أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد المسعودي - شريعة الافكار














المزيد.....

شريعة الافكار


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1332 - 2005 / 9 / 29 - 10:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل يمكننا ان نشرع للافكار ، من حيث القدرة على انتاج المزيد من الافكار الجديدة والغريبة عن اطار تعاملنا اليومي المعاش ، والمرتبط بجاهزية تراثنا الثقافي وما يتداركه من ثقافات اخرى حديثة ، استطاعت ان تمتزج مع ذلك التراث وتشكل اطارا سطحيا للفهم والتلقي البشري ، ومن حيث تأصيل قيمة السؤال الفلسفي حول كل ما يحيط الذات البشرية من افكار وحضارة وسياسة ونماذج حكم واساطير مجتمعية ..الخ ، فتراثنا العربي الاسلامي لايشكل حضورا يذكر داخل وعي مجتمعاتنا ، وذلك بسبب التداخل السريع لقيم الهامش المرتبطة بالقيم العابرة المستهلكه ، والتي تروج التسطيح والتغريب ومن ثم لاتعمل على انتاج مجتمعات قادرة على فهم طبيعة الصراع الذي يجري في العالم ، وان هناك قيما متصارعة فيما بينها ، فعندما يعبر هانتنكتون عن رؤيته في صراع الحضارات لاينطلق من موقع الضعف بل من موقع المهيمن الذي يحاول ان يفرض نموذجه وجاهزية حضارته على المجتمعات المغيبة عنها عقل الذات وتراثها وعقل الاخر ومنجزاته الابداعية ، او عندما يتحدث آخرون عن حوار الحضارات ، فإن ذلك يجري من منطلق الايمان بضرورة الحوار ، ولكن يبدو ان مسألة الحوار مثالية لانها تتم من طرف واحد فحسب ، اي من طرف الذات ليس غير ، وذلك لشعورها ان الاخر متقدم عليها كثيرا بحيث ان امر اللحاق به بات معجزا او في غاية الصعوبة .
فالافكار الجديدة لاتعني الذوبان في ذات الاخر او تتبع خطواته ، بل هي محاولة لرسم صور وتطلعات مختلفة عن الاطر السائدة التي تحكم المجتمع ، ومن ثم مساءلتها ثقافيا واجتماعيا ، بحيث يكون هناك بون شاسع بين ثقافة ترسخ السؤال والتجديد بشكل مسؤول وعمقي باحثة عن افضل السبل والممكنات من اجل بناء ذات غير عاطله او كسولة عن الابداع والخلق في مختلف المجالات ، وبين ثقافة عابره لايهما مسألة المعنى والتواصل البشري نحو اطر غير متماهية مع التقليد والمحافظة المؤسسة على الجمود والتكلس الفكري والعقائدي ، هذه الثقافة توجد في كافة التقاليد والاطر الثقافية سواء كانت مدنية ارضية او دينية سماوية في ازمنتنا الحاضرة ، فلكي نفكر علينا ان نجترح ادوات ومناهج للتفكير السليم والمعرفة القابلة للخطأ ، لان الحقيقة هي ذاتها خطأ مصحح كما يرى غاستون باشلار ، فالتفكير الذي يدعي الكمال هو تفكير عاطل لانه متمثل النهاية ، وعدم وجود الحاجة والرغبة الى الاظافة والسعي نحو المزيد من التطور والتغيير، ومن ثم لايوجد هناك قيمة للسؤال والدهشة والاستمرارية والشعور بالاغتراب ، الذي من شأنه ان يشحذ المخيلة الى الجزل في العطاء والتوصل الى حقيقة لاتحمل الطوبى او اجترار العالم ضمن نسقية البقاء والثيوت النهائيين .
ولكن هنا قد يتساءل البعض ماهي الضرورة اذن من قيمة السؤال والبحث والتردد المستمر نحو قيم الشك المنهجي هذا مادامت الذات البشرية لن تصل الى حقيقتها او تشعر ان العالم متوازن معها ؟ ، وهنا نجيب ان الثقافة القابلة الى تمثل هذه القيم لايعني عدم وجود مسلمات معرفية او ثوابت معينة ، إذ ان كل ذلك يجري ضمن درجة النسبية الثقافية ومحاولة تأكيد الحقيقة التي لاتحمل صفة العنف او الصراع العنفي المادي ، ومن ثم هناك مجموعة حقائق ترتبط بالانسان وحقوقه ، تلك المتعلقة بمدى الحريات المحايثة للنظام والمجتمع والقوانين التي من شأنها ان تبث اطر هائلة من التسامح والتوادد الانساني بين جميع اطياف المجتمع ومكوناته ، اظافة الى تلبية الرغبات والحاجات المادية والمعنوية ، التي تعد حقا طبيعيا تكفله جميع القوانين المدنية ، كل ذلك مرتبط بدرجة الانسنة التي تمر بها المجتمعات بلا قدرة للفرض والاكراه المادي والمعنوي .
فالافكار التي تشرع الاستبداد والاحاطة الدائمة لكل ما يشمل التطرف والانغلاق والشوفينية لاتوجد من خلال قوانين تنتجها الجماعات البشرية فحسب بل هي مرتبطة بسلوك واطار التعامل اليومي لدى هذه المجتمعات ، فالتطرف والعنف عندما يصبح سلوكا يغطي المجتمع ككل ألا يعد ذلك تشريعا اجتماعيا وثقافيا غير مدرك كنهه من قبل المتلقي البشري الاجتماعي ، ومن ثم يعد ذلك نموذجا ثابتا لايمكن تجاوزه بسهوله لانه متأصل في سلوك اللاوعي الجمعي لدى المجتمع ، والعكس مع القيم والافكار التي تشرع الحرية والانسنة والقدرة على خلق الممكنات والتفاعل والتواصل البشري الدائمين كل ذلك يعد تشريعا اجتماعيا غير موجزا في قوانين وعقود اجتماعية فحسب بل هو مرتبط بروح المجتمعات وسلوكها اليومي ، ولكن هناك اختلاف بين قيم الانسنه والحريه انها مدركه من قبل الفاعلين الاجتماعيين على عكس تلك القيم التي ترسخ الاستبداد والظلامية ، فأنها في اكثر الاحيان تدخل في صميم اللاوعي الجمعي لدى هذه المجتمعات ، وهنا نقول ان تشريع الافكار بحاجة الى تضافر عدة جهود وتأسيس منظومة هائلة من التقبل والتسامح ، ومن ثم يحدث هناك تهشيم مستمر لكل الجدران العازلة ، التي تفرض النسقية والثبات ، وذلك مرتبط بقدرة المجتمعات وتقبلها للتغيير والتطور المصاحبين لتغيرات اخرى تشمل الاقتصاد والسياسة والمجتمع ككل ، وذلك لايتم من خلال قدرة الافراد فحسب بل مرتبط بجهود مؤسسات المجتمع ذاتها ، التي تعي ضرورة الخروج من بوتقة العالم الذي يضفي قيمة واحدة ليس غير في عالم متعدد الثقافات والقيم والافكار والحراك الدائم والمستمر .



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الناشئة في العراق -السيادة والديمقراطية
- جسر الأئمة واساطير السياسة
- الذات العراقية من تأصيل العذاب الى تأبيد الاغتراب-نحو إعادة ...
- ميشيل فوكو والنزعة الانسانية
- نحو تأصيل جديد لثقافة الحرية
- الانسان العراقي بين الدكتاتورية والارهاب
- دولة الاستبداد - دولة الحرية
- قبول الاخر
- الدولة الديمقراطية


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد المسعودي - شريعة الافكار