أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد الصلعي - الرموز تلك السجون اللامرئية :قراءة في عنف رموز السلطة في المغرب














المزيد.....

الرموز تلك السجون اللامرئية :قراءة في عنف رموز السلطة في المغرب


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4794 - 2015 / 5 / 2 - 17:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هكذا يتم ملء الشوارع والساحات والأزقة ، والأماكن المأهولة ، وجميع وسائل الاتصال ، من تلفزة ومذياع وجرائد ورقية ، حتى الوسائط الرقمية اخترقوها ، وملأوها بشعارات تافهة ، ترمز الى الوطن والى ملاك الوطن ، وهي نفس الشعارات المطبوعة في العملات والأوراق النقدية التي نحملها معنا ، في جيوينا ونحرس على امتلاكها ونخاف على ضياعها .
فنحن اذن محاصرون برموز واشارات وعلامات علينا احترامها ، وهناك من يبجلها ويقدسها . ومن أجل تمكين احترامها وتبجيلها يشرعون القوانين وكل أشكال الزجر المعنوي ،قبل تفعيل الزجر المادي .
العلم ، شعار المملكة ، صور الملك ، صيغة المملكة المغربية ، مع توظيف ديني "ان تنصروا الله ينصركم " ، وكأننا بحضرة ولي تقي ورع ، او فقيه شريف مخلص لربه .
في ظل هذا الوجود المشبع برموز بعلامات الاذعان ، يتم تدجين المواطن المغربي داخل متاهات أضيق من سم الخياط . لنقارب ذلك ابستيميا . ماذا يعني الوطن حقا ؟ . اننا لن نذهب بعيدا ، سنقف عند عتبة شعار النظام . الله ، الوطن ،الملك . فالله ومهما حاولنا مقاربة معناه سيبقى فكرة مجردة ومتعالية ترقى الى حدود اليوطوبيا ، لأن الله حسب فهمي ، لن يكون هو الله حسب فهمك . هناك حدود كبرى نتفق عليها ، كخالق الوجود مثلا ، وهو الأول الأول والآخر ؛لا اعتراض على ذلك ما دامت حدود البداية والنهاية تتجاوزني وتتجاوزك . أما الوطن فهو مفهوم حسب علم السياسة لا يثبت عند تحديد دقيق وعلمي ، فالوطن استقرار في معنى من المعاني ، وأي خلخلة لهذا الاستقرار تستفز معنى الوطن ، كما أن الاستقرار هنا بمعناه العام والشامل وليس بمعناه المقابل للفوضى . أما الملك ، فهو الأقنومة الوحيدة التي يتفق عليها الجمهوري والملكي ، باعتباره فردا يجلس على عرش البلد يحكم بمطلق حريته ، ولا تقيده شروط أو قواعد . لكن الغائب الأكبر عن هذا الشعار هو "الشعب " . فالله نفسه اختار في مرحلة ما شعبا ما ، ثم اختار أمة ما ، والشعب هنا هو الأمة . كما أن الوطن لايعثر على معناه خارج شرط الشعب ، والا سمي خلاء أو متاهة أو عدما . والملك نفسه لا يجوز أن يسمي نفسه ملكا الا اذا تملك شعبا ما أو حكمه . فكيف يستقيم شعار المملكة في غياب أس الكينونة التي تمنح لأقانيمه الثلاثة مبررها ودلالتها وحقل وجودها ؟ .
وهنا تتم العودة الى حصار هذا الشعب برموز وعلامات واشارات وهمية وفارغة ، وتحصينها بقوانين يضعها النظام خوفا على خدش صورته المتختبئة وراء تلك الجدران الخفية .
انها بمثابة زنازن نعتقل فيها دون وعي ، فاعتقال الوعي يكفي لاعتقال الفرد . بل هو أخبث اعتقال لأنه لا يرى ولا يحس . بل يتطلب جهدا وتأملا لاكتشافه . المواطن اذن محاصر أينما ولى ، وحيثما وجه نظره ، وكيفما تحدث او خاطب مواطنا مثله . فأينما ذهبت ستحاصرك تلك الرموز وتلك الاشارات والعلامات ، وهي الى ذلك تفرض عليك احترامها او كبح تذمرك منها وكبت عدم موافقتك على محتواها ودلالتها ومعناها .
تنشط الرموز اذن ، في أعمق جوارحنا ، انها تتغلغل بحركة سريعة توازي بطأها الظاهر .هذه الكائنات التي نظنها محايدة ، جامدة وثابتة؛ هي في الحقيقة أكثر حركة مما نتصور . انها دائما تعمل على تذكيرنا بحدود لم نسطرها نحن ، وتحيلنا الى مراجع لم نخترها نحن ، تقول لنا هذا حدك ، وهنا يجب أن تقف . فلغة التدجين ما زالت تعلمنا أن رموزا من طينة العلم وشعار البلد ونشيد النظام ، رموز تعمل على توحيد المواطنين حول وطن ما . لكن أحدا لم يسأل عن نوعية هؤلاء المواطنين ودرجاتهم ؟ وعن حدود الوطن حين يتقلص الى مجرد حي يعجز المواطن عن مغادرته الى حديقة ما أو الى حي آخر ، أو مدينة أخرى في نفس الوطن ؟ أليس هذه حدود وطن افتراضي ؟ أليس هؤلاء مواطنون افتراضيين ؟ . ألم نعش عقودا في حقوق افتراضية ؟ لكنك حين تقارب أو تتساءل بعقلانية عن الوطن ومفهومه يأتي سيف القانون ليعرفك بوطن مكتوب على صفحات أوراق مركونة في أرشيف يحتفظ به صاحب الدولة أو حارسها .
هكذا تغدو الرموز كما انتبه الى ذلك بيير بورديو سلطة قمعية ، دون ان يحتاج الحاكم والنظام الى قمعك مباشرة . وهنا تصبح للرموز وظائف أكثر عنفا وضغطا . لأنها تقمع الوعي الجماعي بصورة مركونة في شارع ما او في ساحة ما ،دون ان تتوجه اليك مباشرة ، انك لا تعيرها اهتماما ، بل هي ما تعيرك اهتمامها لأنها مثبتة بتقنية استفزازك المبطن ، انها تغرس رسائلها في لاوعيك دون ان تنتبه فب أكثر الأحيان . انها تعمل على بحك دون أن تلفظ كلمة واحدة أو توجهك بسياط ما . مجرد اثباتها في مكان معزول أو مأهول كاف لردعك وتحجيمك .فتتحول الرموز من بعدها الحيادي الى سلطة قاهرة ومباشرة تضفي على مختلف السلطات شرعيتها المقدسة ، فيغدو مبدأ الشرعية مزدوج الفعل والتأثير ، يمنح الرمز شرعية التسلط للسلطة ، بطريق غير مباشر ، وتمنح السلطة شرعيتها للرمز بطريق مباشر . بينما يقوم النص القانوني بحمياية الطرفين دون أن يوفر لك حماية ما .لأن الشعب في شعار المغرب ملغى تماما ، وغائب غيابا كليا ، وهذا ما يجعله مستترا في الأقانيم الثلاثة ومضمر فيها ، ومن شأن المُضمر أن يعلن عنه مَن او ما يضمره ، فاذا شاء فاعل الاضمار بسطه واظهاره ، بسطه وأظهره ، وان شاء تغييبه ونفيه ، غيبه ونفاه . ان اللعبة تكاد تكشف عن نفسها من خلال تأمل بسيط .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصحافة العربية المريضة
- محمد صالح المسفر والسقوط المدوي لعرب الخليج
- الانتخابات في المغرب بين المشاركة والمقاطعة :نحو عقلية جديدة ...
- هل تسطيع الشعوب العربية الاستفادة من منجزات ايران ؟
- فخ ايران اليمني
- العرب بين المعنى والتسعير
- جنت براقش على نفسها
- قصيدة الغد بين محمود درويش وشارل بودلير
- الأمة العربية في رحلة الى الجحيم
- الشعر نبض الحياة
- لي أخ لا أعرفه
- نحو بناء مثقف جديد-2-
- من تداعيات جائزة الشعر لاتحاد كتاب المغرب
- أهلا بالعرب يف امبراطورية ايران
- نحو بناء مثقف جديد
- اللعنة
- الشعراء يُحزنون الحزن
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -15-
- جريمة لايقترفها الا الجهلاء
- كقبلة تدمي ....


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد الصلعي - الرموز تلك السجون اللامرئية :قراءة في عنف رموز السلطة في المغرب