أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منصف البرايكي - شكري بلعيد: وجع المراثي (قراءة وجدانية في نص شكري بلعيد الشعري)















المزيد.....

شكري بلعيد: وجع المراثي (قراءة وجدانية في نص شكري بلعيد الشعري)


منصف البرايكي

الحوار المتمدن-العدد: 4796 - 2015 / 5 / 4 - 14:11
المحور: الادب والفن
    


والطعن يوم طراد الخيل يشهد لي والسيف والرمح والقرطاس والقلم
والعمي لو كان في انظارهم نظروا والخرس لو كان في افواههم خطبوا
عنترة
بمناسبة الدكرى الثانية لاغتياله اصدر الاتحاد العام التونسي للشغل ديوانا للشهيد الرمز شكري بلعيد اشرف على تحقيقه وترتيب قصائده رفيق دربه الدكتور شكري المبخوت قسمها دون ترتيب زمني الى دفاتر ثلاثة= دفتر الغريب= =دفتر العاشق من بغداد= و=دفتر المصارع الطبقى = كما قدم الكتاب واختار له عنوان =اشعار نقشتها الريح على ابواب تونس السبعة= رسم العنوان مع شوارب عريضة وخال على خد الصفحة الاولى كرمزية لوسامة الفقيد ورجولته.....
ديوان صغير في حجم جيبي تناثرت على صفحاته الحزينة عشرات القصائد وشحت المشهد الادبي واثرت المدونة الشعرية التونسية المعاصرة بشكل فجئى فاستحقت كل طقوس الاحتفاء بعد ان غيب الموت داك الفارس الدي ترجل ومارس عنا التخفي ليترك الحصان وحيدا...برحيل فاجع ومفاجىء فتكشف وجه اخر للنبي الفقيد المسكون هو الاخر بهاجس الشعر وهوس النظم ورغم انتقال ملكية النص الينا ظل الاثر يحمل توقيع صاحبه لما بيننا وبينه من التزام سياسي وعقد وجداني وروابط فكر ووشائج شتى..
فلقد عرفته في لحظة بسيطة كبساطة الفقراء زمن الهجرة الى الشمال في بداية الثمانينات بضاحية نعسان تلك القرية الريفية الرابضة على تخوم المدينة وقد بدا يغمرها نزوح جارف من الفقراء امثالنا هربا من قحط قرانا الداخلية وبؤسها ...اد كان هو يتردد عليها لزيارة اخيه قادم من حي جبل الجلود العمالي وانا النازح من افق ريفي في رحلة عسيرة ببداوتها البريئة وترحالها الاليم ووجع انفصالها عن وسطها الزراعي النقي وحاضر غربتها المعقد بالمدينة وماضي طفولتها البائسة المغتصبة في حميمية الريف الغربي للبلاد .
كنت لم اتجاوز بعد نمطية القوالب الجاهزة .مسكون بانضباط رفاقي عاطفي مشوه ومكتظ بالفراغ والوهم وبوعي مزيف متلبس بالارباك والخوف اتعشق النداء وان كان الصوت مبحوحا واتطلع سرا لضجيج ثوري ما يملا فضاء المدن القبيحة العاهرة... لحظة اللقاء الاولى بارهاصها الفارق لا تزال تسكنني اد كان شكري وحده القادر علىجمع افكاري المتشظية وشتات عناصرها في اطار نسقي صارم لايجاد صياغات ممكنة لقضايا ظلت تبحث في دهني عن قيمها الدلالية وتعبيراتها الثقافية ومشروعها الحضاري الدي يحرر الدات الفوضوية الثائرة من تشوهاتها وشوائبها واعراضها المرضية المصابة بفيروس الادلجة في تمظهرها الطفولي المنحرف .فكان خطاب شكري بمفرداته الساحرة وتملكه العميق ودهنه النقي وخياله الواعد الخلاق وانفاقه الفكري السخي رغم حداثة سنه اد لم يبلغ وقتها من العشرين ربيعا ...كان الاقدر على ارجاع الامور الى نصابها لما توفر عليه من صفاة الزعامة المبكرة والقريحة البكر والموهبة الخطابية النادرة ...في لقاءات متفاوتة كان يشرح المفاهيم السديمية الاولى والمفردات الصعبة ويطرح الاسئلة البعيدة...لم اكن قادرا على تدوين مثل هكدا لحظات من المشافهة الهاربة في زمن مثقل بالكسل والتبلد لحظات تكشفت تداعياتها الحبلى فيما بعد لنصبح ثلة من المريدين وجمع من الرفاق ركبوا الحراك الاجتماعي ليصيروا =دينامو= تلك التحولات والهزات التي عرفتها البلاد باداء متفاوت لكنه صادق والتزام صارم كان له الاثر الحتمي في وسائط تبليغنا شعرا ونثرا تدوينا ومشافهة قولا وممارسة حسبما تتيحه تلك السنوات المرة من فجوات في فضاءات ثقافية ونقابية وتحركات ميدانية ومسيرات بلغت زخمها ابان اجتياح العراق مع بداية التسعينات المشؤومة الى ان عرفت البلاد هده الهزة الاخيرة الكبرى والدي اصطلح على تسميتها بثورة واشرق فصل جديد خلناه ربيعا كان اغلبنا يراه بعيدا وكان الشهيد يراه قريبا....وشكل ميلاد الحزب حياة روحية جديدة وانمودجا منشودا لواقع منشود وحالة ميلاد جديدة قد تزول منها اشكال الاكراه والخوف من البربرية والموت القادم من كهنوت الشرق سدنة المعابد=

على طاولة المقهى يجتمع النحل
يرسم افاق الرحلة
وبقايا الحلم
على طاولة المقهى
يجتمع البوم
تراودهم انغام الماضى
ينهار الحلم على طاول المقهى
يتاسس تجار الكلمة كهنوت الوهم
فكم هي صعبة مهمة الثوريين في مجتمع لم يرق بعد الى فكر عقلاني وبعد كوني... وكم هو مركب هدا المجتمع وشديد التعقيد تحكمه التناقضات التي هي جوهرحركة الحياة ونزعة الوجود ..وكم هو عسير هدا الرهانحين تكون الكتابة عن رجل استثنائى متعدد الابعاد يتملك فرادة ثورية في الفكر والسياسة ومرافعات المحاكم ونضالات الساحات العامة حين تظاف اليها سحرية الشعر انه المازق الحقيقى في قراءة هدا التص لكائن ضوئى مفرد في صيغة الجمع دلك ان المعنى في النص السياسي قابل للحبس في نمادج منطقية ومفاهيمية ثابتة لا تخرج في كل حالاتها من اطار موضوعي لقوة حجاجها وبرهان تدليلها اما في النص الشعري فالامر مختلف تماما والحقيقة اخرى ان وجدت فلن تقبل التجزئة ولو لضرورة منهجية فالمعنى الشعري خارج عن حدود النمادج انه القوة التي لا تخضع لمقاييس التصنيف.= اناواحد من رؤاى
عددتني المراحل
ثم هوت
متشكل ثانية من دماي
ولد ملا البحر في كفه
ومضى ينشد
انه التاليف النسقى بين مختلف المكونات الابداعية فكرا وثقافة في كل متناغم متزاوج مدهش غير معتاد لدى القادة الشيوعيين انه الكائن الغير قابل للموت
انا القاتل الدي قد يموت
وقد لا يموت
اتكات على وطن من شظايا
انا شبق النرجسة
اقاتل كل الغريب الدي في دمي
واخرج من جسدي موجتى الهاربة
انها القدرة على الصياغة النظرية الاكثر انتظاما وصرامة والحسم الدي يعمق فهم ما تلبس بالداكرة من شوائب الاسلاف المؤسسين لحداثة مبكرة وتوفيق رائع بين تعاليم تراث مستنير من الحلاج وابن رشد وابن عرفة وصولاالى فترات الانزياح الوهابي الاكثر جهلا وعنفا والاقل تمكنا ومعرفة حين تتحول الى دوائر للخوف والترويع والقتل....
سوف تمضي وحيدا
الى راية قاتلة
ثم تمضي وحيدا
تشكل سيرتك الاتية
على راسك الطيراين حللت
وفي كفك الموت واللحظة الهاربة
هنا تاخد اللغة اتساعا دلاليا ومدارات متنوعة لتحطيم الحواجز بين الفكر الاديولوجي وحالات اخرى من السحر اللفظي المجنح بخطاب يمزج بين رهافة الحس وعنفوان الثورة
انا الوقت في وقتكم مدبحة
انا وجع او نشيد قديم
انا لعنة قادمة
سوف احمي تفاصيلكم
واحدا واحدا
ثم هاتوادليل النبوة في وحيكم
انا واحد ونبي
على جثتي مرت
الامم القديمة والمدام
انا وجع المراثي
هنا تاخد اللغة هاجسا بلاغيا واضحا تؤسس لخلق ما لمشروع يبحث عن هويته في مدن تتعرى ليلا فتكشف عن عوراتها حين يخيم ليل الفاشية بسدوله تتحول الكتابة هي الاخرى الى الرمز تحت ثقل الحداء العسكري لالهة قدامى وان بدت علامات انقراضهم ليبقى الحضور والتواصل تسكعا اديولوجيا ويتما سياسيا بشارع بورقيبة وبضع مقاهي المدينة ملادا اخيرا وفضاءا وحيدا ممكنا اد لا بد لهدا الوطن الجميل ان يتحمل مهمة التخفي وان يختبىء ولو لردهة في الغابة وسط ازهار الخشخاش خوفا من هلاك بطىء ليلتقط انفاسه زمن المنفى القسري بمعتقل رجيم معتوق فنتحلق حول الشاى
جسدا ويدا ولسانا
نصنع ميلاد اللدة
رغم الجلاد القابع خلف الجدار
نرقص ونغني لميلاد الاحلام
وسرعان ما يعيد الحلم ترتيب تضاريس الوطن وفق ايقاع اخر مختلف ليجرب صفاة جديدة للاشياء خارج تصنيفاتها المعتادة ويبشر بالهة جدد هم على وشك الظهور
حين يجتمع النهر بالنهر
يتحدان يلتحمان
نمضي في قلبنا
زهر الصبح البعيد
على الراية المقبلة ...... مسكون هدا النبي بالقلق والتمرد والرفض والحرية والانعتاق في مجتمع مربك متردد يتطلع لاحتفالية اخرى ممكنة فتكون العلاقة بينه وبين شعبه علاقة محايثة تلتقى يوما مع اجمل المثل وتصطدم دائما بواقع الراهنية وضرورة التسريع بالمستقبل الافضل والايام الاجمل التي لم يعشها بعد امام موت لم يمهله قليلا... فكان مشروع شهادة وروحا خالدة ونبراسا لا ينطفىء ...
هكدا كان المناضل الاشتراكي الشهيد يقود الحركة العمالية الناشئة في مجتمع مشوه كراهب مسيحي بين جماعات بدائية بتجربة نضالية لم تكتمل لينصهر فيها وعي الناس ووجودهم فيشكل الشاعر داته الابداعية الرافضة المتلبسة بحس اليم ووعي مفجوع فجاء نصه مسكونا هو الاخر بكل خطايا الدنيا شاهدا كشاهد القبر بين واقعية وتخييل ومجاز سمته التوتر تتزايد جرعات الغموض فيه كلما ازدادت النفس ضيقا والواقع عنفا وتتعرى معانيه فتتجلى نسبة الوضوح كلما لامس الشان الاجتماعي دون ان ينزاح الى نمودج الخطابة السياسية التي تميز بها شكري فخرجت قصائده من الحضور الثوري المسطح الى الغياب الماساوي الفعلي كغيرها من قصائد معاصريه حين تاخد حيز الرؤية الابداعية المتمردة عن بنية الشعر القديم في لغة يغلب عليها الرمز والتخييل فتزداد ثراءا في كثافة الايقاع كعلامة من علامات التميز ومقومات التفرد فتناى في اغلبها عن التفاصيل لتؤدي غاية جمالية دون ادعاء لصنعة لاهثة وراء مسوقات فنية رغم اولوية الاجتماعي والحاح الاسئلة البعيدة عن عزلة الفن واسره فجاءت الكتابة متلبسة بعنف اللحظة متمردة ضد
الخوف وشراسة الرقابة تتوق الى ايام اجمل لم نعشها بعد.....
لن ننساك يا شكري لن تسقط دكراك في النسيان دمت فينا......
تونس في 12 افريل2015



#منصف_البرايكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تأويل القراءة الى قراءة التأويل ..
- قراءة متوترة لقصيدة قلقة :قراءة في شعر سيدة بن علي
- راهن اليسار التونسي بين انسداد الرؤية النظريّة و انفتاح المم ...


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منصف البرايكي - شكري بلعيد: وجع المراثي (قراءة وجدانية في نص شكري بلعيد الشعري)