصلبوا حبيبا كان يحضنها
لا!
وشردوا أطفالها ليتسولوا لقمة على أرصفة العالم
لا !
شآم قصت ضفائرها يا إلهي !
لا !
وشقت ثوبها عن صدرها !
لا ! لا !
واحتضنت نهديها المخضبين بالأرجوان وأشرعتهما إليك
وتوسلت إليك بكل خلجة ألم ارتسمت على شفاه طفولة ذبيحة
وكل رعشة جسد في لحظة انطفاء
أن تكون معها !!
فلم يبق لها إلا أنت
وليس لها إلا أنت
ولا يدركها إلا أنت
ولا يسمعها إلا أنت
ولا يبصرها إلا أنت
ولا ينصفها إلا أنت
ولا يتألم لأنين أوجاعها إلا أنت
ولن يمسح دموعها إلا أنت

فهل أغثتها يا إلهي ؟!!
هل اغثتها يا إلهي ؟!
هل أغثتها يا إلهي ؟!
هل أغثتها يا إلهي ؟!
أم أنك لا تسمع يا إلهي !!!!!
15-6-012
****
*مكتئب !
وآمل أن لا يصيبني هذيان اكتئابي ! أمضيت الليل كله وحتى الحادية عشرة صباحا وأنا أقرأ . افكر في القتل في تاريخ البشرية القائم على القتل والقتل ولا شي غير القتل ،منذ أن قتل قابيل أخاه هابيل( حسب الأسطورة التوراتية ) والبشرية تقتل بعضها بعضا ،إما للهيمنة وإما لبقاء السلطة ، لم ينفع لا دين ولا أخلاق ولا قيم في ايقاف الحروب والقتل ، كم أباد الأوروبيون من الهنود الحمر حتى أقاموا أمريكا ، يقال أكثر من عشرين مليون ،كم من البشر ذهبو ا في الحربين العالميتين ؟ ربما أكثر من مائة مليون ،وكم في حروب التتر والمغول والرومان والإغريق والفرس ، وكم في حروب نابليون ، وكم في الحروب الحديثة جدا على منطقتنا ، وكم ذهب في الحروب الدينية، وكم سيذهب في الحروب القادمة ؟!قتل باسم الدين . وقتل باسم الإرهاب الديني . وقتل باسم الطوائف ،وقتل باسم الكرسي ، وقتل باسم الأمن القومي ،وقتل باسم دولة اسرائيل ،ما ظل إلا أنا لا أحد يقتل باسمي . شكرا إلهي . ويا حسرتي على الإنسان كم هو غلبان ؟
(ما قلت إلكم خايف يصيبني هذيان اكتئابي ، صابني وخلص )
******
* من شاهينيات:

813- في الأمسية الأدبية التي جمعتني مع الكاتبين الأردني أيمن العتوم والكويتي سعود السنعوسي ، (الذي فازت روايته الممتعة بجائزة البوكر العربية )، في معرض الكتاب في عمان يوم أمس 4-9 -014 ، لاحظت الحضور الهائل للنساء
مقارنة بالحضور القليل للرجال إلى حد ملفت للنظر ، مما دفعني إلى الإعتقاد أن المرأة تقبل على المعرفة أكثر من الرجل .
814- الإسلام حسب زمنه كان ثورة توحيدية اجتماعية سياسية اقتصادية ،
طورت بعض مفاهيم الدين والعادات والقوانين الإجتماعية والإقتصادية ، وأسست لدولة ، وينبغي على المسلمين أن يفهموها كذلك ويسعوا إلى تطويرمفاهيمها لتواكب العصر الذي نعيش فيه .
815- - لو لم يكن المسلمون حملة رسالة انسانية مختلفة لما بقيت عقيدتهم قائمة في خمس وخمسين دولة حتى اليوم .
-816- أجمع بعض المؤرخين على أن الغزاة المسلمين كانوا أرحم الغزاة عبر التاريخ .
-817- لم يترك الغزاة الآخرون بدءا بالإغريق مرورا بالفرس والرومان وانتهاء بالإنكليز والفرنسيين أي أثر في بلادنا لأنهم لم يكونوا حملة رسالات انسانية ، بل حملة فتك وهيمنة .
-818- لم يجد الأوروبيون ما يحاربونا عليه في القرون الوسطى سوى دين صدرناه لهم ذات زمن ، متذرعين بحماية الصليب ( المسيحية ) وما زالوا ينكرون أننا من جاء بهذا الدين !!
-819- ليس هناك أدب وفن وعلم دون قلق ومعاناة وجلد . وليس كل من قلق وعانى وتعب وهذى وهلوس واكتأب مريضا نفسيا ، طالما استطاع السيطرة على حالته ولم تعزله عن العالم الخارجي المحيط به .
-820- لا يكون المرض النفسي مرضا محققا إلا بتجسده في العالمين الخاص والعام ، أي بين الإنسان مع نفسه ومع المجتمع . كأن يتقمص شخص شخصية زعيم يعيشها مع نفسه ، وحين يخرج إلى الشارع نراه واقفا على ناصية شارع يؤدي التحية أو يلوح بيديه لجماهير يتخيلها تمر من أمامه ، أو يلقي خطابا في جماهير متخيلة تقف في مواجهته ، غير آبه بالعالم الواقعي المحيط به .
821- -كثيرا ما يتقمص روائي أو ممثل شخصية بطل تسيطر عليه لبعض الوقت . لكن حين يخرج إلى المجتمع يكون هو نفسه وليس الشخصية المتقمصة .
822- - علم النفس علم حديث معقد لم يتبلور بعد إلى مفاهيم ونظريات محققة ، لصعوبة فهم النفس فهما دقيقا وصحيحا ،فليس هناك انسان يعرف نفسه كامل المعرفة بشكل مطلق ، فما بالكم أن يعرف الإنسان إنسانا آخر بشكل مطلق !
******

*فصل من الملحمة الشعرية ( غوايات شيطانية)
[3] - ملكة السماء تعد الأديب بالنّسيان
ولم أتنبّه لنفسي إلا والملكة تحلق بي صاعدة إلى أعلى، لنشق الماء كالرماح وننطلق في الفضاء، فهمست، دون أن أدري أنني باسم الحب همستُ:
- إلى أين تحلقين بي يا مليكة قلبي؟
فهمست هي أيضاً باسم الحُبِّ:
- إلى أعالي الأعالي ياحبيبي
حيثُ عرشي
وأجمل سرير حورية ملكيّ
مارت عليه أجسادُ العُشاقِ
في لجّة الغرام.
فهمستُ:
- وهل حقاً سأرتشف من شفاهك
شهداً،
وألثمُ أعناقاً تضوّعت بالأرِيجِ
وأنسى سنيَّ حزني
في عشق التراب المقدسيّ
وأجرعُ من نهديكِ السباعيين
كأس المرام؟!
فراحت تنشد متحدية ونحن نحلق كالنوارس عبر الفضاء وبين النجوم والأقمار إلى محاذاة القصر السامق في الأعالي:
سأنسيك يا حبيبي
ليالي الدفء في ظلّ الزمهرير!
ورغد العيش في أزقّة المخيّم
الموحلة
وأعراس العشاق في الجليل.
*
سأنسيك رجع الصدى المرتد
من رحيل القنابل عبر البحر
وتلويحة ضفائر الصبايا في
غزّة وأريحا
من تحت أشجار النخيل.
*
سأنسيك ذكريات الزعترِ
والزغاريد في وداع الزنابقِ
والدُّموعَ
ونفاد الصبر في صبرا
واستشهاد العنب في الخليلْ.
*
سأنسيك الماء وخبز الشعيرِ
وشرب الشاي مع الخمّاري الساخن
حول المواقد في الصباحِ
قبل أن يطير النعاسُ الثقيلْ.
*
وأنسيك الزيت والزيتون
والشراك وخبز الطابون
وغفوتك بين المعزِ
في البطين
عند الأصيلْ
*
سأنسيك لون السماءِ
وهضاب المنطارِ
جبل الزيتونِ
وشذا البرتقالِ
وأُنسيك الذُّبيحَ والقعفرانْ
وقيلولة القطعان في ظلالِ الصخورِ
ونطاح الكباش على الغدرانْ
*
سأنسيك يا حبيبي:
خرير المياهِ في سيلِ القلتِ
وثغاء المعز في البطاحِ
وتطريزات الحرير في قبة ثوب أمّك
والطيلسان!
وطريق رام الله
ودرب الآلامِ
وبابَ السباطِ
والغيصلان!
وصياح الديوك قبيل الفجر
وموسم النبي موسى
وأمَّ الغيثِ
والزعفران!
ونباح الكلاب حول الحظائرِ
وصلاة الجمعة
وموسم الحجِّ
والبيلسان!
*
سأنسيك ألوان القوس القُزحيّ
فوق قمم جبال القدس الشرقيةِ
وانكسارات أشعة الشمس الصباحيةِ
من (أبراج) الكنائس والمساجدِ
وأنسيكَ الأرجوانْ
*
سأنسيك آهات النّايات على الحنين
ورجع أراغيل الرعاة من الأودية
وسفوح الجبال
وشدو أوتار الرّباباتِ
في مضافات القرى
ومضارب العشائرِ
بثارات المهلهلِ
وتغريبة بني هِلالْ
*
سأنسيك رجدَ غمور الحصادِ على القوادمِ
وحرَّ القيظِ على البيادرِ
وآذان الفجر من قمم التلالْ
وقرع أجراس الكنائسِ
حداداً على ذبح الصلاةِ
واندياحَ شرق الزيتون
الظلالْ
*
سأنسيك يا حبيبي ليالي الحِنَّاءَ
وزفات العرسان على الخيولِ
وتراويد الفوارد في الأعراسِ
وأغاني طلعةِ العروسِ
وأهازيج الحصادِ وجدِّ الزيتونِ
واستقبال جدك لشروق الشمس
مع دلة القهوة
من خلف الجبالْ
وأنسيك بهاء البدر فوق القدسِ
وظهور الهلالْ
*
سأنسيك الدبكة والدّلعونا
والسامِرَ والعتابا
ويمّه يا مويل الهوى
ووين عا رام الله
وفيروز والميجنا
وعلاّ والهجيني
والأطلال
ومناجاة العشق عند التُّرعِ
في الليالي المقمرة
والحبِّ غير الحلالْ
*
سأنسيك ساق"ثريا"
وهي تتسلق في وادي النارِ
الصخورْ
وأنسيك نايك وخنجرك وعصاكَ
وكوفيّتك وعقالك
والأرغولْ
سأنسيك أغاني وتهاليل أُمِّك لكَ
وأنت في المهد صغير
سأنسيك أرجحة الحِذلِ
وسقف الكهفِ
وثدي أُمّكَ
وطعم حليبه
وظريف الطولْ
*
سأنسيك ورود الصبايا مع الحمير
بالقِرَبِ والصفائح والبراميلِ
ورفقة الكلابِ
إلى إمداسِيسَ ونبع الماءْ
وأنسيك جرع الحليبِ
من ضِرع الصبحاء
بين القطيعِ
في الحنواءِ
مع خبز الغداء
*
سأنسيك أمَّ البقِّ!
ومغارة الغولةِ!
وشعاب الدّمنةِ!
وطورَ القمراءِ!
والبـقعةَ!
والقبورْ
وأنسيك من ليالي رمضان
صحوة السحورْ
والتنصّت إلى دبة المدفع
من فوق جدار العزبةِ
وأنسيك قمرَ الدين
والملوخيّة
مع الفطورْ
*
سأنسيك الحجلَ والفرَّ والقطا
واللقالق في سهوب الربيع
وشقائق النعمانْ
وأنسيك الدفلى والخزامى والسوسنَ
والأُقحوان
والحرمل والبابونج والميرميّة
والبلبسانْ!
وأنسيك في السفوح
الثعالب والأيائلَ والأرانبَ
والغزلانْ
سأنسيك الخراف والجداءَ
والفطائم والسخالَ
والحملانْ
وموسمَ الإنجابِ
وحالك المزرية
وأنت تولّد في لجّة العواصف ِ
الأغنامْ
*
سأنسيك الجروف والسدود
والوِهادْ
وعراك الحمير والقطط والكلاب
وشبق المعزِ والنعاج
ونطاحَ الكباشِ والتيوسِ
في أشهر السفادْ.
سأنسيك أعشاشَ الصُّقورْ
ومن أعالي الجبالِ
أعراشَ النُّسورْ.
*
سأنسيك نشر ثياب الراحلين
على حبال الغسيلْ
ووقعَ سنابك الحوافر
لخيول الفاتحين
وأنسيك الصهيلْ
وأسراب اليمام
في فضاء القيامةِ
وعلى أسوار الأقصى
وشرفات المكبّرِ
ورأس العمودِ
وسلوانَ
وأُنسيك الهديلْ
*
سأنسيك أعشاش القبّراتِ
وأوكار الزنابيرْ
وزقزقة العصافير في حقول الربيعٍ
ونسائم الريحِ في الكرومِ
وتموّجات السنابلِ بألوانِ الغروبِ
وبحبشة الدجاجات
في الحواكيرْ
*
سأنسيك يا حبيبي:
جدثَ أمكَ
ورفاتَ جدِّكَ
وأرماس السالفينْ
والتعوّذ من الشيطانِ
عند الصلاةِ
وقراءةِ القرآنِ
والآذانِ
والنكاحِ
ولعنته عندَ الخصامِ
والزنى
وارتكاب المعاصي
والتطهيرْ
*
سأنسيك قمح تموز القتيلْ
وبسمة أُمٍ نجا ابنُها
من مجزرة الخليلْ
سأنسيكَ:
عكّا وحيفا والجليلْ
************

*لو أن المثقف راقصة !!

( برسم السلطة الفلسطينية واتحاد الكتاب العرب واتحادات الكتاب في الوطن العربي )
( من يبعد عني شبح المسدس ) !!
آمل أن لا أظلم الراقصات والمغنيات في مقالتي هذه ، فثمة احتمال شبه مؤكد أنهن يعانين من مشكلة ما تواجههن في حياتهن وفي ظروف عملهن بين فينة وأخرى ، فليس هناك انسان لا يواجه منغصات وما إلى ذلك في حياته وفي عمله ، غير أنني أعتقد أن معاناتهن قد تكون هينة إذا ما قورنت بمعاناة أي مثقف في أوطاننا العجيبة ، بغض النظر إن كان روائياً أو قاصاً، أو شاعرا ،أو باحثا ، أو فيلسوفا، أو كاتبا سياسيا ، (وإن كانت فرص هؤلاء الأخيرين في الكتابة والحوارات واللقاءات المتلفزة والمذاعة متاحة لهم أكثر من غيرهم بما لا يقارن ) فالراقصة يمكن أن تهز خصرها في أكثر من مكان ، وإذا ما أجادت في ابرازمفاتن جسدها فستحتل مكانتها على أكثر من شاشة متلفزة ، وربما عشرات الشاشات ، وفي الغالب تحفظ بعض حقوقها في كل ظهورعن كل هز بطن على معظم الشاشات إن لم يكن جميعها ، والمغنية كذلك ،خاصة إذا ما رافقت كلمات أغنيتها بآهة ما ، أو غنجة ما ، أو حركة تكشف عن ساق ممشوقة وفخذ مكتنز، أونهدين كاعبين صاخبين .. أما إذا تمادت في الشخلعة والإثارة ، فإن فرصها في احتلال الشاشات على مدار الساعة تكون متاحة أكثر من فرص أي مؤمن بالجنة ! وفي الغالب تحفظ حقوقها عن كل ظهور ، أو بث أثيري إذاعي ..
أما عن المثقف المسخم إن وجد بعد عناء ، صحيفة أو مجلة تنشر له مقالا فأول شرط تشترطه الصحيفة أو المجلة أو الموقع الألكتروني المأجور وحتى بعض المواقع غير المأجورة ، أن لا يرسل المقال لغيرها ، وأن لا يكون منشورا من قبل ، وأن وأن إلى آخر المحظورات الممنوع على المثقف الإقتراب منها ، وعلى المثقف أن ينتظرأياما إن لم يكن أسابيع أو شهورا لينشر مقاله ، ثم عليه أن ينتظر شهورا ليقبض حقوقه . وبعض الصحف تشترط الدفع بعد عدد معين من المقالات ( ست مقالات مثلا ) وإذا لم يبلغ المثقف العدد المعين فإن حقوقه البائسة ستذهب أدراج الرياح ، لأن الصحيفة قد تجد عذرا( وما أكثر الأعذار ) لعدم نشر مقالات لاحقة حتى لا يبلغ الكاتب االرقم المفترض ليتم الدفع .. وإذا ما نقلت صحيفة ما أو موقع ما المقال عن الصحيفة المنشور فيها ، فإنه لا يدفع للكاتب من هذه الأخرى . فالثقافة بضاعة كاسدة في أوطاننا ، والصحف تمن على المثقف الكاتب بنشرها مقاله ..
هذه هي الحال باختصار ، وتكون نهاية المثقف إما العيش على الكفاف ، أو الموت جوعا على أرصفة العرب ،كما حدث للفنان والأديب السوداني بهنس الذي مات جوعا وبردا في شوارع القاهرة أواخر العام الماضي. أو الإنتحار شنقا ، أوانتظار طلقة المسدس ، هذا إن كان المثقف قادرا على شراء مسدس ينتحر به كما هي الحال معي !! فأنا كنت أدخرحوالي خمسين ألف دولارلشيخوختي ، وفرتها من الرسم وليس من الأدب أو كتابة المقالات ، من معارض لي في باريس وبرلين وغيرهما ومعرض دائم في دمشق ، وأصرف منها منذ قرابة أربعة أعوام من عمر الأزمة السورية ، وأعيش في عمان بكرامة حتى الآن من هذه النقود - وقد تركت بيتا ومتحفا في دمشق لا يقدر ما فيه من فنون ومخطوطات بثمن مهما كان - وقد أوشكت على النفاد ، ولست مستعدا على الإطلاق أن أهين كرامتي وأن أبقى جائعا أو مشردا ولو ليوم واحد .وسوق الرسم في عمان شبه ميت ، فخلال عامين في عمان لم أبع أكثر من عشر لوحات بأسعار بخسة . أسعى خلف السلطة الفلسطينية عبر كبار الكتاب والمثقفين والمسؤولين الفلسطينيين منذ عامين بالتمام والكمال ، للحصول على عمل أو تقاعد ، بصفتي خدمت في حركة فتح بين أعوام 1968- 1985، حملت روحي على كفي خلال ما يقرب من عامين منها مقاتلا في سبيل فلسطين ( 69-70) امتص البق في كهوف جبال القدس وبيت لحم خلالهما الكثير من دمائي ، ، وفي السنوات اللاحقة في المنافي وفي دمشق تحديدا لم تكن حالي أفضل ، فقد كنت أعيش في دمشق مع زوجتي وأولادي في غرفة قميئة ارتادها معظم العديد من المثقفين العرب ، بدئا ب ممدوح عدوان والكثير من الكتاب السوريين مرورا بالطاهر وطار وواسيني الأعرج والزاوي أمين وانتهاء ب أحمد فؤاد نجم ،حتى أنني اضطررت إلى عرض مكتبتي للبيع على مكتب الدراسات الذي كنت أعمل فيه ويرأسه الأخ أبو مازن الرئيس الفلسطيني حاليا ،الذي صرف لي حينها خمسين ليرة سورية حتى لا أبيع المكتبة !
رسائلي للأخ أبو مازن لم تثمر عن شيء مجد حتى الآن فكل رسالة مني له ، إما أن تحول بالخطأ إلى محافظ القدس ، أوإلى المسؤول عن الإدارة والتنظيم ليبدي رأيه في صحة ما أذكره في رسائلي، أوإلى المذكور نفسه ليبدي رأيه في أوضاعي وعن إمكانية تخصيص تقاعد استثنائي لي بناء على ترشيح من الأديب يحيى يخلف وزير الثقافة السابق ، وأخيرا حول الأخ أبو مازن آخر رسالة مني في عمان إلى السفارة الفلسطينية مستفسرا عن أوضاعي ، ويبدو أن استفسارات الأخ أبو مازن عن أوضاعي ستطول دون أن يتخذ قرارا حاسما بشأن وضعي، ولو مجرد عمل ، فأنا والحمد لإلهي ما زلت قادرا على الكتابة في الادب والفن والفكر والفلسفة وحتى السياسة التي أكرهها وكذلك ما زلت قادرا على الإبداع فقد صدر لي كتابان هذا العام ، أهديت الأخ أبو مازن والسفير أحدهما . كما أنني قادر على الرسم .. فلي في العالم أكثر من سبعة آلاف لوحة في أكثر من ثمانين بلدا .
آمل أن لا يطول انتظاري لقرارات الأخ أبو مازن لأن طلقة المسدس التي تتوعد دماغي أسرع
بكثير من اتخاذ قرار .
*****
*قلق. قلق. قلق.

قلق إن كتبت ، وقلق إن توقفت عن الكتابة . قلق إن نمت ، وقلق إن صحوت . قلق إن ذهبت سيرا ، وقلق إن أخذت تكسي . قلق إن عدوت وقلق إن أسرعت الخطو. قلق إن تباطأت وقلق إن توقفت . قلق في أحلام اليقظة ، وقلق وكوابيس في أحلام النوم . قلق إن كتبت شعرا ، وقلق إن كتبت نثرا ، قلق إن كتبت فكرا ، وقلق إن كتبت أدبا . قلق في الحب ، وقلق في سرير الحبيبة . لا يوم ، لا ساعة ، لا دقيقة دون قلق ، حتى أنني فكرت في رواية موضوعها القلق ، لإنسان قلق ، أفكر في أن أسميه : قلق ابن قلق !!
توقفت منذ أوائل هذا العام عن المتابعة في كتابة رواية " رحيل معلن إلى رحاب المطلق الأزلي "بعد أن كتبت فيها اثني عشر فصلا .. توقفت لأنني قلق جدا ومتعب في شيخوختي ، ولأنني وجدت نفسي في مأزق رهيب ، حين سرت بالرواية في خمسة خطوط درامية كل خط منها يحتاج إلى رواية ملحمية وأن متابعتها تحتاج إلى زمن طويل وجهد كبير وحد أدنى من القلق ، يكفيه قلق الكتابة بحد ذاتها . لذلك شرعت في كتابة رواية مكثفة حرصت فيها على مد أقل الخيوط ، وكثفتها إلى حد لم يسبق لي أن فعلته من قبل . أنهيتها خلال أسابيع ، وقدمتها للنشر .
إنها رواية "أبناء الشيطان "التي صدرت منذ أسابيع عن دار البيروني في عمان . أطن أنها اقصر رواية في الأدب البشري ، إن لم تكن أطول قصة قصيرة ، رغم ثراء موضوعها . التطرف الديني في شخص انسان يظن أن شيطانا يتلبسه.
فكرت في كتابة أكثر من رواية على النمط نفسه . ولا أعرف لماذا لم أتحمس للموضوع بشكل جدي حتى الآن .
هاجمتني رواية رحيل معلن .. لم أستطع التخلص من كابوسها حتى وجدت نفسي أقوم بمراجعة فصولها خلال ما يقرب من ثلاث ساعات . احسست أنها جيدة وإن كانت متابعة الفصول في حاجة إلى جلد وسهر وتعب وبحث ، بعد أن وضعت نفسي في مجال درامي يشمل تطور البشرية ،وهو جانب في الرواية يتطلب البحث في تطور الجنس البشري ،والبحث في المعتقدات
والأساطير ، رغم أنني على اطلاع على معظمها ..
يبدو أنني سأتابع الكتابة فيها رغم أنني لم أجزم بذلك بعد .
*********
*ملكة السماء تُنشِد سِحرَ جمالِها للأديب.
- وأنا يا حبيبي
ستجدني واحدة في سبع
وسأتحول من السبع
إلى سبع أُخريات
ومن السبع الأخريات
إلى سبع أخريات.
سأكون يا حبيبي
كل الحورياتِ
وكل الإنسياتْ
كل السمرِ
وكل البيضِ
وكل القمحياتْ
سأكون الظبية والمهرة
والملكة والملائكية
وسأكونُ ربة الرباتْ
سأكونُ يا حبيبي
كل العاشقاتْ
***
سأكون كل من خطفت قلبك
عبر السنين الموحشة
وضاعت في غيهب الزمن
أو زحمة الطرقاتْ
وسأكون يا حبيبي
بكل الشُّعور الخالباتْ:
بشعرٍ حريريٍّ هادلٍ
أو خلاسيٍ عاصفٍ
أسود بدويٍ
أو أشقر روسيٍ
بنيٍ هنديٍ
أو أسمر غجري
ينهمرُ كشلالٍ
أو يتلوى كأفعوان
أو يكتسحُ السهوبَ كما
الظلالِ الغارباتْ
*
يتدلى في خُصَلٍ
أو ينضفرُ بحنانٍ
أو يمورُ كما السنابل في
الحقولِ المخصباتْ
يتثنى بدلالٍ
أو يلوح مع الريح
أو يفيضُ على الشطآنِ
كموج البحارِ
الغاضباتْ
يُهفهف مع النسيمِ
أو يَفِرُّ كأسرابِ اليمام
الجافلاتْ
يحلق في الغمامِ
أو ينداحُ مع العواصف العاتياتْ.
*
وسأكون يا حبيبي بكل العيون:
العيون السود الهائماتْ
والعيون الخضر الساحراتْ
والعيون الزرق الغاوياتْ
والعيون الصُّفر العاسلات
والعيون المكحلة بالألوانِ
المائجاتْ
سأكونُ بعيونِ عيونِ
كل الغجرياتْ
***
وسأكون يا حبيبي
بكل الأعناقِ
الظبيانية والزرافيةِ
والبضة والماسيةِ
وكل الأعناقِ
القاتلاتْ
*
وسأكونُ يا حبيبي
بنهدين:
جَدَّاءينِ أو إجاصينِ
برتقاليينِ أو تُفاحيينِ
وديعينِ كحمامتينِ
أو حائرينِ كبومينِ
صغيرينِ كظلف الرشا
أو كبيرينِ كبازينِ
وسأكون يا حبيبي:
بنهودٍ كاعباتٍ
حانياتٍ كقطوفٍ دانياتْ
وحنوناتٍ كأمهاتٍ هاوياتْ
ناهداتٍ دافقاتٍ جامحاتٍ عابثاتْ
*
سأكون يا حبيبي:
ببطنٍ للتماري
وسُرّةٍ تتضوّع بالمسكِ
وأفخاذٍ أملسَ من الديباجِ
وفمٍ أصغرَ من حبة الكرز
وشفاهٍ كالورود
اليانِعاتْ
*
وبرعمٍ بحجم حبة الفستُقِ
تعبّق بالنَّدِّ
وحُقٍ مُتناهٍ في الصغر
تفوّحَ بالعنبرْ
وخدودٍ بالقبلِ
مغرماتْ
*
ووجناتٍ ناعسةٍ
وخصورٍ ناحلةٍ
ورموشٍ
سابلاتْ
وأردافٍ كالزُّبدِ
وركبٍ ساحرةٍ
وأيادٍ كما الأحلامِ
وسيقانٍ
ماحقاتْ
وأقدامٍ ملائكيةٍ
وأصابع كما الألحانِ
وقدودٍ
مائساتْ
وعظامٍ لشفافية جلدي
بائناتْ
*
سأكون يا حبيبي
كل جميلةٍ:
مرت في التاريخِ
أو خطرت في الخيالِ
أو رسمتها الـرِّيش
أو صقلتها الأزاميلُ
أو خطتها الأقلامُ
على الصفحات
.
*
إن كانت إنسيةً
أو كانت جنيةً
ملائكيةً أو ربّةً
عذراء أو ثيّباً
من تكوينِ الخالقِ
أو من بدَعِ
المخلوقاتْ
.
*
سأكونُ يا حبيبي يا حبيبي
سا سا سأكون سأكون:
عشتارَ، وإيزيسَ
دليلة وأستيرْ
ليلى وسارانيو
أثينا وممتاز محل
وحواء
وسموراماتْ
وحواء وسموراماتْ
*
سونيا وجرتشن
أمَلَ ‍‍!! والموناليزا
ناتاشا!! ودُلثينا
المجدلية وراحاب
واوروبا
وأُفرودايت
واوروبا وأُفرودايت
*
هيلانة وبلقيس
كليوباترا وزنوبيا
إلزا وبياترتشي
وإنانا
وعناتْ
*

سأكون يا حبيبي:
كلَّ جميلةٍ كانت
وكلَّ جميلةٍ لم تكنْ
وكلَّ جميلة يمكن
أن تكون
سأكون يا حبيبي
الجنونْ
سأكونُ الأجملَ والأكملَ
منذُ خلق
الكائناتْ
*
لنتوحد يا حبيبي
أنا وأنتَ
وأنتَ وأنا
ونحنُ ونحنُ
مع الوجودِ
ونندغم في خضمِّ
الرعش الكوني
ونشوة الروح
والمكانِ الأبديِّ
والأزمنةِ
الخالداتْ
******
* من ملحمة ( غوايات شيطانية )
نسخة معدلة



*يوم مولدي .. يوم لدمشق .

بدأ العد التنازلي للدقائق الأخيرة من عامي الثامن والستين .وأنا وحدي والكأس والكومبيوتر وهسهسة ريح تداعب الجدران والنوافذ عبرالظلام المحيط بالبيت .
عندي رغبة لأن أسمع أغنية لنجاة . ربما عيون الألب . وأتذكر آخر حفل عيد ميلاد لي . أقامته الدكتورة بيرجت زيكامب زوجتي الألمانية حينذاك ( الله يسهل عليها ويسعد أيامها ) .. عجيب ارتباط الإحتفال بهذا العيد البائس بوجود زوجة أو حبيبة أو عشيقة ،أو أصدقاء .. وهؤلاء جميعا غير موجودين في عالمي الحالي الذي لم يعد فيه إلا العقل والقلم والريشه واللون.. الأصدقاء شتتهم الواقع السوري.. والنساء والحبيبات شتتهن أنا .. أنا انسان عصي على الترويض .. أكره الحياة التقليدية ،والعقل التقليدي والحياة الزوجية ، بعد أن خضت غمارها مرتين . .. المرأة إن لم تكن حبيبة أو عشيقة أو صديقة يشكل وجودها عبئا علي .
تمر في خيالي لحظات من عمرمليئ بكافة أنواع الحياة ، الشقاء والفرح ، البهجة والألم ، السرور والحزن . الراحة والتعب . الإبداع والفشل ..
حين استيقظت بعيد الأصيل من قيلولة أعقبت الغداء . أخبرتني بيرجت قائلة " فتاة أجنبيه من طرف مترجمتك كلود كرول تريد أن تقابلك في حدود السابعة في فندق الشام ".
ذهبت .. جلست في صالون الفندق وأبقيت عيني على المدخل ،وحين شاهدت فتاة جميلة ترتدي بنطال جينزتجتاز الباب، رفعت لها يدي ! حضرت الفتاة وهي في دهشة .تحدثت بعربية مكسرة متسائلة عما إذا كنت محمود شاهين . وحين أجبتها أنني هو بشحمه ولحمه . تساءلت كيف عرفتها بمجرد دخولها من الباب . أجبتها بأن حدسي ،لا يخطىء مع الحلوات ، وإذا أخطأ أكون قد كسبت التعرف إلى فتاة حلوة ، فهي بالتأكيد ستأتي إلي وتسألني لماذا أشرت لها ..
بعد قرابة ساعة دعوت الفتاة ( ماجدة )على عيد ميلادي الذي لا شك أن بيرغت لم تهمله . قالت : لكن أريد أن أشتري لك هدية . قلت أنت أجمل هدية . وأخبرتها بمسؤول فلسطيني أرسل شابا إلى باريس ذات يوم ليكون هدية لصديقته الباريسية في عيد ميلادها على أن يضع نفسه في صندوق زينة مغلف بالورد ! كما أخبرتها بجنرال عربي أرسل شابة هدية لابنته ! ولا أعرف إن كانت بصندوق أو دونه !
راحت تضحك وتضحك وهي تشكرني كوني قبلت بها دون أن تضع نفسها في صندوق !
حين فتحت بيرجت باب البيت كانت جميع الأنوار مطفأة .. أرغمتنا بيرغت على الدخول في الظلام . دفعت الفتاة أمامي برفق ودخلنا . توقفنا في منتصف الممر المواجه للصالون كما توقعت .. وفجأة أشعلت الأنوار مرة واحدة . ورددت أصوات
من كافة أرجاء البيت Happy birth day….... لأفاجأ بوجود عشرات الأصدقاء
والصديقات : كتاب ، مخرجون ، ممثلون .. ممثلات . رسامون . صحفيون .. أطباء. وأصدقاء مختلفون .. كانوا جميعا يهتفون بعيد ميلاد سعيد لي ..
وعيد ميلاد سعيد في دمشق .. في ليل دمشق الذي سيعود إلى بهجة أنواره المتلألئة ,عذرا يا دمشق ، عذرا يا حبيبتي إن لم أجد غير دموعي الآن أهطلها على وجنتيك الحزينتين .. ستعود أيامنا يا دمشق . ستعود يا حبيبتي . وكل عام وأنت بألف خير. وياسمينك بخير . وأطفالك بخير . ونساؤك ورجالك وبناتك وأهلك بخير.
*******
* الجنرال الزعيم ) قصة قصيرة !(

كان يقف باستعداد على ناصية الشارع مؤدياً التحية العسكرية دون أن يرف له جفن . لباسه مدني عادي وليس عسكرياً. توقفت للحظات لدهشتي مما رأيت . ثمة مساحة منبسطة من الأرض في مواجهته . بعض المارة الذين أدهشتهم الوقفة والتحية العسكريتان وقفوا خلفي أو إلى جانبي يرقبون بدهشة .
)مجنون ) همس أحد المارة .
تخلى الشاب عن التحية العسكرية ومد يده في استقامه ، وحركها يميناً وشمالأ في مساحة تزيد على المتر لتشمل جميع الجيوش التي يتخيلها تمر من أمامه في استعراض مهيب كما يبدو .
) جنرال ) همس آخر.
)لو أنه في مدينة اوروبية لقالوا أنه ممثل صامت يؤدي دوراً في الشارع ) هتف آخر .
أخذ يرفع يده على الطريقة الهتلرية ويحركها أعلى وأسفل دون أن يثنيها ،راسماً على شفتيه ابتسامة طفيفة .
)إنه زعيم ) هتف آخر .
ثنى يده أمام وجهه وراح يحركها محيياً فيما ابتسامته تزداد اتساعاً.
) إنه يحيي الجماهير ) قال آخر .
كان الناس قد تجمهروا عن يمينه وعن شماله دون أن يجرؤ أحد على المرور من أمامه ،ولحسن الحظ كان الشارع فرعياً ويؤدي إلى قرية قريبة وحركة مرور السيارات فيه نادرة .
) الله يكون في عونه وعون أهله ) همست امرأة .
أنزل يده اليمنى للحظات ورفع اليسرى وراح يلوح بها محيياً ،وما لبث أن رفع يديه الإثنتين
وراح يحيي بهما الجماهير الهائلة فيما ابتساماته تتلاحق وتزداد اتساعاً .
تابعت سيري من خلفه احتراماً لحالته وفعل المارة مثلي .
***************

*الدمع في زمن القتل والصمت والإغتراب!
في أصيل هذا اليوم .. الأصيل الهارب من وحشة النهارات القاتمة ،والليالي التي لا تنيرحلكتها حتى شمعة تنوس في ركن غفا عليه الزمن.. جالت في عيني دموع ما لبثت أن انهمرت على وجنتي بغزارة ، وصوت شاب مبدع يترنم بقد حلبي تكسرت على تموجات أوتار شدوه الأغنية الحلبية " ابعث لي جواب وطمني " في برنامج ( أرب آيدول ) لينقلني إلى حارات حلب بكمال بهائها ، وجمال مطاعمها ،وطيب طعامها ..وكرم أهلها.. وإلى أزقة دمشق المتكئة على أكتاف بعضها ...المستلقية في أحضان قاسيون .. أطلقت العنان لدموعي لتغسل عيني من وجع السنين ، ومخيلتي تجوب فضاء العواصم ،من بغداد إلى القاهرة ، ومن الجزائر إلى تونس وطرابلس والخرطوم ,, وصوت يهتف في دخيلتي ( ابك أيها العجوز ، لم يبق لك إلا البكاء في زمن القتل والصمت والإغتراب، ابك فلن تنزل معجزة من السماء لترمم شروخ نفسك المحطمة ، فلم يعد هناك زمن للمعجزات ، ابك وأرق الدمع فلعل في الدمع عزاء .. فالغابر كان حلما جميلا لا ينبئ بكوابيس الجثث الممزقة القادمة .)
(عدنا إلى ما قبل الصفر أيها العجوز ، حتى إلى ما قبل زمن المستعمر .. المستعمر ؟! أيه المستعمر ؟! لعلك تريد أن تتحسر على زمن المستعمر ؟ لعلك تريد أن تقول طعنة المستعمر طعنة أما طعنة القريب فبمئة ؟!! طعنة المستعمر يمكن الشفاء منها ، أما طعنة القريب فماحقة ! أو لعلك تريد أن تقول أنك كنت تحيا في كذبة كبيرة .لالا .. كنت تحيا في وهم الحرية والإستقلال والتحرر ، ولن أقول الديمقراطية لأنك تدرك أن أوطانك لم تعشها يوما في مدن الصحاري القاحلة ؟! ( مدن الملح )
( يا هاتفي أرجوك ..اتركني .. دعني أتمتع بالأغنية وطعم دموعي ، وأنشد مع المغني " ابعث لي جواب وطمني .. ولو أنه عتاب ما تحرمني ... مش قادر أقول انته الجاني .. حصبر على طول على أحزاني " )

*ملل!
لم أشعر هذا المساء برغبة في الكتابة ..البحث عن جملة أو مقولة تؤكد فكرة ليس ممتعا ، عدا أن المتعة في الكتابة البحثية محدودة . مللت من البحث عن الله في عقائد البشرية دون أن أعثر عليه حسب ما تخيلته . أفضل أن أبحث عنه في خيالي حيث عثرت عليه ذات زمن ، فكتبت" وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك وجدت نفسي أمام نفسي " ( لم أعرف أنني سأكتب هذه الجملة في مئات اللوحات لتترجم إلى عشرات اللغات ولتعلق في مئات البيوت ). حاولت أن ألجأ إلى الشعر ، لم أعثر على الكلمات التي يمكن أن تعبّر عما يعتلج في نفسي. ربما ضلت طريقها في غياهب ما يصطرع في مخيلتي . رحت أبحث عن الله في قلبي حيث أعتقد أنه يكمن هناك حسب قولي في آخر لوحة بعتها " ابحث عن الله في قلبك فإن لم تعثر عليه لن تعثر عليه على الإطلاق " !
أغلقت الحاسوب . استرخيت على أريكة . أملت برأسي إلى ناحية قلبي وهمست إلى الله مبديا له حزني العميق ، وأشعر أنني في حاجة إلى بكاء يفرحني ، وأنا أدرك تماما أنه الوحيد القادر على فهم هذا الطلب الغريب لي ، كونه يعرف أنني مخلوق يختلج في دخيلته الحزن والفرح ليشكلا معا الأمل في عالم تغمره الكراهيه .
أوحى لي الله أن افتح التلفاز على برنامج (أرب آيدول) لأفاجأ بثلاثة أقمار عربية في ريعان الشباب يشدون لأمة أرهقها الزمن وأثقلها الحزن.. عقلي مع القدس وفلسطين وقلبي مع دمشق وحلب والشام...وحزني مع تشردي ووحشة متحفي في دمشق .
يشدو حازم شريف موالا حلبيا يحملني إلى فضاءات حلب . حلب سيف الدولة والمتنبي .. حلب السهروردي والكواكبي وصبري مدلل وصباح فخري ووليد اخلاصي..حلب المعرفة والحضارة والفن الأصيل .. حلب الحارات التي تعانق واحدتها الأخرى بوله عشقي ... حلب التي كانت والتي لا تريد مخيلتي أن تتمثل كيف صارت .. تغرورق عيناي بالدموع لبرهة ، وما تلبثان أن تطلقا سراحها لتنزلق على وجنتي ،ثم تنهمر بغزارة وحازم يشدو لتنحني له الألحان :
آه يا حلو سيدي يا مسليني .. يلي بنار الهجر كويني
املا المدام ياجميل وسئيني .. من كثر شوئي عليك ما بنام
فرحت بحزن ! وحزنت كأم قست شفتا رضيعها على نهدها ! وخالجني أمل بأن محبي سوريا سيتضوعون ثانية بعطر الياسمين الدمشقي ، ويترنمون ثانية بالقدود الحلبية و بمال الشام يله يا مالي .. طال المطال يا حلوة تعالي .
أصدقائي .. ثلاثة أقمار أمتعونا من على شاشة M.B.C وكلهم يستحقون جوائز . لكن من يستحق اللقب حسب رأيي ورأي كثيرين وبجدارة ، هو الحلبي حازم شريف . آمل من كل من يحب الفن الأصيل ، ويحب حلب ودمشق وكل أرض الشام بما فيها فلسطين ولبنان والأردن,ويحب كل أوطاننا الحزينة .. أن يصوت غدا لحازم شريف . سورية في حاجة إلى بسمة وسط هول الدموع . فلتكن بسمتنا غدا بتتويج حازم شريف .
محبتي لكل صديقاتي الجميلات وكل أصدقائي الجميلين .
****
*صباح الخير يا لون !
صباح الخير يالون الحزن والمسرات
صباح الخير لبوح الكلمات
صباح الخير يا الله !
صباح الخير لربة ذرفت عيناها دمعة لحزن اليافعات
مثقل يالون بآهاتي وأفول المعجزات
متعب يا كلام من همس الحروف إلى أنين اللغات
منهك يا إلهي من جرح نكأ صدر الأمهات
وأتوق إلى بسمة أم نجا طفلها من سقوط قذائف عابرات
صباح الخير يا أصدقاء الحزن والجمرات
صباح الخير أيتها الصديقات
صباح الخير يا أوطان النكبات
صباح الخير لمدن ترزح في عصر الظلمات
صباح الخير لبلاد تغرس الموت بدل البسمات
صباح الخير لعالم يتفرج على جراح تنزف من الطعنات
صباح الخير على رؤوس قطعت بالسكاكين وبالبلطات
صباح الخير لأمة لم تعد تحتمل هول القتل وتشييع الجنازات
صباح الخير لصرخات تتردد في الأقبية وفي الردهات
صباح الخير للجوعى على أرصفة الطرقات
صباح الخير لصبية يفترشون الساحات
صباح الخير للهائمين في الأودية والغابات
صباح الخير لكهل يرتجف في برد المخيمات
صباح الخير لأرباب يعدوننا بالويل وبالعذابات
صباح الخير لعار آلامنا يلطخ وجه السماوات
******
*عام 2015 مقلوبا رأسا على عقب !!

* انتحار محمود شاهين ومقتل عشرات الآلاف من السوريين والعراقيين والفلسطينيين واليمنيين والمصريين واللبنانيين !

حين كان العد التنازلي يطوي الدقائق الأخيرة من عام 2014قررت أن أقلب العام 2015 رأسا على عقب وأتصفح أهم وقائعه . طالعني الحدث الأبرز المتعلق بمصيري وقد تصدر صفحة نهار آخر أيامه :
* انتحار الروائي والمفكر والرسام محمود شاهين شكل وصمة عار لطخت وجوه كثيرين إلى الأبد !
) اللعنة ) هتفت في نفسي حين أدركت أنني سأنتحر ، ورحت أبحث في صفحات النهارات السابقة لعلني أعرف كيف انتحرت . طالعني النبأ متألقا على صفحة نهار بأكثر من مانشيت :
*محمود شاهين ينتحر بمسدس ابتاعه قبل انتحاره بأيام !
* شاهين انتحر بعد نفاد نقوده وأعلن منذ زمن أنه سينتحر إذا لم يجد عملا أو لم يحصل على تقاعد !
ولم يسعفه أحد إلا رئيس السلطة الفلسطينية ب مبلغ 500 دولار قبل انتحاره بأكثر من عام !
آخر كلماته المكتوبة على صفحة بيضاء قبل أن يطلق النار على دماغه :
) ذاهب أنا في المطلق الأزلي وباقون أنتم في الخراب(
أهم ما قدمه محمود شاهين إلى الفكر العربي :
* تطويره لمذهب وحدة الوجود عند ابن عربي تحت عنوان " الصوفية الحديثة " ليغدو مذهبا معاصرا يوفق بين العلم والإيمان ،والمادة والروح ( المادية الروحية(
* فهمه للإسلام بعقل حداثي ينتمي إلى الحاضر ، ودفاعه عن الإسلام وشخصية النبي محمد عبر منهج علماني تاريخي يرقى بالإسلام وفهمه .
* قراءته لمعظم أسفار الكتاب المقدس بمنهج حداثي .
* قراءته لشخصية المسيح عبر منهج صوفي حداثي.
إضافة إلى العديد من المؤلفات الأدبية أشهرها ( ملحمة الملك لقمان ) و( غوايات شيطانية ) وآلاف اللوحات حيث رسم ما ينوف على عشرة آلاف لوحة .
من أشعاره في المحبة الإلهية :
عشق الأحبة متبادل
بنبض القلوب
وآهات الروح
ورعشة الجسد
لا يكتمل الحبيب إلا بالحبيب
فلا اكتمال بحب منفرد
سعي الخلائق إلى الكمال
بسعي الخالق يتحد
فإما كمال يعم الخليقة
وإما انتهاء إلى الأبد !
****
لم أتابع .. طويت أيام العام على بعضها حين رأيت أخبار القتل بالآلاف في كافة أرجاء الوطن العربي . واكتفيت بقصة انتحاري التي لم أفاجأ بها ، فقد أعلنت عنها
منذ زمن طويل !
*****
*ملل. قرف . ضجر . جنون .

مالل. قرفان . ( ضجران ) جاي على بالي أجن لأنني اكتشفت بعد محاضرة الشيخ بندر الخيبري -التي نشرتها على صفحتي في الفيس - أن الصين لن تأتي إلي لأن الأرض لا تدور !! ولا رغبة لي في الكتابة ، فلكثرة ما أكتب على النت عما تكتنزه دخيلتي غدوت أكره الكتابة للصحافة لأن ما أكتبه فيها سيكون حسب مزاجها حتى بعدد الكلمات فما بالكم بالفكر ؟ مع انه ليس من السهل أن تجد صحيفة تقبل أن تكتب فيها ، فالصحافة العربية محتكرة لكتاب مختارين بعناية وواسطة وووو .. لكن صديقا وقريبا عزيزا التقى رئيسي تحرير لصحيفة ومجلة وطلب إليهما أن ينشرا لي لحاجتي إلى المال بعد تشردي من دمشق ولم أجد سوقا لفني في عمان ! سيدة ثرية جدا وعدتني بزيارة لمعرضي لكنها لم تأت بعد شهر ونصف من وعدها .. أصدقاء على الفيس وعدوا ولم يأتوا ..
أشعر بحاجتي إلى ابتسامة تخرج من أعماقي دون جدوى .. نادرا ما أفتح التلفاز حتى لا أرى أهوال القتل ومأساة السوريين والعراقيين واليمنيين والفلسطينيين وغيرهم من مشردي العروبة .. وصديق عزيز ( عبد الله رضوان ) يرقد فاقدا الوعي في غرفة الإنعاش في المستشفى .. من أين ستأتي الإبتسامات أو حتى الأمل فيها ؟! هل ستسقط علي حورية من السماء ؟ لعلها تأتي من 300 دولار قررت السلطة الفلسطينية أن تخصصها لي ولكتاب آخرين بعد عامين ونصف من التشرد والركض. جيد أن أحصل على راتب قد يأخذ فراش أكثر منه . يا لخسارة أكثر من 30 عاما حملت فيها روحي على كفي وعشت على الكفاف من أجل فلسطين ! بعت ذهبات زوجتي عام 1970لألحق بالثورة إلى لبنان و سوريا،ولم يكن معي ذهب لأبيعه وألحق بالثورة إلى تونس ! فرحت أبحث عن لقمتي بيدي وأعرض نفسي للبيع ! دفع بعضهم لي ثمنا بخسا فقبلت على مضض إلى أن تمكنت من أن أعيش من رسمي ..
أطرف شي علقت بي سيدة على الفيس ووعدتني بليلة غرامية رومانسية رهيبة . قلت لحالي جاء الفرح يا ولد . وحين عرفت القليل عن الليلة قمت حذفت السيدة من الوجود وليس من الفيس فحسب . شيء لم يتصوره عقلي ولم أتصور أنه موجود في الواقع رغم خيالي المجنح !! حتى البوح به يخجلني !
اللوحات حبيسة في الحقائب .. أحسست بها تندهني هناك 62 لوحة معلقة في البيت .. رحت أخرج اللوحات غير المبروظة وأضع منها في كل مكان في الصالون ،على النافذة ، فوق الكنبات ، على المكتبة ، في الممر الداخلي،إلى جانب طاولة المكتب .. ملأت الصالون لوحات .. ما يزال في الحقائب أكثر من مائتي لوحة أين سأضعها ؟ جلست على كنبة ورحت أتامل اللوحات .. شعرت بالقليل من الراحة والقليل من القلق !! وراح الإثنان يتصارعان في دخيلتي لتستقر على حال !
****
عشاء قط متسول ! *

خرجت هذا المساء لأبتاع خمرا ، وحين عدت نازلا درج البناء الذي أسكنه إلى الطابق السفلي حيث أقيم ، واجهني عبر الظلام قط متوسط الحجم يصعد الدرج .. أبطأت سيري كي لا أخيف القط في صعوده وهو لم يكن صعودا إلا تخوفا وهربا مني . لكنه فوجىء بي أتمهل وأهتف : لا تخف ! تجاوزني القط بما لا يزيد على درجة أو درجتين . توقف وماء . التفت لأقول له : شو ؟ ماء مرة ثانية أشعرتني أن لديه مشكلة ما ،وتابعت سيري نزولا دون أن أفكر في مشكلته.. فوجئت به يتبعني . توقفت والتفت إليه لأهتف : لك حبيبيي ليش لحقتني روح . توقف وماء مواء لا يخلو من حزن . وحين أشرت له بيدي أن ينصرف ، ماء لمرة واحدة واستدار ببطء وسار في الإتجاه المعاكس على مهل. تابعت سيري .. فوجئت به يتبعني .. أشرت إليه أن ينصرف ففعل كما في المرة الأولى .. وأسرعت إلى الدخول من باب البناء لأطبقه خلفي حتى لا يتبعني .. ونزلت .. فتحت باب بيتي وأطبقته وقبل أن أغلقه بالمفتاح من الداخل . سمعت مواءه . ظننت أنه يموء في مدخل البناء بصوت عال . ففتحت الباب لأتأكد وإذ به يقف خلفه ويموء بتوسل .. لا أعرف كيف دخل ربما دفع الباب بجسده وفتحه . ورغم أنني أدركت أنه جائع جدا ولم يجد أحدا غيري يثق به ويتوسل إليه ، إلا أنني نهرته بلطف وأطبقت الباب وأغلقته بالمفتاح .
وضعت الخمور ودخلت إلى المطبخ لأعمل شايا .. لم أستطع أن أنسى القط . وثمة شعور بالذنب نزل على رأسي لم أستطع تلافيه . فكرت ماذا لدي في البراد . كان هناك بيض وأجبان ومرتديلا وفواكه وطبخة سبانخ وأرز . لم يكن هناك زبدة فقد نفدت ونسيت أن أشتري وإلا لدهنت له قطعة خبز بالزبدة . أخذت طبق كرتون ، وضعت عليه شريحة خبز، وضعت عليها قطعتي جبن أصفر وثلاث قطع جبن أبيض وقطعا صغيرة من المرتديلا.. أدركت أن هذه وجبة جيدة لقط .
خرجت من البيت . لم أجد القط . ناديت " لك وينك وين رحت "؟ ناديت مرة ثانية بصوت أعلى .. جاءني مواؤه من فوق طابقين علويين .. يبدو أنه صعد يموء خلف الأبواب متسولا عشاء ما .. ناديت : تعال . سمعت مواءه نازلا الدرج نحوي .. وحين بلغني وهو يرفع رأسه نحو الطبق الذي بيدي .. أشرت إليه أن يتبعني إلى خارج البناء .. تبعني . وضعت له الطبق . هجم عليه بسرعة . تشممه وشرع يأكل بشراهة .. عدت إلى البيت . استلقيت على أريكة مرتاح الضمير وأنا آمل أن لا يترقب هذا القط خروجي وقدومي بعد اليوم ليتعلق بي ويحاول أن يتبعني أينما ذهبت كما حدث مع قطة دمشق . وهذه قصة أخرى ذكرتها في كتابي " رسائل حب إلى ميلينا " ضمن قصة " موتي وقط لوسيان "
م. ش . 6/3/ 015
*******
*بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف:
أهلا يا حقوق المؤلف !

*وزارة الثقافة الفلسطينية نشرت لي مجموعة قصص بعنوان ( موتي وقط لوسيان ). قبل سبعة عشر عاما . وحتى اليوم لم تدفع لي قرشا !
أهلا يا حقوق !!
* ساهمت بما يعادل أكثر من 700 دولار لنشر روايتي (الملك لقمان ) وهي الآن تباع على النت دون أحصل على قرش من حقوفي منها ! أهلا يا حقوق!
*ناشرون مهذبون جدا لم يقبلوا نشر مجموعتي القصصية ( رسائل حب إلى ميلينا ) تخوفا من أن المبلغ الذي سأساهم به وهو 1300 دينار دفعتها وزارة الثقافة الأردنية ، لن يكفي لتغطية تكاليف النشر ! أهلا يا حقوق ! يالطيف اتخمنا حقوقا وثمة تخوف من أن نتقيأ أمعاءنا لكثرتها !
*في حقوق الكاتب العربي !
( برسم اتحادات الكتاب ووزارات الثقافة في الوطن العربي )

في الثاني عشر من أيلول الماضي وتحت عنوان " لو أن المثقف راقصة " كتبت مقالا مطولا نشرته على صفحات الحوار المتمدن والعديد من المواقع الألكترونية والإجتماعيه ولم تنشره أي صحيفة عربية حسب معرفتي ، رغم أنني أرسلته لأكثر من صحيفة ، فالمقال يطال الصحافة أيضا لتقصيرها في حقوق الكاتب . وقد قارنت فيه بين حقوق الكتاب والراقصات والمغنيات في الوطن العربي ، لأجد أن الفارق هائل ، وتمنيت لو أنه في مقدور الكاتب أن يكون راقصة ! وتطرقت فيه إلى الظروف التي أعيشها حاليا بعد خروجي من دمشق على أثر الحروب السريالية الطاحنة التي تدور في سوريا ، وما تركته خلفي من بيت ومتحف يشكلان تعب عمري ، وأنني أفكر في الإنتحار إن لم أجد من يبعد شبح المسدس عني ، وتطرقت إلى رسائل مني للرئيس الفلسطيني لم تسفر عن شيء حتى حينه .
أليوم أتمنى لو أن المثقف عامل تمديدات صحية ، فقد حلقت بعيدا في الخيال حين تمنيت أن يكون راقصة ، فأسوأ عامل تمديدات صحية يستطيع أن يجني في شهر أو حتى بضعة أيام أكثر مما يجنيه كاتب نشط في عام ! فلم تسفر حملتي التي دعمها العديد من الكتاب والمثقفين الفلسطينيين إلا عن 300 دولار شهريا كمكافأة لخمسة كتاب أحدهم أنا .(حدث هذا بعد أن حمل رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين مراد سوداني معاناتنا إلى مكتب الرئيس ليتمخض عن هذا الدعم المحدود الذي لا يكفي لأجرة بيت مقبول في هذا الزمن . والمؤسي أن أحدنا فارق الحياة قبل أن يقبض قرشا من هذا الدعم ، هو الكاتب نواف أبو الهيجاء) ( أنا قبضت خلال ما يقرب من ثلاثة أشهر حقوقي عن شهرين : كانون الثاني وشباط من هذا العام )
هذه الحال المؤسية دفعتني إلى التفكير في مشروع لحقوق الكتاب في الوطن العربي تتبناه اتحادات الكتاب وتفرضه على كل الجهات المعنية في الوطن العربي من صحافة وإعلام ووزارات ثقافة وكل من يعنيهم الأمر للإلتزام به .
1- صندوق دعم الكاتب .
أ- إنشاء صندوق في كل اتحاد لدعم الكتاب المتفرغين للكتابة والذين ليس لديهم أي دخل مادي آخر غير الكتابة . أو الذين لديهم دخل ، لكنه لا يكفي لمعيشتهم ، فيتم استكمال دخلهم من الصندوق ، ليصبح في حدود تعادل1500 --$-- شهريا كحد أدنى ، و 3000 --$-- كحد أعلى ( حسب ظروف الأسرة التي يعيلها الكاتب ، وعدد أفرادها ،إن كان متزوجا )
ب- يتم جمع أموال هذا الصندوق من الدولة التي يتوجب عليها المساهمة فيه بالجزء الأكبر ،ومن البنوك والشركات والجمعيات الخيرية وتبرعات المواطنين واشتراكات العضوية في الإتحاد.
ج- تقوم الدولة بفرض مبلغ محدد على البنوك والشركات الكبيرة وغيرها ..

و قدعرفت أن رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين قد بادر لإنشاء هذا الصندوق .
2- فيما يتعلق بحقوق الكاتب من دور النشر ، وعدد الكتب التي يتوجب نشرها .
أ- منع دور النشروالجهات الناشرة من تقاضي ثمن نشر كتاب أو جزء منه ، من المؤلف وإرغامها على دفع حقوق للمؤلف تتراوح بين 10 و25% من سعر الغلاف . (حسب أهمية الكاتب ).
ب- ارغام كل دار نشر على نشر عدد محدد من الكتب كحد أدنى وعدد كحد أعلى ليتسنى لجميع الكتاب نشر مؤلفاتهم . فلا يعقل أن تنشر دار نشر عشرات الكتب في العام ولا تنشر أخرى أكثر من أربعة كتب مثلا .
3- فيما يتعلق بالنشر في الصحافة المطبوعة والألكترونية والإعلامية (المذاعة والمتلفزة )
أ- يتقاضى الكاتب من أي جهة من هذه الجهات مبلغ يعادل 200 --$-- عن أي مقالة أو قصة أو خاطرة أو قصيدة تنشر ،ولا يزيد عدد كلماتها عن 400 كلمة . وقد يقل عن ذلك إلى النصف أو أكثر كما هو في القصيدة أو القصة القصيرة .
ب- يتقاضى الكاتب مبلغ 400 --$-- عن أي مقالة من المشار إليها أعلاه ، لا يتجاوز عدد كلماتها 750 كلمة .( يشترط أن تكون المقالة أو المقال أكثر من 550 كلمة أو في حدود 750 كلمة )
ت- يتقاضى الكاتب مبلغ 700 --$-- عن أي مقالة لا يتجاوز عدد كلماتها 1500 كلمة ( يشترط أن تكون المقالة أكثر من 1200 كلمة )
ث- يتقاضى الكاتب مبلغ 1500 --$-- عن كل مقالة في حدود 3000 كلمة .
ج- يتقاضى الكاتب 2000 --$-- عن كل مقالة في حدود 5000 كلمة .
ح- يحق للكاتب أن ينشر مقاله في أكثر من صحيفة ومجلة شريطة أن تكون الصحيفة أو المجلة من بلد مختلف . وعلى كل صحيفة ومجلة أن تدفع للكاتب الحقوق نفسها مهما تعددت الصحف والمجلات ، ويتوجب على كل صحيفة أو مجلة تنقل المقال أن تدفع للكاتب حقوقه كاملة . حتى لو نشر المقال في 22 دولة و22 صحيفة ومجلة . فالراقصة والمغنية ليستا أهم من الكاتب والفنان رساما كان أو نحاتا أو غير ذلك . وعلى اتحادات الفنانين أن تسعى في الإتجاه نفسه لنيل حقوق الفنان .
خ- تستثنى المواقع والمنتديات المجانية من الأمر شريطة أن تأخذ موافقة الكاتب قبل النقل ، أو إذا تم برغبة من المؤلف سواء بالنشر أو النقل .
4- في هامش الحرية الممنوحة للكاتب .
أ- توسيع هامش الحرية للكاتب بحيث يشمل كل ما يتعلق بحياة المواطن العربي وبشكل خاص العقائد والديانات والمذاهب والعادات والتقاليد والطقوس شريطة الموضوعية في التناول والنقد ، دون اللجوء إلى التجريح أو بذاءة الطرح أو شتم الأنبياء والرسل والمفكرين الذين ينبغي احترامهم والتعامل معهم حسب ثقافة زمنهم ،وأن ما قدموه يخضع لهذه الثقافة ، وينبغي احترامه دون تقديسه . أي كما نحترم شرائع حمورابي حتى اليوم دون أن نقدسه أو نأخذ بشرائعة .. مع أن بعض الدول ما تزال تعاقب جريمة القتل بالإعدام ، وهي شريعة حمورابية !
ب- يصنف كاتبا كل من أصدر كتابين على الأقل غير الرسائل الجامعية . ويصنف كاتبا جيدا كل من أصدر خمسة كتب فما فوق بقليل . ويصنف كاتبا ممتازا أو من الدرجة الاولى كل من ألف عشرة كتب فما فوق .
في الختام نقول . إن الكتاب هم عقل الأمة ، أية أمة ، ومن يتوجب عليهم استشراف الأفق الذي يمهد لنهضة الأمم ويرقى بوعيها وثقافتها ويبني مقومات شخصيتها ،وينبغي احترامهم ووضعهم في المكانة الإجتماعية التي تليق بهم . وهم كأدباء ومفكرين إلى جانب الفنانين بكافة فئاتهم يشكلون ضمير الأمم ونسيج أرواحها الذي لا غنى لهم عنه .
هذا المشروع قابل للنقاش والتطوير من قبل الجهات المعنية .
معا وسويا من أجل نهضة الأمة ومن أجل كاتب حر يحترمه الجميع ومن أجل العيش بكرامة وحرية في أوطان حرة ترسم مستقبلا زاهرا لأبنائها .
م. ش.
الرجاء من كافة الزملاء والأصدقاء والكتاب التعميم .
*******
*شوربة عدس سبع نجوم !
قصة .
بعد آن ضاق الحال وتقطعت الأوصال وتحطمت الآمال في إيجاد سوق لبيع لوحة أو نشر مقال ،قررت أنا "عباس بن مثقال" أن أتقشف من الرأس لموضع الخلخال ، حتى أبعد شبح فوهة المسدس عن رأسي الكامن على زلزال ! وأن لا آكل إلا البصل والعدس ومسلوق الحنطة ، وأقاطع أكل اللحوم ما عدا الطحال ، حين تتحسن الاحوال ، وأن أمتنع عن شرب الخمروعصيرالبرتقال، وتدخين سجايرمنال،وأتوقف عن تناول القهوة والعسل والإكتفاء بعصير البصل !ونسيان المكسرات من فستق حلبي وجوز ولوز وكاجو وبندق وصنوبر، إلى أن يفرجها من إليه المآل خالق الإنس والجان والبغال ، ومكسب عباده في الحروب الأنفال ..
فهممت من وقتي إلى المطبخ وأنا أجاهد لأن أمنع عقلي في الموت والقتل في بلاد العرب يسرح ، وأحضرت العدس المجروش الذي ذكرني بأكل الحبوس ، ووضعت نصف طنجرة ماء على وقع ثغاء ، لا أدري من أين جاء ! أضفت العدس إلى الماء ووضعته على نار حمراء .
رحت أبحث عن البصل .. فالعدس يحب البصل كما تحب الحبلى العسل كما أو حى لي شيطاني " ناموس المنحوس ".. ما وجدت إلا بصلتين فهتفت يا غراب البين ! هاتان لا تكفيان ،وإذا بشيطاني" ناموس المنحوس" يهتف في دخيلتي كجاسوس: هناك في زاوية رف المطبخ كيس مليان بالبصل النفيس ! قلت ولك عم تحكي عن جد ؟ قال مد ايدك وشوف . مددت يدي وفتحت الكيس وإذ به بالبصل يهيص ! شكرت مثيلي ناموس المنحوس الشيطان وتعوذت من الإنس والجان ،وفرمت ستة رؤوس بصل فحول على أصول الأصول ، وأضفتها إلى طنجرة العدس المبشور ، الذي كان يفور ويخرج زبدا أبيض على طول ! فأوطأت النار ورحت أبحث عن الثوم الصيني المستورد وأنا لمحبته مستعبد ، فأخذت رأسا بل رأسين وإذا بناموس يهتف خذ ثلاثة رؤوس بل أربعة فالعدس يحب الثوم كما تحب الحبلى الطعن في النوم !! تعجبت من فقه شيطاني ،وافقته على رأيه وقطعت رؤوس الكتل من عقب ورأس وفرطتها ووضعتها في ماء مغلي ليسهل تخليصها من القشور ،وما أن بردت قليلا حتى فركتها في الماء وخلصتها من القشور وفرمتها وأضفتها إلى الطنجرة البتول !! وهممت لأضيف إليها بهارات وزيت وإذا بناموس يهمس لي : يا حبيبي عندك لحمة مفرومة في البراد أضف قطعة منها لتعطيها نكهة لحمية ، العدس يحب اللحمة كما تحب الحبلى الوحمة ! همست :حسبي الله عليك هل سنطبخ شوربة عدس أم شوربة لحمه ؟ ثم ألم تذكرني إلا الآن كان يجب أن نضعها من البداية : هتف المنحوس ناموس قال : هاي لحمة مفرومة وتستوي بسرعة معلومة ، قلت : لكنها مثلجة وفي البراد مجمدة ،ولن ينفع معها سكين . قال اغسلها بالماء الساخن واكشطها بسكين منشاريمشي معك الحال . حسبي الله عليك إذا ما رايح تجنني يامنحوس . قال بدنا نتقشف ،والله طالما أنت راكبني ما رايح أتقشف ولا أتنشف ! قال ولا يهمك رايح أغويلك الرئيس عباس وأذكره بأيام فقرك في دمشق يا ابن الناس وأنت تعمل معه في مكتب الدراسات وأذكره بالأيام الرايحات والجايات والإفلاس ، وأحنن قلبه عليك وأجعله بحفنة دولارات يفديك ويزيد الراتب من 300 دولار إلى ألف وخمسمية ، لتأكل خراف وفراريج محشية !! والله ما انت شاطر غير عليه أنا ، كنت من زمان إعملها .. صار لي ثلث سنين بطاحش ! وما ظل غير أرتكب الإثم والفواحش ! أو أروح إلى البرية أطاحش بلكي ألاقي قطيع أرعاه وأغمس غدائي بخبز مع حليب أرضعه من ضرع الشاة ، وفي الربيع أجلس إلى جانب نبتة زعتر وأخرج رغيف الخبز من جيبي الأيمن ورأس البصل من جيبي الأيسر ،أدق رأس البصل بقبضة يدي على الصخرة ، لأفلخه فلخ وأشلخه شلخ ، وأقطف من نبتة الزعتر خصلة أضعها في لقمة مع شقفة بصل، لآكل أكلة رعيان على مهل وأتنسم هواء نقي في الجبل والسهل كما كنت افعل في طفولتي في جبال القدس الشرقية .. أكلة ولا الخراف المحشية والكسكسي المغربية !
فتحت البراد . أخذت قطعة اللحم المفروم . غسلتها بماء ساخن ،وبشرت منها بصعوبة في طاجن،ما يقرب من وقية لحمة حبوبة،أضفتها إلى الشوربة . وتابع ناموس المنحوس صولاته وجولاته في إغوائي وتحويل طبخة شوربة العدس إلى شوربة سبع نجوم كما سبق وأن جعلني أحول طبخة المجدرة إلى طبخة برجوازية من خمس نجوم ! فأشار علي بالفلفل الأخضر الحار والبقدونس مدعيا أن العدس يحب الفلفل والبقدونس تماما كما تحبهما الحبلى والمومس ! هتفت يخرب بيتك شو عرفك ؟ قال إذا لم أعرف أنا فمن يعرف ؟ فأخرجت الفلفل والبقدونس وفرمتهما وأضفتهما . سألت ناموسي المنحوس إن كان قد بقي شيئا . قال :هناك مغلفان يحويان شوربة ماجي بالخضار في خزانة المونة أضفهما إلى الطبخة طالما أنك اعتزلت العشاء ما عدا الخضار لتتلافى التكرش ! فالعدس يحب الماجي كما تحب الحبلى الكباجي !! صرخت به دون أن أعرف ما هي الكباجي : ولك إلهي يوديك في داهية ،ما رايح تخلي في البيت إشي .
المشكلة أنني رغم غضبي منه لا أرفض ما يوحي إلي به أو يرغمني عليه .. فتحت مغلفي ماجي بالخضار وأضفتهما . قال أضف قليلا من الشعيرية . أضفت . قال أضف مربعي مسحوق ماجي أيضا للنكهة . أضفت . قال أضف زيت دوار الشمس. أضفت . قال أضف قطعة زبدة . أضفت وأنا أكاد أنفجرمن الغضب . قال أضف قليلا من زيت الزيتون . وهنا انفجرت صارخا وأنا أطبق بقيضتي يدي على رأسي " ولك حل عني جننتني جننتني ! قال : هدي أعصابك ، العدس بحب الزيت قد الحبلى ما بتحب الني..!! يخرب بيتك من وين جبتها هاي ؟ وشو عرفك أن الحبلى تحب الني.. ؟! قال أنا أدرى منك في هالمسائل لأني شيطان مش مثلك بعدك إنسان .. رد عليه وما تزعلني منك! طيب شو ظل ؟ شوف فيه حليب في البراد ؟ حليب ؟ أيه حليب ! قلت فيه ! قال فرغ لك علبة فوق الطبخة . أخرجت علبة حليب وأفرغتها فوق الطبخة ..قلت وغيره . قال حط ملح . حطيت . حط فلفل أحمر . حطيت . بهارات مشكلة . حطيت . قرنفل . قرتفل ؟! آه قرنفل ! حطيت . هيل إ هيل ولك هيه قهوة ؟! بقلك حط . حطيت .. جوزة الطيب . حطيت . قرفة ! قرفة ؟! أيه ! حطيت . نعنع ! لك نعنع مع العدس .! شو انته جنيت ! بقلك حط . حطيت . زنجبيل ! لأ هون وبس ما رايح أحط زنجبيل . يا حبيبي العدس بيحب الزنجبيل قد الحبلى ما بتحب .... الفيل ! الله يغضب عليك يا شيخ هلكتني بحب العدس والحبالى وغيره ..
قال: بعدين الزنجبيل بنشط خليه يصحصح معك !! ولك على شو بدي أنشطه عالحيطان ؟! وكل هلي خليتني أحطه ما رايح ينشطه ؟!قال : انته معند وميبس راسك كل يوم بطلع لك إحداهن أو إحداهنهم!! قلت شو احداهنهم هذا ؟! ما رد عليه واكتفى بهزة رأسه .. .. وهي حطيت زنجبيل انبسطت ؟... يعطيك العافية ! هلا فيك تقول أنه بفضلي طبخت شوربة عدس سبع نجوم !
" وهلا خلصنا " ؟
" طلع لك شقفة سمك فيليه من البراد "!
" أيه ! وإن شاء الله بدك أفرمها وأضيفها للعدس ؟! "
" لا شو شايفني هالقد متشيطن حتى أعملها؟ "
" كل هالشيطنة ،وبعدك ما متشيطن ؟1 "
" هاي الثلج يذوب عنها بسرعة . اقليها بقليل من الزبدة في المقلى وكلها إلى جانب العدس "
ولم أستطع مقاومة رغبات شيطاني ناموس المنحوس . أخرجت شقفة فليه ونظفتها بسرعة وبهرتها .. وقليتها على نار هادئة . حين ذقت العدس كان خرافيا بالفعل وبعد أن كنت أعتبره عدسا خمس نجوم فقط اعتبرته سبعا !
وضعنا المائدة وجلسنا لنأكل . هتف ناموس :
" ألن نعزم أحدا ليأكل معنا ؟ "
قلت " من تقصد ؟ "
قال " اها لعله يغفر لي عدم سجودي لآدم "
صرخت : ناموس ! كفى !!
********
*باقون في رنّة الخلخال !
وذاهبون أنتم في المحال !

باقون بطرزه على ذيال ثوب
وترانيم صوت يصدح بموال
باقون بعتابنا ودلعونا
ورجع صدى أرغول
تردده وديانا وجبال
باقون بقدس الآلهة وقيامتنا وأقصانا
باقون في الأطلال !
باقون بغصن من زيتونا وسعف نخيلنا
وخبطة قدم في دبكة عرس
باقون في الطين والصلصال
باقون بقبة عشق عصدر
صبية يطرح الخيّال
باقون بالمنسف والمسخن والمقلوبة
وتطريزة طريق رام الله
بألوان مزخرفة
على جانبي ثوب
بالقمر والشمس والهلال
باقون بالضاد
يقال فيها كل ما لا يقال
باقون في رنة الخلخال
باقون في دمعة حزن
باقون في بسمة فرح
وذاهبون أنتم في المحال !!
******



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملحمة الملك لقمان (11) صِفات محمّدية وهدايا جنّية!
- شاهينيات الفصل (110) ملاك يهوة يبيد 185 ألف أشوري !
- ملحمة الملك لقمان : رؤية شيطانية وآيات ربانية .( رؤية الشيطا ...
- ملحمة الملك لقمان (9) ولادة وتنبؤات مأساوية!
- ملحمة الملك لقمان (8) تتويج في السماء
- شاهينيات . الفصل (109) محاولات تأريخية فاشلة لا علاقة لها با ...
- ملحمة الملك لقمان. (7) حرب جنية وغزل كوني !
- شاهينيات . الفصل (108) ياهو يجزر كل من اتبع عبادة البعل من ا ...
- (6) بطّيخ وبغال وزنى أبوي!!
- أسفار التوراة : قراءة نقد وتعليق . (3) قضاة . راعوث. صموئيل ...
- ملحمة الملك لقمان.(5) حقيقة وخيال وجن وخوازيق!
- أسفار التوراة . قراءة، نقد وتعليق .(2) خروج . لاويين . عدد. ...
- شاهينيات (107) ايليا يصعد إلى السماء قبل قدوم المسيح!
- ألملك لقمان . ملحمة روائية . الجزء الأول . (4) ليلة راقصة عل ...
- ألملك لقمان . ملحمة روائية . الجزء الأول . (3) صعود إلى الفض ...
- ألملك لقمان . ملحمة روائية . الجزء الأول . (2) رؤيا شيطانية!
- قصة الخلق التوراتية . طوفان نوح . دخول اليهود إلى مصر وخروجه ...
- لملك لقمان . ملحمة روائية . الجزء الأول . (1) محاولة انتحار
- باقون في رنّة الخلخال ! وذاهبون أنتم في المحال !
- شاهينيات (106) حروب متخيلة وارتداد عن عبادة يهوة كالعادة .


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - بوح الكلمات : خواطر .ذكريات . أشعار. قصص.