محسين الشهباني
الحوار المتمدن-العدد: 4793 - 2015 / 5 / 1 - 00:57
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
"سيأتي اليوم الذي سيصير فيه صمتنا أكثر قوة من الأصوات التي تخنقونها اليوم!" –أوغست سبيس-
تحتفل الطبقة العاملة عالميا كل سنة بفاتح ماي، باضراب عام عن العمل وتما يتخلله من نظيم مسيرات تجوب الشوارع وتظاهرات خطابية تفسح المجال لتذكير الباطرونة بالملفات المطلبية وتجاوزاتها وهي فرصة للاحتجاج الفئات المهمشة والجيش الاحتياطي للبطالة في أغلب بلدان العالم. إنه يوم تؤكد فيه الطبقة العاملة ارتباطها أممي رغم اختلاف الأوطان والأديان واللغاتوالاعراق ... ففيه تتحد حناجر عمال العالم لتصرخ بصوت واحد ضد الاستغلال والاضطهاد والتفقير، غاية العيش الكريم والكرامة الانسانية باعتبارهم رغم مهم في الانتاج وليسوا مجرد اصفار يتم استغلالهم من طرف الراسمالية وحلفائها .
الا انه نتيجة هيمنة الامبرالية وحلفائها تحاول جاهدة إفراغ العمل النقابي من مضمونه الكفاحي وعملت على احداث ترسنة من القوانين المجحفة والجاثمة على صدور العمال العصب المهم في المجال الاقتصادي غاية في تكسير شوكة العمل النقابي اقبار حقوق عمال المشروعة.
ولا يختلف كل ما سبق عن تجسيده حرفيا بوطننا الجريح عبر املاءات الامبرالية واذرعها ( صندوق النقد الدولي .البنك الدولي البنك الباريسي ... ) من خلال تحويل النظام اللا وطني اللا ديمقراطي اللا شعبي اذياله من احزاب كارتونية واصلاحية وتحريفية انتهازية وادرعها النقابية الى دكاكين بيروقراطية اصلاحية مستترة وراء الشعارات الجوفاء ذات الحمولة الثورية مع ممارسة انبطاحية باختلاف تلويناتها (الرجعية الظلامية الاصلاحية الانتهازية واليسراوية التحريفية... ) بهدف الاجهاز على ما تبقى من المكتسبات التاريخية للجماهير الشعبية التي استشهدت واعتقلت ودفعت الغالي والنفيس طوال السنوات الماضية (قبل الاستقلال الشكلي وبعده ) بكل فئاتها وخاصة الطبقة العاملة والفلاحين الصغار وعموم كادحي وطننا الجريح (طلبة، عمال، فلاحيين صغار ، معطلين، بحارة، معتقلين سياسين فراشة ...)
في اجتماع طارئ حسب ما تم نشره صباح اليوم الثلاثاء 28 أبريل، قررت القيادات التنفيذية للاتحاد المغربي للشغل،والكونفدراليةالديمقراطية للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل (جناح العزوزي)، مقاطعة تظاهرات فاتح ماي 2015 وذلك احتجاجا على حسب مبرراتها استخفاف المحكومة بالمطالب الاجتماعية والتعامل غير المسؤول من خلال تعطيل الحوار الإجتماعي وإفراغه من أي مضمون وعدم تعاطي مع المطالب العادلة والمشروعة للطبقة العاملة المغربية.”(تختزل هذه الأبواق الصفراء النضال في الحوار والمفاوضات مما فيه تفريغ لقدسية النضال من مضامينه الكفاحية و من ثم إقرار صريح بخذلان شهداء الطبقة العاملة الذين استشهدوا تاريخيا من اجل ان يصبح فاتح ماي يوم العامل-شهداء هايماركت Haymarket الشهيرة بشيكاغو، والمأساوي التي فاتحت مرحلة جديدة للقمع والمقاومة للبروليتاريا)
هذا القرار ماهو الا ورقة التوت التي تخفي غابة كبيرة .فبعد الافلاس السياسي التي تعاني منه هذه النقابات والاحزاب التابعة لها وبعد انبطاح تلوى انبطاح وتسريحات بالجملة للعمال في كافة ربوع وطننا الجريح والتواطؤ مع الباطرونة وفقدان الثقة لدى عموم العمال في النقابات التي لايهمها سوى جمع الانخراطات والاشتراكات و مراكمة الثروات على حساب البروليتاريا التي فقدت كافة الامتيازات التي كانت تتمتع بها وتضمن لها الكرامة والعيش الكريم. اجتهاد النقابات في السنوات الاخيرة بلعب دور الاطفائي (صمام الامان) في الحالات الحرجة وتازم النظام في ايجاد اجوبة موضوعية عن الاوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وارتفاع الاحتقان الاجتماعي لدى الفئات الواسعة من جماهير شعبنا المكلوم ...( رفع الاسعار وانخفاض الرواتب وتدني كافة الخدمات ( الصحة والتعليم ) وظروف الشغل السيئة وارتفاع عدد ساعات الشغل مقارنة مع الرواتب الهزيلة ...
و من تم ففاتح ماي تعد محطة نضالية و متنفسا لفئة عريضة للتعبير عن المطالب المشروعة وفضح مسلسل الاجهازات على القوت اليومي والتشهير السياسي بها .
فبهذا القرار المخجل الصادر عن نقابات الذل والعار يعلنون امام الجميع وعلى محتلف بقاع الكرة الارضية انهم لا يعبرون عن الطبقة العاملة و الكادحين المستغلين ولا طموحاتها بل هي شرذمة من الانتهازيين يستفيدون من الريع النقابي ( تكليفات نقابية غايتها تفريخ الموظفين الاشباح . السفريات والاجتماعات في افخم الفنادق . الاستفادة من البنزين وسيارات الفخمة للنقابة . التوظيف لذويهم وعائلتهم بعيدا عن تكافؤ الفرص .التلاعب في الحركات الانتقالية بمنطق الولاءات ...) وخوفا من انكشاف عوراتهم خصوصا ان هذه الشرذمة امقبلة على مسلسل الانتخابي مسلسل الضحك على الدقون والتسابق الى كعكعة بالبر الامان والدخول في مفاوضات سرية لتقسيم الكراسي والمناطق الانتخابية مع المهندس التاريخي للانتخابات وزارة الداخلية) وهذا القرار هو تبيض وجه الديكتاتورية الحاكمة العميلة للامبريالية وتلميع صورتها وفك الضغط عليها ومحاصرة نضالات الشعب المغربي المكافح خوفا من حالات الانفلات التي تعبر عن سخط الجماهير بجميع مكوناتها ( الهاجس الامني والحفاظ على الاستقرار لان المرحلة دقيقة دوليا ) ومن جهة اخرى تكريسا للانهزامية والتخادل والخنوع واشهار باشهار رقة السلم الاجتماعي كاجابة زائفة على الوضع المتأزم وفرض الامر الواقع كتحصيل حاصل عن المرحلة الحالية على اساس ان تراجع الحركات الاحتجاجية في مرحلة الجزر تقتضي ( تبريد الطرح ) وترخي بظالها على كافة المستويات الا ان الغريب في الامر سترتفع اسعار المحروقات يوم الجمعة فاتح ماي 2015 بنسبة 43 سنتيما للتر حيث سترتفع الزيادة في هذه المادة الى قرابة درهم خلال هذا الشهر رغم انخفاض سعر البرميل . وبرامج اخرى تصفوية في الطريق تجتهد المحكومة الى تنفيذها قبل انهاء ولايتها .
وبدون ان نكذب على انفسنا ان التاريخ فضح ومزال سيفضح كل المكونات التي ساهمت في الخيانة التاريخية لانتفاضة حركة عشرين فبراير المجيدة والتي مازلت هذه المكونات الحربائية تساهم بشكل كبير في فرملة اي حراك احتجاجي علانية او بشكل ضمني عبر الويتها النقابية هذه المرة حتى تستثمره في حملاتها الانتخابية التي لم يبقى عليها الا اشهر قليلة .
لن نكون عدميين ونقول ان الاشتغال من داخل النقابات الرجعية استوفت شروطها بل العمل مطلوب
قال الرفيق لينين : ما من شك في أن السادة « زعماء » الإنتهازية سيلجأون إلى شتى مكائد الديبلوماسية البرجوازية وسيستفيدون من مساعدة الحكومات البرجوازية والقسس والشرطة والمحاكم لكيما يمنعوا الشيوعيين من النقابات، ويزيحوهم منها بشتى الوسائل، ويجعلوا عملهم داخل النقابات غير مريح جهد الإمكان، ويهينوهم ويتحرشوا بهم ويلاحقوهم. ينبغي أن نكون قادرين على مجابهة كل ذلك، وأن نتقبل جميع وشتى التضحيات، وعند اللزوم، أن نلجأ حتى إلى شتى الأحابيل والحيل والطرق السرية والصمت وإخفاء الحقيقة، وذلك من أجل التسرب إلى النقابات، والبقاء فيها، والقيام بالنشاط الشيوعي هناك الزاماً ومهما كلف الأمر
فالبديل هو الفضح ثم الفضح لتعرية الانتهازية والاصلاحية والتحريفية والتي اصبحت متواطئة بشكل مفضوح مع الباطرونا والنظام لان اي صمت في هذا الاتجاه يخدم الانتهازية ويمنحها المشروعية لما تقوم من استغلال وخلط الاوراق في افق وجود تنظيم ونقابة بديلة قادرة على استعاب الثوريين وطليعة البروليتاريا والتي يمكنها ان تجسد العمل النقابي على وجهه الحقيقي والسليم .
ونختم بقولة الرفيق عزيز المنبهي في هذا الصدد :
قدر ما ترتمي كمشة البيروقراطيين المتعفنين في مستنقع خيانة مصالح العمال و المستخدمين، و تقسم وحدتهم ، و تغتني بالتآمر على نضالاتهم ,,, بقدر ما ترتمي في احضان النظام و الباترونا و الاحزاب الرجعية و الصفراء ، و تستجدي المزيد من حماية دولة الكمبرادورية و الملكية المطلقة ,,,بقدر ما يتعمق الطابع الرجعي لطغمة البيروقراطية و تتحول الى حليف للقوى المضادة للعمال ,,,بقدر ما يتشبث الاصلاحيون و التحريفيون بشعار االوحدة ، و يعزفون على وثر الوحدة,,,و يصرخون ب عاشت الوحدة ,,,و عاش الاتحاد ,,,و و يهرولون لمراسلة البيروقراطية الرجعية ، الغارقة في حفل استقبال و عناق / و تقسيم الكعكة مع / اعداء الشعب و العمال و الديمقراطية ,,,للجلوس معهم على طاولة الحوار ,,,في حين ان الخطوة الخيانية الكبرى التي اقدمت عليها كمشة البيروقراطيين المتواطئين تتطلب المزيد من فضحهم في صفوف الشعب و داخل العمال و الماجورين ، و المزيد من عزلهم و ادانة استمراروجودهم داخل العمال و النقابات
#محسين_الشهباني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
