أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - مدام ميرابيل القسم الأول13














المزيد.....

مدام ميرابيل القسم الأول13


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4792 - 2015 / 4 / 30 - 14:28
المحور: الادب والفن
    


كيف أمكنه أن يذهب ويتركني في هذه الحال؟ تساءلت مارغريت وكلها استغراب، وخلصت إلى أنني لا أحبها، أو، ربما، كنت أحبها، ولكن حبًا غير كامل، لم يمنعني من الذهاب إلى رامبوييه، من تركها كما فعلت. فماذا أفعل كي أحبها؟ كانت تحبني كثيرًا، لم تفهم عمق هذا الحب، بحدة لم تعرفها عندما كانت أكثر شبابًا. كانت على يقين الآن أن حبها للسيد هنري، في ذلك الوقت، لم يكن سوى حلم، سوى وهم. دفعتها أمها نحوه دون أن تكون لها رغبة فعلية في ذلك. وكذلك حبها لسباستيان كان وهمًا، فتحطم مع أول زوبعة... وراء هذا الحب كانت أمها كذلك، وهي تدفعها نحو المجد، نحو النقود. أنا، دافيد، كنت حبها الفعلي، حبها الوحيد، دون أي حساب أو وهم. كان الحب الذي تمنته طوال حياتها، والآن تريد أن يبقى طويلاً، طوال العمر لو أمكن، إلى الأبد. كان عليّ إذن أن أحبها حبًا ليس مشروطًا، فتحتفظ بي على الدوام، أرتبط بها ترابط الحبال... لكن، حسبما يبدو لها، كنت أفضل عملي عليها، وغابات رامبوييه الرطبة كانت أغلى عندي منها.
عادت إلى السرير، وهي ترتعش كالفراشة الضائعة. كانت ترتعد من الرأس إلى القدم، ولم يطل بها الأمر حتى نامت. هذه المرة، نامت عدة ساعات متواصلة. عندما استيقظت، ركضت تفتح الباب، ثم تذكرت أنني تركتها منذ مدة طويلة. زادها ذلك حزنًا، لأن ذلك لم يكن حلمًا، ولأنني ذهبت بالفعل إلى رامبوييه من أجل التحقيق. أقنعت مارغريت نفسها بأني أحب كثيرًا مهنتي كصحفي، وبأنها لن تستطيع إبعادي عن عملي لأقترب منها. إلا أنها تستطيع هي أن تترك المصنع من أجلي، لأن عملها لم يكن سوى وسيلة للوصول إلى السيد هنري. وبالتالي كان عليها تركه دونما تأخير لتبقى إلى جانبي، ولتغدو كل شيء لي، لأني كل شيء لها. على فكرة أن تبقى إلى جانب من تحب، أحست في داخلها بحياة جديدة تنمو، ونسيت كل كوابيس الليلة السابقة وكل أوجاعها.
في المساء، أشعلت التلفزيون، ولبدت من وراء النافذة، لتترقب عودتي. عند نشرة الأخبار، تكلم الصحفي عن خنزير بري قتل شخصين بوحشية في غابة رامبوييه. اقتربت من الجهاز، والصحفي يعلق: إن الخنزير البري حيوان ما انفك يعمل ضد الحضارة، وذلك في كل الأزمان، وهذا الذي نحن في صدد الحديث عنه قد غدا سيدًا لتدمير السياجات والحواجز وأنصاب الأوتوروت! هذا ويحث رئيس المقاطعة كل السكان على المشاركة في مطاردته. رأت خنزيرًا بريًا، وهو يقطع الأوتوروت، ودوت طلقات النار. أطفأت، وعادت إلى النافذة، في اللحظة التي طرق فيها أحدهم الباب. كنت أنا. قفزت على عنقي، وقبلتني بنزق.
- هل كل شيء على ما يرام؟ سألتني، وأنا يبدو عليّ التعب.
- كل شيء.
- دافيد، ماذا بك؟
- لا شيء، أشعر بألم، هنا.
أشرت إلى كتفي، فأرادت أن ترى. منعتها، وجلست على الأريكة. جلست قربي، وهي تضع رأسها على كتفي:
- هل هذه هي الكتف التي تؤلمك؟
- نعم.
- سأداويها لك، قالت، وهي تغطيها بالقبلات.
- أرى أنكِ برئتِ تمامًا.
- كان القلق، كما قال الطبيب، فما عليّ سوى أن أحاول الإيمان بك.
- ثقي بي، أرجوك.
قلتُ، وأنا أبتسم، وأنحني لأقبلها.
- هل تعشيتِ؟
- لا، كنتُ أنتظرك.
- هل نذهب إلى مطعمنا، مطعم الجزيرة سان-لوي؟
- أفضل البقاء هنا معك.
- لكن لا شيء لديكِ للأكل.
- وما يدريك؟ قالت، وهي تفتح الثلاجة.
أضافت:
- أحضرت دجاجة مدخنة، سلطة خيار، وبيرة. هكذا نمضي الليلة هنا سوية.
- كما تريدين.
نهضتُ إليها، إلا أنني صحتُ من الألم. خلعتْ لي سترتي وقميصي، وخنقتْ صرخة على رؤية كتفي الممزقة.
- من فعل لك هذا؟
- هذا لا شيء، حادث صغير أخرق.
نظفتِ الجرحَ، وربطتْهُ. شكرتها، وقبلتها بأناة، برقة. بعد ذلك، أحضرت الدجاجة، وجلسنا للأكل. حدثتني عن تركها لعملها: المصنع بعيد، يبعدها عني، وهي تتعب كثيرًا... نسيت السيد هنري تمامًا، وتحقق حلمها الكبير:
- حلمي الكبير أنت!
- لكن لا تتركي عملك، قلتُ، ليس بعد، سنتكلم في ذلك في اللحظة المناسبة.
- اللحظة المناسبة متى؟ ألقت بقلق. إنها اللحظة الأنسب!
تمالكتْ عن حنقها، وضغطتْ يدها على يدي.
- أنا أريد أن أفعل هذا كي أبقى قربك.
- لكني أنا، قلتُ، وأنا أسحب يدي، لستُ أبدًا هنا. تعرفين جيدًا أنني...
- أنت تفضل مهنتك، أليس كذلك؟ قالت، وهي ترتعش. أنت تفضل مهنتك...
- أرجوكِ، توقفي. سنتكلم في هذا خلال بعض الوقت، هذا وعد لن أرجع فيه...
بدت، وكأنها ضلت الطريق إليّ، صرخت، وقلبت الطاولة. احمر وجهها للغضب، فهل ترون؟ حتى والغضب يستحوذ عليها، كانت ساحرة.
- أنتَ لا تريدني!
- اهدأي! ما الذي يقع لك؟
- أنتَ لا تريد أن تعيش معي!
- اسمعي، لستُ في وضع يسمح لي بالتفكير في هذا الآن. كنت مسافرًا، وأنا تعب، أنا جريح، أنا...
- أنتَ لا تحبني!
- أليست لديك أسطوانة أخرى غير هذه؟ قلت صائحًا.
- طيب! اخرج من هنا! اذهب! أنا لا أريد رؤيتك! اذهب!
وفتحتِ الباب.
- اخرج! صرخت.
نهضتُ متحيرًا، مترددًا، محرجًا، ممزقًا، أخذتُ سترتي، وخرجتُ دون أن ألتفت.
انفجرت باكية، وعادت تفتح الباب، فلم أكن هناك. ركضت إلى النافذة، ونادتني، فلم أرفع رأسي، وواصلت عبور طريقي في الشارع الأفعى.


يتبع القسم الأول14



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدام ميرابيل القسم الأول12
- مدام ميرابيل القسم الأول11
- مدام ميرابيل القسم الأول10
- مدام ميرابيل القسم الأول9
- مدام ميرابيل القسم الأول8
- مدام ميرابيل القسم الأول7
- مدام ميرابيل القسم الأول6
- مدام ميرابيل القسم الأول5
- مدام ميرابيل القسم الأول4
- مدام ميرابيل القسم الأول3
- مدام ميرابيل القسم الأول2
- مدام ميرابيل القسم الأول1
- الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون النص الكامل النهائي
- الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون الرواية الجديدة لحي ب ...
- الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون الرواية الجديدة لحي ب ...
- الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون الرواية الجديدة لحي ب ...
- الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون الرواية الجديدة لحي ب ...
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل الثالث عشر والأخير
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل الثاني عشر
- أبو بكر الآشي القسم الثالث الفصل الحادي عشر


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - مدام ميرابيل القسم الأول13