أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سماح مغوش - طابق 99، هل هبطت أم صعدت بنا؟















المزيد.....

طابق 99، هل هبطت أم صعدت بنا؟


سماح مغوش

الحوار المتمدن-العدد: 4796 - 2015 / 5 / 4 - 18:55
المحور: الادب والفن
    


هذه قراءة عامة وليست "نقدا" لروايات البوكر في القائمة القصيرة، وابتدأتها برواية "طابق 99")
طابق 99 .. هل صعدت بنا أم هبطت؟
تسلط رواية "طابق 99"، للروائية اللبنانية جنا فواز الحسن، والتي دخلت القائمة القصيرة في البوكر، على قضية تقليدية لا جديد فيها وهي "الإنسان الفلسطيني" وقضيته حيث حاولت من خلالها أن تسلط الضوء على اضطهاد "الكتائب اللبنانية" للفلسطينيين الذين عاشوا في مخيمات اللجوء في لبنان، وشهدوا مجزرة صبرا وشاتيلا.

ولكن الطرْق جاء تقليديا أيضا، وهو بطل عاشق يستند طوال الرواية على عاطفته للمحبوبة، والبطل "مجد" والذي يمثل الإنسان الفلسطيني في مخيم صبرا وشاتيلا والذي شهد مجزرته وراحت أمه ضحيته وتسبب بعاهة له، وحبيبته "هيلدا" المسيحية التي تنتمي عائلتها بشكل قوي للكتائب اللبنانية والتي حاربت الفلسطينيين، وتحاول الروائية أن تظهر العمى السياسي مقابل الحب الذي لا يعترف بمتاهاتها.

ولست بصدد رواية الرواية، أو التعريف بها، إنما هي عملية قراءة في هيكلية الرواية وأطرها، وأسس بنائها، وتنطلق الرواية من العنوان، "طابق 99"، وهو عنوان يبدو مقارنة بحكاية الرواية لا ينتمي لها، إذ أنه أشبه بعنوان بوليسي بعيد جدا عن الحبكة، ودخولا لأول أس وأهمه وهو السرد، فإن الروائية غيبت السرد لصالح الحكاية، وظل السرد مذبذبا، فتارة يرتفع بوتيرة ساحرة وخفة تجعلنا نرغب في أن نتابع القراءة، وتارة يهبط من غير غرض سوى استهلاك اللغة في التعبير، دون نفع أو إفادة في عملية البناء السردي.
فتأتينا بعض الجمل الواردة كافية وقد أوصلت المعنى بشكلها الكامل، ولكن الروائية تعود وتحاول الإسهاب فيها والتأكيد عليها، وبعض الأحداث تظهر مفتعلة أكثر من كونها كيان موحد مع سياق النص، فعلى سبيل المثال اعترض بطل الرواية "مجد" وهو المهاجر في الولايات المتحدة حيث التقى حبيبته هناك، على عودة حبيبته "هيلدا" إلى بيروت موطنها، وحين سألها عن سبب رغبتها بالعودة، وإذا كانت تريد العودة لتقول لأهلها: "لماذا تعودين؟ ماذا ستقولين؟ أنا مغرمة بفلسطيني أعرج؟". جاء الحوار في غير محله، وبمباشرة فجة، فلم تذكر الروائية في بداية الرواية السبب الذي قد يدفع الفتاة بمجرد عودتها أن تقول إنها تحب فلسطيني أعرج؟ تبدو كأنها محاولة للتعريف بشخصية البطل في بداية الرواية، ولكنه كان تعريفا غير موفق تماما، فهل يُعرّف أحدهم بشخص بذكر عاهته؟.
وفي انسيابية السرد فقد بدت مقدمة الرواية أكثر قوة من باقي جسدها، وتصف الروائية شخصية الرجل العاشق، ولكن يبدو وصف الروائية للرجل العاشق "شيء ترغبه الأنثى" أكثر مما هو في عاطفة الرجل حقا، وكأن الكاتبة قد زجت برغبتها الأنثوية في عاطفة رجل وألحت عليها، ولم تسمح للبطل أن يكون مستقلا.

استهلكت الروائية خمسة صفحات فقط لتعبر بها عن عشق عاشق لحبيبته، وهذا سرد تقليدي بامتياز لا ابتكار أو محاولة تجديد فيه.

يسقط الوصف أحيانا من يد الروائية ويبدو كأن التعبير يخونها، فعلى سبيل المثال في سياق إحدى الجمل "هو الشعور بالفقد حين يصيب الإنسان يجعله كسيحا كقطعة ثياب رثة". كيف يصير الإنسان بالفقد كسيحا؟ ثم أين ترابط الخيال بأن يكون كسيحا كقطعة ثياب رثة؟.
تقع الروائية كغيرها من الروائيين العرب في فخ الحوار "العامي" ولا أجد هذا في مصلحة الروائي، إذ أن الروائي يستطيع أن يستخدم لغة عربية فصيحة مبسطة تقرب الواقع من غير أن يسقط تماما في "العامية" إلا إن كان يطمح لانتشار في "هويته" فحسب وليس انتشارا عربيا، وهنا على الروائي أن يقف مع نفسه ليسألها عن المكان الذي يرغب في أن يكون فيه.
بعض العبارات في الرواية تبدو كأنها لا تقود إلى شيء فمثلا، تقول الروائية في إحدى عباراتها "السلطة هي الكارثة، تحديدا تلك السلطة التي تولد القوة". بغض النظر عن طبيعة استخدام السلطة أو موقع صاحب السلطة، ولكن ما المقصود بتحديدا السلطة التي تولد القوة؟. فهل هناك سلطة من غير قوة؟ إن عبارة السلطة عبارة بديهية مرادفة للقوة!. وهذا يدل على حشو في النص لا معنى واضح له، ثم ألحت الروائية كثيرا في شأن "عاهة" بطل الرواية، وجاء مصطلح استخدامها لكلمة "معاق" غير دقيق، فالإعاقة هي مايولد مع الإنسان وليس ما يكتسبه بفعل حادث ما كبطل الرواية، التي صارت لديه عاهة بسبب المجزرة. ويظل وصف إحساس الكاتب بإعاقته هذه، على حسب الروائية، مبالغا فيه.

وتعود الروائية مجددا للتأكيد من غير داع على حب بطل الرواية لـ"هيلدا"، فالقارئ قد اكتفى من مدخل الرواية بأن يعرف ذلك ويدركه، وهو قطعا لن ينسى ذلك في منتصف الرواية، ولم نفهم تعبير الروائية تماما بوصفها للأجنبيات على لسان البطل "كنت ولو عن غير وعي، أراهنّ – أي النساء الأجنبيات – سبايا". كيف لرجل لا يبدو متزمتا وفي الولايات المتحدة، ورجل أعمال ومنفتح أن ينظر لأجنبية على أنها سبية؟ خاصة أن هذا المصطلح "ديني" أكثر من واقع دنيوي، لا يبدو واضحا ما تحاول الروائية أن توصله من نظرة الرجل للنساء الأجنبيات، فالسبية امرأة مستعبدة لا حول لها ولا قوة، وهو أمر غير منطقي أن يرى الرجل الشرقي المرأة الغربية على هذه الصورة. كان الأفضل مثلا استخدام وصف "باردات العاطفة"، "سلبيات في علاقاتهن" "أنانيات" فهو أقرب للوعي المصاحب للبطل من كلمة "سبايا".
ثم هناك جملة "لا تصنع الملاحم حبا بل فقط أساطير". تبدو هذه الجملة هنا أيضا مبهمة، وغير واضحة المعنى، ولا تعطي تبريرا منطقيا، لتقول أن الحب يصنع الأساطير وليس الملاحم؟ وما الفرق التي حاولت الروائية أن تبينه هنا بين الملاحم والأساطير؟. يبدو أن الروائية حاولت أن تضفي على الجملة "نكهة أدبية" ولكنها بدت غير موفقة فيها تماما.
ثم في معرض حوار أيضا بين "هيلدا" ووالدها، تقول "هيلدا" في سرها (موجهة كلامها لأبيها): "تبا لك وللحرية التي زرعتها في داخلي". ونسأل الروائية هنا، هل يشتم الابن أباه ولو كان في سره؟ اللهم إلا إذا كان هذا الأب قد ارتكب فعلا شنيعا جدا بحق هذا الابن حتى يستطيع هذا الابن شتمه في سره، وهو ما لايبدو بعلاقة هيلدا بأبيها، فهي تملك من "اللوم والغضب" عليه الكثير، ولكن ليس إلى حد منطق الشتم.

وهو ما يظهر الحوار أحيانا منفعلا مشبوبا بعاطفة شخصية "أي لم تستطع الروائية أن تتحكم بعاطفتها الخاصة تماما" أثناء سردها للنص.

ولم تفلح الروائية تماما في أن تترك للقارئ الحرية بأن يختار من الطرف الظالم ومن المظلوم، فقد تدخلت مباشرة لصالح طرف دونا عن الآخر، وأحد نقاط القوة التي تحسب لأي روائي أن يخرج من عباءته الشخصية ليجعل شخصياته حيادية ويجعل القارئ في صفه من غير أن يقوده هو لذلك، بل باختيار القارئ ذاته.

وتذكر الروائية شخصية "محسن" وفي معرض وصفها له، تقول إن حول عنقه صليب دون تبرير وسبب معين لذلك، وهو تشتت في السرد.

كما تظهر شخصية "ماريان" التي ذهب زوجها لحرب الخليج منذ سنوات ولا تعرف عنه شيئا، ومن الغريب أن لا تُظهر الروائية أن "ماريان" ولو في مكان ما من عمق اللاوعي لديها، تعترف بان زوجها في عداد الأموات، فهل يعقل أن المرأة تنتظر زوجها ليعود من حرب بعد سنوات دون أن تضع هذا الاحتمال ولو لواحد بالمئة؟
تتبع الروائية تعدد الأصوات في روايتها، كما وصوت المؤلف أيضا، ولكن مع ذلك ظلت الرواية في إطارها التقليدي ولم تخرج منه، ولا تبدو الصورة التي حاولت الروائية أن تظهرها حول إشكالية "لعنة طابق 99" واضحة، فلم تقدم ترابطا واضحا في هذا المعنى، كما وظلت شخصية والد "هيلدا" غير موزونة تماما، وانتهت الرواية بنهاية أقرب لنهاية قصة قصيرة منها لنهاية الكتابة الروائية.

وتظل الرواية عملا تجريبيا، فالروائية الشابة تملك مقدرة كبيرة وملعبا واسعا لتبني رواية أكثر حداثوية وبقضية متجددة ونتمنى أن تكون قضية تمس الشباب الذين في مثل سنها أكثر من العودة إلى زمن غاص فيه كتاب جيله بشكل كاف وواف، خاصة فيما يخص القضية الفلسطينية.



#سماح_مغوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سماح مغوش - طابق 99، هل هبطت أم صعدت بنا؟